موسوعه المعاملات اسلامية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • موسوعه المعاملات اسلامية

    موسوعه المعاملات اسلامية

    الزواج
    الزواج سنة من سنن الأنبياء، وضرورة من ضروريات الحياة، به تصان الأعراض وتحفظ الحرمات، ويقضى الإنسان شهوته، وهو وسيلة لحفظ النسل وبقاء الجنس البشرى واستمرار الحياة. كما أنه يُسهم في تقوية أواصر المحبة والتعاون من خلال المصاهرة أو النسب، فتتسع دائرة الأقارب ، ومن هنا دعا الإسلام إلى الزواج ورغَّب فيه، قال تعالى:{ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون}[الروم: 21]. وقال صلي الله عليه وسلم: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومَنْ لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء (وقاية) [متفق عليه].
    والزواج واجبٌ على كل مسلم إن كان قادرًا على القيام بأعبائه، وكان ممن يخاف على نفسه الوقوع في الفاحشة، ومن كان لا يستطيع الزواج لعدم القدرة المادية فليكثر من الصيام فيحفظه ويقيه من الانحراف.
    وإن كان لديه القدرة على أعباء الزواج، ولكنه لا يخاف على نفسه الوقوع في الفاحشة كان الزواج في حقه مستحبًا.
    صفات المرأة المخطوبة:
    1- ذات الدين: على المسلم إذا أراد الزواج أن يحسن اختيار الزوجة، فيختار صاحبة الدين، الصالحة، المطيعة؛ لقول الرسول صلي الله عليه وسلم: (تُنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها. فاظفر بذات الدين تربت يداك) [متفق عليه]. وسئل النبي صلي الله عليه وسلم عن أي النساء خير للرجل؟ قال: (التي تسره إذا نظر، وتطيعه إذا أمر، ولا تخالفه في نفسها ومالها بما يكره ) [النسائي].
    وقال أيضًا: (الدنيا متاع، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة) [مسلم والنسائي وابن ماجة]. وهذا لا يمنع أن يختار الرجل من بين الصالحات الجميلة أو الغنية أو صاحبة الحسب، وإنما يكون الدين هو الميزان الأول والسابق لأي معيار آخر.
    2- الولود: وللرجل كذلك أن يختار المرأة الولود، ويعرف ذلك بسلامة بدنها وبمقارنتها بأخواتها وعماتها وخالاتها، قال صلي الله عليه وسلم: (تزوجوا الودود الولود؛ فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة) [أبو داود والنسائي].
    3- البكر: كما يستحب أن تكون الزوجة بكرًا لقوله صلي الله عليه وسلم لجابر -رضى الله عنه-: (فهلا بكرًا تلاعبها وتلاعبك) [متفق عليه].
    4- أن تكون أجنبية: لأن ذلك أدعى للألفة والعشرة أكثر من القريبة، لما ذلك من فوائد، منها:
    أ - الحفاظ على صلة الرحم وعدم قطعها، لأنه في الغالب ما تحدث خلافات بين الزوجين، فلا يفضي إلا إلى قطع الرحم.
    ب- ليكون الولد أقوى؛ لأنه غالبًا ما يكون المولود من القريبة ضعيف الجسد. ولكن زواج الأقارب ليس فيه أية شبهة.
    5- أن يكون بها نسبة من الجمال: لتسكن به نفسه، ويغض به بصره، ولتكمل المودة بين الزوجين؛ إن نظر إليها سرته. والجمال نسبي، يختلف من شخص لآخر.
    وكما أن من حق الزوج أن يختار زوجته، فإن على الزوجة أن تختار لها صاحب الدين والخلق والقدرة على تحمل أعباء الزواج، الذي يصون عرضها ويحسن معاشرتها، قال صلي الله عليه وسلم: (إذا جاءكم مَنْ ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد) [الترمذي وابن ماجة].
    الخطبة:
    وهى طلبٌ للزواج ووعدٌ به في المستقبل، فيتقدم الرجل فيطلب من المرأة أو من ولىِّ أمرها أن تكون زوجة له، كما يجوز لولى أمر الفتاة أن يعرض على الرجل الذي يراه كفئًا للزواج، أن يتزوج من ابنته، فقد ورد أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- حين مات زوج ابنته حفصة قال: أتيت عثمان بن عفان فعرضت عليه حفصة فقال: سأنظر في أمري، فلبثت ليالي، ثم لقيني فقال: قد بدا لي أن لا أتزوج. فقال عمر: فلقيت أبا بكر الصديق فقلت: إن شئت زوجتك حفصة بنت عمر. فصمت أبو بكر فلم يرجع إلىَّ شيئًا، وكنت أوجد (أغضب) عليه منى على عثمان، فلبثت ليالي، ثم خطبها رسول الله صلي الله عليه وسلم فأنكحتها إياه، فلقيني أبو بكر فقال: لعلك وجدت علىَّ حين عرضت علىَّ حفصة فلم أرجع إليك شيئًا؟ قال عمر: نعم. قال أبو بكر: فإنه لم يمنعني أن أرجع إليك فيما عرضت علىّ إلا أنى كنت علمت أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قد ذكرها، فلم أكن لأفشى سر رسول الله صلي الله عليه وسلم ، ولو تركها رسول الله صلي الله عليه وسلم قبلتها) [البخاري والنسائي].
    وقد أباح الإسلام لمن أراد الخطبة أن ينظر إلى مَنْ أراد خطبتها فينظر إلى وجهها وكفَّيْها، لأن ذلك أدعى لحصول الألفة والمودة بينهما، قال صلي الله عليه وسلم: (إذا خطب أحدكم المرأة، فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل) [أبو داود والترمذي وأحمد]. وقال صلي الله عليه وسلم للمغيرة بن شعبة عندما خطب امرأة: أنظرت إليها؟ قال المغيرة: لا. فقال النبي صلي الله عليه وسلم: (انظر إليها، فإنه أحرى أن يؤدم بينكما) [الترمذي وابن ماجة].
    ويجوز للخاطب أن يرسل إلى المرأة التي يريد خطبتها امرأة يثق بها تنظر إليها ثم تعود إليه فتصفها له، فقد ورد أن النبي صلي الله عليه وسلم أرسل أم سليم تنظر إلى جارية فقال: (انظري إلى عرقوبها (أسفل ساقيها مع القدم) وشُمِّى عوارضها (فمها) [أحمد والطبراني والبيهقي].
    وكما يجوز للرجل أن ينظر إلى المرأة التي يريد خطبتها، فإنه يجوز للمرأة أيضًا أن تنظر إلى الرجل المتقدم لخطبتها، حتى تحصل الألفة بين كل منهما ، فيرتاح إلى الآخر.
    ويجوز للخاطب والمخطوبة أن يجلسا معًا في وجود مَحْرَم، فإن لم يُوجد المحْرم فلا يحل لهما الجلوس معًا. قال صلي الله عليه وسلم: (لا يخلون رجلٌ بامرأة إلا مع ذي محْرم) [متفق عليه].
    ولا يحلّ لأحدهما إن جلسا معًا في وجود محْرم أن يلمس أحدهما الآخر، كما لا يجوز للمخطوبة أن تظهر لخطيبها شيئًا من جسدها، لأنها أجنبية عنه ، فالخطبة مجرد وعد بالزواج فقط ، والمخطوبة أجنبية عن خطيبها حتى يتم العقد.
    وعلى الرجل أن يتخيَّر الأوقات التي يتقدم فيها لخطبة المرأة، فلا يتقدم لخطبة المطلقة وقت عدتها، أو من مات زوجها قبل انتهاء عدتها، ويجوز له التعريض بالخطبة لمن مات زوجها، أما التي طلَّقها زوجها طلاقًا رجعيّا فيحرم عليه التقدم للخطبة لا بالتعريض ولا بالتصريح؛ لأنها مازالت في عصمته ، وله الحق أن يراجعها، فإن كان الطلاق بائنًا جاز التعريض فقط عند جمهور الفقهاء؛ لأن العلاقة بينها وبين زوجها قد انتهت.
    وإذا علم الرجل أن شخصًا ما سبق إلى خطبة هذه المرأة فلا يحل له أن يتقدم هو الآخر لخطبة المرأة نفسها إلا إذا علم بانتهاء الخطبة، فعندئذٍ يجوز له أن يتقدم، وقد نهى النبي صلي الله عليه وسلم أن يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى يترك الخاطب قبله أو يأذن له. [رواه الجماعة] ، إلا إذا كان الرجل قد تقدَّم ولم يردَّ عليه أهلها ، وإن خطبها على خطبة أخيه، صحَّت الخطبة ، وأثم لانتهاكه حقوق غيره.
    وعلى الولي أن يسأل عن حال منْ تقدم لخطبة ابنته، فيسأل عنه بين أهله، أو في مكان عمله، أو بين أصدقائه.
    ولابد من رضا المرأة وإذنها لقوله صلي الله عليه وسلم: (لا تنكح الأيم حتى تُستأمر ، ولا البكر حتى تُستأذن). قالوا: يا رسول الله وكيف إذنها؟ قال: (أن تسكت) [رواه الجماعة].
    الآثار المترتبة على فسخ الخطبة:
    يجوز لكل من الخاطب والمخطوبة العدول عن الخطبة أو فسخها إذا وُجدت ضرورة لذلك . فإذا وُجدت الضرورة كان التعجيل بالفسخ أفضل.
    فإذا تمّ الفسخ تُردّ هدايا الخاطب التي لم تهلك إليه إذا كان الفسخ من جانب المخطوبة، وقيل: لا تُردّ لأنها في حكم الهبة ولا يجوز للواهب أن يرجع في هبته.
    وإذا ترتب على فسخ الخطبة ضرر ، وكان العادل عنها هو السبب في هذا الضرر، وجب عليه التعويض، كأن يشترط الخاطب أن تترك خطيبته عملها فوافقت، ثم فسخ هو الخطوبة، فعليه في هذه الحالة تعويضها عن هذا الضرر.
    تأثيث البيت: تأثيث البيت من واجبات الرجل، والأثاث ملك له مادام قد جهَّزه بماله، ودفع للعروس مهرها، فإن اتفق مع أهل العروس على أن يدفع مهرًا معينًا ويقومون هم بتأثيث بيت الزوجية جاز ذلك، ولكن يصبح الأثاث ملكًا للزوجة ، فإن اشترك الزوج والزوجة في تأثيث البيت فالأثاث لهما بالمشاركة، وإن لم يدفع الرجل مهرًا على أن يقوم بتأثيث بيت الزوجية أصبح الأثاث ملكًا للزوجة وعوضًا عن المهر.
    شروط الزواج: يشترط لصحة الزواج ما يلي:
    1- إذن ولى المرأة: وهو والدها أو أخوها أو قريبها من ناحية الأب في حالة عدم وجود أب أو أخ ، أو من تختاره المرأة -في حالة عدم وجود هؤلاء- وترى أنه يحرص على سعادتها ومصلحتها. ويرى جمهور الفقهاء أنه لا يجوز للمرأة أن تزوِّج نفسها بدون إذن وليها، قال صلي الله عليه وسلم: (لا نكاح إلا بولى) [أبو داود]. وقال صلي الله عليه وسلم: (أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل) [أبو داود والترمذي وأحمد].
    ويشترط في الولى أن يكون رجلا بالغًا عاقلا مسلمًا فلا يكون أنثى ولا صبيًا صغيرًا ولا مجنونًا ولا مشركًا.
    2- أن يكون الزوج مسلمًا: وألا تكون الزوجة مُحَرَّمة على الرجل، كأن تكون إحدى المحارم، أو تكون غير مسلمة أو كتابية.
    3- رضا الرجل والمرأة: فإن أكره أحدهما فلا يصح الزواج.
    4- الإشهاد على الزواج: ويكون برجلين مسلمين عاقلين بالغين حُرّين عَدْلَين ممّن يعرفان بالأمانة والصدق لقول الرسول صلي الله عليه وسلم: (لانكاح إلا بولى وشاهدى عدل) [ابن حبان والدارقطنى].
    ويشترط سماع الشهود وكلام العاقدين وفهم المراد منه وهو الزواج، ولذا لا ينعقد النكاح بشهادة نائمين أو أصمين وكذلك لا تصح شهادة السكران.
    5- أن يكون العقد مؤبدًا: فلا يُحدد بفترة زمنية معينة ، كأن يتزوج الرجل المرأة لمدة عام مثلا، وهو ما يعرف بزواج المتعة، وهو حرامٌ .
    6- تعيين الزوجين بالاسم: فيقول الرجل لغيره زوجتك ابنتى فاطمة مثلا وهكذا.
    7- ألا يكون أحد الزوجين أو الولى مُحْرِمًا بالحج أو العمرة: قال صلي الله عليه وسلم: ( لايُنكِح المُحرم ولا يُنكَح ولا يخطب) [رواه الخمسة].
    8- يتم الزواج بإيجاب وقبول: فيعبر الرجل عن رغبته في الزواج لولىِّ المرأة، فيقبل الولى بعد رضاها كأن يقول: زوجنى ابنتك فلانة. ويذكر اسمها فيقول الولى: زوجتك إياها. أو أن يكتب له أو يشير له بإشارة مفهومة إن كان لا يستطيع الكلام فيوافق الولى، فالزواج يتم بعاقدين ، وأجاز بعض الفقهاء أن ينعقد الزواج بعاقد واحد إذا كانت له ولاية على الطرفين، كأن يكون جد الزوجين، أو وكيلًا لهما.
    شروط الزوجة في وقت العقد:
    ويجوز للمرأة أن تشترط على زوجها شرطًا في عقد الزواج مادام الشرط لا يحلُّ حرامًا ولا يحرِّم حلالا ، ولا يسقط حقَّا من حقوق الزوج ، كأن تشترط عليه ألا تسافر معه إذا سافر، وعلى الرجل الوفاء به، قال صلي الله عليه وسلم: (أحق الشروط أن تُوفُوا بها ما استحللتم به الفروج) [متفق عليه].
    الإعلان: ويجب إعلان الزواج لقول النبي صلي الله عليه وسلم: (أعلنوا النكاح) [الترمذي وأحمد والحاكم].
    الزفاف: لا بأس بزفاف العروس إلى زوجها لإظهار السعادة والفرح، وتنشد الأناشيد ويضرب بالدف مع الالتزام التام بآداب الإسلام في عدم الاختلاط بين الرجال والنساء، يقول النبي صلي الله عليه وسلم: (فصل ما بين الحلال والحرام ضرب الدفِّ والصوت في النكاح) [الترمذي والنسائي].
    الدعوة والوليمة: ويحرص الزوج على دعوة الأهل والأصدقاء لحضور العرس لدعم روح المحبة والتعاون، كما يجب على المدعو أن يقبل دعوة العرس، قال صلي الله عليه وسلم: (أجيبوا هذه الدعوة إذا دعيتم لها) [متفق عليه].
    ويستحب لصاحب العرس أن يُولم وليمة (يُعد طعامًا للمدعوىن) قال صلي الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن عوف -رضى الله عنه- عندما علم بزواجه: ( أَوْلِمْ ولو بشاة) [مسلم]. وعلى المدعو لوليمة العرس أن يقبل الدعوة لقوله صلي الله عليه وسلم: (إذا دُعى أحدكم إلى الوليمة فليأتها) [متفق عليه].
    وعلى صاحب العرس ألا ينسى الفقراء في الدعوة إلى الوليمة لقوله صلي الله عليه وسلم: (شرُّ الطعام طعام الوليمة يُدعى لها الأغنياء ويترك الفقراء) [متفق عليه].
    الخُطبة : ويستحب للزوج أن يخطب خُطبة، ويقال كلام طيب قبل عقد الزواج عن التماس التزويج.
    الدعاء للزوجين: كما يستحب الدعاء للزوجين، فعن أبى هريرة أن النبي صلي الله عليه وسلم كان إذا رفَّأ الإنسان (دعا للمتزوج) قال: (بارك الله لك، وبارك عليك، وجمع بينكما في خير) [أبو داود والترمذي].
    وإذا دخل الرجل بأهله ، فيستحب له أن يصلي ركعتين بأهله ثم يأخذ برأسها ، ويدعو بما ورد عن النبي صلي الله عليه وسلم ، فعنه صلي الله عليه وسلم قال: (إذا تزوج أحدكم امرأة، أو اشترى خادمًا ، فليقل:اللهم إني أسألك خيرها ، وخير ما جبلت عليه ، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه) [أبو داود]،
    المهر: هو المال الذي تستحقه الزوجة بالعقد عليها أو بالدخول بها حقيقة، من الرجل وله أسماء كثيرة، منها: المهر والصداق والصدقة والنحلة والأجر والفريضة وغيرها ، وهو واجب على الرجل دون المرأة لما دلت على ذلك أدلة الكتاب والسنة وإجماع المسلمين.
    والحكمة من وجوب المهر هو إظهار قيمة هذا العقد ومكانته ، وإعزاز المرأة وإكرامها ، وتقديم الدليل على حسن النية في معاشرتها بالمعروف ودوام الزواج ، وفيه أيضًا مساعدة للزوجة على أن تتهيأ للزوج بما يلزمها من ثياب ونفقة.
