( ياأيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة ......

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ( ياأيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة ......

    ( ياأيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله
    --------------------------------------------------------------------------------



    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد واله وسلم
    منقول من تفسير ابن كثير
    ( ياأيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون ( 9 ) فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون ( 10 ) وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين ( 11 ) )
    إنما سميت الجمعة جمعة ; لأنها مشتقة من الجمع ، فإن أهل الإسلام يجتمعون فيه في كل أسبوع مرة بالمعابد الكبار وفيه كمل جميع الخلائق ، فإنه اليوم السادس من الستة التي خلق الله فيها السماوات والأرض . وفيه خلق آدم وفيه أدخل الجنة ، وفيه أخرج منها . وفيه تقوم الساعة . وفيه ساعة لا يوافقها عبد مؤمن يسأل الله فيها خيرا إلا أعطاه إياه كما ثبتت بذلك الأحاديث الصحاح
    وقال ابن أبي حاتم : حدثنا الحسن بن عرفة ، حدثنا عبيدة بن حميد ، عن منصور ، عن أبي معشر ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن قرثع الضبي ، حدثنا سلمان قال : قال أبو القاسم - صلى الله عليه وسلم - : " يا سلمان ما يوم الجمعة ؟ " . قلت : الله ورسوله أعلم . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يوم جمع فيه أبواك - أو أبوكم "
    وقد روي عن أبي هريرة من كلامه ، نحو هذا ، فالله أعلم .
    وقد كان يقال له في اللغة القديمة يوم العروبة . وثبت أن الأمم قبلنا أمروا به فضلوا عنه ، واختار اليهود يوم السبت الذي لم يقع فيه خلق واختار النصارى يوم الأحد الذي ابتدئ فيه الخلق ، واختار الله لهذه الأمة يوم الجمعة الذي أكمل الله فيه الخليقة ، كما أخرجه البخاري ، ومسلم من حديث عبد الرزاق ، عن معمر ، عن همام بن منبه قال : هذا ما حدثنا أبو هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " نحن الآخرون السابقون يوم القيامة ، بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا . ثم هذا يومهم الذي فرض الله عليهم ، فاختلفوا فيه ، فهدانا الله له ، فالناس لنا فيه تبع اليهود غدا ، والنصارى بعد غد " لفظ البخاري .
    [ ص: 120 ]
    وفي لفظ لمسلم : " أضل الله من كان قبلنا فكان لليهود يوم السبت ، وكان للنصارى يوم الأحد . فجاء الله بنا فهدانا الله ليوم الجمعة ، فجعل الجمعة والسبت والأحد ، وكذلك هم تبع لنا يوم القيامة ، نحن الآخرون من أهل الدنيا ، والأولون يوم القيامة ، المقضي بينهم قبل الخلائق " .
    وقد أمر الله المؤمنين بالاجتماع لعبادته يوم الجمعة ، فقال : ( يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله ) أي : اقصدوا واعمدوا واهتموا في مسيركم إليها ، وليس المراد بالسعي ها هنا المشي السريع ، وإنما هو الاهتمام بها ، كقوله تعالى : ( ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن ) [ الإسراء : 19 ] وكان عمر بن الخطاب وابن مسعود رضي الله عنهما يقرآنها : " فامضوا إلى ذكر الله " . فأما المشي السريع إلى الصلاة فقد نهي عنه ، لما أخرجاه في الصحيحين ، عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة ، وعليكم السكينة والوقار ، ولا تسرعوا ، فما أدركتم فصلوا ، وما فاتكم فأتموا " . لفظ البخاري
    وعن أبي قتادة قال : بينما نحن نصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ سمع جلبة رجال ، فلما صلى قال : " ما شأنكم ؟ " . قالوا : استعجلنا إلى الصلاة . قال : " فلا تفعلوا ، إذا أتيتم الصلاة فامشوا وعليكم بالسكينة فما أدركتم فصلوا ، وما فاتكم فأتموا " . أخرجاه
    وقال عبد الرزاق : أخبرنا معمر ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون ، ولكن ائتوها تمشون ، وعليكم السكينة والوقار ، فما أدركتم فصلوا ، وما فاتكم فأتموا " .
    رواه الترمذي من حديث عبد الرزاق كذلك ، وأخرجه من طريق يزيد بن زريع ، عن معمر ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة بمثله
    قال الحسن أما والله ما هو بالسعي على الأقدام ، ولقد نهوا أن يأتوا الصلاة إلا وعليهم السكينة والوقار ، ولكن بالقلوب والنية والخشوع .
    وقال قتادة في قوله : ( فاسعوا إلى ذكر الله ) يعني : أن تسعى بقلبك وعملك ، وهو المشي إليها ، وكان يتأول قوله تعالى : ( فلما بلغ معه السعي ) [ الصافات : 102 ] أي : المشي معه . روي عن محمد بن كعب ، وزيد بن أسلم وغيرهما نحو ذلك .
