نقاء القلوب

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #16
    رد: نقاء القلوب

    تابع أعمال القلوب



    ولذلك فإنه لابد للعباد أن يفيئوا إلى الله في وقت الشدة، وأن يتوكلوا على الله.ومن أهم أعمال القلوب: التوكل على الله. وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [المائدة:23].. وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ [الطلاق:3].. الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ [آل عمران:173-174] هذا كان عاقبة الذين يتوكلون على الله، كفاهم الله الشر والعذاب وكفاهم بأس عدوهم غانمين سالمين، وأرجعهم يعبدون الله ويتبعون رضوانه.



    رسول الله وتوكله على الله كان صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه وذكره لربه: (اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت) وكان يفوض أمره إلى ربه حتى عند النوم يقول: (أسلمت نفسي إليك، ووجهت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، رغبةً ورهبةً إليك) واعتماده على الله سبحانه وتعالى. والتوكل يمكن أن نعرفه بأن نقول: هو تفويض الأمر إلى الله، والتعلق بالله في كل حال، وقطع علائق القلب عن غير الله، كل علاقة بغير الله نقطعها، والاعتماد على الله في حصول المطلوب وزوال المكروب مع الأخذ بالأسباب، هذا تعريف التوكل.


    موسى عليه السلام ينصح قومه بالتوكل على الله .... لما أرسله الله لبني إسرائيل وكانوا في اضطهاد وظلم قال: وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً [يونس:87] اجعلوها عامرة بذكر الله؛ لأن هذا الذي ينجي في الأخطار، وهذا الذي يصبر الناس، فماذا قال موسى لقومه؟ وقال موسى لقومه لمن آمن به: { يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ * فَقَالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا } [يونس:84-85] ولذلك لابد أن يواطئ اللسان القلب فالقلب متوكل واللسان يقول: توكلنا على الله، واللسان يقول: رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ [الممتحنة:4]. يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [الأنفال:64] أي: يكفيك ويكفي المؤمنين الذين اتبعوك، فهو حسبك وحسب من اتبعك من المؤمنين، ولذلك -أيها الأخوة- ثبت من خلال الأحداث بالدليل القاطع أن جمع الأموال وتخزين الأطعمة لا يفيد شيئاً أبداً إذا نزل عذاب الله، فالأموال تذهب كلها، والعدو يستولي عليك وعلى طعامك.

    تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة
    ما الذي ندخره للحظات الشدة؟! التوكل على الله وعبادته، من سره أن يكون الله معه في وقت الشدة، فليكن مع الله في وقت الرخاء،
    ونحن يمكن أن نجني ثمرات ما زرعناه في الماضي من وقت الرخاء عندما نكون الآن في وقت الشدة، فإذا لم نكن قد زرعنا شيئاً فلنستغل الفرصة الآن، فيمكن أن نعبد الله، وأن نتجه إلى المساجد، وأن نصلي ونحن مطمئنون، وأن نتصدق ونخرج من أموالنا، إن أناساً حرموا من الصدقات، قد يريد الصدقة لكن لا مجال أن يتصدق، واليوم صاروا يُتَصدَّق عليهم، ناس كانوا يقولون: هل رأيتم الفقر، فإنا هذا دفناه؟ ناس قالوها في السنوات الماضية والآن صاروا يقبلون ما يُعطى لأولادهم من الثياب المستخدمة، واحد كان عنده خمسين مليون ديناراً، لكنه يقتسم الآن هو وخادمه رغيفاً من الخبز. والله الذي لا إله إلا هو -أيها الأخوة- إذا لم تهزنا الأحداث وتجعلنا نفيء إلى الله عز وجل، فإن الله إذا أخذنا
    قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِذَا قَالَ الرَّجُلُ لأَخِيهِ جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا فَقَدْ أَبْلَغَ فِي الثَّنَاءِ "