    وليس للمهر حد أدنى ولا حد أقصى، فللرجل أن يدفع للمرأة مهرًا قدر استطاعته ولا يعنى ذلك المغالاة في المهور، فقد دعا الإسلام إلى عدم المغالاة في المهور ، واعتبر أكثر النساء بركة أقلهن مهرًا، وقد ورد أن النبي صلي الله عليه وسلم زوَّج رجلا ببعض آيات يحفظها من القرآن، وعندما عرضت عليه امرأة نفسها، فلم يرغب في زواجها، فقام رجل فقال: يارسول الله، أنكحنيها. فقال صلي الله عليه وسلم: (هل عندك من شىء؟) قال: لا. قال: (اذهب فاطلب ولو خاتمًا من حديد). فذهب، ثم جاء فقال: ما وجدت شيئًا، ولا خاتمًا من حديد. فقال صلي الله عليه وسلم: (هل معك من القرآن شىء؟). قال: معى سورة كذا وسورة كذا .فقال صلي الله عليه وسلم: (اذهب فقد أنكحتكها بما معك من القرآن) [البخارى]. وهذا حكم خاص بهذا الصحابي، لا يجوز لغيره.
    كما روى أن عمر بن الخطاب -رضى الله عنه- قال: لا تغالوا صداق النساء فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله، كان أولاكم وأحقكم بها محمد صلي الله عليه وسلم، ما أصدق امرأة من نسائه، ولا أُصدِقت امرأة من بناته أكثر من اثنتى عشرة أوقية ) [ابن ماجة]. (والأوقية: عشرون درهمًا).
    ويدفع المهر للمرأة وقت العقد أو فيما بعد ، أو يُعطى بعضه مقدمًا وبعضه مؤخرًا، فإن أخِّر المهر أو أخِّر جزءًا منه فهو دَيْنٌ على الزوج يجب عليه أن يؤديه . فإن وهبته المرأة له أو تبرَّعت به له أو تنازلت عنه فلا شىء عليه ، فإن لم تتبرَّع به ولم تهبه له، فقد وجب على الزوج أداؤه.
    الحقوق والواجبات الزوجية
    وهى على أنواعٍ ثلاثة:
    أ- حق الزوج على زوجته:
    فهناك حقوق للزوج تؤديها الزوجة كواجبات عليها تجاه زوجها، ومنها:
    (1) الطاعة: فللزوج على زوجته أن تطيعه مادام لم يأمرها بمعصية، قال صلي الله عليه وسلم: (أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راضٍ دخلت الجنة) [ابن ماجة].
    (2) التزين: فعلى المرأة أن تتزين لزوجها حتى تبدو حسنة المظهر مما يديم العشرة ويزيد المودة بين الزوجين، وكي لا ينظر الزوج إلى امرأة غير الزوجة ، فعليها أن تكفيه.
    (3) الاستئذان: فعلى الزوجة أن تستأذن زوجها في معظم أمورها ، فلا تخرج إلا بإذنه ولا تسمح لأحدٍ بدخول بيته إلا بإذنه، ولا تصوم تطوعًا إلا بإذنه، قال صلي الله عليه وسلم: (لايحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد (أي حاضر معها في البيت) إلا بإذنه، ولا تأذن في بيته إلا بإذنه) [متفق عليه].
    (4) القيام بأعباء المنزل: من طهى الطعام وتربية الأولاد وغسل الثياب إلى غير ذلك من الأعمال المنزلية،إذا كان قد جرى العرف بقيام الزوجة بأعمال الزوجية، أما إذا كانت المرأة من وسط لا تخدم فيه ، فعلى الزوج أن يستأجر لها خادمة لتقوم بخدمتها وليصح في هذا الأمر العرف السائد ، وقد كانت فاطمة بنت النبي صلي الله عليه وسلم تعمل لعليّ في بيته.
    (5) المحافظة على عرضه وماله وبيته وولده عند غيبته: جاء في الحديث: (.. والمرأة راعية على بيت زوجها وولده...) [متفق عليه].
    ب- حقوق الزوجة على زوجها:
    للزوجة على زوجها حقوق مالية، وحقوق غير مالية:
    أولاً: الحقوق المالية:
    (1) المهر: أعطى الإسلام للمرأة حقها في التملك، ومن وسائل هذا التملك المهر، وهو فرض لها على الرجل ، وليس لأبيها ولا لغيره الحق فيه أو أخذ شىء منه إلا بإذنها ورضاها.
    (2) النفقة: والمقصود بها توفير ما تحتاج إليه الزوجة من طعام وسكن وخدمة ودواء وغيره لقول الله تعالى: {أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن} [الطلاق: 6]. وقوله تعالى: {لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفسًا إلا ما آتاها} [الطلاق: 7].
    ثانيًا: الحقوق غير المالية: منها:
    (1) حسن المعاشرة: فيجب على الزوج أن يحسن معاملة زوجته وأن يعاشرها بالمعروف، ويقدم ما يمكن تقديمه إليها مما يؤلف قلبها ، ويخلق جوَّا من الحب والسعادة بينهما، قال تعالى: {وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسي أن تكرهوا شيئًا ويجعل الله فيه خيرًا كثيرًا} [النساء: 19].
    (2) أن يعلمها أحكام دينها: ويراقبها في تصرفاتها، فاهتمام الزوج بزوجته لا يقف عند الجانب المادى فقط بل يتعدى ذلك إلى الجانب المعنوى ، وذلك بتعليمها أحكام دينها والاهتمام بتهذيب خلقها، وذلك عن طريق النصح الواعى البعيد عن التوبيخ أو التجريح، قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارًا وقودها الناس والحجارة} [التحريم: 6]. وقال تعالى: {وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها} [طه: 132].
    (4) ألا يفشى سرها: وذلك لقول النبي صلي الله عليه وسلم: (إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضى إلى امرأته وتفضى إليه ، ثم ينشر سرها) [مسلم].
    (5) العدل بين الزوجات: إذا كان الزوج متزوجًا بأكثر من زوجة كان عليه العدل بينهن في المبيت والنفقة، وكان رسول الله صلي الله عليه وسلم يعدل بين نسائه، فقد قالت السيدة عائشة -رضى الله عنها- كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يعدل بين نسائه ويقول: (اللهم هذا قسمى فيما أملك ، فلا تلمنى فيما تملك ولا أملك) [أبو داود].
    ج- الحقوق المشتركة بـين الزوجين:
    (1) حق التوارث: فكل من الزوجين يرث الآخر بعد موته.
    (2) تلبية الرغبة الجنسية: فالزوجة تلبى رغبة زوجها إذا طلبها للفراش، قال صلي الله عليه وسلم: (إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه، فأبت، فبات غضبان عليها، لعنتها الملائكة حتى تصبح) [متفق عليه].
    وكذلك على الرجل أن يلبى رغبة زوجته الجنسية ما لم تكن حائضًا، ولا يحل له أن يترك جماع زوجته أكثر من أربعة أشهر، أو ستة أشهر إن كان مسافرًا، فكل منهما يغني صاحبه في قضاء حاجته.
    (3) حسن المعاشرة: على المرأة أن تسرَّ زوجها إن نظر إليها، وأن تعاونه وتحفظ سره وتشاركه أفراحه وأحزانه، وتخلص له الودَّ والحب وتصدقه الحديث، فلا تكذب عليه أبدًا، وتبتعد عما يؤذيه أو يغضبه قدر استطاعتها. وعلى الرجل ألا يؤذى زوجته أو يضربها بغير ذنب، وأن يحسن الكلام معها ويتلطف في ذلك كما كان الرسول صلي الله عليه وسلم يفعل مع أزواجه.
    المحرمات من النساء
    ليست كل النساء حل للرجل ، فهناك نساء يحرم على الرجل الزواج منهن ، والمحرمات من النساء نوعان:
    1- نوع يحرم حرمة مؤبدة.
    2 - نوع يحرم حرمة مؤقتة.
    النوع الأول: المحرمات حرمة مؤبدة:
    وهى التي تحرم على الرجل أبدًا بسبب دائم إما من جهة النسب أومن جهة المصاهرة أو من جهة الرضاع.
    (ا) المحرمات بسبب النسب وهن: (الأم والبنت، والأخت، وبنت الأخت، وبنت الأخ، والعمة، والخالة).
    (ب) المحرمات بسبب المصاهرة وهن: (زوجة الأب أو الجد، وزوجة الابن أو ابن الابن أو ابن البنت، وأم الزوجة وجدتها وبنت الزوجة المدخول بها).
    (جـ) المحرمات بسبب الرضاع:
    القاعدة العامة التي تحكم المحرمات من الرضاعة هى قول النبي صلي الله عليه وسلم: (يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب) [رواه الجماعة].
    وقد اختلف الفقهاء فيما يثبت به التحريم من الرضاع فقيل: لا يثبت بأقل من خمس رضعات مشبعات متفرقات. وقيل: بل يثبت بثلاث رضعات فأكثر. وقيل: إن قليل الرضاع وكثيره يثبت التحريم والأرجح أن التحريم يثبت بخمس رضعات مشبعات؛ لأن بها يتم التأثير الفعلي في تكوين جسم الجنين من خلال الرضاعة.
    النوع الثانى: المحرمات حرمة مؤقتة:
    وهن اللائى يحرم الزواج بهن حرمة مؤقتة بسبب معين، فإذا زال السبب زالت الحرمة، وهن خمسة أصناف هى:
    (1) المطلقة ثلاثـًا: فلا تحل المرأة لمن طلقها ثلاث مرات إلا إذا تزوحت بغيره ، ودخل بها هذا الغير ثم طلقها باختياره، أو مات عنها فتعود إلى الزوج الأول كزواج جديد بعقد ومهر جديدين.
    (2) المرأة المتزوجة: فلا يحل لأحد أن يعقد عليها مادامت متزوجة، والمرأة المعتدة، وهى التي تكون في أثناء العدة من زواج سابق سواء عدة طلاق أو وفاة، فلا يحل لأحد غير زوجها الأول التزوج بها حتى تنقضى عدتها، لأن المرأة تكون مرتبطة به في وقت العدة، فله أن يراجعها ، فلا يسقط حقه بالطلاق الرجعي في وقت العدة.
    (3) المرأة المشركة التي لا تدين بدين سماوى: وهى التي تعبد إلهًا آخر غير الله كالأصنام أو الكواكب أو النار أو الحيوان، ومثلها المرأة الملحدة أو المادية وهى التي تؤمن بالمادة إلهًا ، وتنكر وجود الله ، ولا تعترف بالأديان السماوية، فإذا أسلمت هذه المرأة جاز الزواج بها ؛ لإبطال سبب المنع وهو الكفر.
    (4) الجمع بين الأخت وعمتها أو خالتها أو غيرها من المحارم: فيحرم على الرجل أن يجمع بين الأختين أو بين المرأة وعمتها وخالتها لقوله تعالى: {وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف} [النساء: 23]. وعن أبى هريرة -رضى الله عنه- قال: نهى النبي صلي الله عليه وسلم أن تنكح المرأة على عمتها أو خالتها. [رواه الجماعة] ، لما في ذلك من قطيعة الرحم التي أمر الله أن توصل.
    (5) المرأة الخامسة لمتزوج بأربع سواها: فلا يجوز للرجل أن يجمع أكثر من أربع زوجات في عصمته في وقت واحد، فإن أراد أن يتزوج بخامسة فعليه أن يطلق إحدى زوجاته الأربع، ثم يتزوج بمن أراد. قال تعالى: {فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثني وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدني ألا تعولوا} [النساء:3].
    أنواع محرمة من الزواج:
    (1) زواج الشغار: وهو أن يزوج الرجل أخته أو ابنته لرجلٍ على أن يزوجه هذا الرجل ابنته أو أخته، دون دفع مهر، قال صلي الله عليه وسلم: (لاشغار في الإسلام) [مسلم والنسائي].
    (2) زواج المتعة: وهو الزواج المحدد بوقت كأن يتفق الرجل مع المرأة على أن يتزوجها لمدة شهرين مثلا.
    (3) زواج التحليل: وهو إذا طلق الرجل امرأته ثلاث طلقات، فإنها تعتبر بذلك حرامًا عليه، لا يحل له زواجها وإعادتها إلى عصمته، حتى تنكح زوجًا غيره زواجًا صحيحًا بقصد الإحصان ودوام العشرة، فإذا حدث وطلقها هذا الرجل أو مات عنها فإنها تصير بذلك حلالا للزوج الأول إن رغب في زواجها ورغبت فيه، بعقد ومهر جديدين.
    ولكن قد يحدث أن تتزوج المرأة المطلقة ثلاثًا رجلا ليحلها لزوجها الأول، فهذا النوع من الزواج هو زواج التحليل وهو محرم، وفاعله (الزوج الثانى) والمفعول له (الزوج الأول) كلاهما ملعون، والمرأة لاتحل به لزوجها الأول.
    الوكالة في الزواج:
    يجوز للرجل أن يوكل غيره في أن يزوجه امرأة مادام بالغًا عاقلا حرَّا. أما المرأة فيرى جمهور الفقهاء أنه لا يصح لها أن توكل غير وليها في الزواج ؛ لأنها لا تملك إتمام العقد بنفسها، فلا تملك توكيل غيرها فيه، وذلك لاستطاعة الرجل أن يحكم عقله فيما هو صالح له، أما المرأة ففي الأغلب تتبع هواها ، فقد تخدع ببعض المظاهر.
    والوكالة نوعان مقيدة ومطلقة:
    فالوكالة المقيدة: هى أن يُقَيَّد الموكِّل الوكيل بأوصاف معينة فيمن يختارها له، أو بمهرٍ معيّن لا يدفع أكثر منه، أو بامرأة معينة لا يزوجه غيرها.وفى هذه الحالة يجب على الوكيل أن ينفذ ما طلبه الموكل وألا يتعدّاه.
    وأما الوكالة المطلقة: فهى التي لا يعيِّن الموكل فيها صفات ولا مهرًا ولا امرأة بعينها، وهنا يتقيّد الوكيل بالمتعارف عليه، فيختار له مَنْ هى كفء له، ويعيِّن مهرًا معقولاً متعارفًا لا مبالغة فيه، فإن فعل غير ذلك توقف الزواج على إجازة الموكل.
    ولا يطالب الوكيل في الزوج بحقوق عقد الزواج كأداء المهر أو زفاف المرأة إلى زوجها أو النفقة عليها أو غير ذلك، لأن الوكيل ما هو إلا سفير ومعبِّر عن رغبة الموكِّل.
    تعدد الزوجات:
    أباح الإسلام للرجل أن يتزوج أكثر من واحدة، بشرط ألا يجمع في عصمته أكثر من أربع نسوة في وقت واحد، واشترط عليه لهذا التعدد أن يعدل بين الزوجات في الطعام والكساء والسكن والمبيت وكل ما كان في قدرته، فإن كان الشيء خارجًا عن قدرته كالميل العاطفى، فلا شيء عليه إن لم يستطع ذلك، وقد كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: "اللهم هذا قسمى فيما أملك (يقصد المأكل والملبس ومثلهما) فلا تلمني فيما تملك ولا أملك (يقصد العاطفة)" [أبو داود والترمذي].
    وإن خاف الرجل ألا يعدل بين الزوجات فيما يملك وجب عليه الاقتصار على زوجة واحدة، قال تعالى: {فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم} [النساء: 3].
    وقد أباح الإسلام تعدد الزوجات لأسباب عديدة، منها: أن المرأة قد تكون مريضة بمرض لا يُرجى شفاؤها منه، فيتزوج الرجل ليحصن نفسه من الوقوع في الرذيلة، أو قد تكون المرأة عقيمة لا تلد، فيتزوج حتى ينجب الولد.
    النشوز بـين الزوجين:
    إن وجد الرجل نشوزًا من زوجته (أي عصيانًا منها أو امتناعًا منها عن حق من حقوقه) قام بوعظها أولاً، فإن لم ينفع الوعظ اشتد عليها في القول دون تجريح، فإن لم تستقم هَجَرَهَا في المضجع فلا يجامعها بشرط ألا تزيد مدة الهجر عن أربعة أشهر، فإن لم تستقم ضربها ضربًا خفيفًا ويتجنب ضرب وجهها، فإن لم تستقم رفع الأمر إلى القاضى لتوجيه حكمين إليهما حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها؛ لينظرا في أمرهما فإما الصلح وإما الطلاق، شريطة أن يتوفر في الحكمين الرغبة في الإصلاح ، ولذا اشترط أن يكونا من أهل الزوجين ، وأن يعرف عنهما الإصلاح، فإذا لم يتوفر الإصلاح فيهما ، أو عرف عنهما عدم الرغبة في الإصلاح بعث ولي الأمر حكمين من أهل الحل والعقد؛ قال تعالي : {واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجرهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً إن الله كان عليًا كبيرًا. وإن خفتم شقاق بينكم فابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها إن يريدا إصلاحًا يوفق الله بينهما أن الله كان عليمًا خبيرًا} [ النساء:34- 35]. وكذلك الحال ، إن خافت المرأة من زوجها نشوزًا أو إعراضًا، فلُيبعث من أهلها حكم، ومن أهله حكم، قال تعالي: {وإن امرأة خافت من بعلها نشوزًا أو إعراضًا فلا جناح عليهما إن يصلحا بينهما صلحًا والصلح خير} [النساء: 128].

