شهر الله المحرم

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • شهر الله المحرم

    شهر الله المحرم

    إن شهر الله المحرّم شهرٌ عظيم مبارك، وهو أول شهور السنة الهجرية، وأحد الأشهر الحُرمِ التي قال الله فيها: ﴿ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ ﴾ [التوبة:36].
    وعَنْ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلاَثٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو القَعْدَةِ، وَذُو الحِجَّةِ، وَالمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ، مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى، وَشَعْبَانَ"[1].
    وقوله تعالى: ﴿ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ ﴾ خَصَّ اللَّه تَعَالَى الْأَرْبَعَة الْأَشْهُر الْحُرُم بِالذِّكْرِ، وَنَهَى عَنْ الظُّلْم فِيهَا تَشْرِيفًا لَهَا وَإِنْ كَانَ مَنْهِيًّا عَنْهُ فِي كُلّ الزَّمَان.
    أولاً: الحكمة من نسبة شهر المحرم لله:
    يَحْتَمِل أَنْ يُقَال: إِنَّهُ لَمَّا كَانَ مِنْ الْأَشْهُر الْحُرُم الَّتِي حَرَّمَ اللَّه فِيهَا الْقِتَال، وَكَانَ أَوَّل شُهُور السَّنَة أُضِيفَ إِلَيْهِ إِضَافَة تَخْصِيص وَلَمْ يَصِحّ إِضَافَة شَهْر مِنْ الشُّهُور إِلَى اللَّه - تَعَالَى - عَنْ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَّا شَهْر اللَّه الْمُحَرَّم[2].
    ثانيًا: صوم التطوع في شهر المحرم:
    يستحب صوم شهر الله المحرم، وهذا باتِّفاق المذاهب الفقهيَّة الأربعة: الحنفية[3]، والمالكية[4]، والشافعية[5]، والحنابلة[6].
    عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَفْضَلُ الصِّيَامِ، بَعْدَ رَمَضَانَ، شَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمُ، وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ، بَعْدَ الْفَرِيضَةِ، صَلَاةُ اللَّيْلِ»[7].
    ففي الحديث تَصْرِيح بِأَنَّهُ أَفْضَل الشهور للصوم بعد رمضان. وَأَمَّا إِكْثَار النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مِنْ صَوْم شَعْبَان دُون الْمُحَرَّم فَجَوَابه مِنْ وَجْهَيْنِ:
    أَحَدهمَا: لَعَلَّهُ إِنَّمَا عَلِمَ فَضْله فِي آخِر حَيَاته.
    وَالثَّانِي: لَعَلَّهُ يَعْرِض فِيهِ أَعْذَار مِنْ سَفَر أَوْ مَرَض أَوْ غَيْرهمَا[8].
    ثالثًا: يوم عاشوراء وفضل صيامه:
    يستحب صوم يوم عاشوراء وهو اليوم العاشر من شهر الله المحرم. هو اليوم الذي نجى الله تعالى فيه موسى من الغرق فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، لَمَّا قَدِمَ المَدِينَةَ، وَجَدَهُمْ يَصُومُونَ يَوْمًا، يَعْنِي عَاشُورَاءَ، فَقَالُوا: هَذَا يَوْمٌ عَظِيمٌ، وَهُوَ يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ فِيهِ مُوسَى، وَأَغْرَقَ آلَ فِرْعَوْنَ، فَصَامَ مُوسَى شُكْرًا لِلَّهِ، فَقَالَ «أَنَا أَوْلَى بِمُوسَى مِنْهُمْ» فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ[9].
    وَعَاشُورَاءُ وَتَاسُوعَاءُ اسْمَانِ مَمْدُودَانِ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي كُتُبِ اللُّغَةِ، وَحُكِيَ عَنْ أَبِي عَمْرِو الشَّيْبَانِيِّ قَصْرُهُمَا.
    قَالَ أَصْحَابُنَا -أي: الشافعية-: عَاشُورَاءُ هُوَ الْيَوْمُ الْعَاشِرُ مِنْ الْمُحَرَّمِ، وَتَاسُوعَاءُ هُوَ التَّاسِعُ مِنْهُ، هَذَا مَذْهَبُنَا، وَبِهِ قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: عَاشُورَاءُ هُوَ الْيَوْمُ التَّاسِعُ مِنْ الْمُحَرَّمِ، ثَبَتَ ذَلِكَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، وَتَأَوَّلَهُ عَلَى أَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ إظْمَاءِ الْإِبِلِ، فَإِنَّ الْعَرَبَ تُسَمِّي الْيَوْمَ الْخَامِسَ مِنْ أَيَّامِ الْوَرْدِ رِبْعًا - بِكَسْرِ الرَّاءِ - وَكَذَا تُسَمِّي بَاقِيَ الْأَيَّامِ عَلَى هَذِهِ النِّسْبَةِ فَيَكُونُ التَّاسِعُ عَلَى هَذَا عِشْرًا -بِكَسْرِ الْعَيْنِ- وَالصَّحِيحُ مَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ وَهُوَ أَنَّ عَاشُورَاءَ هُوَ الْيَوْمُ الْعَاشِرُ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ وَمُقْتَضَى إطْلَاقِ اللَّفْظِ، وَهُوَ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ.
    وَأَمَّا تَقْدِيرُ أَخْذِهِ مِنْ إظْمَاءِ الْإِبِلِ فَبَعِيدٌ، وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَا يَرُدُّ قَوْلَهُ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: "أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَذَكَرُوا أَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى تَصُومُهُ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: إنَّهُ فِي الْعَامِ الْمُقْبِلِ يَصُومُ التَّاسِعَ" وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الَّذِي كَانَ يَصُومُهُ صلى الله عليه وسلم لَيْسَ هُوَ التَّاسِعَ فَتَعَيَّنَ كَوْنُهُ الْعَاشِرَ، وَاتَّفَقَ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ عَلَى اسْتِحْبَابِ صَوْمِ عَاشُورَاءَ وَتَاسُوعَاءَ"[10].
    وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: «مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَتَحَرَّى صِيَامَ يَوْمٍ فَضَّلَهُ عَلَى غَيْرِهِ إِلَّا هَذَا اليَوْمَ، يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَهَذَا الشَّهْرَ يَعْنِي شَهْرَ رَمَضَانَ»[11].
    مَعْنَى "يَتَحَرَّى" أَيْ يَقْصِد صَوْمه لِتَحْصِيلِ ثَوَابه، وَالرَّغْبَة فِيه[12].
    وعَنْ أَبِي قَتَادَةَ مرفوعًا: «... وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ»[13].
    قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: وَكُلُّ مَا يَرِدُ فِي الْأَخْبَارِ مِنْ تَكْفِيرِ الذُّنُوبِ فَهُوَ عِنْدِي مَحْمُولٌ عَلَى الصَّغَائِرِ دُونَ الْمُوبِقَاتِ؛ هَذَا كَلَامُهُ.
    وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ مَا يُؤَيِّدُهُ، فَمِنْ ذَلِكَ حَدِيثُ عُثْمَانَ -رضي الله عنه- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَا مِنْ امْرِئٍ مُسْلِمٍ تَحْضُرُهُ صَلَاةٌ مَكْتُوبَةٌ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهَا وَخُشُوعَهَا وَرُكُوعَهَا، إلَّا كَانَتْ لَهُ كَفَّارَةً لِمَا قَبْلَهَا مِنْ الذُّنُوبِ مَا لَمْ يُؤْتِ كَبِيرَةً. وَذَلِكَ الدَّهْرَ كُلَّهُ»[14].
    وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الصَّلَاةُ الْخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ، كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ، مَا لَمْ تُغْشَ الْكَبَائِرُ»[15]رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
    وَعَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ: «الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ»[16] رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
    قُلْتُ -أي: الإمام النووي- وَفِي مَعْنَى هَذِهِ الْأَحَادِيثِ تَأْوِيلَانِ:
    (أَحَدُهُمَا) يُكَفِّرُ الصَّغَائِرَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ كَبَائِرُ، فَإِنْ كَانَتْ كَبَائِرَ لَمْ يُكَفِّرْ شَيْئًا لَا الْكَبَائِرَ وَلَا الصَّغَائِرَ.
    (وَالثَّانِي) وَهُوَ الْأَصَحُّ الْمُخْتَارُ: أَنَّهُ يُكَفِّرُ كُلَّ الذُّنُوبِ الصَّغَائِرِ، وَتَقْدِيرُهُ: يَغْفِرُ ذُنُوبَهُ كُلَّهَا إلَّا الْكَبَائِرَ.
    قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ -رحمه الله-: هَذَا الْمَذْكُورُ فِي الْأَحَادِيثِ -مِنْ غُفْرَانِ الصَّغَائِرِ دُونَ الْكَبَائِرِ- هُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَأَنَّ الْكَبَائِرَ إنَّمَا تُكَفِّرُهَا التَّوْبَةُ أَوْ رَحْمَةُ اللَّهِ.
    فَإِنْ قِيلَ: قَدْ وَقَعَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هَذِهِ الْأَلْفَاظُ وَوَقَعَ فِي الصَّحِيحِ غَيْرُهَا مِمَّا فِي مَعْنَاهَا، فَإِذَا كَفَّرَ الْوُضُوءُ فَمَاذَا تُكَفِّرُهُ الصَّلَاةُ؟ وَإِذَا كَفَّرَت الصَّلَوَاتُ فَمَاذَا تُكَفِّرُهُ الْجُمُعَات وَرَمَضَانُ؟ وَكَذَا صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ كَفَّارَةُ سَنَتَيْنِ، وَيَوْمُ عَاشُورَاءَ كَفَّارَةُ سَنَةٍ، وَإِذَا وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ.
    فَالْجَوَابُ مَا أَجَابَ بِهِ الْعُلَمَاءُ: أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ صَالِحٌ لِلتَّكْفِيرِ فَإِنْ وَجَدَ مَا يُكَفِّرُهُ مِنْ الصَّغَائِرِ كَفَّرَهُ، وَإِنْ لَمْ يُصَادِفْ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً كُتِبَتْ بِهِ حَسَنَاتٌ وَرُفِعَتْ لَهُ بِهِ دَرَجَاتٌ، وَذَلِكَ كَصَلَوَاتِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَالصِّبْيَانِ وَصِيَامِهِمْ وَوُضُوئِهِمْ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ عِبَادَاتِهِمْ، وَإِنْ صَادَفَ كَبِيرَةً أَوْ كَبَائِرَ وَلَمْ يُصَادِفْ صَغَائِرَ، رَجَوْنَا أَنْ تُخَفِّفَ مِنْ الْكَبَائِرِ"[17].
    رابعًا: تدبر في آيات هلاك فرعون ونجاة موسى ومن معه من المؤمنين:
    ﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ * فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ * إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ * وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ * وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ * فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ * فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ * فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ * فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ * وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ * وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ * ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴾ [الشعراء: 52 - 68].