    تعليق


    • #17
      رد: نقاء القلوب

      تابع


      والله الذي لا إله إلا هو -أيها الأخوة- إذا لم تهزنا الأحداث وتجعلنا نفيء إلى الله عز وجل، فإن الله إذا أخذنا فإنه سيأخذنا أخذ عزيزٍ مقتدر، ولذلك عليك
      الإكثار من العبادات.. الصدقات.. توكل على الله.. اجمع قلبك على الله! لا تشتت نفسك بالتوكل على غير الله، فإن من توكل على غير الله ذل. والعوام كثيرٌ منهم هوام، لا يعتقدون بالعقيدة الصحيحة في التوكل، ولذلك تجدهم مساكين في ألفاظهم ومعتقداتهم، نسوا قضية التوكل على الله، الناس الآن يتعلقون بأي قشة ونسوا التوكل على الله عز وجل. إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآتٍ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ [الأنعام:134].. فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ [التكوير:26] وإلى أين تهربون؟!! إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ * مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ [الطور:7-8]. أين ثمود؟ أين فرعون ذو الأوتاد؛ الذين طغوا في البلاد؛ فأكثروا فيها الفساد؟ هل كان هناك أشد من فرعون ومن معه من جنده؟! أو أشد من ثمود الذين قطعوا الصخر، وعملوا هذه البيوت التي بقيت إلى الآن: : وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ * وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ [الصافات:137-138]. إذاً مسألة التجميع والاستكثار من الدنيا لا تنفع أبداً وقت الأزمة،


      وما ينفع إلا بالإيمان بالله، فإن كان عندك رصيد من الإيمان نفعك وقت الشدة، وإلا فيمكن أن تصيبك سكتة أو أي شيء من الأمور المفزعة والمضطربة، أو صدمة نفسية وعصبية، لكن المسلم المعتصم بالله، لو أصابته شدة ينقذه الله. الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قال تعالى: أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ [الأعراف:165]. لكن الله عز وجل يمهل فيظن الناس أنه ما أخذ ولن يؤخذ مع أن العذاب قريب: فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ * تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ [الأحقاف:24-25].

      أيها الأخوة: من أعمال القلب: تجديد الولاء والبراء الحق، الولاء لله والبراء من أعداء الله: إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ [المائدة:55] من هم أولياؤنا؟ من هم أحبابنا؟ من هم المقربون إلينا؟ إنهم أولياء الله، إنهم المسلمون المطيعون لله في كل مكان، هؤلاء هم أولياؤنا. من هم أعداؤنا؟ هم أعداء الله: وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ [النساء:45]


      كل عدوٍ لله فهو عدونا، وكل عابدٍ لله فهو صديقنا وأخونا وحبيبنا ومقربٌ إلينا، فلابد أن نتولى الله ورسوله والذين آمنوا، ولابد أن نتبرأ من كل كفرٍ وكافر، وكل شركٍ ومشرك، وكل بدعةٍ ومبتدع، ولابد أن نتبرأ من كل معصيةٍ وفسقٍ وظلمٍ، ونجدد الولاء لله، وهذه قضية قلبية، فمحل الولاء والبراء في القلب. الولاء المقتضي للمحبة: يكون بواسطة القلب، والبراء المقتضي للبغض والعداوة يكون في القلب، ثم تكون أعمال الجوارح بناءً على أعمال القلوب. فإذاً عندما تضيع الولاءات وتختلط لابد من هزيمة قريبةٍ أو بعيدة، وعندما يتحقق الولاء لله سبحانه وتعالى، فإن الله ناصرٌ أولياءه ولا شك: إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ [غافر:51].. كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي [المجادلة:21].
      قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِذَا قَالَ الرَّجُلُ لأَخِيهِ جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا فَقَدْ أَبْلَغَ فِي الثَّنَاءِ "

      تعليق


      • #18
        رد: نقاء القلوب

        تابع

        ومن أعمال القلب أيضاً البصيرة، والبصيرة هي النظر في الواقع من خلال النور الذي يقذفه الله سبحانه وتعالى في قلوب من يشاء من عباده، فإذا قذف الله نوره في قلب عبدٍ مؤمن، فإنه يرى ما أخبرت به الرسل كأنه رأي عين: { قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ }[يوسف:108] فلا أدعو على جهل ولا غفلة، بل أدعو إلى الله على بصيرة، ولا أدعو من منطلقات غيري ومبادئ غيري، بل أدعو إلى الله على بصيرة من ربي: فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ [الحج:46].