    ويستحب لمن جاء الجمعة أن يغتسل قبل مجيئه إليها ، لما ثبت في الصحيحين عن عبد الله بن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل "
    [ ص: 121 ]
    ولهما عن أبي سعيد رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم "
    وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " حق لله على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام ، يغسل رأسه وجسده " . رواه مسلم
    وعن جابر رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " على كل رجل مسلم في كل سبعة أيام غسل يوم ، وهو يوم الجمعة " . رواه أحمد ، والنسائي ، وابن حبان
    وقال الإمام أحمد : حدثنا يحيى بن آدم ، حدثنا ابن المبارك ، عن الأوزاعي ، عن حسان بن عطية ، عن أبي الأشعث الصنعاني ، عن أوس بن أوس الثقفي قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " من غسل واغتسل يوم الجمعة ، وبكر وابتكر ، ومشى ولم يركب ، ودنا من الإمام واستمع ولم يلغ كان له بكل خطوة أجر سنة ، أجر صيامها وقيامها " .
    وهذا الحديث له طرق وألفاظ ، وقد أخرجه أهل السنن الأربعة وحسنه الترمذي
    وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ، ثم راح فكأنما قرب بدنة ، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا أقرن ، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة ، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة ، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر " أخرجاه
    ويستحب له أن يلبس أحسن ثيابه ، ويتطيب ويتسوك ، ويتنظف ويتطهر . وفي حديث أبي سعيد المتقدم : " غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم ، والسواك ، وأن يمس من طيب أهله " .
    وقال الإمام أحمد : حدثنا يعقوب ، حدثنا أبي ، عن محمد بن إسحاق ، حدثني محمد بن إبراهيم التيمي ، عن عمران بن أبي يحيى ، عن عبد الله بن كعب بن مالك ، عن أبي أيوب الأنصاري : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " من اغتسل يوم الجمعة ومس من طيب أهله - إن كان عنده - ولبس من أحسن ثيابه ، ثم خرج حتى يأتي المسجد فيركع - إن بدا له - ولم يؤذ أحدا ، ثم أنصت إذا خرج إمامه حتى يصلي ، كانت كفارة لما بينها وبين الجمعة الأخرى "
    وفي سنن أبي داود ، وابن ماجه عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه ، أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول على المنبر : " ما على أحدكم لو اشترى ثوبين ليوم الجمعة سوى ثوبي مهنته "
    [ ص: 122 ]
    وعن عائشة رضي الله عنها : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطب الناس يوم الجمعة ، فرأى عليهم ثياب النمار ، فقال : " ما على أحدكم إن وجد سعة أن يتخذ ثوبين لجمعته ، سوى ثوبي مهنته " . رواه ابن ماجه
    وقوله تعالى : ( إذا نودي للصلاة ) المراد بهذا النداء هو النداء الثاني الذي كان يفعل بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا خرج فجلس على المنبر ، فإنه كان حينئذ يؤذن بين يديه ، فهذا هو المراد ، فأما النداء الأول الذي زاده أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه ، فإنما كان هذا لكثرة الناس ، كما رواه البخاري رحمه الله حيث قال : حدثنا آدم - هو ابن أبي إياس - حدثنا ابن أبي ذئب ، عن الزهري ، عن السائب بن يزيد قال : كان النداء يوم الجمعة أوله إذا جلس الإمام على المنبر على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وأبي بكر ، وعمر فلما كان عثمان بعد زمن وكثر الناس ، زاد النداء الثاني على الزوراء يعني : يؤذن به على الدار التي تسمى بالزوراء ، وكانت أرفع دار بالمدينة بقرب المسجد .
    وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا أبو نعيم ، حدثنا محمد بن راشد المكحولي ، عن مكحول : أن النداء كان في يوم الجمعة مؤذن واحد حين يخرج الإمام ، ثم تقام الصلاة ، وذلك النداء الذي يحرم عنده البيع والشراء إذا نودي به ، فأمر عثمان رضي الله عنه ، أن ينادى قبل خروج الإمام حتى يجتمع الناس .
    وإنما يؤمر بحضور الجمعة الرجال الأحرار دون النساء ، والعبيد ، والصبيان ويعذر المسافر ، والمريض ، وقيم المريض ، وما أشبه ذلك من الأعذار ، كما هو مقرر في كتب الفروع .
    وقوله : ( وذروا البيع ) أي : اسعوا إلى ذكر الله واتركوا البيع إذا نودي للصلاة : ولهذا اتفق العلماء رضي الله عنهم على تحريم البيع بعد النداء الثاني . واختلفوا : هل يصح إذا تعاطاه متعاط أم لا ؟ على قولين ، وظاهر الآية عدم الصحة كما هو مقرر في موضعه ، والله أعلم .
