تداعيات عميقة الأثر لتخفيض تصنيف الولايات المتحدة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تداعيات عميقة الأثر لتخفيض تصنيف الولايات المتحدة

    تمثل سندات الخزانة الأمريكية جوهر موجودات الاحتياطيات العالمية، إذ إن قرابة نصف قيمة هذه السوق التي تبلغ تسعة آلاف مليار دولار مملوكة للمستثمرين الأجانب والبنوك المركزية الأجنبية. وتقوم سندات الخزانة بوظيفة بالغة الأهمية كونها أكثر الموجودات سيولة وملاذاً آمناً في أوقات الشدة التي تواجهها الأسواق. وباعتبارها المعيار الذي يخلو من المخاطر، كما يطلق عليها، فإنها تستخدم أيضاً لتسعير كثير من الموجودات الأخرى حول العالم.

    والآن أثارت وكالة ستاندار آند بورز ظلالاً من الشك حول تصنيف a ثلاثية الصادر لدين الحكومة الأمريكية، عبر وضعها النظرة المستقبلية للتصنيف في المدى الطويل تحت المراقبة السالبة. وربما جاءت ردة فعل المستثمرين سليمة نسبياً بعد الإعلان الذي صدر عن الوكالة في الأسبوع الماضي، لكن قلة تستخف بالتداعيات الهائلة لخفض تصنيف الأداة التي تعتبر مقياساً تسترشد به الأسواق العالمية.


    ''إنه حدث قليل الاحتمال وله أثر كبير. إذا كان العمود الفقري المصنف بـ a ثلاثية للنظام المالي العالمي عرضة لخطر الفقدان، ما الذي سيحدث لبقية البنية الائتمانية؟''، تتساءل لينا كوميلوفا، الرئيسة العالمية لاستراتيجية مجموعة العشر في شركة براون براذرز هاريمان.


    بالنسبة إلى بعض المستثمرين يمثل ذلك الفصل الأخير من فصول قصة جعلت الشركات، والمستهلكين، والبنوك، وبعض بلدان منطقة اليورو يعلقون في أزمات مديونية. ''ذلك يضع أهمية الخطر السيادي في المقدمة''، كما يقول جبسون سميث، أحد مسؤولي الاستثمار في ''جانوس كابيتال'' في مدينة دينفر، مضيفا: ''ينبغي أن تشعر بالقلق حول هذا من وجهة نظر السوق، وفيما يتعلق بالخطر على النظام برمته''.


    إن الإجراء الذي اتخذته وكالة ستاندار آند بورز إما يعني أن السياسيين في واشنطن سيتحركون لحل الفروقات الموجودة في الميزانية، وإما أنه تم إطلاق الطلقة الأولى كي يتم في النهاية خفض تصنيف أضخم اقتصاد وأكبر بلد مدين في العالم.


    ومن شأن أي خفض للتصنيف أن يثير أسئلة جوهرية حول النظام المالي لدى كثير من المستثمرين. فقد قال جورج سوروس الذي كان يتحدث في عطلة نهاية الأسبوع: ''إنني أجد الوضع الحالي أكثر إرباكاً وأقل قدرة على التكهن به مما كنت أجده في أوج الأزمة المالية''.


    وأضاف: ''من الواضح أن هناك عدداً من الأوضاع غير المستدامة التي تستمر رغم ذلك، والسلطات لا تحاول بالضرورة أن تحلها، لكنها تحاول ذلك فقط لشراء الوقت. إننا نعيش في هذا الوضع من دون أن يواجهك انهيار فوري، أو حل فوري''.


    وفي كلمة له قبل إعلان وكالة ستاندر آند بورز، قال الرئيس التنفيذي لشركة بيمكو، محمد العريان: ''إن وجود أساس قوي يعتبر جوهرياً للعمل الجيد لنظام السوق الذي لا بد أن يتعامل مع جميع أنواع الصدمات ذات المنشأ الخارجي وغير المتوقعة. وبعبارة مبسطة، إنه يساعد على تماسك النظام''.


    ويمكن حتى أن يواجه بعض المستثمرين صعوبات في الاحتفاظ بسندات الخزانة الأمريكية، لأن التفويضات الاستثمارية الممنوحة لهم تشترط أن بإمكانهم أن يشتروا فقط الأوراق التي تحمل تصنيف a ثلاثية. ويقول سميث: ''هناك كثير من المستثمرين الذين يستخدمون وكالات التصنيف لتقييم المخاطر التي يمكن أن يتعرضوا لها. وتعتقد أن بإمكانك أن تستخدمها كمرشد فقط، لكنها لا تمثل بالضرورة الخطر أبداً''.