        البصيرة بالضبط هي معرفة الحق، تمر بالمسلمين مسائل كثيرة -خصوصاً في أوقات الشدة والمحنة- لا يدرون أين الحق فيها، يضطربون من قائلٍ يقول: هذا هو الحق، ومن قائلٍ يقول: هذا العالِم هو الذي معه الحق، وآخر يقول: هذه الفتوى هي الفتوى الصحيحة، وثالث يقول: الرأي هذا هو الرأي الصواب. يضطرب الناس ويموجون ويختلطون، لكن أين الحق؟ من الذي يدلك على الحق؟ البصيرة.


        من أين تأتي البصيرة؟
        أيها الأخوة: البصيرة التي تأتي بالتفقه بالدين، والتي تأتي بعبادة الله ، البصيرة التي تأتي بالإقبال على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، الذي يقوم بهذه الأعمال يقذف الله في قلبه نوراً يعرف به الحق من الباطل. ولذلك عندما تختلط عليك الأمور فراجع قلبك؛ لأن معناه أن البصيرة فيها خلل. إذا غبشت عندك الصورة في محنة فلم تدر أين الحق، وتقول: أرى أناساً يقولون كذا، وأناساً يقولون كذا، وأسمع من هذا، ومن مصدرٍ آخر.. أين الحق؟ ما هو الحق؟ ما هو الصواب؟ إذا اختلفت الأمور فراجع قلبك.

        ولذلك كان شيخ الإسلام رحمه الله يقول: يا معلم إبراهيم علمني، ويا مفهم سليمان فهمني، يلجأ إلى الله بالدعاء، حتى يكشف له الحق:(اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة ، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، } اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراطٍ مستقيم.

        فائدة البصيرة


        إذا كان عندك بصيرة، فإن أي حدث يحدث سيكون عندك فيه وضوح رؤية، حتى في الأحكام الشرعية والفتاوى الفقهية، إذا ما تبينت لك المسألة فالجأ إلى الله وقل: يا معلم إبراهيم! علمني، ويا مفهم سليمان! فهمني، وقبل ذلك قل هذا الدعاء الذي كان صلى الله عليه وسلم يقوم الليل ويدعو به: (اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك) لماذا نحن نتخبط ونلجأ إلى هذا وهذا ،

        وننسى شيئاً مهماً جداً وهو اللجوء إلى الله؟ ولذلك أيها الأخوة! البصيرة تقتضي كما ذكرنا عبادة، وتقتضي تفقهاً في الدين، ولذلك أنا أنصح كل أخٍ اختلط عليه حكم مسألة من المسائل وأقول له: ابحث فيها بنفسك، افترض أنك تريد معرفة حكم شرعي، في مسألة فقهية، فارجع إلى كتب العلم، انظر ماذا قال أهل العلم في هذه المسألة، وما هي الأدلة، أليس عيباً أن كثيراً من الشباب يضطربون في مسائل فقهية من الواقع الحادث ويقولون: لا ندري هل هذا الحق أو هذا، هذه الفتوى صح أم خطأ، وبين أيديهم كتب ومراجع يستطيعون الرجوع إليها وبحث المسائل فيها؟! لكن نحن تعودنا على الكسل نقول: نريد كل شيء يأتي إلينا جاهزاً، نحن ما عندنا استعداد للبحث، ووالله لو قرأنا وتفقهنا لعرفنا، فيمكن ذلك بقراءة وتفقه، وبمناقشة أهل العلم، ودعاء لله وإخلاص له وتضرع، بهذه كلها نصل إلى الحق.
        قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِذَا قَالَ الرَّجُلُ لأَخِيهِ جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا فَقَدْ أَبْلَغَ فِي الثَّنَاءِ "

        تعليق


        • #19
          رد: نقاء القلوب

          تابع أعمال القلوب

          من أعمال القلوب الاعتبار


          أخذ العبرة من الواقع: قال تعالى { وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْأِنْسَانُ كَفُوراً * أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلاً * أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفاً مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعاً } [الإسراء:67-69].