  • #2
    رد: موسوعه المعاملات اسلامية

    الطـلاق
    الطلاق إنهاء للعلاقة الزوجية بسبب من الأسباب، وقد أباحه الشرع عندما تصبح الحياة بين الزوجين مستحيلة، وعندما يشتد الشقاق والنزاع بينهما.
    الطلاق حل نهائى لما استعصى حله على الزوجين وأهل الخير والحكمين بسبب اختلاف الأخلاق، وتنافر الطباع، وفشل استمرار مسيرة الحياة بين الزوجين، مما قد يؤدى إلى ذهاب المحبة والمودة وتوليد الكراهية والبغضاء؛ فيكون الطلاق عندئذ طريقًا للخلاص من كل ذلك.
    ويكون الطلاق بيد الزوج، لأنه أكثر تحكمًا في الأمور من المرأة، فهى سريعة الانفعال والاندفاع، كما أن الرجل عادة أكثر تقديرًا لعواقب الأمور وأبعد عن الطيش في اتخاذ القرارات، وأشد تحكمًا في عاطفته من المرأة، ومع ذلك فمن حق المرأة أن تطالب بطلاقها في حالة سوء العشرة وغيرها من الحالات.
    أركان الطلاق:
    للطلاق أركان هي: المطلق، والقصد في الطلاق، ومحل الطلاق.
    أولاً: المطلق.
    ثانيًا: القصد في الطلاق: وهو أن يقصد المتكلم الطلاق إذا تلفظ به، فلا تقع طلاق الفقيه، إذا لم يقصده لأنه عادة ما يكرره، ولا طلاق من يحكي الطلاق عن نفسه أو غيره، ولا طلاق أعجمي لقن لفظ الطلاق بلا فهم منه لمعناه، كما لا يقع طلاق مَرَّ بلسان نائم، أو من زال عقله؛ لعدم توافر القصد في الطلاق.
    ثالثًا: محل الطلاق:
    محل الطلاق هو المرأة، فهي التي يقع عليها الطلاق، وذلك إذا كانت في حال زواج صحيح قائم فعلاً، ولو قبل الدخول، أو في أثناء العدة من طلاق رجعي، لأن الطلاق الرجعي لا تزول به العلاقة الزوجية.
    ولا يقع الطلاق على المرأة إذا كانت في عدة الطلاق البائن بينونة كبرى، لأن العلاقة الزوجية انتهت بين الزوجين، وكذلك لا يقع في الطلاق البائن بينونة صغرى عند الجمهور، ولا يقع عند الأحناف لبقاء بعض الأحكام الزوجية كوجوب النفقة أو السكنى في بيت الزوجية وعدم حل زواجها بآخر في العدة، كما لا يقع الطلاق على المرأة بعد انتهاء العدة.
    أنواع الطلاق وحكم كل نوع:
    ينقسم الطلاق إلى عدة تقسيمات باعتبارات متنوعة كالتالي:
    (ا) من حيث الموافقة للسنة وعدمها ينقسم الطلاق إلى سني موافق للسُّنة، وبدعي (مخالف للسُّنة).
    (ب) من حيث الرجعة وعدمها ينقسم إلى رجعى وبائن.
    (جـ) من حيث الصيغة ينقسم إلى صريح وكناية.
    أولاً: تقسيم الطلاق من حيث السنة والبدعة:
    ينقسم الطلاق من حيث موافقته للسنة أو البدعة إلى سنى وبدعى.
    الطلاق السني: هو الطلاق الواقع على الوجه الذي ندب إليه الشرع؛ وهو أن يطلق الزوج زوجته طلقة واحدة في طهرٍ (غير حائض)، لم يمسسها فيه (أي لم يجامعها فيه)، وهو الطلاق المشروع، ويكون بأن يطلق مرة يعقبها رجعة، ثم مرة ثانية يعقبها رجعة، ثم يخير نفسه بعد ذلك إما أن يمسكها بمعروف أو يفارقها بإحسان، قال تعالى: {الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان} [البقرة :229]. فإن طلقها الثالثة فلا يحل له أن يراجعها إلا بعد أن تتزوج زوجًا غيره زواجًا صحيحًا.
    الطلاق البدعى: هو الطلاق المخالف للشرع كأن يطلقها ثلاثًا بكلمة واحدة، أو متفرقات بمجلس واحد، كأن يقول: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، أو يطلقها اثنتين بكلمة واحدة، أو يطلقها في حيض أو نفاس أو في طهر جامعها فيه، وقد أجمع العلماء على أن الطلاق البدعى حرام وأن فاعله آثم، واختلفوا هل يقع أم لا، فقال بعضهم: يقع. وقال البعض الآخر: لا يقع.
    ثانيًا: تقسيم الطلاق من حيث الرجعة:
    ينقسم الطلاق من حيث رجوع الزوجة إلى زوجها أو عدم رجوعها إلى: طلاق رجعى، وطلاق بائن.
    أ- الطلاق الرجعى: هو الطلاق الأول أو الثانى الذي يوقعه الزوج على زوجته التي دخل بها حقيقة حيث يكون له بعده حق إرجاع الزوجة إليه مادامت في عدتها.
    فللرجل أن يُرجع زوجته إن طلقها طلقة واحدة أو اثنتين وكانت لا تزال في عدتها، ويكون الرجوع بالكلام كأن يقول لها: راجعتك. أو بالفعل كأن يقبِّلها أو يجامعها.
    ويستحب الإشهار على الرجعة عند جمهور الفقهاء لكنه لا يشترط.
    ورجوع الزوجة حق للرجل خلال مدة العدة، فإذا انقضت مدة العدة فلا مراجعة.
    ب- الطلاق البائن:
    فهو الطلاق الذي يوقعه الزوج بزوجته وهو نوعان:
    1- طلاق بائن بينونة صغرى: مثل الطلاق قبل الدخول، والطلاق بالطلقة الأولى أو الثانية مع انقضاء عدة الطلاق دون رجوع من الزوج.
    وبهذا الطلاق تصبح المرأة أجنبية عن زوجها فلا يحل الاستمتاع بها، ولا يتوارثان، ولا يحل للرجل أن يُرجع زوجته إلا بعقد ومهر جديدين وبرضاها، وتنقص به عدد الطلقات التي يملكها الرجل، ويحل به مؤخر الصداق.
    2- طلاق بائن بينونة كبرى: وهو طلاق الرجل للمرأة للمرة الثالثة، وبه تنفصل المرأة عن الرجل انفصالا نهائي، فلا يحلُّ له أن يتزوجها إلا إذا تزوجت غيره زواجًا صحيحًا، فإن تزوجها غيره زواجًا صحيحًا، ثم طلقت منه حلَّ له أن يتزوجها، وهذا الطلاق يمنع التوارث، ويحل به الصداق المؤجل، وتُحَرَّم به المطلقة تحريمًا مؤقتًا على الزوج حتى تتزوج بآخر ويدخل بها دخولا حقيقيًا ثم يطلقها أو يموت عنها، فالطلاق البائن بينونة كبرى لا يبقى للزوجية أثرًا على الإطلاق سوى العدة.
    ثالثًا: تقسيم الطلاق من حيث الصيغة:
    يقع الطلاق باللغة العربية أو بغيرها من اللغات ، سواء أكان الطلاق باللفظ أم بالكتابة أم بالإشارة.
    الطلاق يقع بلفظ من الزوج يفيد إنهاء العلاقة الزوجية، مثل: أنت طالق أو أنت مطلقة، أو فارقتك أو سرحتك أو بالألفاظ غير الصريحة مثل: اذهبى إلى بيت أبيك ولا تعودى إلىَّ أبدًا إذا قصد بهذا القول الطلاق.
    وينقسم الطلاق من حيث الصيغة إلى صريح وكناية:
    الطلاق الصريح: ويكون باللفظ الذي يفهم منه المراد ويغلب استعماله عرفًا في الطلاق مثل (أنت طالق) و(مطلقة) و(طلقتك) وغير ذلك مما هو مشتق من لفظ الطلاق، وألفاظ الطلاق الصريحة كما جاءت في القرآن ثلاثة: الطلاق والفراق والسراح.
    ويقع الطلاق بهذه الألفاظ دون حاجة إلى نية تبين المراد منه لظهور دلالته ووضوح معناه.
    طلاق الكناية: وهو كل لفظ يحتمل الطلاق وغيره ولم يتعارف عليه الناس في الطلاق مثل قول الرجل لزوجته: الحقى بأهلك أو اذهبى أو اخرجى أو أنت بائن أو أنت علىَّ حرام إلى غير ذلك. ولايقع الطلاق بهذه الألفاظ إلا بالنية.
    كما يقع الطلاق بالكتابة ، فإن كانت الكتابة صريحة بالطلاق يقع الطلاق، وإن كانت الكتابة فيها كناية ، فهي تفتقر إلي النية، فإن كان الطلاق وقع ، وإلا فإنه لا يقع.
    كما يكون الطلاق بإرسال رسول إلى الزوجة ، فيقول الزوج للرسول : قل لها : أنت طالق، ويقع الطلاق بمجرد أن يتلفظ بهذا اللفظ.
    والطلاق يقع بالإشارة للأخرس، لعدم قدرته على النطق ، أما إذا أشار المتكلم فإن إشارته لا تجدي في الطلاق ولا الزواج.
    وللرجل أن يفوض امرأته في تطليق نفسها كأن يقول لها: أمرك بيدك، أو طلقى نفسك إن شئت. فإن اختارت الطلاق كان الطلاق طلاقًا بائنًا. وإن اختارت البقاء فلا شىء عليهما ولا يُعد ذلك طلاقًا.
    الإشهاد على الطلاق: كما يجب الإشهاد على الزواج يستحب الإشهاد عند الطلاق وعند الرجعة، قال تعالى: {فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف وأشهدوا ذوي عدل منكم} [الطلاق: 2].
    التفريق بالقضاء: وقد تلجأ المرأة إلى القضاء لتمكينها من إنهاء العلاقة الزوجية التي لا تستطيع إنهاءها بنفسها، فإن حُكم لها بالتفريق بينها وبين زوجها لعدم إنفاق زوجها عليها، أو لعيوب جسمية أو جنسية خاصة بالرجل تمنع الاستمتاع والإنجاب، أو لسوء العشرة عُدّ هذا التفريق طلاقًا بائنًا، وإن كان لسبب يمنع استمرار الزواج كاكتشاف أن الزوجين أخوان في الرضاعة، عُدّ هذا التفريق فسخًا للزواج، وبه تنتهى الحياة الزوجية حين حدوثه.
    قيود إيقاع الطلاق :
    الزواج رباط مقدس، وحل هذا الرباط فيه كثير من الأضرار في الغالب، لذا فإن الشرع قد وضع قيودًا لإيقاع الطلاق هي :
    - أن يكون الطلاق لحاجة مقبولة: فإن كان لحاجة غير مقبولة ، فإنه يقع ويأثم المطلِّق.
    - أن يكون في طهر لم يجامعها فيه: فقد طلق ابن عمر زوجته وهي حائض ، فذكر ذلك للنبي صلي الله عليه وسلم فقال: (مره ، فليراجعها أو ليطلقها طاهرًا أو حاملا) [البخاري]. والطلاق في العدة فيه ضرر على المرأة، وذلك لإطالة مدة العدة إلا من الحيضة التي وقع فيها الطلاق لا تحتسب من العدة ، والطلاق في الحقيقة يقع عند المذاهب الأربعة ، مع أنه إثم ، لأن هذا الطلاق هو الطلاق البدعي ، وقال الشيعة الإمامية والظاهرية وابن تيمية وابن الهيثم أن الطلاق لا يقع.
    - أن يكون الطلاق مفرقًا ليس بأكثر من واحدة: ومن حلف ثلاثًا بلفظ واحد ، فالجمهور - ومنهم المذاهب الأربعة والظاهرية على أنه يقع ثلاثًا ، ويرى الشيعة الإمامية أنه لا يقع به شىء.
    المتعة: هى مالٌ يدفعه المطلق إلى مطلقته بحسب حاله بين الغنى والفقر، وهو واجبٌ في الطلاق الذي يكون قبل الدخول في زواجٍ لم يُحدد فيه المهر لا قبل العقد ولا بعده، قال تعالى: {لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن علي الموسع قدره وعلي المقتر قدره متاعًا بالمعروف حقًا علي المحسنين} [البقرة: 236].
    وفى المتعة أقوال كثيرة للفقهاء بين الوجوب والاستحباب، والأرجح أن المتعة واجبة لكل مطلقة سواء أكان الطلاق قبل الدخول أم بعده، إلا للمطلقة قبل الدخول والتي حُدد لها مهرٌ ، فإنه يكتفى لها بنصف المهر.

