ما زال بإمكان القروض بالغة الصِغر إنهاء الفقر في العالم

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ما زال بإمكان القروض بالغة الصِغر إنهاء الفقر في العالم



    باسم حماية الفقراء في الهند، تسببت حكومة ولاية أندرا براديش في اضطراب عميق في مجال التمويل بالغ الصِغر. هناك قانون جديد يشير بوضوح إلى أنه ليس من الضروري أن يسدد المقترضون القروض بالغة الصِغر. وليس من المستغرب أن يؤدي هذا الأمر إلى حالات تخلف عن السداد على نطاق واسع، أوقعت هذه الصناعة في الهند في أزمة قد لا تنجو منها. ولهذا عواقب على التمويل بالغ الصِغر في جميع أنحاء العالم.


    نتيجة لذلك يتنامى شعور بأن التمويل بالغ الصِغر بحد ذاته فكرة خاطئة. وأشار بعضهم إلى أوجه تشابه بين هذه الأزمة وكارثة القروض العقارية لضعاف الملاءة، إلا أن هذا مضلل بشكل كبير. فمؤسسات التمويل بالغ الصِغر تركز في المقام الأول على تجنب التخلف عن السداد. وكانت معدلات التخلف عن السداد في الهند قريبة من الصفر، الأمر الذي يعكس الثقة التي بنيت على مدى سنوات عديدة. فإذا تم تشجيع المقترضين على التخلف عن السداد بشكل جماعي، سينهار النظام وسيختفي منتج مالي مهم للغاية. باختصار، هذه أزمة ناجمة عن تدخل الحكومة، وليست لعيوب في التمويل بالغ الصِغر بحد ذاته.


    إذا انهار هذا القطاع، ستتكبد البنوك الهندية خسائر، في حين أن الجهود المجدية تجارياً لإقراض الفقراء بأسعار معقولة ستتعرض لنكسة كبيرة لسنوات مقبلة. وسيكتشف العملاء أن من الممكن أن لا يسددوا قروضهم. وستدرك البنوك أن التعامل مع الفقراء أكثر خطورة مما يجب. وسيضطر فقراء الهند، مرة أخرى، إلى الاعتماد إما على جهود القطاع العام الفاشلة على الصعيد المالي، وإما على مقرضي الأموال. ومن الممكن أيضاً أن تتسبب الأزمة في هروب رأس المال من دول أخرى أيضا، مما يهدد قطاعاً يخدم حالياً أكثر من 200 مليون مقترض فقير في جميع أنحاء العالم.


    التمويل بالغ الصِغر يلبي حاجة ملحة في الدول النامية: تقديم الخدمات المالية لأصحاب الدخل المنخفض الذين لا يستطيعون الحصول على الخدمات المصرفية الرسمية. وهو ليس حلاً سحرياً يضمن إنهاء الفقر، كما يُزعم أحياناً، إلا أن الدراسات أظهرت أدلة صحيحة على أنه يسمح لكثير من أشد الناس فقراً في العالم بتطوير الأعمال، والتأمين ضد الأحوال الجوية السيئة والمرض، والحفاظ على الوظائف، وتسهيل الاستهلاك. والابتكار الرئيسي له ليس إقراض الفقراء فحسب، بل إقراضهم بأسعار فائدة أقل من مقرضي المال الرسميين. ويمكن أن يكون التمويل بالغ الصِغر مربحاً، إلا أن أرباحه، على الأقل في جنوبي آسيا، تأتي أساساً من الأحجام الكبيرة، وليس من المبالغ الكبيرة التي تضاف على التكلفة.


    ولا شك أن صناعة التمويل بالغ الصِغر في الهند لها مشاكلها. فمؤسسات التمويل بالغ الصِغر تفرض فوائد تراوح بين 18 و35 في المائة. وتبدو هذه أعلى من البنوك العادية، الأمر الذي يوجد انطباعا بأن التمويل بالغ الصِغر غير منصف. لكن حدة هذا الانطباع تخف مع الحقيقة القائلة إن أسعار الفائدة الخاصة بالبطاقات الائتمانية مماثلة. وعلى أية حال، تكاليف إقراض كميات صغيرة لأعداد هائلة من الفقراء الذين ليست لديهم ضمانات أو سجلات ائتمانية موثوقة عالية في كل الأحوال، ولهذا غالبا ما يتم استبعادهم من قنوات الائتمان الرسمية. والتمويل بالغ الصِغر يوفر إمكانية الحصول على القروض بأسعار فائدة أقل بكثير من السوق غير الرسمية، التي تراوح أسعارها بين 30 و120 في المائة.


    وترتبط مشاكل أخرى في مجال التمويل بالغ الصِغر بنموه السريع. ويتم منح المسؤولين عن القروض حوافز مالية لتجنيد مزيد من العملاء، ولهذا يمكن ألا يدرسون أوضاعهم على نحو كاف. وتشير الأدلة المروية إلى أن فرط مديونية العملاء مشكلة، في حين هناك أيضاً إشاعات تشير إلى حالات انتحار مرتبطة بالديون. لكن على الرغم من أن هذه المشاكل مأساوية، علينا أن نتذكر أن المديونية الريفية هي في الغالب مشكلة ناجمة عن قروض من مصادر غير التمويل بالغ الصِغر، وبالتحديد عن طريق إقراض المال بالطريقة التقليدية.


    الآن يجب أن تكون الأولوية هي وقف الأزمة الحالية. وينبغي على ولاية أندرا براديش سحب مرسومها. ويحتاج التمويل بالغ الصِغر أيضاً إلى تنظيم أفضل، إلا أن التركيز الأساسي يجب ألاّ يحد من الفائدة، أو الأرباح. وبدلا من ذلك، يجب أن يؤدي إلى إصلاح القوانين لمساعدة مؤسسات التمويل بالغ الصِغر على دراسة أوضاع المقترضين على نحو أفضل، وبالتالي خفض التكاليف. وقد تساعد مبادرات أخرى أيضاً، مثل الوسائل الجديدة للتحقيق في شكاوى العملاء وتحسين إنفاذ قواعد السلوك للمسؤولين عن القروض.


    وحين يعمل التمويل بالغ الصِغر على نحو صحيح يمكن أن يكون مربحاً للجميع. ويجب أن تكون المؤسسات أكثر يقظة في إقراضها ـــ لكن يجب أن يكون السياسيون أيضا أكثر حذراً. فعن طريق استهداف التجاوز العرضي، ربما يدمرون عن غير قصد، التمويل بالغ الصِغر نفسه. وربما يكون هذا الأمر مضراً بفقراء العالم وآمالهم في الخروج من الفقر.




    الكاتب أستاذ اقتصاد في جامعة بوسطن. وشارك في كتابة هذا المقال ثمانية أساتذة اقتصاد آخرون: براناب باردهان (بيركلي)، وراغورام راجان (شيكاغو)، وإريكا فيلد وروهيني باندي (هارفارد)، وأبهيجيت بانيرجي واستير دوفلو (معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا)؛ ودين كارلان (يال).

    (حسبي الله لا اله الا هو عليه توكلت و هو رب العرش العظيم)

يعمل...
X