    أوحى الله إلى موسى: ﴿ أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي ﴾.
    أي: اخرج ببني إسرائيل أول الليل، ليتمادوا ويتمهلوا في ذهابهم. ﴿ إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ ﴾ أي: سيتبعكم فرعون وجنوده.

    ووقع كما أخبر، فإنهم لما أصبحوا، وإذا بنو إسرائيل قد سروا كلهم مع موسى.

    ﴿ فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ ﴾ يجمعون الناس، ليوقع ببني إسرائيل، ويقول مشجعا لقومه: ﴿ إِنَّ هَؤُلاءِ ﴾ أي: بني إسرائيل ﴿ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ ﴾ ونريد أن ننفذ غيظنا في هؤلاء العبيد، الذين أبِقُوا منا.

    ﴿ وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ ﴾ أي: الحذر على الجميع منهم، وهم أعداء للجميع، والمصلحة مشتركة، فخرج فرعون وجنوده، في جيش عظيم، ونفير عام، لم يتخلف منهم سوى أهل الأعذار، الذين منعهم العجز.

    قال الله تعالى: ﴿ فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ﴾ أي: بساتين مصر وجناتها الفائقة، وعيونها المتدفقة، وزروع قد ملأت أراضيهم، وعمرت بها حاضرتهم وبواديهم.

    ﴿ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ ﴾ يعجب الناظرين، ويلهي المتأملين، تمتعوا به دهرا طويلا وقضوا بلذته وشهواته، عمرا مديدا، على الكفر والفساد، والتكبر على العباد والتيه العظيم.

    ﴿ كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا ﴾ أي: هذه البساتين والعيون، والزروع، والمقام الكريم، ﴿ بَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾ الذين جعلوهم من قبل عبيدهم، وسخروا في أعمالهم الشاقة، فسبحان من يؤتي الملك من يشاء، وينزعه ممن يشاء، ويعز من يشاء بطاعته، ويذل من يشاء بمعصيته.