    تعليق


    • #3
      رد: موسوعه المعاملات اسلامية

      الميراث
      أعطى الإسلام الميراث اهتمامًا كبيرًا، وعمل على تحديد الورثة، أو من لهم الحق في تركة الميت، ليبطل بذلك ما كان يفعله العرب في الجاهلية قبل الإسلام من توريث الرجال دون النساء، والكبار دون الصغار، فجاء الإسلام ليبطل ذلك لما فيه من ظلم وجور، وحدد لكل مستحق في التركة حقه، فقال سبحانه: {يوصكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النصف ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث فإن كان له إخوة فلأمه السدس من بعد وصية يوصي بها أو دين آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعًا فريضة من الله إن الله كان عليمًا حكيمًا} [النساء: 11].
      التركة
      هى ما يتركه الميت من الأموال مطلقًا، سواء كانت أموالا عينية مثل الذهب، والنقود، والأراضى والعمارات، أو المنافع مثل إيجار شقة معينة تورث لورثته عند الجمهور ماعدا الأحناف، والحقوق مثل حق التأليف، وحق الشفعة، وحق قبول الوصية، فلو أوصى أحد لشخص بمبلغ معين، ومات الموصى له قبل قبضه قبضه ورثته.
      الحقوق المتعلقة بالتركة:
      1- تكفين الميت وتجهيزه.
      2- قضاء دين الميت.
      3- تنفيذ وصيته في حدود الثلث إلا إذا أجاز الورثة.
      4- تقسيم الباقى بين الورثة.
      أسباب الإرث :
      1- النسب الحقيقى: لقوله تعالي: {وأولو الأرحام بعضهم أولي ببعض في كتاب الله} [الأنفال: 75].
      2- الزواج الصحيح: ويدخل فيه المطلقة رجعيًا مادامت في عدتها، والمطلقة للمرة الثالثة إذا وجدت قرائن تؤكد أن الطلاق كان بهدف حرمانها من الميراث، وكانت في عدتها، ولم تكن قد رضيت بالطلاق.
      موانع الإرث:
      1- الرق: فالعبد لا يرث سيده.
      2- القتل العمد: الذي يوجب القصاص أو الكفارة عند المالكية، وأيضًا شبه العمد والخطأ عند الجمهور.
      3- اختلاف الدين: كمن يتزوج مسيحية فلا يتوارثان، ومن ارتد فلا يرث أقاربه، وهم يرثونه على المختار.
      شروط الميراث:
      1- موت المورث حقيقة أو حكمًا كأن يحكم القاضى بموت المفقود، أو تقديرًا كانفصال الجنين نتيجة لجناية كضرب الأم مثلا.
      2- حياة الوارث حياة حقيقة، أو تقديرية كالحمل.
      3- ألا يوجد مانع للإرث.
      علم المواريث:
      هو القواعد التي يعرف بها نصيب كل مستحق في التركة.
      الفرائض وأصحابها:
      الفرائض: جمع فريضة، وهى النصيب الذي قدره الشارع للوارث، وتطلق الفرائض على علم الميراث.
      وأصحاب الفرائض: هم الأشخاص الذين جعل الشارع لهم قدرًا معلومًا من التركة وهم اثنا عشر: ثمان من الإناث، وهن الزوجة، والبنت، وبنت الابن، والأخت الشقيقة، والأخت لأب، والأخت لأم، والأم، والجدة الصحيحة. وأربعة من الذكور: هم: الأب، والجد الصحيح، والزوج، والأخ لأم.
      العصبة:
      هم بنو الرجل وقرابته لأبيه الذين يستحقون التركة كلها إذا لم يوجد من أصحاب الفروض أحد، أو يستحقون الباقى بعد أصحاب الفروض وهم ثلاثة أصناف.
      ميراث المرأة نصف ميراث الرجل:
      الرجل من واجبه الإنفاق على من في حوزته من النساء، وكذلك مطالب بتوفير مسكن للزوجية وتجهيزه، ومطالب بدفع المهر للزوجة، ومطالب بالإنفاق عليها، وعلى الأولاد، وهذا كله يستغرق جانبًا من ماله قد يفوق بكثير ذلك النصف الذي فضل به على الأنثى، فمال الرجل عرضة للنقصان، ومال المرأة موضع للزيادة لأنها ليست ملزمة بشيء من ذلك.
      ومع ذلك نجد أن هناك حالات في الميراث تتساوى فيها المرأة مع الرجل، وحالات أخرى تزيد فيها المرأة على الرجل، مثل ذلك إذا مات الرجل تاركًا زوجة وبنتين وأمّا وأخًا، فيكون وللزوجة الثمن، وللبنتين الثلثان، وللأم السدس وللأخ الباقي، فيكون نصيب الزوجة ثلاثة أمثال هذا الأخ، ونصيب البنت ثمانية أمثاله، ونصيب الأم أربعة أمثاله، وقد يموت الرجل تاركًا بنتين وأما وأبا، فيكون للبنتين الثلثان، وللأم السدس، وللأب السدس، فيكون نصيب كل من البنتين ضعف نصيب الأب، ويكون نصيب الأم مساويًا لنصيبه، بينما الإخوة لأم يرثون على التساوى فيما بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين.
      الحجب في الميراث:
      الحجب: منع شخص من ميراثه كله أو بعضه، فمثلاً: الزوج يرث من زوجته النصف إن لم يكن لها ولد ، فإن كان لها ولد فإنه يرث الربع، وهذا يسمى حجب نقصان، أي أن وجود الولد أنقص ميراث الزوج من النصف إلى الربع، والجد في غياب الأب يرث، فإن وجد الأب فلا يرث الجد، فالأب هنا حجب الجد حجبًا تامًا عن الميراث، وهو ما يسمى بحجب حرمان أو حجب إسقاط.
      الفرق بـين المحروم من الميراث والمحجوب عنه:
      المحروم ليس أهلاً للإرث كالقاتل، بينما المحجوب أهل له إلا أن شخصا أولى منه بالميراث حجبه عنه.
      والمحروم لا يحجب غيره من الميراث أصلاً، ولكن قد يحجب المحجوب غيره، فالإخوة محجوبون بالأب، والأم، ومع ذلك فوجودهم يحجب الأم حجب نقصان فترث السدس بدلاً من الثلث.
      التخارج في الميراث:
      إذا ارتضى أحد الورثة أن يأخذ قدرًا معلومًا من التركة قبل توزيعها ويخرج من الميراث، فلا يرث مع باقى الورثة، جاز له ذلك، وهذا هو التخارج.
      ويستبعد الجزء الذي أخذه الخارج من أصل التركة، ثم يوزع الباقى من التركة على باقى الورثة حسب أنصبتهم.
      الرد في الميراث:
      إذا أخذ أصحاب الفروض أنصبتهم من التركة، وبقى منها شيء، ولم يكن للميت عاصب يرث الباقى بالتعصيب، يرد الباقى على أصحاب الفروض، ويقسم بينهم حسب أنصبتهم من التركة.
      ميراث الخنثى:
      الخنثى: هو الشخص المشكل، فلا يعرف أذكر هو أم أنثى.
      وعند توريثه ينظر إلى حاله، فإن تبين أنه ذكر يعطى ميراث الذكر، وإن تبين أنه أنثى يعطى ميراث الأنثى.
      أما إذا خفى أمره، فيقسم الميراث مرة باعتباره ذكرًا، ومرة باعتباره أنثى، ثم ينظر إلى الحالين يكون نصيب الخنثى فيه أقل، فيقسم الميراث على أساسه.
      ميراث الحمل:
      إذا مات الرجل تاركًا وراءه زوجة حاملا، فقد اختلف الأئمة في أمر ميراثه: فذهب المالكية إلى وقف القسمة حتى تضع المرأة، وكذلك قال الشافعية إلا أنهم قسموا لمن لا يتغير نصيبه، وذهب الحنابلة إلى تقدير الحمل باثنين، ذكورًا أو إناثًا بحسب الأكبر نصيبًا، وتوزيع التركة على هذا الأساس إلا أن تلد المرأة فتعدل القسمة بحسبه، أما الأحناف فيرون أن يوقف للحمل نصيب ابن واحد أو بنت واحدة، أيهما أكثر نصيبًا، ثم توزع التركة على هذا الأساس إلى أن تلد المرأة فتعدل القسمة بعد ذلك.
      ميراث المفقود:
      المفقود : هو الغائب المجهول الحال، فلا يدرى أهو حى أم ميت.
      حكمه في الميراث: يوقف ميراثه إلى أن يتبين موته حقيقة أو يقضى بموته بعد مدة محددة، حددها بعض الفقهاء بأربعة أعوام، وتوزع تركته على ورثته الموجودين بعد تحقق موته، أو انقضاء المدة، ولا ميراث لمن مات منهم قبل ذلك، أما إذا كان للمفقود ميراث من ميت مات، فيوقف له نصيبه إلا أن يعود أو يتبين موته، فإذا تبين موته عاد نصيبه إلى شركائه في التركة.
      ميراث الأسير:
      الأسير كغيره من المسلمين يرثهم ويرثونه، إلا أن ينجح الأعداء في فتنته في دينه، فيتركه. فيكون حكمه حكم المرتد، فإذا لم يعلم حاله من ناحية دينه وحياته، فحكمه حكم المفقود.
      الوصية الواجبة:
      إذا مات الولد في حياة أبويه، وخلف وراءه أولادًا، ثم مات أبواه أو أحدهما فالميراث لأولاد هذا الولد مع إخوته، فليس من الحكمة أن يترك أولاد ذلك الولد يقاسون الفقر والحاجة بعد أن قاسوا ألم اليتم لفقد العائل الذي لو قدر له أن يعيش إلى موت أبويه لورث كما ورث إخوته، لهذا فقد جعل الله لهؤلاء الأولاد حقًا في التركة التي خلفها جدهم أوجدتهم.
      وتكون الوصية الواجبة لأبناء الولد (ذكرًا أو أنثى) الذي مات في حياة أبويه.
      حكم الوصية الواجبة:
      - إذا كان الولد المتوفى في حياة أبويه ذكرًا، كانت الوصية الواجبة حقا لابنه وابن ابنه وإن نزل، فإن كان المتوفى أنثى كان ذلك الحق لأولاد البنت فقط، أما أولاد أولادها فلا شيء لهم.
      - يحجب كل أصل فرعه دون فرع غيره.
      - تكون الوصية الواجبة في فرع الولد الذي مات مع والديه في حادث سيارة أو ما شابه ذلك .
      - المقدار الحاصل للفروع بالوصية يوزع فيما بينهم طبقًا لقواعد الميراث للذكر مثل حظ الأنثيين.
      - يرث الفرع نصيب الأصل ما لم يزد نصيبه عن ثلث التركة، فإذا زاد عنها رد إلى الثلث، فإن الوصية لا تجوز أن تكون أكثر من الثلث .
      شروط الوصية الواجبة:
      - ألا يستحق أولاد الابن الذي توفى في حياة والديه شيئًا من الميراث، فإن استحقوا شيئًا فلا وصية لهم.
      - ألا يكون الميت قد وهب لأبناء الابن المتوفى ما يساوى القدر المستحق بالوصية، فإن كان قد أعطاهم أقل من القدر المستحق، استكملوا ما نقص من نصيبهم بالوصية الواجبة.
      توزيع التركة في حالة الوصية الواجبة:
      - تقسم التركة بين المستحقين بما فيهم الولد الميت.
      - إن كان نصيب الولد الميت في حياة أبويه مساويًا لثلث التركة أو يقل عنه، يدفع نصيبه إلى ورثته للذكر مثل حظ الأنثيين.
      - إن زاد نصيبه عن الثلث، يرد إلى الثلث، ويعطى لورثته، ثم يقسم باقى التركة وهو ثلثها مع باقى الورثة حسب فرائضهم الشرعية.
      الكلالة:
      هم من يرثون الميت من غير فرعه ولا أصله عند غياب الفرع والأصل، فإذا مات الميت ولم يكن له من ولد ولا والد، وورثه غيرهم من قرابته، فالتوريث بهذه الطريقة يسمى ميراث الكلالة.
      أمور عامة في الميراث:
      * إذا اجتمع في الوارث سببان مختلفان يرث بهما الميت، ورث بهما معًا.
      مثال: إذا ترك الميت ابنى عم، وكان أحدهما أخاه لأمه، فإن أخاه لأمه يرث السدس من التركة، ثم يوزع الباقى بينه وبين الآخر على التساوي.
      * قد تزيد أنصبة أصحاب الفرائض عن الواحد الصحيح، فلابد هنا من تقليل هذه الأنصبة كى تتساوى مع الواحد الصحيح، حتى يتسنى توزيع التركة من غير جور على أحد، فإذا ماتت امرأة مثلاً وتركت زوجًا وأختين شقيقتين فيأخذ الزوج النصف، والأختان الثلثين، فيكون مجموع الأنصبة أكبر من الواحد الصحيح:
      فعندئذ نجعل البسط مقامًا ويكون نصيب الزوج 2/1 ونصيب الأختين 3/2 وهذا ما يسمى بالعول فيقال إن المسألة عالت من 6 إلى 7 وهكذا.
      * إذا مات جماعة من أسرة واحدة معًا كما يحدث إذا تحطمت طائرة أو غرقت سفينة فلا يعرف من مات منهم أولا، فإنهم لا يتوارثون فيما بينهم، ويكون مال كل واحد منهم لورثته الأحياء.
      * لا يرث ذوو الأرحام الأقارب من جهة النساء إلا عند انعدام العصبات وأصحاب الفروض. قال تعالي: {وألوا الأرحام بعضهم أولي ببعض في كتاب الله} [الأحزاب: 6]. وذوو الأرحام يرثون وفقًا لهذا الترتيب، بحيث يحجب صاحب الترتيب المتقدم من بعده:
      1- فرع الميت كأولاد البنت وإن نزلوا، وأولاد بنات الابن كذلك .
      2- أجداده الفاسدون وإن علوا كأب الأم، وكذلك الجدات الفاسدات والجد الفاسد أو الجدة الفاسدة هى التي بينها وبين الميت أنثى كأم أمه، وأبي الأم.
      3- فرع أبويه كبنات الأخ.
      4- فرع أجداده كالعمة والخالة.
      - لا يعتد بإخراج المورث أحد ورثته من التركة، فإن التركة بعد وفاة صاحبها تكون حقا لغيره وهم الورثة، فلا يملك المورث التصرف فيها.
      * إذا طلق الرجل امرأته طلاقًا رجعيًا فلها الحق في الميراث مادامت في فترة العدة.
      * إذا تأخر تقسيم التركة، فزادت قيمتها في هذه الفترة، فإن التركة وزيادتها ملك لجميع الورثة، ومن حق أي وارث أن يأخذ نصيبه في التركة ومن الربح الناتج من العمل فيها.

      تعليق


      • #4
        رد: موسوعه المعاملات اسلامية

        الرَّضاع
        حق الصغير في الرضاع:
        للولد حق في الرضاع، وهو يجب على الأم شرعًا، فإن قصرت في ذلك، تسأل عنه أمام الله، ولكن هل يجب عليها من ناحية القضاء؟
        يرى المالكية أنه يجب على الأم إرضاع ولدها إذا كانت زوجة أو معتدة من طلاق رجعي، فلو امتنعت ولم يكن لها عذر في ذلك أجبرها القاضي، ويستثنى من ذلك المرأة الشريفة إلا إذا كانت لاترضع، وقبل الولد الرضاعة من غيرها، واستدلوا بقوله تعالى : {والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة} [البقرة: 233].
        ولأن المطلقة طلاقًا رجعيًا لها النفقة على زوجها، فلا تأخذ أجرًا على الرضاعة، بخلاف المطلقة طلاقًا بائنًا، فيصبح الإرضاع حقًا في جانب الأب، يجب أن يستأجر من ترضع ولده، ولو كانت أمه، وقد ورد عن النبي صلي الله عليه وسلم قوله: (تقول لك المرأة: أنفق عليَّ وإلا طلقني. ويقول لك العبد أطعمني واستعملني. ويقول لك ابنك: أنفق عليّ إلى من تكلني) [البخاري].
        ويرى الجمهور أن إرضاع الأم ولدها قضاء مندوب لا تجبر عليه؛ لأن قوله تعالى: {والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلي المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف لا تكلف نفسٌ إلا وسعها لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده وعلي الوارث مثل ذلك} [البقرة: 233].
        أمر يدل على الندب والإرشاد للوالدات أن يرضعن أولادهن إذا لم يقبل الولد غير ثدي أمه.
        وجوب الإرضاع من الأم:
        - أن يرفض الولد كل ثدي غير ثدي أمه، فيجب عليها إرضاعه، لإنقاذه من الهلاك.
        - عدم وجود مرضعة غيرها ترضع ولدها.
        - إذا كان الأب معدومًا، أو فقيرًا، لا يستطيع أن يستأجر له مرضعًا.
        - كما أوجب الشافعية على الأم إرضاع ولدها اللبن النازل أول الولادة، لحاجة الولد له خاصة، لأن تركه قد يؤدي إلى وفاته.
        استئجار المرضع:
        إذا امتنعت الأم عن الإرضاع، وجب على الأب أن يستأجر لولده من يرضعه، وعلى المستأجرة أن ترضعه في بيت أمه، لأن الحضانة حق لها، فإن امتنع الأب، طالبته أمه بدفع أجرة الإرضاع، ولا تأخذ هي الأجرة إلا إذا كانت طالقًا طلاقًا بائنًا لا رجعة فيه، أو بعد انتهاء مدة العدة.
        واجب المرضع وأجرها:
        يجب على المرضع إرضاع الولد وما يجب عليها من أمور يحتمها العرف، مثل: إصلاح طعامه وخدمته؛ فإن أرضعته بلبن شاة فلا أجر لها، لأنها لم تفعل ما يجب عليها أصلاً وهو الإرضاع. وتأخذ المرضع أجرًا سواء كانت الأم أم غيرها إذا كانت مستحقة للأجر.
        ما حرم بالرضاع:
        ثبت التحريم بالرضاع بقول الله تعالى: {وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة} [النساء: 23].
        ومما روت أم المؤمنين عائشة -رضى الله عنها- أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: (إن الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة)[متفق عليه]. وقد رفض رسول الله صلى الله عليه وسلم الزواج من ابنة عمه حمزة، فقال:"لا تحل لي، يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، وهي ابنة أخي من الرضاعة"[متفق عليه].
        عدد الرضعات:
        اختلف الفقهاء في عدد الرضعات التي تحرم علي أقوال:
        1- يثب التحريم بثلاث رضعات، إلي ذلك ذهب أبو ثور، وأبو عبيد، وداود الظاهري وابن المنذر، واستدلوا علي ذلك بقول رسول الله ( "لا تحرم المصة ولا المصتان"[مسلم والنسائي]
        2- تحرم عشر رضعات، إلي ذلك ذهبت حفصة بنت عمر زوج النبي (، قالت: "لا يحرم دون عشر رضعات"[البيهقي].
        3- يحرم القليل والكثير، وإليه ذهب علي وابن عباس، وسعيد ابن المسيب، والحسن البصري، ومكحول وغيرهم، وهو رواية عن الإمام أحمد.
        4- التحريم بخمس رضعات فصاعدًا، وهذا رأي عائشة، وابن مسعود، وابن الزبير، وعطاء والحارس، وهو قول الشافعي، وهو المختار لدي المحققين من الأئمة، واستدلوا علي ذلك بما يلي:
        1-قول عائشة رضي الله عنها :"كان فيما أنزل من القرآن، عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفي رسول الله ( وهن مما يقرأن من القرآن"[مسلم ومالك]
        2-كان أبو حذيفة قد تبني سالمًا، ثم حرم الله التبني، فلما كبر سالم، كان يدخل علي زوجة أبي حذيفة، وقد تكون كاشفة رأسها، فكانت تتحرج من ذلك، فذهبت إلي النبي ( وقالت له: يارسول الله، كنا نري سالمًا ولدًا يأوي معي ومع أبي حذيفة، ويراني فضلي (أي متبذلة في ثيابها أو كاشفة رأسها)، وقد أنزل الله عز وجل فيهم ما قد علمت، فقال ( :"أرعيه خمس رضعات". فكان بمنزلة ولدها من الرضاعة [مالك وأحمد]
        المدة التي تحرِّم بالرضاع:
        تعددت آراء العلماء حول تقدير المدة التي يقتضي الرضاع فيها التحريم، وهي:
        الأول: لا يحرم منه إلا ما كان في الحولين، وإليه ذهب عمر، وابن عباس وابن مسعود والشافعي وأبو حذيفة ومالك وغيرهم.
        الثاني: ما كان قبل الفطام، وإليه ذهبت أم سلمة والحسن والزهري والأوزاعي وغيرهم.
        الثالث: الصغر يقتضي التحريم، وهو قول أمهات المؤمنين عدا عائشة، وابن عمرو، وسعيد بن المسيب.
        الرابع: ثلاثون شهرًا، وهو رواية عن أبي حنيفة وزفر تلميذه.
        الخامس: في الحولين وما قاربهما، وهو رواية عن مالك.
        السادس: ثلاث سنين، وهو رأي الحسن بن صالح وجماعة من الكوفة.
        السابع: سبع سنين، وهو رأي عمر بن عبدالعزيز.
        الثامن: عامًا واثنا عشر يومًا، وهو رأي ربيعة.
        التاسع: الرضاع يعتبر فيه الصغر إلا فيما دعت إليه الحاجة، مثل رضاع الكبير الذي لا تستغني المرأة عن دخوله عليها، ويشق احتجابها منه، وهو رأي الإمام ابن تيمية والمختار لدي الإمام الشوكاني وهذا الرأي الأخير هو الراجح، لأنه يجمع بين الأحاديث، وقد جعل قصة سالم مخصصة لعموم الأحاديث الأخري، مثل:"لا يحرم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء في الثدي، وكان قبل الفطام"[الترمذي].
        شروط الرضاع للزواج:
        يشترط في الرضاع ليكون محرِّمًا للزواج ما يلي:
        1- أن يكون لبن آدمية ولو ميتة، فلو رضع رجل وامرأة من بهيمة، يحل لهما الزواج، ولو رضعت المرأة في إناء ثم ماتت، يثبت التحريم، لأن اللبن لا يموت، ومنه يكون اللحم.
        2- أن يكون الإرضاع من طريق الفم.
        3- ألا يخلط اللبن بغيره، خلطًا يغيره، فإن غيره لم يحرمه، وإن غلب اللبن علي الشيء الذي خالطه، كان في حكم اللبن، فيحرم.
        4 أن يصل اللبن إلي معدة الرضيع حتى يحصل التغذي به.
        5- أن يكون الرضاع في حالة الصغر، إلا ما كان من رضاع الكبير الذي لا تستغني المرأة عن دخوله عليها، لحديث سهلة بنت سهيل، وهو حديث صحيح، وبذا يجمع بين الأحاديث كما رأي ابن تيمية -رضي الله عنه-.
        طرق إثبات الرضاع:
        يثبت الرضاع من خلال أمرين: "الإقرار، والبينة الإقرار" إذا أقر كل من الزوجين بالرضاع، أو أقر الرجل دون المرأة، أو أقرت المرأة ثم وافقها الرجل، فلا يحل لهما الزواج، وإن تم الإقرار بعد الزواج يفسخ العقد، ويترتب عليه ما يترتب علي الفسخ من آثار.
        ولا يعترف بإقرار المرأة بعد الزواج إذا خالفها الزوج"البينة" وطريقها الإخبار في مجلس القضاء بثبوت الرضاعة بين زوجين، ويكون إثبات الرضاع بشهادة رجلين ورجل وامرأتين، وقد قال عمر بن الخطاب-رضي الله عنه-:"لا يقبل علي الرضاع أقل من شاهدين"، وكان ما قاله في وجود الصحابة-رضوان الله عليهم-، ولم ينكر عليه أحد منهم، فكان بمكانة الإجماع.
        وقال الشافعي: "يثبت الرضاع بشهادة أربع نسوة، لاختصاص النساء بالاطلاع عليه غالبًا، كالولادة، ولا يثبت بدون أربع نسوة"، لأن كل امرأتين بمثابة رجل، وتقبل شهادة أم الزوجة وبنتها مع غيرهما حسبة بدون تقديم دعوى.

