الصين ليست نهاية القصة .. الهند فصل آخر في الطريق

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الصين ليست نهاية القصة .. الهند فصل آخر في الطريق

    أخذ مركز الاقتصاد العالمي يتحول نحو آسيا. وهذا يوفر فرصاً جديدة ويطرح كذلك تحديات جديدة للبلدان ذات الدخل العالي وللاقتصادات الناشئة كالبرازيل.

    في حالة البرازيل، الفرص واضحة لأن ميزة الصين النسبية في التصنيع تعتبر مكملة لميزة البرازيل النسبية في السلع. لكن التحديات بالنسبة للبرازيل كبيرة كما هي الفرص. والمصدر الديناميكي للطلب على السلع البرازيلية يعتبر أمراً جيداً، لكن تراجع التصنيع ليس بالأمر الجيد.


    إن سرعة وحجم صعود الصين يحبسان الأنفاس. ففي عام 1990 كانت حصتها في التجارة العالمية (مجمل الصادرات والواردات) 2 في المائة فقط. وفي 2004 كانت أقل من 4 في المائة. وبحلول 2010 وصلت إلى 10 في المائة. وارتفعت حصتها في الصادرات العالمية بسرعة تفوق حتى هذا، بصعودها من 2 في المائة عام 1990 إلى ما يقارب 11 في المائة عام 2010.


    ومن المدهش أن الصين تعتبر سوقاً أهم للبرازيل من الولايات المتحدة. فقد قفزت حصة السوق الصينية من صادرات البرازيل التجارية من 2 في المائة عام 1990 إلى 5 في المائة في منتصف العقد الماضي، ثم إلى 15 في المائة عام 2010.


    وفي 2002 امتصت السوق الأمريكية ما نسبته 26 في المائة من صادرات البرازيل. وبحلول عام 2010 انخفضت حصة السوق الأمريكية إلى 10 في المائة فقط. وحصة السوق الصينية في صادرات البرازيل لا تقل حتى الآن عن حصة كامل الاتحاد الأوروبي الذي امتص ما نسبته 21 في المائة من صادرات البرازيل عام 2010، انخفاضاً من نحو 25 في المائة عام 2007.


    وهيمنت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على مفاوضات التجارة العالمية لعقود، لأن سوقيهما كانتا أكبر بكثير من أسواق القوى الاقتصادية الأخرى. ولم يعد هذا صحيحاً الآن.


    لكن أثر الصين على البرازيل ليس فقط مسألة حجم، رغم أهمية ذلك، بل مسألة تكوين أيضا. فلدى الصين اقتصاد مفتوح وكبير وسريع النمو، لكنها أيضاً بلد متوسط الدخل لديه عرض ضخم من العمالة الرخيصة. ويعمل قدومها قوة اقتصادية عالمية على تغيير نمط التجارة والإنتاج العالميين: وبشكل خاص، فهي تخفض أسعار المصنوعات التي تتطلب عمالة كثيفة نسبياً وترفع أسعار السلع.


    هذان الأثران المتلازمان لدخول الصين في الاقتصاد العالمي لهما أيضاً أهمية كبيرة بالنسبة للبرازيل. وهكذا فإن السمة الأبرز للتجارة البرازيلية هي التحول في تكوينها نحو نمط يقرنه المرء عادة باقتصاد أقل تقدماً. فقد ارتفعت حصة السلع الرئيسية في صادرات البلد من 22 في المائة في بداية العقد الأخير إلى 46 في المائة في الإثني عشر شهراً حتى نهاية نيسان (أبريل) 2011. وإذا أضفنا إلى ذلك المنتجات نصف المصنعة، تكون الحصة قد وصلت إلى 60 في المائة. في هذه الأثناء، انخفضت حصة المصنوعات من 58 في المائة من الصادرات في بداية الألفية إلى 38 في المائة فقط في الإثني عشر شهراً حتى نيسان (أبريل) 2011.


    وسار التحول في تكوين صادرات البرازيل جنباً إلى جنب مع تحسن كبير في شروط البلد التجارية - سعر صادرتها نسبة إلى وارداتها. وهكذا، في آذار (مارس) 2011، كانت شروطها التجارية حول متوسط مستواها البالغ 30 في المائة منذ بداية تسعينيات القرن الماضي، وأعلى بنسبة 34 في المائة مما كانت عليه في أوائل عام 2003.


    إن أثر الصين النهائي على تجارة البرازيل يأتي عبر دورها فيما وصفه وزير المالية البرازيلي، جايدو مانتيجا، في العام الماضي بـ ''حرب عملات دولية''. ومع معاناة الاقتصادات المتقدمة من تدني أسعار الفائدة ومن متاعب مالية، تنهال الأموال على الاقتصادات الناشئة التي لديها آفاق مشرقة. وتتسبب تدخلات الصين الواسعة في العملة في انحراف أثر ذلك التدفق باتجاه بلدان أخرى منها البرازيل.


    وكانت التأرجحات في القيمة الحقيقية لعملة البرازيل كبيرة بالتأكيد. ففي الفترة بين أيار (مايو) 2004 ونيسان (أبريل) 2011، ارتفع سعر الصرف الحقيقي المرجح تجارياً للبرازيل وفقاً لحسابات بنك جيه بي مورجان، بنسبة 119 في المائة، بينما ارتفع سعر الصرف الحقيقي للصين بنسبة 20 في المائة فقط خلال الفترة نفسها. وكانت البرازيل وما زالت تخسر القدرة على المنافسة الخارجية بدرجة مذهلة ومزعجة.


    باختصار، كان لنهوض الصين فعلاً أثر كبير على البرازيل ومن المرجح أن يكون له تأثير أكبر حتى في الأعوام المقبلة. فقد حولت اتجاه وتكوين تجارة البرازيل، ولعبت دوراً في تحسين شروط البلد التجارية، ومن المحتمل أن تكون قد لعبت كذلك دوراً كبيراً في ارتفاع سعر الصرف الحقيقي للريال البرازيلي.


    وبالنسبة لصانعي السياسات البرازيليين يتمثل التحدي المقبل في وضع بلدهم في مركز يمكنه من الاستفادة من الفرص التجارية التي تحسنت كثيراً، وفي الوقت نفسه الحؤول دون حدوث تقلص كبير في المجال الصناعة التحويلية للبلد.


    ولن تكون البرازيل قادرة على المنافسة في صادرات المصنوعات التي تتطلب عمالة كثيفة قط، لكن نظراً لكونها بلداً متوسط الدخل يجب عليها أن تتمكن من توسعة حضورها في عمليات التصنيع المتقدمة.


    ومن المتوقع أن يصبح الضغط من الصين الصاعدة أشد ضراوة. وليست الصين نهاية القصة، فمن المرجح أن تصبح الهند أيضاً مصدراً متنامياً للمنافسة بالنسبة للشركات البرازيلية. لكن هذا تحدياً ينبغي على البرازيل أن تواجهه إذا أرادت أن تولد الارتفاع المستدام في المداخيل ـ الذي يحتاج إليه سكانها.
يعمل...
X