    وقوله : ( ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون ) أي : ترككم البيع وإقبالكم إلى ذكر الله وإلى الصلاة خير لكم ، أي : في الدنيا والآخرة إن كنتم تعلمون .
    وقوله : ( فإذا قضيت الصلاة ) أي : فرغ منها ، ( فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله ) لما حجر عليهم في التصرف بعد النداء وأمرهم بالاجتماع ، أذن لهم بعد الفراغ في الانتشار في الأرض والابتغاء من فضل الله . كما كان عراك بن مالك رضي الله عنه إذا صلى الجمعة انصرف فوقف على باب المسجد ، فقال : اللهم إني أجبت دعوتك ، وصليت فريضتك ، وانتشرت كما أمرتني ، [ ص: 123 ] فارزقني من فضلك ، وأنت خير الرازقين . رواه ابن أبي حاتم .
    وروي عن بعض السلف أنه قال : من باع واشترى في يوم الجمعة بعد الصلاة ، بارك الله له سبعين مرة ، لقول الله تعالى : ( فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله )
    وقوله : ( واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون ) أي : حال بيعكم وشرائكم ، وأخذكم ، وعطائكم اذكروا الله ذكرا كثيرا ، ولا تشغلكم الدنيا عن الذي ينفعكم في الدار الآخرة ; ولهذا جاء في الحديث : " من دخل سوقا من الأسواق فقال : لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير كتبت له ألف ألف حسنة ، ومحي عنه ألف ألف سيئة "
    وقال مجاهد : لا يكون العبد من الذاكرين الله كثيرا ، حتى يذكر الله قائما وقاعدا ومضطجعا .
    ( وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين ( 11 ) )
    يعاتب تبارك وتعالى على ما كان وقع من الانصراف عن الخطبة يوم الجمعة إلى التجارة التي قدمت المدينة يومئذ ، فقال تعالى : ( وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما ) أي : على المنبر تخطب . هكذا ذكره غير واحد من التابعين ، منهم : أبو العالية ، والحسن ، وزيد بن أسلم ، وقتادة .
    وزعم مقاتل بن حيان : أن التجارة كانت لدحية بن خليفة قبل أن يسلم ، وكان معها طبل ، فانصرفوا إليها وتركوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائما على المنبر إلا القليل منهم . وقد صح بذلك الخبر ، فقال الإمام أحمد :
    حدثنا ابن إدريس ، عن حصين ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن جابر قال : قدمت عير المدينة ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب ، فخرج الناس وبقي اثنا عشر رجلا فنزلت : ( وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها )
    أخرجاه في الصحيحين ، من حديث سالم به
    وقال الحافظ أبو يعلى : حدثنا زكريا بن يحيى ، حدثنا هشيم ، عن حصين ، عن سالم بن أبي الجعد ، وأبي سفيان ، عن جابر بن عبد الله قال : بينما النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب يوم الجمعة ، فقدمت عير إلى المدينة فابتدرها أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى لم يبق مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا اثنا عشر رجلا فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " والذي نفسي بيده ، لو تتابعتم حتى لم يبق منكم أحد ، لسال بكم الوادي [ ص: 124 ] نارا " ونزلت هذه الآية : ( وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما ) وقال : كان في الاثني عشر الذين ثبتوا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أبو بكر ، وعمر ، رضي الله عنهما .
    وفي قوله : ( وتركوك قائما ) دليل على أن الإمام يخطب يوم الجمعة قائما . وقد روى مسلم في صحيحه عن جابر بن سمرة قال : كانت للنبي - صلى الله عليه وسلم - خطبتان يجلس بينهما ، يقرأ القرآن ويذكر الناس .
    ولكن ها هنا شيء ينبغي أن يعلم وهو : أن هذه القصة قد قيل : إنها كانت لما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقدم الصلاة يوم الجمعة على الخطبة ، كما رواه أبو داود في كتاب المراسيل : حدثنا محمود بن خالد ، عن الوليد ، أخبرني أبو معاذ بكير بن معروف أنه سمع مقاتل بن حيان يقول : " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي يوم الجمعة قبل الخطبة مثل العيدين ، حتى إذا كان يوم والنبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب ، وقد صلى الجمعة ، فدخل رجل فقال : إن دحية بن خليفة قد قدم بتجارة يعني : فانفضوا ، ولم يبق معه إلا نفر يسير .
    وقوله : ( قل ما عند الله ) أي : الذي عند الله من الثواب في الدار الآخرة ( خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين ) أي : لمن توكل عليه ، وطلب الرزق في وقته .




    فتح حساب فوركس اسلامي معنا المميزات و الخطوات
يعمل...
X