        تعليق


        • #5
          رد: موسوعه المعاملات اسلامية

          الحضانة
          تعريفها: الحضانة هي القيام بحفظ الصغير أو الصغيرة، أو المعتوه الذي لا يميز، ولا يستقل بأمره، وتعهده بما يصلحه، ووقايته مما يؤذيه ويضره، وتربيته جسميا ونفسيا وعقليا، حتى يقوي علي النهوض بتبعات الحياة والاضطلاع بما عليه من مسئوليات.
          حكمها:
          والحضانة واجبة للصغير والصغيرة، لأن المحضون يهلك بتركها، فوجبت حفاظًا عليه من المهالك والمخاوف.
          لمن حق الحضانة:
          للأم حق الحضانة مادام الولد صغيرًا، فعن عبد الله بن عمرو أن امرأة قالت: يا رسول الله، إن ابني هذا كان بطني له وعاء، وحجري له حواء، وثديي له سقاء، وزعم أبوه أنه ينزعه مني. فقال: "أنت أحق به مالم تنكحي[أحمد وأبو داود]
          وعن القاسم بن محمد قال:"كانت عند عمر بن الخطاب امرأة من الأنصار، فولدت له عاصم بن عمر، ثم إن عمر فارقها، فجاء عمر قباء، فوجد ابنه عاصمًا يلعب بفناء المسجد، فأخذ بعضده، فوضعه بين يديه علي الدابة، فأدركته جدة الغلام، فنازعته إياه حتى أتيا أبا بكر الصديق. فقال عمر: ابني. وقالت المرأة: ابني. فقال أبو بكر: خَلِّ بينها وبينه، فما راجعه عمر الكلام. [مالك].
          وقال بعض العلماء: إن الحضانة تتعلق بها ثلاثة حقوق معًا: حق الحاضنة، وحق المحضون، وحق الأب أو من يقوم مقامه، فإن أمكن الجمع بين الحقوق، وجب العمل بها، وإلا فيعتبر الأوفق للمحضون، وتعتبر أمور- تجبر الأم علي حضانة ولدها إذا لم يوجد غيرها، أما إذا وجد غيرها فهي الأولي إلا أن يكون عندها مانع لا يصح أن يأخذ الأب الولد لحضانته من الأم إلا لأمر شرعي، كأن تكون الأم قد تفسد الولد في التربية، والأب سيصلحه.
          ترتيب أصحاب الحقوق في الحضانة:
          تقدم الأم علي الأب في الحضانة، وقد فهم كثير من العلماء من ذلك أنه يقدم أقارب الأم علي أقارب الأب في الحضانة أيضًا، ورتبوا أصحاب الحقوق في الحضانة علي النحو التالي: الأم، فإن وجد مانع، فأم الأم وإن علت، فإن وجد مانع فأم الأب ثم إلي الأخت الشقيقة، ثم إلي الأخت لأم ثم الأخت لأب، ثم بنت الأخت الشقيقة، فبنت الأخت لأم، ثم الخالة الشقيقة، فالخالة لأم، فالخالة لأب، ثم بنت الأخت لأب ثم بنت الأخ الشقيقة فبنت الأخ لأم، فبنت الأخ لأب، ثم العمة الشقيقة، فالعمة لأم، فالعمة لأب، ثم خالة الأم، فخالة الأب، فعمة الأم، فعمة الأب، وتقدم الشقيقة علي غيرها في كل ذلك.
          فإن لم يكن للصغير قريبات من هذه المحارم، أو وجدت وليست أهلا للحضانة، انتقلت الحضانة إلي العصبات من المحارم من الرجال، علي النحو التالي: الأب ثم أب الأب، وإن علا، ثم إلي الأخ الشقيق، ثم إلي الأخ لأب، ثم ابن الأخ لأب، ثم العم الشقيق، فالعم لأب، ثم عم أبيه الشقيق، ثم عم أبيه لأب،فإذا لم يوجد من عصبته من الرجال المحارم أحد، أو وجد وليس فيهم من هو أهل للحضانة، انتقلت الحضانة إلي محارمه من الرجال غير العصبة، وهم علي النحو التالي.
          الجد لأم، ثم الأخ لأم، ثم ابن الأخ لأم، ثم العم لأم، ثم الخال الشقيق، ثم الخال لأب، ثم الخال لأم، فإذا لم يكن للصغير قريب من ذلك كله عين القاضي له من يقوم بحضانته.
          شروط الحضانة:
          تنقسم الشروط التي تعتبر في الحضانة إلي ثلاثة أقسام: قسم مشترك بين الرجال والنساء، وقسم خاص بالنساء، وقسم خاص بالرجال.
          الشروط المشتركة:
          يشترط فيمن له حق الحضانة من الرجال والنساء البلوغ والعقل والقدرة علي تربية المحضون، واشترط البعض الأمانة والخلق، فيمنع الفاسق والفاسقة من الحضانة، وقيد بعض علماء الحنفية الفسق الذي يضيِّع الولد، ويري الإمام ابن القيم أن هذا الشرط غير معتبر لأمور.
          1- أن اشتراط العدالة في الحضانة فيه ضياع لأطفال العالم، لمانع ذلك من المشقة علي الأمة.
          2- انتزاع الطفل من أبويه بسبب الفسق فيه من عسر وحرج علي الأمة، لأن الفسق منتشر وهو موجود مادامت الحياة باقية.
          3- لم يمنع النبي ( ولا أحد من الصحابة فاسقًا في تربية ابنه أو حضانته له.
          4- العادة تشهد أن الفاسق يكون حريصًا علي ابنته، فهو يحتاط لها ويحرص علي ما ينفعها.
          5- لو كان الفسق مانعًا للحضانة، لاشتهر هذا الأمر بين الأمة لأنه مما تعم به البلوي.
          واشترط الشافعية والحنابلة الإسلام، لأن الحضانة ولاية، ولم يجعل الله ولاية للكافر علي المؤمن؛ لقوله تعالى: (ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً)[النساء: 141]. كما أنه يخشي عليه أن يغير دينه، ويري الأحناف وابن القاسم من المالكية وأبو ثور أن الحضانة لا يشترط فيها الإسلام لأن مناط الحضانة الشفقة، وهي لا تختلف باختلاف الدين، لكن الأحناف يشترطون ألا تكون مرتدة لأن المرتدة تحبس حتى ترجع إلي الإسلام أو تموت في الحبس، كما أنهم اشترطوا أن يكون الصغير معها حتى سن السابعة، كي لا يتأثر بها في عقائدها، وأن تغذيه لحم الخنزير وتسقيه الخمر، وقالت المالكية يبقي عندها مدة الحضانة شرعًا، لكنها تمنع من إطعامه ما حرم الله، أو أن تذهب به إلي المعابد ونحو ذلك.
          شروط خاصة في النساء:
          يشترط في المرأة ألا تكون متزوجة بأجنبي عن الصغير أو بقريب غير محرم منه، لأن الزوج قد يعامله بقسوة، لانشغالها به عن حق الزوج، ولقول الرسول ( :"أنت أحق به مالم تنكحي"[أحمد وأبو داود]. فإن كانت قد تزوجت بقريب محرم للمحضون كعمه وابن عمه فلا يسقط عنها حق الحضانة، وأن تكون ذات رحم محرم كأمه وأخته وجدته، فلا حضانة لبنات العم والعمة ولا لبنات الخال والخالة بالنسبة للصبي، خلافًا للحنفية فهم يجوزون ذلك، إلا أن تكون قد امتنعت عن حضانته مجانًا، بسبب عسر الأب، فإن قبلت أخري الحضانة، سقط حق الأولي، وألا تقيم الحاضنة بالصغير في بيت يبغضه ويكرهه.
          شروط خاصة بالرجال:
          يشترط في الرجل الحاضن أن يكون محرمًا للمحضون إذا كانت أنثي تشتهي، وقد حدد الفقهاء سنها بسبع سنين، حذرًا من الخلوة بها، وإن لم تبلغ حد الشهوة، أعطيت له بلا خلاف، وتعطي لغير المحرم إذا لم يوجد غيره وكان مأمون الجانب، وأن يكون عند الحاضنة من النساء من تقوم علي خدمة المحضون.
          شروط حق الحضانة:
          يسقط حق الحضانة بأربعة أسباب؛ هي:
          1- أن يسافر الحاضن سفر نقلة وانقطاع إلي مكان بعيد، قدره العلماء بمائة وثلاثة وثلاثين كيلو مترًا، فأكثر.
          2- أن يكون في جسد الحاضن ضرر كالجنون والجذام والبرص.
          3- أن يكون الحاضن فاسقًا غير الأب.
          4- أن تتزوج الحاضنة، إلا أن تكون جدة الطفل زوجًا لجده، أو تتزوج الأم عمًا له، فلا يسقط حق الحضانة، لأن الجد أو العم محرم للصغير.
          أجر الحضانة:
          يري جمهور الفقهاء غير الأحناف أنه ليس للحاضن أجرة علي الحضانة، سواء كانت الحاضن أمّا أم غيرها، لأن الأم تستحق النفقة إن كانت زوجة، وغير الأم نفقتها علي غيرها وهو أبوها، لكن إذا احتاج المحضون إلي خدمة، فللحاضن الأجرة.
          ويري الأحناف أن الأم لا تستحق الأجرة إلا إذا طلقت طلاقًا بائنًا، وانقضت عدتها، أما إذا كانت الحاضنة غير الأم فلها أجرتها.
          مدة الحضانة:
          يري الأحناف أن الحاضنة أحق بالغلام حتى يستغني عن خدمة النساء، وقدر زمن استقلاله بسبع سنين، والحاضنة أحق بالفتاة الصغيرة حتى تبلغ سن الحيض أو الإنزال أو بعد تسع سنين أو إحدي عشرة سنة، ويري المالكية أن الحضانة تستمر في الغلام حتى البلوغ، وفي الأنثي إلي الزواج ودخول الزوج بها، ولو كانت الأم كافرة، وليس هناك تخيير للولد عند الأحناف والمالكية، لأنه قد يتبع من يتركه يفعل ما يشاء، وليس هو أقدر علي معرفة ما يصلحه، وعند الشافعية يخير الولد عند سن التمييز، وعند الحنابلة يخير الغلام غير المعتوه عند سبع سنين، ويكون التخيير شرطين: أن يكون الأبوان أو غيرهما من أهل الحضانة، فإن كان أحدهما غير أهل للحضانة، فلا تخيير، وألا يكون الغلام معتوهًا، فإن كان معتوهًا فيعطي للأم ولا يخير.
          أما الفتاة إذا بلغت سبع سنين، فالأب أحق بها، ولا تخير، لأن الأب يرعي مصلحتها عند هذه السن أكثر من الأم.

          تعليق


          • #6
            رد: موسوعه المعاملات اسلامية

            الإجهاض
            الإجهاض هو إلقاء الجنين من بطن أمه قبل تمام وقته.
            حكمه:
            والإجهاض محرم إذا كان بدون عذر بعد الشهر الرابع (120 يومًا) عند الحنابلة والحنفية، وعند المالكية يحرم إخراج المني المتكون في الرحم ولو قبل الأربعين. وقيل: يكره إخراجه قبل الأربعين. وقال الشافعية: يباح الإجهاض مع الكراهة إذا تم في فترة الأربعين يومًا من بدء الحمل، بشرط أن يكون برضا الزوجين، وألا يترتب علي ذلك ضرر بالحامل، ويحرم بعد الأربعين يومًا.
            عقوبة الإجهاض:
            إذا انفصل الجنين عن أمه ميتًا، فعقوبة الجاني هي دية الجثة، ودية الجثة غرة-عبدًا أو أمة-، قيمتها من الإبل، أي نصف عشر الدية، أو ما يعادلها وهو خمسون دينارًا أو خمسمائة درهم عند الحنفيه، أو ستمائة درهم عند الجمهور.
            ودليل تلك العقوبة ما رواه أبو هريرة-رضي الله عنه-قال: اقتتلت امرأتان من هذيل، فرمت إحداهما الأخري بحجر، فقتلها وما في بطنها، فاختصموا إلي رسول الله (، فقضي دية جنينها غرة-عبد أو أمة-وقضي بدية المرأة علي عاقلتها.[أحمد والبخاري ومسلم].
            وتستحب الكفارة في الإجهاض عند الحنفية والمالكية، وتجب عند الشافعية والحنابلة.
            إلقاء الجنين حيًّا:
            إذا انفصل الجنين حيا ثم مات بسبب الجناية عمدًا وجب القصاص إذا كان الضرب قد أدي إلي الموت، وتجب الدية فقط لا الغرة إذا لم يؤد الفعل غالبًا إلي نتيجة كالضرب علي اليد أو الرجل، إلي ذلك ذهب المالكية، وعند الأحناف والحنابلة والأصح عند الشافعية أن الجناية علي الجنين لا تكون عمدًا، وإنما هي شبه عمد أو خطأ، لأنه لا يتحقق وجود الجنين وحياته حتى يقصد، فتجب الدية كاملة، ولا يرث الضارب منها شيئًا إن كان ممن يرث.
            ويوجب الأحناف الكفارة في مثل هذه الحالة، ويوجبها الشافعية والحنابلة مطلقًا، سواءً كان الجنين حيا أو ميتًا.
            وتتعدد الدية بتعدد الأجنة، وإن ماتت الأم قبل الجنين أو بعده، فعلي الجاني ديتان، واحدة للأم، وواحدة للجنين.
            وإذا كان الجنين غير مسلم، ففيه غرة، لكن يختلف تقديرها من الجنين المسلم إلي غيره عند المالكية والشافعية، فغرة الذمي عند المالكية تساوي عشر دية الأم، وعند الشافعية ثلث غرة المسلم، ويري الحنفية والحنابلة أن غرة الذمي كغرة المسلم.

