البرتغال لن تكون الأخيرة .. إسبانيا التالية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • البرتغال لن تكون الأخيرة .. إسبانيا التالية

    لدى السياسيين الأوروبيين كل الحوافز لتأجيل حل الأزمات إلى ما لا نهاية ــــ هذا ما جادلت به في الأسبوع الماضي. وفي أثناء ذلك يستمر تراكم الديون على عدد من البلدان الطرفية في منطقة اليورو. يوم الأربعاء الماضي قبلت البرتغال أخيراً، الأمر الحتمي وطلبت إنقاذاً مالياً. وسارع المسؤولون الأوروبيون إلى الإعلان عن أن هذا سيكون الإنقاذ الأخير. وأقنع الجميع في بروكسل أنفسهم بأن إسبانيا ستكون آمنة.

    يوم الخميس رفع البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة ربع نقطة مئوية إلى 1.25 في المائة. وهذه خطوة لقيت تغطية جيدة، لكن هناك خطوات أكثر لاحقة. وأتوقع أن يرتفع معدل الفائدة الرئيس من جانب البنك المركزي الأوروبي إلى 2 في المائة في نهاية العام الحالي، وإلى 3 في المائة عام 2013. وبينما ينسجم هذا المنحنى مع هدف التضخم الخاص بالبنك المركزي الأوروبي، إلا أنه ستكون له عواقب سلبية على إسبانيا بالذات. وإذا أنحينا جانباً التأثير المباشر في النمو الاقتصادي، فإن معدلات الفائدة الأعلى تضرب سوق العقارات الإسبانية. ومعظم الرهون العقارية الإسبانية قائم على معدل سنة واحدة من أموال سوق Euribor، الذي هو الآن قريب من 2 في المائة، كما أنه في تصاعد.

    كانت لدى إسبانيا فقاعات عقارات كبرى قبل الأزمة. وخلافاً لما حدث في الولايات المتحدة وإيرلندا، هبطت الأسعار لغاية الآن بشكل معتدل. ووفقاً لبيانات من بنك التسويات الدولية ارتفعت الأسعار الحقيقية للمنازل في إسبانيا ـــــــ سعر المتر المربع معدلاً بانكماشات الاستهلاك الشخصي ــــــ بنسبة 106 في المائة منذ بداية الاتحاد النقدي حتى ذروة عام 2007. وتراجعت بعد ذلك بنسبة 18 في المائة حتى نهاية عام 2010. ومثل هذه الحسابات حساسة بالنسبة إلى تاريخ البداية، لكن أسعار العقارات الإسبانية كانت مستقرة تقريباً خلال التسعينيات، ولذلك هذه نقطة بداية آمنة.

    أين تتوقف؟ أتوقع أن كل تلك الزيادات سينعكس اتجاهها. وستبلغ ذروة التراجع عن القمة أكثر من 50 في المائة، كما أن الأسعار ستهبط 40 في المائة أخرى عن المستوى الحالي. فهل تلك فرضية معقولة؟ لقد بقيت أسعار المنازل راكدة في الولايات المتحدة خلال معظم القرن العشرين. ولا يفترض أن يؤدي ازدياد الطلب، من خلال الهجرة مثلا، إلى التأثير في مستوى الأسعار طالما يمكن لجانب العرض أن يعدّل ذلك.

    الوضع مختلف بالنسبة إلى البلدان ذات القيود الطبيعية، أو المصطنعة على العرض، مثل المملكة المتحدة. غير أن إسبانيا أقرب إلى الولايات المتحدة فيما يتعلق بجانب العرض. وما زال علي أن أستمع إلى سبب ذكي يخبرني بأنه يجب أن تكون أسعار المنازل الفعلية في إسبانيا أعلى في الوقت الراهن مما كانت عليه قبل عشر سنوات، ولماذا يفترض أن تواصل الارتفاع.