    ﴿ فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ ﴾ أي: اتبع قوم فرعون قوم موسى، وقت شروق الشمس، وساقوا خلفهم محثين، على غيظ وحنق قادرين.
    ﴿ فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ ﴾ أي رأى كل منهما صاحبه، ﴿ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى ﴾ شاكين لموسى وحزنين ﴿ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ﴾ فـ﴿ قَالَ ﴾ موسى، مثبتا لهم، ومخبرا لهم بوعد ربه الصادق: ﴿ كُلا ﴾ أي: ليس الأمر كما ذكرتم، أنكم مدركون، ﴿ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾ لما فيه نجاتي ونجاتكم.

    ﴿ فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ ﴾ فضربه ﴿ فَانْفَلَقَ ﴾ اثني عشر طريقا ﴿ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ ﴾ أي: الجبل ﴿ الْعَظِيمِ ﴾ فدخله موسى وقومه.

    ﴿ وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ ﴾ في ذلك المكان ﴿ الآخَرِينَ ﴾ أي فرعون وقومه، قربناهم، وأدخلناهم في ذلك الطريق، الذي سلك منه موسى وقومه.

    ﴿ وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ ﴾ استكملوا خارجين، لم يتخلف منهم أحد.

    ﴿ ثُمَّ أَغْرَقْنَا الآخَرِينَ ﴾ لم يتخلف منهم عن الغرق أحد.

    ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً ﴾ عظيمة، على صدق ما جاء به موسى عليه السلام، وبطلان ما عليه فرعون وقومه، {وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ} مع هذه الآيات المقتضية للإيمان، لفساد قلوبكم.

    ﴿ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴾ بعزته أهلك الكافرين المكذبين، وبرحمته نجى موسى، ومن معه أجمعين.

    عندنا نسقط هذه الآيات على حياتنا ونرى اجتماع أعداء الله ورسوله صلى الله عليه وسلم للطعن في ديننا، واهتزاز أصول وثوابت هذا الدين، بلل محاولة القضاء على مقدساتنا وديننا، لكن أنى لهم فالأمر كما قال الله تعالى: ﴿ فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [الأحقاف: 35].
    فنوح -عليه السلام- ما آمن به إلا قليل غير الله لهذه القلة المألوف من ظواهر الكون، فوجود البذرة المسلمة في الأرض شيء عظيم في ميزان الله تعالى، شيء يستحق منه سبحانه أن يغير كل شيء لأجله.