            تعليق


            • #7
              رد: موسوعه المعاملات اسلامية

              العقيقة
              معناها:
              العقيقة في الأصل تعني الشعر الذي علي المولود، ثم أطلقت العرب علي الذبيحة التي تذبح عند حلق شعر المولود عقيقة، علي عادتهم في تسمية الشيء باسم سببه، وقيل: سميت العقيقة بهذا الاسم لأنه يشق حلقها بالذبح.
              فالعقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم السابع من ولادته.
              حكمها:
              للعلماء في حكم العقيقة أربعة آراء هي: السنية، والوجوب، والإباحة، والنسخ.
              أولا: السنية.
              ذهب جمهور العلماء إلي أن العقيقة سنة مستحبة غير واجبة، فمن فعلها فله الأجر والثواب، والدليل ما يلي:
              1- ما رواه ابن عباس أن رسول الله ( عق عن الحسن والحسين كبشًا كبشًا[أبو داود] ولقوله (:"من أحب أن ينسك عن ولده فليفع[أحمد وأبو داود].
              2- أن فعله يدل علي الاستحباب.
              ثانيا: الوجوب.
              وبه قال الحسن البصري والليث بن سعد والظاهرية، واستدلوا بحديث سمرة عن النبي ( أنه قال: "كل غلام رهينة بعقيقته، تذبح عنه يوم سابعه، ويسمي فيه، ويحلق رأسه"[رواه الخمسة وصحهه الترمذي] وقالوا: إن الولد محبوس عن الشفاعة لوالديه حتى يعق عنه، وهذا دليل الوجوب.
              ثالثًا: الإباحة.
              ويري أبو حنيفة أن العقيقة مباحة، فمن فعلها، فمن باب التطوع، وذلك لقول النبي ( لما سئل عن العقيقة، قال: "لا أحب العقوق" وورد أنه ( كره أن تسمي ذبيحة المولود عقيقة، لارتباطها بالعقوق.
              رابعًا: الجاهلية.
              ويري محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة أن الأضحية نسخت كل ذبيحة كانت قبل الإسلام، وعليه، فإن العقيقة من فعل الجاهلية.
              ولكن هذا القول هو قول شاذ، والأرجح هو قول الجمهور: إن العقيقة سنة، ويؤجر الإنسان علي فعلها.
              أحكامها:
              وللعقيقة أحكام تتعلق بها، أهمها:
              الوقت:
              وقت العقيقة يوم السابع من الولادة، فإن لم يكن ففي اليوم الرابع عشر، فإن لم يتمكن ففي اليوم الواحد والعشرين، وذلك لحديث عبد الله بن بريدة عن أبيه عن النبي ( قال: "العقيقة تذبح لسبع ولأربع عشرة، ولإحدي وعشري"[البيهقي]. وتعيين اليوم السابع من باب الاختيار، فإذا تأخرت حتى بلغ المولود سن البلوغ، سقطت عن والده، أو عمن تجب عليه نفقته، لكن إن أراد أن يعق هو عن نفسه فعل، وإن مات المولود قبل السابع سقطت عنه العقيقة.
              العدد:
              ويذبح عن الذكر في العقيقة شاتان، وعن الجارية شاة واحدة، فعن أم كرز الكعبية، أنها سألت رسول الله ( عن العقيقة، فقال:"نعم عن الغلام شاتان، وعن الأنثي واحدة، لا يضركم ذكرانًا كن أو إناثًا"[أحمد والترمذي وصححه]
              ويري بعض الفقهاء أنه يذبح شاة عن الولد أو الجارية، استدلالا بحديث ابن عباس أن النبي ( عق عن الحسن والحسين كبشًا كبشًا[أبو داود].
              والأرجح إن صح حديث النبي ( في اقتصاره علي ذبح شاة، ففيه دليل علي أن الشاتين مستحبة وليست متعينة، وذبح الشاة جائز غير مستحب.
              التدمية:
              وكره جمهور العلماء تدمية رأس المولود أو جسده بوضع خرقة فيها دم عند الذبح علي الرأس أو الجسد، فعن عائشة-رضي الله عنها-قالت: كانوا في الجاهلية إذا عقوا عن الصبي، خضبوا بطنه بدم العقيقة، فإذا حلقوا رأس المولود وضعوها علي رأسه، فقال النبي ( :"اجعلوا مكان الدم خلوقًا[ابن حبان].
              ولكن يستحب وضع زعفران أو غيره علي رأس المولود بعد الحلق، فعن بريدة الأسلمي-رضي الله عنه-قال: "... فلما جاء الإسلام كنا نذبح شاة، ونحلق رأسه، ونلطخه بالزعفران"[أبو داود].
              عدم كسر العظام:
              ويراعي عند ذبح النسيكة "العقيقة" ألا تكسر من عظمها شيء سواءً كان عند الذبح أو الأكل، فعن جعفر بن محمد عن أبيه، أن النبي ( قال في العقيقة التي عقتها فاطمة عن الحسن والحسين: أن ابعثوا إلي القابلة منها برجل، وكلوا وأطعموا ولا تكسروا منها عظمًا.[أبو داود].
              فينفصل قطع كل عظم من مفصل بلا كسر، لما يلي:
              1- أن هذا الفعل أجل وأعظم في الجود والكرم للفقراء، وإظهار منزلة هذا الطعام في نفوس الفقراء والأقارب.
              2- أن يتيمن بهذا الفعل بسلامة أعضاء المولود وصحتها وقوتها، لأن العقيقة تجري مجري الفداء للمولود.
              شروط الذبيحة:
              يشترط لذبيحة النسيكة (العقيقة) ما يشترط للأضحية، وهذه الشروط هي:
              1- أن يكون عمرها سنة، ودخلت في الثانية إذا كانت من الضأن أو المعز، ويجوز في الضأن السمين أن يكون عمره ستة أشهر، شريطة ألا يفرق بينه وبين الذي له سنة، أما الماعز فلابد من الشرط.
              2- السلامة من العيوب، فلا يصح ذبح العمياء ولا العوراء ولا الهزيلة، ولا العرجاء التي لا تستطيع المشي إلي الذبح، ولا التي ذهبت أسنانها، ولا التي لا أذن لها بسبب الخلقة، ولا المجنونة يمنعها من الرعي، ولا مقطوعة الذنب أو الإلية إذا ذهب أكثر من ثلثها، أما العيوب البسيطة فيجوز الذبح، وإن كان الأولي أن تكون خالية من كل عيب.
              3- لا يصح الاشتراك في ذبيحة النسيكة (العقيقة) لأن الذبح فيه إراقة دم عن الولد، فهي من باب الفداء عنه.
              4- يصح الذبح بالإبل أو البقر، بشرط أن يكون عن مولود واحد.
              5- يصح في العقيقة الإهداء والتصدق والأكل، لنشر الود بين أفراد المجتمع.
              6- يجوز أن يتولي ذبح العقيقة عن والد المولود، فله أن ينيب غيره لقول النبي:"يذبح عنه يوم سابعه"[رواه الخمسة]. ببناء الفعل للمجهول.
              الحكمة من النسيكة (العقيقة):
              للذبح عن المولود حكم عظيمة، منها
              - والتقرب إلي الله-سبحانه-عن المولود من أول أيام حياته.
              - فكان لرهان المولود في الشفاعة لوالديه يوم القيامة، كما جاء الحديث بذلك.
              - زيادة منابع التكافل الاجتماعي بمنبع جديد، يحقق سلامة مبادئ العدالة الاجتماعية، ويمحو عنها ظواهر الفقر والجوع.
              - زيادة الروابط بين الأقارب والأصدقاء وأفراد المجتمع.
              - إظهار السرور والفرح بإقامة سنة من السنن النبوية.
              - فداء للمولود عن أن تصيبه المصائب والآفات.
              - البهجة للزوجين والشكر لله علي ما أنعم عليهما من نعمة الولد.

              تعليق


              • #8
                رد: موسوعه المعاملات اسلامية

                الـبـيـع
                تعريف البيع.
                البيع هو مبادلة مالٍ بمال علي سبيل التراضي.
                مشروعية البيع:
                شرع الله سبحانه البيع لحاجة الناس إلي ضرورات الحياة كالطعام والملبس وغير ذلك مما قد لا يستطيع الإنسان الحصول عليه إلا عن طريق شرائه من غيره، قال تعالي: (وأحل الله البيع وحرم الربا)[البقرة: 275] وقال سبحانه: (يا أّيهّا الذين آمّنٍوا لا تّأًكٍلٍوا أّمًوّالّكٍم بّينّكٍم بٌالًبّاطٌلٌ إلاَّ أّن تّكٍونّ تٌجّارّةْ عّن تّرّاضُ منكم) [النساء: 29].
                وسئل رسول الله ( عن أطيب الكسب فقال: "عمل المرء بيده، وكل بيع مبرور"[أحمد والبزار]. والبيع المبرور هو الذي لا غش فيه ولا خيانة.
                ما يتم به البيع:
                يتم البيع باتفاق البائع والمشتري علي السلعة والثمن، فإن تم الاتفاق بينهما أصبح للمشتري حق تملك السلعة والتصرف فيها، وللبائع حق تملك ثمن السلعة والتصرف فيه.
                ويتم البيع بالكلام، فيتحدث البائع والمشتري إلي بعضهما البعض، ويتفقان علي السلعة والثمن.
                أو يتم البيع بالكتابة إذا كان كل منهما بعيدًا عن الآخر أو لسبب ما، فيكتب المشتري إلي البائع، ويكتب البائع إلي المشتري حتى يتم الاتفاق علي السلعة وثمنها.
                وقد يتم البيع بالإشارة، بين البائع والمشتري إذا كانا أخرسين، أو أحدهما أخرس فيتم الاتفاق بينهما بالإشارة، مادامت الإشارة هي وسيلة التفاهم بينهما.
                وقد يتم البيع بالمعاطاة كأن يقوم البائع بتسليم السلعة إلي المشتري، ويقوم المشتري بإعطاء الثمن له. وعادة ما يحدث هذا إن كان الشيء المبيع قليلًا، ولا يحتاج إلي جدال.
                شروط البيع: وتنقسم شروط البيع إلي:
                أ- شروط خاصة بالبيع نفسه:
                حيث يشترط في البيع الإيجاب والقبول بين المشتري والبائع، أو الاتفاق بينهما علي تحديد السلعة وثمنها وقبول كل منهما لهذا التحديد. ولابد أن يتم البيع بالإيجاب والقبول.
                ويشترط في الإيجاب والقبول في الاتفاق:
                1- انعقاد الاتفاق، فإن اختلف البائع والمشتري لا يسمي ذلك بيعًا. كأن يقول البائع للمشتري هذا الثوب بعشرة جنيهات. فيقول المشتري سبعة جنيهات. فيرفض البائع وينصرف المشتري.
                2- أن يكون البيع والشراء بلفظ الماضي فيقول البائع (بعت)، ويقول المشتري (قبلت) أو ما في معني ذلك من ألفاظ.
                3- أن يتم ذلك في مجلس واحد. فإن قال البائع (بعت)، ومشي المشتري دون أن يرد عليه بما يفيد موافقته؛ فلا يعد بيعًا.
                ب- شروط خاصة بالبائع والمشتري:
                فيشترط فيهما ما يأتي:
                1- ألا يكون أحدهما مجنونًا أو سفيهًا أو طفلًا صغيرًا لا يحسن التصرف إلا إذا أجاز وليه أو الوصي عليه ذلك؛ كأن يشتري الطفل حلوي فيوافق وليه علي شرائه.
                أما الطفل المميز للأمور فبيعه وشراؤه جائزان، ولكنهما لا ينفذان إلا بعد موافقة وليه.
                2- ألا يكون أحدهما مكرهًا علي البيع أو الشراء، فبيع أو شراء المكره لا يجوز إلا إذا كان الحاكم أو الدولة هي التي أكرهته علي البيع من أجل مصلحة عامة، كأن تجبر الحكومة الرجل علي أن يبيع أرضًا له لتوسعة الطريق مثلاً. أو أن تجبره علي بيع شيء يملكه ليسدد ما عليه من دين ثم تعوضه عنه.
                3- ألا يكون أحدهما قد غلبه السُّكر وقت البيع، فبيع السكران لا يجوز.
                شروط خاصة بالشيء المبيع:
                1- أن يكون ملكًا للبائع، وألا يكون قد هلك قبل التسلم.
                2- أن يحدد ثمنه قبل بيعه، فلا يبيع الرجل لرجل شيئًا دون أن يتفقا علي سعره، وأن يحدد كذلك وقت سداد الثمن علي حسب اتفاق يتم بينهما؛ كأن يتفقا علي أن يدفع المشتري ثمن السلعة في الحال، أو أن يتفق المشتري مع البائع علي السداد في وقت مؤجل.
                وتحديد السعر يرجع إلي اتفاق بين البائع والمشتري،أما ما يسمي بالتسعير حيث يقوم الحاكم أو من ينوب عنه بتحديد أسعار بعض السلع فغير جائز، فقد روي أن الناس قالوا لرسول الله ( يا رسول الله غلا السعر فسعر لنا. فقال رسول الله (: "إن الله هو المسعر، القابض الباسط الرازق، وإني لأرجو أن ألقي الله وليس أحد منكم يطالبني بمظلمة في دم ولا مال"[أبو داود والترمذي وابن ماجة]. لكن إن وجد الحاكم أو من ينوب عنه أن التجار رفعوا الأسعار بما يضر بالناس؛ جاز له تحديد السعر.
                3- أن يكون الشيء المبيع طاهرًا، فلا يجوز بيع الشيء النجس أو المحرم كالخنزير والميتة والخمر واللبن إذا وقعت فيه نجاسة، وأجاز بعض الفقهاء بيع النجس إن كانت فيه منفعة لغير الأكل والشرب، فيجوز بيع الأرواث والأزبال النجسة التي تدعو الضرورة إلي استعمالها في البساتين، وينتفع بها وقودًا وسمادًا. ويجوز بيع الزيت ليضاء به المصباح أو لتطلي به السفن، وبيع الكلب للصيد والحراسة، فقد روي عن جابر -رضي الله عنه- أن رسول الله ( نهي عن ثمن الكلب إلا كلب صيد [النسائي].
                4- أن يكون الشيء المبيع مما يجوز أن ينتفع به الإنسان، كالطعام والثياب.
                5- أن يكون الشيء المبيع مما يمكن تسليمه، فلا يبيع الصياد سمكًا لم يصده بعد، أو يبيع الرجل طيرًا في الهواء. لقوله (: "لا تبع ما ليس عندك"[أبو داود والترمذي].
                6- أن تكون السلعة معلومة للمشتري علمًا تامَّا سواء أكان ذلك بمشاهدة المشتري السلعة أم بوصفها له وصفًا دقيقًا إن كانت السلعة غائبة عن مجلس البيع.
                فإن كانت السلعة غائبة عن مجلس البيع ووصفها البائع للمشتري، وكانت موافقة للوصف أخذها المشتري، أما إذا خالفت الوصف جاز للمشتري أن يرجع في الشراء.
                فإذا توفرت الشروط السابقة كان البيع صحيحًا، ولا يجوز للبائع أو المشتري الرجوع في البيع، إلا أن يكون لهما أو لأحدهما حق الخيار، أو أراد أحدهما الرجوع، لظروف معينة، وقبل الآخر منه ذلك.
                الخيار في البيع:
                الخيار يعني الحرية في إمضاء العقد أو فسخه.
                والخيار أنواع، وهي:
                خيار المجلس:
                حيث يكون لكل من البائع والمشتري الرجوع في البيع إن كانا لم يغادرا مجلس البيع بعد، قال (: "البيعان بالخيار مالم يتفرقا"[الجماعة].
                خيار الشروط:
                وهو أن يشترط أحدهما مدة معينة (يومين مثلا) يكون له فيها الحق في إنفاذ البيع أو فسخه. فقد روي عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله ( قال: "كل بَيعَين لا بيع بينهما حتى يتفرقا إلا بيع الخيار" [البخاري]. (أي: إلا إذا اشترط أحدهما أو كلاهما الخيار مدة معلومة).
                خيار العيب:
                ويقصد به أن للمشتري الحق في فسخ البيع أو إمضائه إن اكتشف في السلعة عيبًا كتمه عنه البائع ولم يطلعه عليه. أما إذا علم بالعيب قبل الشراء فلا يحق له الرجوع ولا خيار له.
                خيار التدليس:
                بمعني إذا دلس البائع أو خدع المشتري لزيادة ثمن السلعة،كان للمشتري بعد معرفته بهذا الخداع الحق في إمضاء العقد أو فسخه، فقد قال ( :"لا تُصِرّوا الإبل والغنم" (أي: لاتتركو لبنهما في ضرعهما لتخدعوا المشتري) فمن ابتاعها (اشتراها) فهو بخير النَّظَرَين (بأي الرأيين) بعد أن يحلبها: إن شاء أمسكها، وإن سخطها ردها وصاعًا من تمر.[متفق عليه].
                خيار الغبن:
                بمعني إذا باع الرجل ما يساوي عشرة جنيهات بخمسة جنيهات أو إذا اشتري الرجل ما يساوي خمسة جنيهات بعشرة جنيهات كان له حق الخيار، بشرط أن يكون جاهلًا بثمن السلعة، وأن يكون الغبن فاحشًا.
                وإذا هلكت السلعة بسبب من البائع أو بسبب من السلعة نفسها قبل أن يتسلمها المشتري، كان للمشتري أن يفسخ البيع ويأخذ ماله، فإن هلك بعض السلعة وليست كلها؛ كان له أن يفسخ البيع، أو أن يأخذ الجزء السليم الذي لم يهلك، وينقص من الثمن بقدر الجزء الهالك، وإن كان هلاك السلعة بسبب من المشتري، لم يجز له فسخ البيع، وعليه أن يدفع ثمن السلعة.
                ما يجوز عند البيع:
                1- الإشهاد علي البيع: فللبائع والمشتري أن يشهدا علي عقد البيع. قال تعالي: (وأشهِدوا إذا تبايعتُمْ ولا يُضارَّ كاتبٌ ولا شهيدٌ) [البقرة: 282].
                2- السمسرة: فيجوز للبائع أو المشتري أن يوسِّطا رجلاً بينهما لتسهيل عملية البيع، فإن قال الرجل لغيره. بع لي بكذا. فما كان من ربح فهو لك أو بيني وبينك؛ جاز ذلك لقوله ( "المسلمون عند شروطهم" [البخاري].
                ما يجب علي البائع:
                1- الصدق والأمانة: فلا يغشُّ بضاعته، ولا يخفي عيوب سلعته، قال ( :"المسلم أخو المسلم، ولا يحل لمسلم باع من أخيه بيعًا وفيه عيب إلا بينه له"[ابن ماجه]. وقال:"من غش فليس منا" [مسلم]. وقال (: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبينا؛ بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا، محقت (أي ذهبت) بركة بيعهم" [متفق عليه].
                2- التنزه عن الحلف بالله كثيرًا لترويج السلعة؛ لأن كثرة الحلف في البيع يذهب بركته. قال (:"الحلف منفقة للسلعة،ممحقة للربح"[مسلم].
                3- السماحة في البيع، والتبسم في وجوه الناس، وعدم الرد علي من يشتمه أو يسبه، قال (: "إن الله يحب سمح البيع، سمح الشراء"[الترمذي].
                4- توفية الكيل: قال تعالي: (وأَوفوا الكيلَ إذا كِلتُمْ وزِنوا بالقِسطاسِ المستعيمِ)[الإسراء: 35].
                5- العلم بما يحل بيعه وما يحرم حتى لا يقع في المحرم، وقد كان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يقول: لا يبيع في سوقنا إلا من تفقه في الدين [الترمذي]
                6- عدم الاحتكار: فقد حرم الإسلام الاحتكار لما فيه من جشع، قال (: "المحتكر ملعون"[ابن ماجه].
                ولا يعد الرجل محتكرًا إلا إذا كان ما يحتكره يزيد عن حاجته وحاجة من يعولهم سنة كاملة، وأن يكون الرجل قد تعمد بحبسه السلعة انتظار الوقت الذي ترتفع فيه أسعار السلعة ليخرجها إلي الناس، فيبيعها بثمن فاحش، وأن يكون حبسه للسلعة في وقت احتياج الناس لها. فإن كانوا في غير حاجة وحبسها، فلا يعد محتكرًا.
                7- التصدق من ماله سواء أكانت الصدقة نقودًا أم شيئًا من بضاعته ليطَهِّر نفسه من الأخطاء التي يقع فيها أثناء عملية البيع من حلف ولغو وغير ذلك، قال ( يومًا للتجار بالمدينة المنورة:"يا معشر التجار، إن البيع يحضره اللغو والحلف، فشوبوه بالصدقة"[النسائي وأبو داود وابن ماجة والحاكم].