          الآن -أيها الأخوة- إذا حدثت شدة، أو أزمة، المفروض أن نعتبر ومعنى نعتبر أي: أن تحملنا مصيبة غيرنا -مثلاً- على سلوك السبيل السوي، أو تحملنا المصيبة التي وقعت بنا نحن على تعديل مسلكنا ومنهجنا. يا أخي! أنت تعيش في بلد فحصلت عليك مصيبة، ما هو المفروض عليك؟ عليك أن تعتبر فتتوب إلى الله، وتغير طريقتك، وكذلك جيرانك: واحد نزلت به مصيبة، ماذا ينبغي عليه؟ أن يعتبر فيما نزل به، يتعظ بما نزل به، ويأوي إلى الله، يرجع يتوب ينيب، وماذا ينبغي على جيرانه من حوله؟ ينبغي عليهم أن يعتبروا بمصابه هو، فيقولون: نخشى أن يصيبنا ما أصابهم، فيتوبوا إلى الله هم أيضاً.

          الله جل وعلا يأمرنا بالاعتبار من واقعنا:
          وهذه الآيات مهمة بالنسبة للذين لا يعتبرون: وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ [الإسراء:67] لا أحد أبداً تدعونه إلا الله عز وجل، ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْأِنْسَانُ كَفُوراً [الإسراء67]. انظر الآن إلى المناقشة: أنت يا أيها الذي نجوت الآن من البحر!! يا أيها الناجون الذين أشركوا وأعرضوا بعد نجاتهم -بدلاً من أن يقابلوا نعمة النجاة بشكرٍ لها؛ من الإقبال على الله وترك المعاصي أعرضوا- أنتم أيها المعرضون بعد النجاة: أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ [الإسراء:68]


          هل إذا رجعت إلى البر لا يستطيع الله عز وجل أن يخسف بك البر ؟! ويزلزل بك الأرض؟ بل يستطيع سبحانه وتعالى ، فهو على كل شيء قدير: قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ [الأنعام65].. أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ [الإسراء:68] أنتم الذين نجوتم وأشركتم ، بعد أن خرجتم إلى اليابسة ، وقلتم الآن وصلنا إلى بر الأمان، أتضمن ألا يخسف بك جانب البر: أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً [الإسراء68] مطر فيه حجارة: ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلاً [الإسراء68]. سبحان الله العظيم!



          ربنا عندما يناقش هؤلاء الناس فإن المناقشة في الصميم، لكن المشكلة عدم وجود الذي يعتبر ويفهم؟ أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى [الإسراء:69] أي: هل لن تركب البحر أبداً؟ ألن تعرض لك حاجة وتركب البحر مرة ثانية؟! ممكن: {أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفاً مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِمَا كَفَرْتُمْ } [الإسراء:69] إي والله قد يرجعك مرة ثانية في البحر، لكن هذه المرة يرسل عليك قاصفاً من الريح، فيهدم صواري السفن ، ويغرق المراكب { ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعاً } [الاسراء:69] أي: لا تجدوا أحداً يأخذ بثأركم. ولذلك هناك أناس اعتبروا من هذه المواقف ، وإليكم مثالاً على ذلك:


          عكرمة بن أبي جهل واعتباره عند ركوب البحر


          عكرمة بن أبي جهل صحابيٌ جليل كان كافراً وعدواً لله، ومن صناديد قريش الصادين عن دين الله، ابن عدو الله، لكن أراد الله به خيراً. كيف؟ لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة هرب عكرمة فاراً من رسول الله صلى الله عليه وسلم فركب في البحر ليدخل الحبشة، فجاءتهم ريحٌ عاصف هو ومن معه في البحر، فقال القوم بعضهم لبعض: إنه لا يغني عنكم إلا أن تدعوا الله وحده -انظر سبحان الله! هؤلاء مشركون- هؤلاء المشركون يقول بعضهم لبعض: إنه لن يغني عنكم شيئاً إلا أن تدعوا الله وحده، مثل ما قال الله في القرآن بالضبط. فقال عكرمة في نفسه لما سمع هذا الكلام: [والله لئن كان لا ينفع في البحر غيره فإنه لا ينفع في البر غيره] فالآن حصل الاتعاظ، ونحن عندنا أناس نائمون، يغطون في نومٍ عميق، تأتي لهم بالآيات فلا فائدة، عكرمة بن أبي جهل كم مرة سمع القرآن، وكم مرة سمع الرسول صلى الله عليه وسلم، وكم مرة رأى المسلمين، وكم مرة..؟ لكن كان غافلاً نائماً كافراً.

          هذه المرة شاء الله أن يهديه، هذه المرة استخدم عقله وفكر، نحن نريد من الناس الآن أن يستخدموا عقولهم فيفكروا، الأحداث هذه لابد أن تهز الناس وتوقظهم من غفلتهم، قال عكرمة : [والله لئن كان لا ينفع في البحر غيره فإنه لا ينفع في البر غيره، اللهم لك علي عهدٌ لئن أخرجتني منه سالماً، لأذهبن فلأضعن يدي في يديه -صلى الله عليه وسلم- فلأجدنه رءوفاً رحيماً ]. فخرجوا من البحر سالمين،


          وهنا مرحلة أخرى؛ هل تُرى سيرجع إلى الكفر أم أنه سيواصل على الهداية؟ هذه التي حصلت له الآن، فخرجوا من البحر فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم وحسن إسلامه رضي الله عنه.


          الاعتبار: لا بد من التفاعل مع الأحداث، لابد أن تكون لنا مواقف قلبية مما يدور على ضوء الكتاب والسنة، ولذلك أيها الأخوة! عندما نتأمل في بعض الأقوال التي وردت، مما حصل من مقابلات كثيرة في الجرائد والمجلات والإذاعات وغيرها مع إخواننا المسلمين الذين هربوا من الكويت ، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يردهم، فنجد في بعض التعليقات أن أناساً عندهم جمل وكلمات تدل على أنهم اتعظوا من الواقع. امرأةٌ تقول -باللهجة العامية- تقول: (الله ما سوى فينا إلا شوي) أي: على الأقل نجونا وإلا كان من الممكن أن يخسف بنا خسفاً فيفنينا عن بكرة أبينا، ما قتل منا إلا قلة بالنسبة للناجين. فعندما ينظر الإنسان إلى ذنوبه الكثيرة والمتراكمة وينوب المجتمع كله، ثم أن الله سبحانه وتعالى يذكر بشيء، فهناك ما هو أصعب منه وأغلظ وأشد بكثير، فلا بد أن يعتبر.
          قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِذَا قَالَ الرَّجُلُ لأَخِيهِ جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا فَقَدْ أَبْلَغَ فِي الثَّنَاءِ "

          تعليق


          • #20
            رد: نقاء القلوب

            تابع أعمال القلوب

            من أعمال القلوب الاعتبار

            فهناك ما هو أصعب منه وأغلظ وأشد بكثير، فلا بد أن يعتبر.

            ولابد أن نعرف أن اليقظة من لوازم الاعتبار
            والقلب من أعماله اليقظة: قلب المسلم لابد أن يكون متيقظاً، لا سهو ولا غفلة، فإذا سها وغفل ذكر الله قال تعالى:

            إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ [الأعراف:201] انظروا إلى هذه الآيات: هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْك وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ * فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ [يونس:22-23].