    وإبراهيم -عليه السلام- بعد أن أفحم قومه بسبب عبادتهم للأصنام، ولم يبينوا حجة، استعملوا قوتهم في معاقبته، فـ ﴿ قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ ﴾ أي: اقتلوه أشنع القتلات، بالإحراق، غضبا لآلهتكم، ونصرة لها. فتعسًا لهم تعسًا، حيث عبدوا من أقروا أنه يحتاج إلى نصرهم، واتخذوه إلها، فانتصر الله لخليله لما ألقوه في النار وقال لها: ﴿ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ ﴾ فكانت بردًا وسلامًا على إبراهيم. فازداد يقينا وثباتا على ديننا والله ينصرنا ويدفع عنا: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ [الحج: 38].
    وموسى -عليه السلام- أحاط به فرعون وجنوده فالبحر من أمامهم والعدو من خلفهم، ومع ذلك ينجيه الله تعالى! لنأخذ من ذلك أسوة وعبرة في الثبات والصبر كما صبر أولو العزم.
    وعيسى -عليه السلام- يجتمع عليه أغلب بني إسرائيل ليقتلوه، ومع ذلك ينجيه الله من كيدهم ومكرهم، ويخرق العادة فيرفعه إلى السماء من وسطهم، فالله متى أراد شيئًا كان ولابد، قال تعالى: ﴿ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ [مريم: 35].
    وكذا نبينا صلى الله عليه وسلم يكفر به أكثر أهل الأرض ويعادونه، بل واجتمعوا عليه مرات كما في يوم الأحزاب، ومع ذلك ينجيه الله تعالى، كما قال أَبُو بَكْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الغَارِ فَرَأَيْتُ آثَارَ المُشْرِكِينَ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ رَفَعَ قَدَمَهُ رَآنَا، قَالَ: «مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا»[18].
    فمتى اعتصمنا بالله، وصبرنا على طاعة ربنا بالقيام بها، وصبرنا عن معصية بعدم الوقوع فيها وكلما زللنا عدنا، وكذا صبرنا على أقدار الله واختباره لنا، أعزنا الله ورفعنا على الأمم كلها، كما قال تعالى: ﴿ فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [الأحقاف: 35].
    أي: لا تحزن أيها الرسول على هؤلاء المكذبين، ولا تستعجل لهم، فإنهم لابد أن يصيبهم الذي نعدهم من العذاب، إما في الدنيا فتراه بعينك، وتقر به نفسك.
    وإما في الآخرة بعد الوفاة، فإن مرجعهم إلى الله، وسينبئهم بما كانوا يعملون، أحصاه ونسوه، والله على كل شيء شهيد، ففيه الوعيد الشديد لهم، والتسلية للرسول الذي كذبه قومه وعاندوه.
    فسبحان الله: كل كلمة في الآية ذات رصيد ضخم، وكل عبارة وراءها عالم من الصور والظلال، والمعاني والإيحاءات، والقضايا والقيم.
    «فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ» توجيه يقال لمحمد صلى الله عليه وسلم وهو الذي احتمل ما احتمل، وعانى من قومه ما عانى. وهو الذي نشأ يتيما، وجرد من الولي والحامي ومن كل أسباب الأرض واحدًا بعد واحد. (الأب، والأم، والجد، والعم، والزوج الوفية الحنون)!
    وخلص لله ولدعوته مجردًا من كل شاغل، كما هو مجرد من كل سند أو ظهير، وهو الذي لقي من أقاربه من المشركين أشد مما لاقى من الأبعدين.
    وهو الذي خرج مرة ومرة ومرة يستنصر القبائل والأفراد فرد في كل مرة بلا نصرة. وفي بعض المرات باستهزاء السفهاء ورجمهم له بالحجارة حتى تدمى قدماه الطاهرتان، فما يزيد على أن يتوجه إلى ربه بالابتهال الخاشع النبيل.
    وبعد ذلك كله يحتاج إلى توجيه ربه: «فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ»..
    ألا إنه لطريق شاق طريق هذه الدعوة، وطريق مرير، حتى لتحتاج نفس كنفس محمد صلى الله عليه وسلم في تجردها وانقطاعها للدعوة، وفي ثباتها وصلابتها، وفي صفائها وشفافيتها، تحتاج إلى التوجيه الرباني بالصبر وعدم الاستعجال على خصوم الدعوة المتعنتين!!
    نعم، وإن مشقة هذا الطريق لتحتاج إلى مواساة، وإن صعوبته لتحتاج إلى صبر، وإن مرارته لتحتاج إلى جرعة حلوة من تثبيت الله تعالى.
    «فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ».
    تشجيع وتصبير وتأسية وتسلية ثم تطمين:
    «كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ».
    إنه أمد قصير، ساعة من نهار، وإنها حياة خاطفة تلك التي يمكثونها قبيل الآخرة، وإنها لتافهة لا تترك وراءها من الوقع والأثر في النفوس إلا مثلما تتركه ساعة من نهار، ثم يلاقون المصير المحتوم، ثم يلبثون في الأبد الذي يدوم، وما كانت تلك الساعة إلا بلاغًا قبل أن يحق الهلاك والعذاب الأليم:
    «بَلاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ».
    لا، وما الله يريد ظلما للعباد، لا، وليصبر الداعية على ما يلقاه، فما هي إلا ساعة من نهار، ثم يكون ما يكون، فاللهم اربط على قلوبنا وصبرنا حتى نلقاك.
    رابعًا: صوم التاسع والعاشر من شهر الله المحرم:
    يُستحبُّ مع صيام عاشوراء صوم يومٍ قَبلَه، وهو اليوم التَّاسع من شهر الله المحرَّم، وهذا باتِّفاق المذاهب الفقهيَّة الأربعة: الحنفيَّة[19]، والمالكيَّة[20]، والشافعيَّة[21]، والحنابلة[22].
    والدَّليل:
    عن عبد الله بن عبَّاس -رضي الله عنهما، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «لئِن بقيتُ إلى قابلٍ، لأَصُومنَّ التاسع»[23].
    وَذَكَرَ الْعُلَمَاءُ... فِي حِكْمَةِ اسْتِحْبَابِ صَوْمِ تَاسُوعَاءَ أَوْجُهًا:
    أَحَدُهَا: أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ مُخَالَفَةُ الْيَهُودِ فِي اقْتِصَارِهِمْ عَلَى الْعَاشِرِ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَفِي حَدِيثٍ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "صُومُوا يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَخَالِفُوا الْيَهُودَ وَصُومُوا قَبْلَهُ يَوْمًا وَبَعْدَهُ يَوْمًا"[24].
    الثَّانِي: أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ وَصْلُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ بِصَوْمٍ، كَمَا نَهَى أَنْ يُصَامَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَحْدَهُ، ذَكَرَهُمَا الْخَطَّابِيُّ وَآخَرُونَ.
    الثَّالِثَ: الِاحْتِيَاطُ فِي صَوْمِ الْعَاشِرِ خَشْيَةَ نَقْصِ الْهِلَالِ، وَوُقُوعِ غَلَطٍ فَيَكُونُ التَّاسِعُ فِي الْعَدَدِ هُوَ الْعَاشِرُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ[25].
    مسألة: هل لصوم عاشوراء مراتب؟
    استحب طائفة من الفقهاء صيام عاشوراء، وصيام يوم قبله، وصيام يوم بعده، وعد ذلك بعض العلماء أكمل المراتب، قال ابن القيم رحمه الله: "مراتب صوم عاشوراء ثلاثة: أكملُها: أن يُصام قبله يومٌ وبعده يومٌ، ويلى ذلك أن يُصام التاسع والعاشر، وعليه أكثرُ الأحاديث، ويلى ذلك إفرادُ العاشر وحده بالصوم"[26].
    واستحباب بعض العلماء لصيام اليوم الحادي عشر من المحرم لما تقدم من حديث ابن عباس في كلام الإمام النووي رحمه الله، وقد اختلف العلماء في صحة هذا الحديث كما سبق في تخريجه.
    فإن كان الحديث حسنًا فهو حسن، وإن كان ضعيفًا، فالحديث الضعيف في مثل هذا يتسامح فيه العلماء، لأن ضعفه يسير، فليس هو مكذوبًا أو موضوعًا، ولأنه في فضائل الأعمال، لا سيما وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم الترغيب في الصيام من شهر المحرم، كما تقدم.
    فتبين بهذا أنه لا يصح وصف صيام الأيام الثلاثة بأنه بدعة.
    وأما من فاته صيام اليوم التاسع، فإن صام العاشر وحده، فلا حرج في ذلك، ولا يكون ذلك مكروهًا، وإن ضم إليه صيام الحادي عشر فهو أفضل.
    قال المرداوي: "لا يكره إفراد العاشر بالصيام على الصحيح من المذهب –أي الحنابلة-، ووافق الشيخ تقي الدين –يعني ابن تيمية- أنه لا يكره"[27].
    ومن عزم على صيام يوم عاشوراء، ثم لم يصمه، فلا يخلو من أحوال:
    1) إما أن يكون تركه متعمدًا: فهذا لا يكتب له صيام عاشوراء ولا يلحقه فضله، لأنه لم يصمه.
    2) أو يكون تركه نسيانًا، وكان قد نوى صيامه: فهذا يرجى له الأجر إن شاء الله تعالى.
    3) أو يكون تركه لمرض، وكان من عادته أن يصومه قبل ذلك، أو كان قد عزم على صيامه هذه المرة، فحال المرض دونه: فيرجى له أجر صيامه أيضًا للعذر؛ فعن أبي مُوسَى -رضي الله عنه- قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا"[28].
    وأخيرًا:
    تأمل رحمني الله وإياك دورة الأيام واستوحش من سرعة انقضائها، فها نحنُ كنا من أيام نستقبل شهر رمضان! ثم ما أسرع أن انقضى، فاستقبلنا عشر ذي الحجة ويوم عرفة وما أدراك ما يوم عرفة!، ثم ما أسرع أن انقضى، وها نحنُ قد استقبلنا شهر الله المحرم ويوم عاشوراء، فالبدار البدار قبل فوات الأوان، وافزع إلى التوبة وصدق الالتجاء إلى الله عز وجل، وَوَطِّنْ أيها الحبيب نفسك على الطاعة وألزمها العبادة فإن الدنيا أيام قلائل.
    واعلم أنه لا يهدأ قلب المؤمن ولا يسكن روعة حتى تطأ قدمه الجنة، فسارع إلى جنة عرضها السماوات والأرض وجنب نفسك نارًا تلظى لا يصلاها إلا الأشقى، واجعل نُصب عينيك فعَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «سَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَاعْلَمُوا أَنْ لَنْ يُدْخِلَ أَحَدَكُمْ عَمَلُهُ الجَنَّةَ، وَأَنَّ أَحَبَّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ»[29].
    اللهم ثبتنا على الإيمان والعمل الصالح وأحينا حياة طيبة وألحقنا بالصالحين، ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم واغفر لنا، ولوالدينا ولجميع المسلمين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.




    فتح حساب فوركس اسلامي معنا المميزات و الخطوات
يعمل...
X