                تعليق


                • #9
                  رد: موسوعه المعاملات اسلامية

                  المزارعة
                  والمزارعة عمل بها الرسول (، فعن ابن عباس أن رسول الله ( عامل أهل خيبر لشطر ما يخرج من زرع أو ثمر.[متفق عليه]، وقد زارع كثير من أصحاب رسول الله ( كعلي وسعد بن مالك، وعبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-، وزارع كثير من التابعين مثل عمر بن عبد العزيز، وعروة بن العزيز، وآل أبي بكر، وابن سيرين. [البخاري].
                  والمزارعة هي إجارة الأرض ببعض ما يخرج منها بين المالك والزارع، والمزارعة من فروض الكفاية، فيجب علي الإمام أن يجبر الناس عليها، فقد ورد أن النبي ( قال "ما من مسلم يغرس غرسًا أو يزرع زرعًا، فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة"[متفق عليه].
                  أباح الإسلام المزارعة لما فيها من مصلحة للمالك والمزارع، فالمالك قد لا يستطيع زراعة أرضه لسبب من الأسباب، والمزارع قد يكون فقيرًا، ففي هذا مساعدة له، ولا عجب، فالإسلام دين اليسر، والتعاون علي البر والتقوي.
                  وقد زرع أهل خيبر لرسول الله ( أرض خيبر بشرط أن يأخذوا النصف ويأخذ الرسول النصف مما يخرج منها من زرع أو ثمر.
                  أحكام خاصة بالمزارعة:
                  حرم الإسلام الظلم، ومن هنا فكان لا يجوز للمالك أن يحدد جزءًا من الأرض يكون إنتاجه ومحصوله له دون المزارع، فقد يتلف الزرع في بقية الأرض، وقد يتلف الزرع في الجزء الخاص بالمالك ولا يتلف في الباقي، وهذا ظلم للمالك. ولكن هل هناك أشياء يتفق عليها الطرفان (نعم) فهما يتفقان علي ما سيزرع، وقد يترك الأمر للمزارع يزرع ما يشاء، ويجوز للمالك أن يشترط علي المزارع ألا يزرع في الأرض ما يضر بها أو بما فيها من شجر أو غيره؛ لأنه لا ضرر ولا ضرار في الإسلام.
                  وإذا أراد المالك إخراج المزارع من الأرض فعليه أن يعوض المزارع عما أنفقه علي الأرض لصاحبها في أي وقت، فله ذلك إذا كان قبل الزراعة، فإذا كان بعد الزراعة فلا يجوز له إخراج المزارع إلا بعد أن يصبح الزرع صالحًا للانتفاع به.
                  وبعد حصد المزارع يأخذ كل من المالك والمزارع نصيبه، فإذا بلغ نصيب كل منهما المقدار الذي يجب فيه الزكاة؛ أخرج زكاة نصيبه.
                  شرط صحة المزارعة:
                  يشترط في عقد المزارعة أن يكون العاقد عاقلاً، فلا يصح عقد المجنون ولا الصبي غير المتميز، أما إذا كان مميزًا ولو لم يبلغ الحلم صح عقده ويشترط فيما يخرج ما يلي:
                  1- أن يكون معلوم النوع في العقد:
                  2- أن يكون مشتركًا بين العاقدين، فلا يكون لأحدهما دون الآخر، وإلا فسد:
                  3- أن يكون الناتج معلوم القدر كالنصف والثلث ونحو ذلك؛ درءًا للاختلاف.
                  4- أن يكون جزءًا مشاعًا ، فلا يخصص أحدهما جزءًا بعينه، وإلا فسد العقد.
                  ويشترط في المزارعة أن تكون الأعمال التي يقوم بها العامل زراعة، فإذا كانت غير زراعة كقطع الشجر، أو رصف جوانب الطرق ونحو ذلك؛ فليست بمزارعة.
                  كراء الأرض بالنقد:
                  تجوز المزارعة بالنقد والطعام وبغيرهما مما يعد مالاً، فعن حنظلة ابن قيس -رضي الله عنه- قال: سألت رافع بن خديج عن كراء الأرض، فقال نهي رسول الله ( عنه. فقلت بالذهب والورق والفضة؟ فقال: أما الذهب والورق، فلا بأس به[الخمسة إلا الترمذي].
                  وقد ردَّ زيد بن ثابت -رضي الله عنه- ما ذكر رافع بن خديج -رضي الله عنه- من أن رسول الله ( قد نهي عن كراء الأرض، فقال رافع: يغفر الله لرافع بن خديج، أنا والله أعلم بالحديث منه. إنما جاء النبي ( رجلان من الأنصار، قد اقتتلا. فقال (: "إن كان هذا شأنكم، فلا تكروا المزارع" فسمع رافع قوله:" فلا تكروا المزارع"[أبو داود والنسائي].

                  تعليق


                  • #10
                    رد: موسوعه المعاملات اسلامية

                    إحياء الموات
                    مشروعية إحياء الموات:
                    شرع الإسلام إحياء الموات واستصلاح الأراضي وتعميرها؛ لأن في ذلك مصلحة للفرد والمجتمع، حيث يستفيد الأفراد من زراعة الأرض ومن السكن فيها، وحيث يزداد الإنتاج الزراعي فيكفل للمجتمع الحياة الرغدة، ويساعد علي التغلب علي بعض المشاكل التي يمكن أن يعاني منها كمشكلة التضخم السكاني ومشكلة الغذاء ومشكلة الأيدي العاملة، فاتساع الأراضي المزروعة يستلزم عاملة كثيرة.
                    ويختلف إحياء الأرض عن إقطاعها لشخص، فإحياء الأرض هو أخذ هذه الأرض بقصد استصلاحها، وبعد الاستصلاح تصير هذه الأرض ملكًا لمستصلحها، ولا يجوز انتزاعها منه أو التعدي عليها. سواء كان هذا الاستصلاح بإذن الحاكم أم بغير إذنه، فالإحياء سبب الملكية. أما الإقطاع فهو أن يقطع الحاكم العادل بعض الأفراد من الأرض الميتة والمعادن أو المياه للمصلحة، وقد أقطع رسول الله ( الصحابة، وأقطع من بعده الخلفاء الراشدون -رضي الله عنهم-.
                    فعن عمرو بن دينار قال: لما قدم النبي ( أقطع أبا بكر وأقطع عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما-.
                    ولا يجوز للحاكم أن يقطع أحدًا إلا ما يقدر علي إحيائه، لأن في إقطاعه أكثر من ذلك تضييقًا علي المسلمين.
                    وإقطاع الأرض لا يعني تملكها، وإنما يعني أن لمن أقطعت له الحق في الانتفاع بها وإن شاء الإمام أن يستردها في أي وقت جاز له ذلك لمصلحة يراها.
                    وقد حث النبي ( علي تعمير الأراضي واستصلاحها، فقال:"من أحيا أرضًا ميتة فهي له" [البخاري]. وقال: "من أعمر أرضًا ليست لأحد فهو أحق بها" [البخاري وأحمد والبيهقي].
                    ويشترط لاستصلاح الأرض ما يأتي:
                    1- أن تكون الأرض في بلاد المسلمين: فإن كانت بلاد غير المسلمين فلا يحق استصلاحها إلا بإذن أهل هذه البلاد.
                    2- ألا تكون الأرض المراد إحياؤها ملكًا لأحد: مسلمًا كان أو غير مسلم، فإذا تبين له بعد ذلك ملكيتها لأحد من الناس، فعليه أن يطلب منه مقابل استصلاحها أو يشتريها من صاحبها.
                    3- ألا تكون الأرض قريبة من العمران: فلا تكون مرفقًا من مرافقه. كالشوارع والحدائق والنوادي التي يجتمع فيها الناس وغير ذلك.
                    4- أن يكون الاستصلاح بإذن الحاكم أو نائبه: اتفق الفقهاء علي أن الإحياء سبب الملكية، ولكنهم اختلفوا في اشتراط إذن الحاكم، وأكثر العلماء علي أن من أحيا أرضًا فهي له ولورثته من بعده، وعلي الحاكم أن يسلم بملكيتها له، ولا يجوز له انتزاعها منه أو التعدي عليها، وذلك لقول رسول الله ( فيما رواه عنه جابر بن عبد الله:"من أحيا أرضًا ميتة فهي له"[البخاري].
                    فإذا توفرت هذه الشروط كان للرجل أن يبدأ في استصلاح الأرض والانتفاع بها وبما حولها من المرافق التي يحتاج إليها.
                    ولا بد من توفر النية لاستصلاح الأرض الموات لدي الراغب في الاستصلاح، والنية لا تتأكد بمجرد أن يقوم بتنقية الأرض من العشب والحشائش مثلاً وإنما تتأكد بزراعة الأرض أو بالبناء عليها أو ما شابه ذلك. وإذا ترك المستصلح الأرض ثلاث سنوات دون استصلاح؛ انتزعت منه، فقد أعطي النبي ( لقوم من جهينة أو مزينة (قبيلتان) قطعة أرض، فلم يستصلحوها، فجاء قوم آخرون فاستصلحوها. فتخاصموا إلي عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فقال: لو كانت مني أو من أبي بكر لرددتها (أخذتها)، ولكنها قطيعة (عطية)رسول الله ( ثم قال: من كانت له أرض ثم تركها ثلاث سنين فلم يعمرها وعمرها قوم آخرون فهم أحق بها.
                    وإن كانت الأرض التي أخذها المستصلح كبيرة فلم يستطع استصلاحها كلها؛ أخذ منه ما لم يستطع استصلاحه، وترك له ما استصلحه. فقد روي عن بلال بن الحارث أن رسول الله ( أقطعه العقيق (وادي بالمدينة المنورة) أجمع، فلما كان زمان عمر بن الخطاب قال لبلال: إن رسول الله ( لم يقطعك؛ لتحتجزه عن الناس، إنما أقطعك لتعمل، فخذ منها ما قدرت علي عمارته، ورد الباقي.[البيهقي].

                    تعليق


                    • #11
                      رد: موسوعه المعاملات اسلامية

                      المساقاة
                      مشروعية المساقاة:
                      ولم ترد تسمية المساقاة في القرآن والسنة، وقد شرعها الله لما فيها من مصلحة للمالك والمساقي، فقد ورد عن أبي هريرة: أن الأنصار قالت للنبي ( أقسم بيننا وبين إخواننا المهاجرين النخيل.
                      قال (:"لا". فقالوا: تكفونا المؤونة (العمل)، ونشرككم في الثمرة؟ قالوا: سمعنا وأطعنا. [البخاري].
                      فقد وافق الرسول ( علي أن يرعي المهاجرون نخيل إخوانهم الأنصار، في مقابل أن يأخذوا نصف ثماره، وهذه مساقاة.
                      شروط صحة المساقاة:
                      هناك شروط لصحة المساقاة، وهي:
                      1- أن يكون الشجر الذي سيقوم المساقي برعايته معلومًا؛ لأنه لا يصح أن يتعاقد رجلان علي شيء مجهول.
                      2- أن تحدد المدة التي سيقوم المساقي فيها برعاية الشجر.
                      3- أن يتم الاتفاق بين صاحب الشجر والمساقي قبل نضج الثما
                      4- أن يحدد نصيب المساقي قبل البدء في رعاية الشجر، كأن يتفقان علي أن يأخذ المساقي النصف أو الربع.
                      ما تكون فيه المساقاة وما يقوم به المساقي:
                      تجوز المساقاة في كل ما يحتاج إلي رعاية من سقي وتطهير من الحشائش وغيرها مثل النخيل والكروم وغيرهما..
                      ويقوم العامل بسقي الأشجار وتطهيرها من كل ما يضر بها من حشائش وحشرات ضارة، والمحافظة علي الثمار وقطفها بعد نضجها.ويتحمل العامل كل ما يحتاج إليه من أدوات رش الحشرات والمبيدات، وثمن السقي وغير ذلك، إلا إذا تطوع المالك بالمساعدة معه بأي شيء فله ذلك.
                      عجز العامل(المساقي) عن القيام برعاية الأشجار بنفسه:
                      إذا لم يستطع المساقي أن يقوم برعاية الأشجار بنفسه لمرض أو سفر مفاجئ، وكان المالك قد اشترط عليه أن يرعي الزرع بنفسه؛ بطل الاتفاق الذي بينهما، وإذا لم يكن المالك قد اشترط عليه ذلك؛ جاز له أن يستأجر من يقوم برعاية الأشجار بدلا عنه.
                      موت المالك:
                      إذا مات المالك حل ورثته محله، وتستمر المساقاة حتى تنتهي المدة المتفق عليها، ويأخذ المساقي نصيبه.
                      موت المساقي:
                      إذا مات المساقي قام ورثته برعاية الشجر بدلا عنه، ويأخذون نصيب أبيهم في الثمار، وإذا رفضوا العمل مكان أبيهم في رعاية الثمار فللمالك أو ورثته أن يتخذ أحد المواقف التالية:
                      1- قطع الثمار بعد نضجها وتقسيمها حسب الذي كان بين المساقي والمالك وإعطاء ورثة المساقي نصيب أبيهم
                      2- أن يعطي ورثة المساقي -في الحال- قيمة نصيب أبيهم من الثمر وهو ناضج -مالاً.
                      وفي النهاية عند نضج الثمار، توزع الثمار بين المالك والمساقي حسب الاتفاق الذي بينهما.
                      فسخ المساقاة:
                      تنفسخ المساقاة إذا مات أحد المتعاقدين، ويري الشافعي أنه يجوز للوارث إتمام العمل. والأولي أنه إذا مات أحد المتعاقدين انفسخ العقد، لأنه عقد عمل أساسه المهارة، كما أن أساس العقد الأمانة والرضا بين الطرفين أو ربما لا تتوفر في الورثة.
                      وينفسخ العقد في حياة المتعاقدين إذا ظهر عدم الأمانة، كما ينفسخ بانقضاء المدة المتفق عليها.
                      عمل السقا:
                      يلحق بالمساقاة عمل (السقا)، وهو نقل الماء من مصادره المباحة إلي المنازل، بغرض الانتفاع به نظير أجر حمل الماء ونقله لا بيعه، لأن الماء مملوك لجماعة المسلمين، وهذا العمل يدخل ضمن المساقاة من باب القياس.