            هذه هي المشكلة الآن عندنا، مشكلة الناس الذين نجوا ومع ذلك فهم مصرون على الباطل، مصرون على المعاصي، مصرون على الفواحش، مصرون على الخمور ، مصرون على الربا، مصرون على ترك الصلوات، أي: المشكلة أن الناس لا يتعظون من أول ضربة ، وهذه شبه قاعدة، أن الناس ما يتعظون من أول ضربة ، بل لا بد أن تأتي أولى وثانية وثالثة ورابعة ، ومع كل ضربة يستيقظ أناس، ومع كل محنة يستيقظ أناس، ومع كل شدة يستيقظ آخرون... وهكذا لا تستيقظ الشعوب من أول محنة.


            ولذلك تجد الناس يدخلون في المحنة وتقع عليهم شدة ومع ذلك يخرجون كأن شيئاً لم يقع، فما زالوا منغمسين في المعاصي والأوحال، نقلوا فسادهم من مكان إلى آخر. لكن لا يخلو الأمر من أناس اتعظوا، ثم بعد ذلك تأتي محنةٌ أخرى وثالثة ورابعة حتى يستيقظ الناس، والله عز وجل جرت سنته هكذا: فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [يونس:23]. هذه قصة سمعتها عن امرأةٍ بواسطة، تقول: هي امرأة من بلدٍ أصابها الله بالدمار والحروب، ولم تزل الحروب فيها قائمة -


            في بلد ما- نقول بصراحة: نحن كنا نخرج ونغني ونرقص، فإذا جاءت غارة جوية وقصفتنا -مثلاً- دخلنا في الملجأ تحت الأرض، فإذا انتهى القصف والغارة طلعنا وكملنا الأغنية والرقصة. إيه والله.. هذا شيء مدهش! نرقص ونغني! وبعد أن تنتهي الغارة نطلع نكمل الرقص والأغنية! معناها: يوجد أناس مهما أصابهم لن يتعظوا. يا أخي! واحد قلبه ميت، ماذا ترجو من ورائه، نريد أن نذكر أنفسنا ونذكر غيرنا لعل الله عز وجل أن يهدي أُناساً؛ لأنه لن يخلو الناس من منتصحين وأناسٍ يقبلون الكلام: وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ [الذاريات:55] فلنقم بواجب التذكير، ثم من اهتدى فلنفسه ومن أساء فعليها.


            أين التضرع التضرع إلى الله واللجوء إليه من أعمال القلب أيضاً: التضرع إلى الله سبحانه وتعالى: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ [الأنعام:42]. الله عز وجل رحيم، كان من الممكن أن يقبضهم ويموتوا على الكفر ويدخلوا جهنم، لكن الله عز وجل يمس المدن والقرى والبلدان بعذاب؛ لعل بعض هؤلاء الناس يهتدون من خلال العذاب والمحنة؛ فتصلح أحوالهم فإذا جاءهم الموت كانوا على هداية. وهذه من رحمة الله..

            كيف يكون العذاب من رحمة الله؟ كيف تكون المحنة من رحمة الله؟ هكذا تكون ناس في غفلة، فيسلط الله عليهم عذاباً من السماء أو من الأرض بواسطة بشر أو بغير واسطة البشر، فإذا سلط الله عليهم رجع أناس، فيهتدون ويموتون على الهداية، وكان من الممكن أن يموتوا على الغواية بدون العذاب، فكان العذاب بالنسبة لهم رحمة، وعلى الأقل يُكَفِّر سيئاتهم بالمصائب الحالة بهم. فإذاً هذه الشدائد والمحن رحمة من الله، كم اهتدى بها أناس، وكم كفر الله بها سيئات أناس، وكم زاد الله بها أناساً -قلوبهم ميتة- زادهم إثماً على إثمهم؛ ليكون عذابهم في جهنم أشد وأبقى.
            وانظر تجد ظالماً ومنتفشاً وطاغية: أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْماً
            [آل عمران:178]



