مجموعة العشرين يجب أن تبقى في الاقتصاد وحده

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مجموعة العشرين يجب أن تبقى في الاقتصاد وحده

    في الأسبوع الماضي عقد الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، اجتماعا في مدينة نانجينج ضم عددا من المسؤولين، من أجل التحضير لقمة مجموعة البلدان الرئيسية العشرين التي ستعقد في فرنسا في خريف هذا العام. وجاء الاجتماع وسط انتقادات متزايدة من جانب الأوساط الأكاديمية والإعلامية للدور الذي تلعبه مجموعة العشرين. وبدافع مما اعتبروه نتائج تافهة في قمة سيئول التي عقدت في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي واستمرار المأزق بشأن الاختلالات العالمية وأسعار الصرف، يتساءل النقاد عن دور المجموعة التي نصبت نفسها ''منتدى رئيسيا'' للتعاون الاقتصادي العالمي.

    لكن المشككين في مجموعة العشرين يخفقون في فهم الفكرة الرئيسية. فقد تطورت المجموعة خلال ثلاثة أعوام تقريباً وخمسة اجتماعات قمة. وفي عملها في البداية كاستجابة للأزمات، أثبت الجيل الأول من مجموعة العشرين وحدة تثير الإعجاب، في واشنطن ولندن، وأنتج خططاً لتحقيق الاستقرار في الأسواق المالية، وتنسيق الإصلاحات التنظيمية، والاتفاق على حزم التحفيز العالمية. وبعدئذ، شهدت قمة بيتسبيرج التي عقدت عام 2009 انطلاق الجيل الثاني لمجموعة العشرين، مع تغير التركيز والاهتمام إلى الإدارة الرشيدة للاقتصاد الكلي في المدى الطويل، والتي تم الدفع بها قدماً بعد ذلك في تورونتو وسيئول.


    وفيما يتعلق بهذه المسائل سيحقق الجيل الثاني نتائج تدريجية وليست زلزالية. ينبغي الحكم على مجموعة العشرين بناءً، أولاً، على ما إذا كان الزعماء لا يزالون ملتزمين بالنهج المنسق فيما يتعلق بمعالجة القضايا الاقتصادية العالمية المهمة. وثانياً، فيما إذا كانوا لا يزالون مستعدين لأن يثيروا على الطاولة قضايا كانت تعتبر في السابق ''خارج موضوع المناقشة''، وأنها تقع في دائرة اختصاص البلدان الفردية فقط باعتبارها شأناً سيادياً – مثل السياسة النقدية، وأسعار الصرف، ومستويات الدين.


    وباستخدام هذه المعايير يعد التقدم الذي أحرزته مجموعة العشرين مشجعا. فقد شاهدنا تحولاً جوهرياً من مرحلة عارضت فيها بعض البلدان في قمة واشنطن عام 2008، مجرد استعمال كلمة ''اختلالات''، إلى مرحلة يناقش فيها وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية وصندوق النقد الدولي وغيرهم، بشكل روتيني داخل مجموعة العشرين، مكونات هذه الاختلالات وكيفية تصحيحها. وعلى نحو مشابه، انتقلنا من عالم كان فيه التنظيم المالي الدولي من اختصاص الخبراء الفنيين الذين يعملون بغموض على جدول غير متعجل، إلى عالم يلعب فيه الممثلون الخاضعون للمساءلة السياسية دوراً حيوياً في وضع جدول الأعمال ومراقبة تنفيذه.


    إن مجموعة العشرين تعمل الآن كلجنة توجيهية تقدم الطاقة والتوجيه السياسيين لواضعي المعايير الدولية. وتقوم أيضاً بتقييم التقدم الذي تم إحرازه على صعيد التنفيذ. وسواء كان الموضوع هو المتطلبات الرأسمالية والاختلالات في الحسابات الجارية، أو البنوك التي تعتبر ''أكبر من أن تفشل''، فإن هذا العمل مجهِد من الناحية الفنية والسياسية. لكن مجموعة العشرين تتحرك قدماً وعلى نحو جيد في هذا الجانب.


    مع ذلك، مجموعة العشرين ليست المنتدى المناسب لمعالجة جميع القضايا العالمية، فهي ليست لجنة لإنقاذ العالم. لقد تدخلت مجموعة البلدان الصناعية السبعة في أسواق العملات عقب الزلزال الذي ضرب اليابان. ويقوم تحالف خاص بتنسيق ''منطقة الحظر الجوي'' التي قررت الأمم المتحدة فرضها في ليبيا. وهناك أمور ملحة أخرى تستدعي إجراءً عالمياً – كالتغيير المناخي وفيروس نقص المناعة المكتسب (الإيدز) hiv، ومياه الشرب النظيفة – وتجري معالجتها من قبل مجموعات أخرى. وهنا يجب على مجموعة العشرين أن تحترس من أن تتوسع مهمتها إلى خارج الأهداف الأصلية المقررة لها، الأمر الذي يمكن أن يؤثر سلباً على كفاءتها فيما يتعلق بالقضايا الاقتصادية العالمية التي تدخل في صلب اختصاصها.


    بالنسبة إلى الجيل الثاني من مجموعة العشرين، الأجندة التي وضعها ساركوزي صحيحة بصورة عامة. فهي تركز بالشكل المناسب على تحقيق إجماع على قضايا السياسة النقدية وسياسة المالية العامة، التي من شأنها أن تسمح لقوى السوق بلعب دور أكبر في تحديد أسعار الصرف، وأن تطبق بعض الحدود فيما يتعلق بالاختلالات. لكن يجب على ساركوزي أن يحترس كذلك من الذهاب بعيداً. ففيما يتعلق بالضوابط الرأسمالية، ينبغي أن تتوخى مجموعة العشرين الحذر حول المصادقة على إجراءات تقييد حركات رأس المال، خاصة أن هذا يمكن أن يتعارض مع الهدف العام المتمثل في استعادة النمو العالمي. وفيما يتعلق بالأمن الغذائي، تعتبر المقترحات الفرنسية الخاصة بشفافية العرض والقيود التي تحظر الصادرات مفيدة. لكن يجب الاحتراس من المساواة الخاطئة بين عمق أو سيولة أسواق السلع والمضاربات الضارة، أو الحد من استخدام أدوات التحوط، وهو قيد يمكن في الواقع أن يزيد تقلب الأسعار لا أن يخفف منه.


    إن نجاح قمة ساركوزي ومجموعة العشرين نفسها، يتطلب بذل جهود لمقاومة تدابير الإصلاح المالي التي تؤدي إلى التشرذم والتجزئة على صعيد كل بلد على حدة، وتدريجياً، لتوسعة نطاق الرقابة الدولية الكلية على قضايا السياسة الاقتصادية التي اتسمت من الناحية التاريخية بالصبغة المحلية. لكن إذا حافظت مجموعة العشرين على تركيزها وكانت التوقعات معقولة، فقد يعجب بها حتى المتشككين.




    الكاتب كان مستشاراً للاقتصاد الدولي للرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو. بوش، وهو شريك في شركة سيدلي أوستن المحدودة في واشنطن.
يعمل...
X