                      تعليق


                      • #12
                        رد: موسوعه المعاملات اسلامية

                        الإجارة
                        مشروعية الإجارة:
                        شرع الإسلام الإجارة ليسهل علي الناس قضاء حوائجهم التي يحتاجون فيها إلي أشياء لا يملكونها، فيستأجر الإنسان بيتًا ليسكن فيه إن لم يستطع شراءه، ويستأجر الإنسان سيارة ليسافر بها إن كان لا يستطيع شراء سيارة وهكذا.
                        وقد يستأجر الإنسان شخصًا، فُيسمي ذلك الشخص (أجيرًا)، كأن يستأجر الإنسان خياطًا ليخيط له الثياب، أو مهندسًا ليبني له بيتًا. وهكذا فينتفع ذلك بالأجر الذي يحصل عليه. مثال من القرآن: استأجر الرجل الصالح من مدين موسي -عليه السلام- علي أن يعمل أجيرًا عنده لمدة ثماني سنين مقابل أن يزوجه إحدي ابنتيه، وقد أخبرنا القرآن عن ذلك، فقال علي لسان الرجل الصالح حينما كلمه موسي - عليه السلام- قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجر ني ثماني حجج.) [القصص: 27].
                        وتحديد المدة ليس شرطًا في جميع الإجارات، بل هو شرط في بعض دون بعض، فمن الإجارات ما لابد فيه من تعيين العمل دون المدة. كخياطة ثوب، أو زراعة أرض، أو ري زرع، ومنها ما لابد فيه من ذكر المدة دون العمل كسكني الدار، وركوب السيارة، ومنها ما لابد فيه من الأمرين معًا ذكر المدة والعمل كعمل الخادم والموظف ونحو ذلك.
                        شروط صحة الإجارة:
                        1- الأهلية: ألا يكون المستأجر أو المالك (المؤجر) سفيهًا أو مجنونًا أو صبيا غير راشد أومكرهًا علي الإجارة.
                        2- أن يحدد الشيء المراد استئجاره: كأن يري بالعين أو يصفه وصفًا دقيقًا.
                        وإن كان الشيء المؤجر أرضًا زراعية، حددت مساحتها والشيء الذي سيزرع (قمحًا أو ذرة ونحو ذلك) إلا أن يأذن المؤجر للمستأجر أن يزرع ما شاء.
                        3-ألا يستعمل الشيء المؤجر في شيء محرم، فلا يؤجر المحل؛ ليباع فيه الخمور أو يؤجر الرجل ليقتل رجلا آخر.
                        4-ألا تكون الإجارة لأداء شيء يجب علي المستأجر القيام به بنفسه، فلا يؤجر الرجل رجلاً ليصلي بدلا منه مثلاً. فإن كانت الإجارة لشيء لا يشترط فيه أن يؤديه المستأجر بنفسه جازت، فيجوز للرجل أن يستأجر رجلا ليعلم ابنه تلاوة القرآن، أو ليحفظه القرآن.
                        5- أن تكون الأجرة محددة ومتفق عليها قبل البدء في العمل، كأن يتفق المؤجر والأجير علي عشرة جنيهات مثلاِ مقابل خياطة الثوب إن كان الأجير خياطًا، أو مقابل الكشف الطبي عليه إن كان الأجير طبيبًا. وهكذا.
                        فعن أبي سعيد قال: "إذا استأجرت أجيرًا؛ فأعلمه أجره" [النسائي].
                        ويدفع للأجير أجره بمجرد انتهائه من العمل. قال ( :"أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه"[ابن ماجة]، إلا أن يكون المؤجر قد اتفق مع الأجير علي أن يعطيه أجره مقدمًا، أو أن يعطيه نصف الأجر، والنصف الآخر حين ميسرة، فذلك جائز ما دام قد اشترط المؤجر ذلك ووافق الأجير؛ فقد قال ( :"المسلمون عند شروطهم"[البخاري].
                        ومن استأجر أجيرًا لمدة معينة كعشرة أيام مثلًا في مقابل مبلغ معين مائة جنيه مثلًا؛ جاز أن يعطيه عن كل يوم يعمله عشرة جنيهات، لأن الأجرة إنما هي علي العمل. فلكل جزء من العمل جزء من الأجرة.
                        ومن استأجر دارًا أو شيئًا آخر؛ فله أن يؤجره لغيره بنفس الأجرة أو بأقل أو أكثر، ومن استأجر أجيرًا فللأجير أن يستأجر غيره لأداء العمل المؤجر له. فكل ذلك جائز ما لم يتعين ساكن الدار والأجير.
                        ما يجب علي المستأجر:
                        علي المستأجر أن يحافظ علي الشيء الذي استأجره، ولا يقصر في الحفاظ عليه، فإن بدأ العمل فيه فأتلفه أو ضيعه نتيجة تقصير منه، وكان هناك دليل علي ذلك وجب عليه التعويض، فالشيء المؤجر أمانة عنده، وعليه كذلك ألا يستعمل الشيء الذي استأجره في غير الغرض المتفق عليه أو فيما لا يصلح له الشيء المؤجر، وألا يزيد عن المدة المتفق عليها مع صاحب الشيء المؤجر، فإن أجر الإنسان آلة ما لساعة من الزمن فاستخدمها الساعتين وجب عليه التعويض، فيعطي صاحب الآلة إيجار الساعة الزائدة.
                        وعلي الأجير أن يتقن عمله أو صنعته علي أكمل وجه. قال ( :"إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملًا أن يتقنه"[البيهقي].
                        وعلي الأجير ألا يعمل لدي رجلٍ آخر غير الرجل الذي استأجره أثناء مدة الاستئجار، فإن فعل نقص من أجره بقدر عمله. وعلي المستأجر ألا يستعمل الشيء المؤجر فيما لا يصلح له وعلي المستأجر أن يرد ما استأجره بعد انتهاء مدة الإيجار، فإن كان آلة سلمها إلي صاحبها، وإن كان أرضًا سلمت خالية من الزرع، وإن كان بيتًا أو محلًا سلم خاليا من المتاع.

                        تعليق


                        • #13
                          رد: موسوعه المعاملات اسلامية

                          المضاربة
                          ورد أن عبد الله وعبيد الله ابني عمر بن الخطاب -رضي الله عنهم- خرجا في جيش العراق، فلما رجع أبو موسى الأشعري، وهو أمير علي البصرة، رحب بهما، وقال: هنا مال أريد أن أبعث به إلي أمير المؤمنين، فأسلفكما فتبتاعان (تشتريان) به متاعًا من العراق، ثم تبيعانه في المدينة، وتوفران رأس المال يأخذه أمير المؤمنين لبيت مال المسلمين، ويكون لكما ربحه، فقالا: رضينا. ففعل، ثم كتب إلي عمر أن يأخذ منهما المال، فلما قدما وباعا وربحا قال عمر: أكل الجيش قد أسلف كما أسلفكما فقالا: لا. فقال عمر: ابنا أمير المؤمنين فأسلفكما، أديا (أي) إدفعًا. المال وربحه،فسكت عبد الله ابن عمر، وتكلم عبيد الله، فقال: يا أمير المؤمنين لو هلك، لغنمناه فقال عمر: أديا المال. فقال رجل من الجلساء يا أمير المؤمنين لو جعلته مضاربة، فرضي عمر وأخذ رأس المال ونصف ربحه، وأخذ عبد الله وعبيد الله نصف ربح المال.[مالك والدارقطني].
                          المضاربة: هي أن يأتي رجل معه مال، إلي أخٍ مسلم ويعطيه ماله، فيتاجر به ويكون لصاحب المال نصف الربح أو أكثر أو أقل حسب الاتفاق وللمتاجر فيه الباقي.
                          وقد كانت هذه المضاربة قبل الإسلام، وأقرها الرسول ( لما فيها من مصلحة لصاحب المال وللذي يتاجر فيه.
                          شروط المضاربة:
                          1- أن يكون رأس المال أموالًا نقدية: فإن أعطي رجل أخاه شيئًا يبيعه ليتاجر بثمنه جاز ذلك.
                          2- ألا يكون رأس المال دينًا علي المتاجر به: فلا يحق صاحب دين علي رجل آخر أن يطلب منه أن يتاجر في الدين الذي عنده في مقابل أن يكون له نصف الربح أو أكثر أو أقل.
                          3- أن تحدد نسبة تقسيم الربح قبل البدء في المتاجرة برأس المال.
                          4- ألا يحدد وقت للمضاربة عند أكثر العلماء: فقد لا يربح المتاجر بالمال في هذه المدة، وقد لا يباع شيء إلا بعدها.
                          5- أن يستعمل المتاجر المال بنفسه: فلا يجوز له أن يعطي رأس المال لرجل غيره ليتاجر به.
                          إذا ضاع رأس المال من المتاجر به بسبب تقصير فيه أو إهمال تحمله المتاجر، فإذا ضاع المال أو تلف نتيجة حريق مثلا أو غيره فلا شيء عليه، ويقسم لصاحب المال أنه ما قصر في الحفاظ عليه وعلي صاحب المال أن يصدقه.
                          ما يفسخ به عقد المضاربة:
                          يفسخ عقد المضاربة في أي وقت يريد صاحب المال أو المتاجر، فإذا تم الفسخ، تباع السلعة ويأخذ صاحب المال ماله، ويقسم الربح بينهما حسب الاتفاق، وإن كان هناك خسارة تحملها الاثنان.
                          وإذا مات صاحب رأس المال فعلي المتاجر فيه أن يرجع إلي ورثة صاحب المال، فإذا وافقوا علي استمراره، وإلا أنهي المضاربة وأخذ نصيبه في الربح وأعطاهم رأس المال ونصيبهم في الربح.
                          وفي النهاية علي كل من صاحب المال والمتاجر فيه أن يتقي الله، فلا يبخس صاحب المال من المتاجر جزءًا من الربح مادام قد اتفقا، وعلي المتاجر ألا يخفي شيئًا من الربح لنفسه، دون إذن صاحب المال.

                          تعليق


                          • #14
                            رد: موسوعه المعاملات اسلامية

                            الحوالة
                            هي انتقال الدَّين من ذمة المدين إلي ذمة الملتزم بدفعه فتسمي بـ(الحوالة) أو الإحالة، وذلك بأن يكون لإنسان علي آخر دين، ويكون هذا المدين له دين علي رجل ثالث، فيقول الذي له عليه دين لي دين عند فلان، فيحيله عليه، فإن وافق المحيل، انتقل الدين من علي الذي نقل الدين إلي من هو له دين عنده.
                            وقد أجاز الإسلام الحوالة لأن فيها رحمة بالمدين، فربما يكون المدين غير قادرٍ علي سداد الدين فيدفعه عنه غيره، ولأن الدائن يحصل علي حقه، ولا يضيع عليه بعدم قدرة المدين علي السداد، ولذلك يستحب للدائن قبول الحوالة. قال (:"مطلُ الغني ظلم، وإذا أُتبع أحدكم علي ملي فليتبع"[متفق عليه] والمليُّ: هو الثري أو الغني، والمقصود بقوله (إذا أتبع أحدكم علي ملي فليتبع) أي: أنه إذا أُحيل الدائن علي ثري قادرٍ علي سداد الدين فليقبل.
                            ولصحة الحوالة شروط هي:
                            1- أن يكون كل من المحيل والمحال عليه ممن لهم أهلية التصرف، فلا يكون أحدهم مجنونًا أو صبيا صغيرًا.
                            2- رضا المحيل دون المحال والمحال عليه: فإن أكره أحدهما علي الإحالة كانت غير صحيحة. ويشترط بعض الفقهاء رضا المحال عليه خاصة إذا كان عليه دين للمحيل.
                            3- أن يكون المحال عليه غنيا حتى يستطيع سداد الدين.
                            4- أن يتماثل ما سيأخذه المحال من المحال عليه مع الدين الذي علي المحيل في النوع والمقدار والجودة. فإذا كان الدين عشرة جرامات من الذهب عيار واحد وعشرين، وجب أن يعطي المحال عليه للدائن عشرة جرامات من الذهب عيار واحد وعشرين، فلا يعطيه خمسة جرامات أو يعطيه فضة أو يعطيه ذهبًا عيار ثمانية عشر إلا أن يتفق المحال عليه مع المحال، علي أن يعطيه ما يعادل الدين، كأن يعطيه قيمة الدين نقدًا، أو شيئًا في نفس قيمة الدين.
                            فإذا استوفت الحوالة هذه الشروط يكون المحيل (المدين) بذلك قد وفي المحال (الدائن) حقه مادام قد رضي بها، ولا يحق له الرجوع للمحيل ومطالبته بالدين عند جمهور الفقهاء فإذا مات المحال عليه قبل أن يوفي المحيل حقه، أو أفلس ولم يعد لديه المال لسداد الدين، أو أنكر الحوالة ولم يكن للمحال دليل علي الحوالة أو اكتشف المحال أن المحال عليه فقير أو غير قادر علي سداد الدين، وأن المحيل (المدين) قد خدعه، كان للمحال (الدائن) حق الرجوع إلي المحيل ومطالبته بالدين عند بعض الفقهاء.

                            تعليق


                            • #15
                              رد: موسوعه المعاملات اسلامية

                              الشفعة
                              تعريف حق الشفعة:
                              الشفعة هي حق الشريك في شراء نصيب شريكه فيما هو قابل للقسمة، حتى لا يلحق الشريك ضرر. وإن كان هناك شركاء كثيرون اشتركوا جميعًا في هذا الحق، فلا يجوز البيع لأحدهم دون الباقين.
                              مشروعية الشفعة:
                              والشفعة جائزة، فقد ورد عن جابر -رضي الله عنه- قال: قضي النبي ( بالشفعة في كل شركة تقسم: ربعة (منزل)، أو حائط (بستان)، لا يحل له (للشريك) أن يبيع (نصيبه) حتى يؤذن (يعلم) شريكه، فإن شاء أخذ، وإن شاء ترك، فإن باع ولم يؤذنه فهو أحق به [مسلم].
                              حكم استئذان الشريك قبل البيع:
                              واستئذان الشريك قبل البيع واجب، وقيل: مستحب. وقيل: إن عدم إعلامه مكروه، بل إن للحاكم الحق في القضاء بالشفعة من الشركاء للشفيع إذا لجأ إليه.
                              من تحق له الشفعة:
                              يري جمهور الفقهاء: أن الشفعة تحق للمسلم والذمي (اليهودي والنصراني)، الذي يكون بينه وبين المسلمين عهد أو أمان، ورأي بعض الفقهاء أنه لا تجوز الشفعة للنصارى، قال رسول الله (: "لا شفعة لنصراني"[الدار قطني].
                              شروط الشفعة:
                              1- أن يكون الشفيع شريكًا في المشفوع منه، وأن تكون الشركة لم تقسم.
                              2- ألا تكون الشفعة في منقول كالثياب والحيوان، وإنما تكون في المشاع من أرض ودور، لأن في المشاع يتصور الضرر.
                              الشفعة بعد تقسيم الشركة:
                              إذا قسمت الشركة فللفقهاء آراء في جواز الشفعة.
                              فمنهم من قال: إذا قسمت الشركة، ووضعت الحدود، وعلم كل منهم حقه، فلا شفعة. واستدلوا علي ذلك بقول جابر -رضي الله عنه-: قضي النبي ( بالشفعة من كل ما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود، وصرفت الطرق فلا شفعة.[الجماعة إلا مسلمًا].
                              وقال بعض الفقهاء تجوز الشفعة للشريك بعد تقسيم التركة بشرط أن يكون قد بقي شيء، ويشتركان في الانتفاع به بعد التقسيم.
                              وفريق ثالث من الفقهاء قال: إنه تجوز الشفعة للجار الملاصق، واستدلوا بقول رسول الله ( :"جار الدار أحق بدار الجار أو الأرض"[أبو داود والترمذي].
                              مطالبة الشريك بحق الشفعة بعد البيع لغيره وهو يعلم.
                              وإذا باع الشريك نصيبه لغير شريكه، علم الشريك لكنه سكت ثم جاء بعد مدة وطالب حق الشفعة، فلا شفعة له، وقال آخرون: إن حقه لا يسقط في الشفعة،ولو مرت سنوات عديدة.
                              وإذا عرض الشفيع علي شريكه مبلغًا أقل:
                              ومن شروط الشفعة ألا يشتري الشفيع بثمن أقل من الثمن المعروض بالأسواق، فإذا باع الرجل نصيبه بثمن ما، ثم جاء شريكه يطالب بحق الشفعة، فيلزمه أن يشتري بالثمن الذي عرضه أو يزيد عليه.
                              وإذا عجز الشفيع عن شراء نصيب شريكه، دفع الثمن بالتقسيط أو يؤخره شريكه حتى يستطيع السداد، فإن عجز عن ذلك أيضًا؛ سقط حقه في الشفعة.
                              سقوط حق الشفيع في الشفعة:
                              يسقط حق الشفيع في الشفعة إذا أراد شراء جزء من نصيب الشركة فقط، لأنه من شروط الشفعة أن يشتري الشفيع المشفوع فيه كله، كما يسقط حقه إذا قال شريكه إنه ليس له رغبة في شراء نصيبه.
                              وكذلك يسقط حق الشفعة إذا مات الشفيع، وبالتالي لا يجوز لورثته أن يطالبوا بالشفعة إلا إذا كان الشفيع قد طالب بحقه في الشفعة؛ قبل موته فتجب له، وذلك لأن عقد الشركة ينتهي بموت أحد الشريكين، فينتهي تبعًا له حق الشفعة لأنه سبحانه جعل هذا الحق للشفيع بالاختيار والاختيار لا يورث.
                              وحق الشفعة لا يباع ولا يوهب، فليس له من وجبت الشفعة أن يبيعها أو يهبها، لأن البيع والهبة منه فينفي هدف الشفعة وهو الضرر الذي يلحق به.
                              ما تكون فيه الشفعة:
                              تعددت آراء الفقهاء فيما تكون فيه الشفعة، فمنهم من رأي أنها تكون في العقارات فقط، مثل: الدار، والأرض ونحو ذلك، وذلك لما روي عن جابر -رضي الله عنه- أن النبي ( قضي بالشفعة في كل شركة لم تقسم: ربعة أو حائط. [مسلم]. والربعة هي المنزل، والحائط هو البستان.
                              ورأي بعض الفقهاء أن الشفعة تكون في كل شيء لقول رسول الله ? ?شرك في أرض، أو ربع، أو حائط، لا يصلح له أن يبيع حتى يعرض علي شريكه، فيأخذ أو يدع، فإن أبي فشريكه أحق به حتى يؤذنه [مسلم وأبو داود والنسائي].
                              وهناك من قال إن الشفعة تكون في الموهوب بدون عوض (الهدايا) وفي الموروث، وفي الموصي به.

                              تعليق

                              يعمل...
                              X