العدل أساس الحكم

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • العدل أساس الحكم

    العدل أساس الحكم


    بقلم: أ. د. محروس حسين عبد الجواد (عضو هيئة كبار علماء الجمعية الشرعية)




    إن العدل أساس الحكم وأساس العزة والقوة والمنعة، وإذا ضاع العدل فى الأمة كان الخسار والدمار السريع الشنيع، ولقد جاء فى الآثار "دولة الظلم ساعة ودولة العدل إلى قيام الساعة"، إنه عندما يتحقق العدل يعيش الناس فى أمن وسلام ووئام، ينام كل إنسان وهو مطمئن على نفسه وعلى أهله وعلى أمواله يجهر بقول الحق فى كل مكان غير خائف ولا وجل من ظلم حاكم أو محكومين.

    إن الحق سبحانه وتعالى من أسمائه الحسنى وصفاته العلى "العدل" فالذين يعدلون فى حكمهم بين الناس- كل فى موقعه- إنما يتحلون ويتخلقون بخلق طيب وجميل إنهم يتخلقون بصفة من صفات الله ولله المثل الأعلى.. ومن هنا وردت آيات كثيرة تدعو إلى العدل وتبين أن العدل أساس الحكم.

    قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُم أَن تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِى الأَمْرِ مِنْكُم فَإِن تَنَازَعْتُم فِى شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُم تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) (النساء:58،59)، وقال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِى الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَن الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُم لَعَلَّكُم تَذَكَّرُونَ) (النحل:90).

    وفى سورة الرحمن نادى الحق خلقه بأن يحكموا بالعدل وأن يزنوا بالقسط أى بالعدل وأن لا يطففوا فى الميزان فقال تعالى: (وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ أَلاَّ تَطْغَوْا فِى الْمِيزَانِ وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ) (الرحمن:7،8،9).

    إن الحق سبحانه وتعالى دعا رسوله صلى الله عليه وسلم أن يحكم بالقسط أى بالعدل فى أكثر من آية من آيات الذكر الحكيم منها حتى مع غير المسلمين، فلو تحاكم إليه اليهود ليقضى بينهم، فعليه أن يحكم بينهم بالقسط أى بالعدل قال تعالى عن اليهود: (سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِن جَاءُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُم أَو أَعْرِض عَنْهُم وَإِن تُعْرِض عَنْهُم فَلَن يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِن حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) (المائدة:42).

    ولقد أمر الحق سبحانه وتعالى عباده المؤمنين أن يحكموا بالقسط وأن يحققوا العدل بين الناس إذ أمر سبحانه عباده المؤمنين بالقسطاس المستقيم.

    قال تعالى: (قُل أَمَرَ رَبِّى بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُم عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُم تَعُودُونَ) (الأعراف:29).

    قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُم شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) (المائدة:8).. وقال تعالى: (أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلا تَكُونُوا مِن الْمُخْسِرِينَ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُم وَلا تَعْثَوْا فِى الأَرْضِ مُفْسِدِينَ) (الشعراء:181-183).

    أما الأحاديث التى وردت فى العدل فهى أكثر من أى تحصى منها على سبيل المثال لا الحصر. قال صلى الله عليه وسلم: "إن المقسطين على منابر من نور يوم القيامة الذين يعدلون فى أهليهم وذويهم وما وُلّوا.. وقال صلى الله عليه وسلم: "لقد أهلك من كان قبلكم أنهم إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، والذى نفسى بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد بن عبد الله يدها".

    وفى يوم جاءته صلى الله عليه وسلم عطايا فقسمها بين أصحابه فقال رجل: اعدل يا رسول الله فقال صلى الله عليه وسلم: "من يعدل إذا لم أعدل؟! لقد خبتُ وخسرتُ إذا لم أعدل".

    عدل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه من بعده

    لقد ضرب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه من بعده المثل فى العدل، فها هو أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يحكم بالعدل فى رعيته فينام قرير العين تحت شجرة من غير حرس ولا سلاح حتى يراه رجل فى هذه الحالة فيقول: حكمت فعدلت فأمنت فنمت يا عمر.. والأمثلة فى عدل سيدنا عمر رضى الله عنه لا حصر لها.

    وهذا على كرم الله وجهه عندما يتخاصم إلى القاضى مع يهودى ينادى القاضى على علىّ: يا أمير المؤمنين يا أبا الحسن، ولكن ينادى على اليهودي باسمه.. فيقول علىّ رضى الله عنه: والله ما عدلت، كنّيتنى فقلت يا أبا الحسن وناديت الرجل باسمه والله ما عدلت.

    ولما طعنه عبد الرحمن بن ملجم أحد الخوارج قال علىّ وهو فى سكرات الموت: إن عشت فشأنى به وإن مت فاقتلوه ولا تقتلوا غيره.

    وأما عمر بن عبد العزيز فحدث عن عدله وأشد به فى كل مكان فهو الأمير الذى يوم أن تولى رعت الذئاب مع الأغنام وجاء الرعاة يقولون لقد تولى الليلة أمير عادل. أصلح الله به الرعية فأصلح الله بين الذئاب والأغنام.

    لقد دخلوا عليه أولاده العشرة عند موته وكلهم دون البلوغ ليوصى لهم بشىء فنظر إليهم وقال: يا بنى إنكم أحد رجلين: رجل صالح فالله يتولى الصالحين؛ ورجل طالح فلا أعطيه من مال الله ما يتقوى به على معصية الله. قوموا عنى يرحمكم الله.

    هذا هو العدل فى الإسلام؛ إنه أساس الحكم وبه تثبت أركان دولة الإسلام.




    فتح حساب فوركس اسلامي معنا المميزات و الخطوات

  • #2
    رد: العدل أساس الحكم

    باك الله فيك

    تعليق

    يعمل...
    X