    إن أهم إحصائية لسوق الإسكان في إسبانيا هي عدد العقارات الفارغة الذي يبلغ نحو مليون، ما يعني أن السوق تعاني فائض عرض لعدة سنوات. وسيكون ذلك محركاً لمزيد من تراجع الأسعار. وفي ظل التوتر القائم في النظام ــــــ من انكماش، وبطالة مرتفعة، وقطاع مالي ضعيف، وأسعار نفط أعلى، وأسعار فائدة متصاعدة ـــــــ يمكن أن يتوقع المرء أن تتراجع أسعار المنازل دون خط الاتجاه الأفقي.

    إن من شأن تراجع أسعار المنازل وزيادة دفعات الرهون العقارية أن تزيد معدلات الديون المستحقة وكذلك عدد حالات المصادرة. وسيؤثر هذا في ميزانيات بنوك الادخار الإسبانية. وبينما ترتفع معدلات حالات العجز، فإن نظام بنوك الادخار سيحتاج إلى إعادة رسملة لتغطية الخسائر. وتقدر الحكومة الإسبانية أن تكون متطلبات إعادة الرسملة دون 20 مليار يورو، بينما تشير تقديرات أخرى إلى رقم يراوح بين 50 و100 مليار يورو. والأصول الأكثر عرضة للمخاطر هي القروض المقدمة إلى قطاع الإنشاءات والعقارات ــــــ 439 مليار يورو في نهاية عام 2010. ولدى البنوك الإسبانية كذلك نحو 100 مليار يورو من التعاملات مع البرتغال، الأمر الذي يمثل مصدراً إضافياً للمخاطر.

    والأنباء الجيدة هي أنه حتى مع سيناريو الحالة الأسوأ تظل إسبانيا ذات ملاءة. وكانت نسبة الدين العام الإسباني إلى الناتج المحلي الإجمالي 62 في المائة في نهاية عام 2010. وتتوقع إيرنست آند يونج في أحدث تقديراتها لمنطقة اليورو، أن ترتفع نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 72 في المائة بحلول عام 2115 ــــــ أي أقل من المستوى في ألمانيا وفرنسا.

    غير أن نسبة ديون القطاع الخاص الإسباني إلى الناتج المحلي الإجمالي تبلغ 170 في المائة. وبلغ عجز الميزان الجاري ذروته عند 10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي عام 2008، لكنه يظل مرتفعاً على نحو غير مستدام، بمعدلات متوقعة تزيد على 3 في المائة حتى عام 2015. ويعني ذلك أن إسبانيا ستستمر في مراكمة الدين الأجنبي الصافي. وكان مركز الاستثمارات الدولية الصافية لإسبانيا ـــــــ الفرق بين الأصول المالية الخارجية والمطلوبات الخارجية ـــــــ 926 مليار يورو (سلبي) في نهاية عام 2010، حسب بيانات بنك إسبانيا. ويقارب هذا 90 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

    وإذا ثبت أن حدسي بخصوص الممتلكات الإسبانية صحيح، فإني أتوقع أن يحتاج القطاع المصرفي الإسباني إلى رأسمال أكثر مما يقدّر حالياً. ومن الصعب معرفة المبلغ؛ لأننا خارج نطاق نماذج التوقع. وحين تتراجع الأسعار بشكل سريع للغاية سيكون هناك كثير من الضغوط الداخلية التي لا يمكن لأي اختبار تحمل الإحاطة بها.

    إن مزيجاً من المديونية الخارجية، وهشاشة النظام المالي، واحتمال مزيد من التراجع في أسعار الأصول، يزيد من إمكانية حدوث شح في التمويل عند نقطة معينة. ويعني ذلك أن إسبانيا ستكون البلد التالي الذي يسعى إلى الحصول على مساعدة مالية من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي. وبالنسبة إلى العدد الكبير من البيانات الرسمية القائلة إن إسبانيا آمنة، أعتقد أنها مجرد مقياس للرضا عن الذات الذي اتسمت به الأزمة الأوروبية منذ بدايتها.



يعمل...
X