            واحد من الناس يقول: هؤلاء أقوياء؛ هذا قوي؛ هذا جبار، وهؤلاء عندهم أسلحة: إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْماً [آل عمران:178]. قل لي الآن بعد خمسمائة سنة، الأحداث التي نعيشها نحن الآن، فيها ظالم ومظلوم وفيها كفار ومسلمون، هذه الأحداث بعد خمسمائة سنة ماذا ستكون؟
            هذه الأشياء التي أرعبتنا وخوفتنا، والتي طغت على حياتنا، وعكرت أمزجتنا، وأقلقتنا وأقضت مضاجعنا
            قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِذَا قَالَ الرَّجُلُ لأَخِيهِ جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا فَقَدْ أَبْلَغَ فِي الثَّنَاءِ "

            تعليق


            • #21
              رد: نقاء القلوب

              تابع أعمال القلوب

              من أعمال القلوب الاعتبار



              هذه الأشياء التي أرعبتنا وخوفتنا، والتي طغت على حياتنا، وعكرت أمزجتنا، وأقلقتنا وأقضت مضاجعنا ، بعد سنين طويلة، بعد خمسمائة سنة مثلاً ماذا تكون هذه الأحداث؟ يمكن أن تكون سطرين في كتاب تاريخ، إي والله، ويقال عنها: وفي سنة 1411هـ كانت وقعة كذا وكذا حصل فيها كذا وكذا. ولكن كل شيء مكتوب، صحف الأعمال مكتوبة عند الله، الظالم والمظلوم.. القاهر والمقهور.. الجبار الباطش، والمسكين الضعيف.. المسلم الذي اهتدى والمسلم الذي ظل على فسقه.. هذا الذي كفر بنعمة الله، والذي زادته المصيبة إيماناً، والذي زادته المصيبة نفاقاً وكفراً،



              كله مكتوب عند الله عز وجل: فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى [طه:52]. وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ * فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ * فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الأنعام:42-45]. قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ * قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ * قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ [الأنعام:63-65]. وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ [المؤمنون:76]. وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى [السجدة:21] -في الدنيا- دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ [السجدة:21].


              حوادث من التاريخ



              أريد -أيها الأخوة- في خاتمة هذا الحديث أو في الربُع الأخير منه أن أستعرض معكم بعض الأحداث التي مرت بالأمة الإسلامية، ونرى فيها ماذا حدث في واقع المسلمين، وهل كانت هناك أحداث ضخام! وما مدى ضخامتها! وكيف تصرف المسلمون تجاهها! لأنني على يقين تام بأن دراسة التاريخ الإسلامي مسألة في غاية الأهمية بالنسبة لنا نحن الآن؛ لأننا نعيش في هذا القرن الخامس عشر الهجري، لأن كثيراً من الأحداث تتشابه، نعم. قد لا تتشابه بالأرقام والمواقع وأسماء الناس، لكن تتشابه في الظروف والأحوال والمواقف التي عبر بها الناس تجاه الفتنة والمحنة وهكذا لنَصل من خلال هذه الأحداث إلى عبرة ونعرف من خلالها: أولاً: نحن الآن نعيش في أحداث ضخمة لا شك، هل مرت بالمسلمين أحداث ضخمة؛ وربما تكون أضخم مما تمر بنا الآن؟ ثانياً: ما هو موقف المسلمين تجاه هذه الاحداث؟





              التتار واكتساحهم لبلاد المسلمين:
              ويمكن أن نعلم من الأحداث ما هي الأخطاء التي وقع فيها المسلمون، والتي يجب علينا أن نتجنبها الآن! عندما نقول: نتضرع إلى الله، كيف كانت إذا نزلت المصيبة بالمسلمين، وماذا كانوا يعملون؟ في فترة من تاريخ المسلمين، تقريباً من سنة 616 هـ إلى سنة 665هـ وما بعدها بقليل،

              هذه الفترة من التاريخ الإسلامي حفلت بأحداث رهيبة وعاصفة، كان فيها ثلاث أحداث مهمة
              قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِذَا قَالَ الرَّجُلُ لأَخِيهِ جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا فَقَدْ أَبْلَغَ فِي الثَّنَاءِ "

              تعليق

              يعمل...
              X