    ويعتقد آخرون أن هذه النظرة أقل دراماتيكية، ليس أقله لأن التفويضات الاستثمارية يمكن تغييرها بسهولة نسبياً. ويتساءل ستيف وولش، كبير مسؤولي الاستثمار لدى ويسترن أسيت مانجمنت: ''أين حدث أن اتصل أحدهم وقال لا تشتروا سندات الخزانة الأمريكية لأنها تحت المراقبة السلبية؟''.


    وعلى العموم، المستثمرون منقسمون بشأن جدية النظرة السالبة لوكالة ستاندارد آند بورز. ويقول ستيفن ريشيتو، كبير الاقتصاديين لدى ''ميزوهو سيكيوريتيز'': ''إذا مر هذا التحذير من دون أن يؤخذ في الاعتبار، سيزداد احتمال القيام بإجراءات تصنيفية إضافية''.


    وحسب صندوق النقد الدولي، ستصل نسبة العجز في الولايات المتحدة المثقلة بالديون إلى 10.8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2011، سيتجاوز صافي الدين الحكومي 70 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو أسوأ حالاً من بعض البلدان الأوروبية المتعثرة.


    وكان رد الفعل الأولي في الولايات المتحدة هو اعتبار أن إجراءات ستاندار آند بورز تمثل ضغطاً على واشنطن لوضع حل لفروقها، وذلك بالحكم استناداً إلى ارتفاع العوائد على الدولار وانخفاض العوائد على السندات. ويقول جاك أبلين، كبير مسؤولي الاستثمار في بنك هاريس الخاص: ''لو كان المتداولون يعتقدون أن خفضاً للتصنيف بات وشيكاً لارتفعت ولما انخفضت أسعار الفائدة''.


    ويشير كثيرون في الولايات المتحدة إلى انخفاض اليورو مقابل الدولار كمؤشر على أن وضع الدين السيادي في أوروبا أسوأ منه في الولايات المتحدة. ويقارنون قدرة الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي للولايات المتحدة) على شراء سندات الخزانة الأمريكية بإحجام البنك المركزي الأوروبي عن دعم البلدان الطرفية في منطقة اليورو. وبحسب وولش، لدى الولايات المتحدة مجال واسع للتصرف من وكالات التصنيف. ويقول: ''لو حققت حتى أي قدر من التقدم فيما يتعلق بأية مشكلة من المشاكل الثلاث الكبيرة، وهي العجز والصحة والضمان الاجتماعي، فإنك تستطيع في إطار زمني سريع جداً أن تغير كثيراً في النظرة إلى قدرة الولايات المتحدة على إبقاء دينها تحت السيطرة''.


    لكن بعضهم يشير إلى أنه استناداً إلى بعض المقاييس المالية، فإن الولايات المتحدة أقل كثيراً من مستوى البلدان الأخرى المصنفة بـ a ثلاثية. ويلاحظ روب أرنوت، من ريسيرش أفيلييتس ''أن الأسواق تعرف حق المعرفة أن تصنيف الولايات المتحدة ليس a ثلاثية ولم يكن كذلك منذ وقت طويل''.


    ويقول إنه باستخدام طرق المحاسبة التي تتبعها الشركات، وبحساب كل الديون المترتبة على الدولة، وعلى مواطني البلد، والهيئات التي ترعاها الحكومة، والضمان الاجتماعي، والرعاية الصحية، وبرامج الرعاية الصحية، فإن ''المستوى الحقيقي للدين الحكومي على الولايات المتحدة يفوق 500 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بكثير''.


    المخاطر على الأسهم




    يشكل التحذير الذي أطلقته وكالة ستاندار آند بورز بشأن النظرة الائتمانية للولايات المتحدة أخطاراً على المستثمرين في الأسهم، كما يقول المحللون في دويتشه بانك. وبحسب البنك: ''الأسهم في مركز صعب''.


    وإلى حد ما، دفنت الأسهم رأسها في الرمل بشأن احتمالات تعاف قوي يدعم نفسه بنفسه. وإذا كان النمو جيداً، فإن احتمالات التشدد المالي ترتفع.


    بدورهم، يحذر المحللون قائلين: ''في المقابل، إذا لم يتم إحراز تقدم على الجانب المالي، فإن خطوة ستاندار آند بورز تعتبر طلقة تحذيرية بضرورة حدوث ارتفاع في العوائد في المدى الطويل''.
يعمل...
X