خطر المعصية وأوجه تغليظها

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • خطر المعصية وأوجه تغليظها

    هناك فرق بين المعصية والبدعة والتشريع ، وكلامنا هنا عن المعصية، ونوضح أمورًا مهمَّة:
    أمَّا المعصية، فهي مطلق المخالفة.. وهي غير مكفِّرة، إلاَّ على مذهب الخوارج المعلوم البطلان بالضرورة، فالمعصية ليست كفرًا ما لم يقترن بها استحلالٌ أو ردٌّ.
    والمعصية قد تفحش وتتغلَّظ بأمور:
    فالمجاهرة بالمعصية يزيدها فحشًا.. والإصرار يزيدها كذلك فحشًا، وهو المعاودة للذَّنب دون توبة، وتأثُّر الغير بالذنب يزيدها كذلك فحشًا، ويكتب لصاحبها مثل وِزر مَن عمل بها بسببه.. وتقليد الغير لصاحب المعصية يُكتب له به نسخة من عمل العامل بمعصيته تقليدًا له، والاحتيال على أمر الله تعالى معصية بنفسها؛ كما قال أيوب السختياني رحمه الله: "يخادعون الله كما يخادعون الصبيان، ولو أتوا الأمر على بابه - يعني المعصية - لكان أهون".
    ومثال هذا: التبرُّج، فيمن لم تكذِّب أو ترد حكمَ الله تعالى بوجوب الحجاب وتحريم التعرِّي، فإذا كذَّبَت أو استحلَّت ما حرَّم الله أو قالت: لا دخل للدِّين في هذا - فهذا خرق لأصل الإيمان، وهو ردَّة عن دين الله تعالى؛ لردِّها لحكمه تعالى.
    أمَّا إذا صدَّقَت بخبر الله وقبلَت حُكمَه فرديًّا وجماعيًّا، ولم تَطعن فيه، بل وثقَت أنَّ حكم الله تعالى خير وأنَّه لا خير منه - فهذه مسلِمة، فإن تبرَّجَت فهي معصية، فإذا انضمَّ إلى هذا خروجها للناس بهذا التبرج - فالمجاهرة طبيعة هذه المعصية - فهذه المجاهرة تتغلَّظ بها المعصية فتصير أفحش.
    فإذا عاودَت المعصية مرَّة بعد مرَّة، كان إصرارًا، وهو يزيد المعصية فحشًا أشد.
    وكلاهما يزيد من جرأة القلوب على الله تعالى، وتوهين الخوف والخشية من الله واليوم الآخر، وتقليل الشعور بالتأثُّم والتحرُّج من معصية رب العالمين.. فعمَل القلوب يَستلزم عمل الجوارح، وعمل الجوارح يؤثِّر في القلوب.
    فإذا انضمَّ إلى هذا الاحتيالُ على أمر الله تعالى بدل الامتثال؛ كمن ترتدي البناطيل والملابس الضيِّقة ثمَّ تضع على رأسها خرقة، ثم تخرج مبتسمة: أنا تحجبت! - فهذا احتيالٌ على أمر الله تعالى؛ فإنَّها لم تسأل: كيف تَمتثل أمر الله؟ لتَعرف ما هو الحجاب الشرعي، أو هي تَعرفه وتتهرَّب منه بالاحتيال الذي يريح ضميرَها مؤقَّتًا، لكن حقيقة الأمر أنَّ هذا أشد من التعرِّي الصَّريح؛ لأنَّها تبرَّجَت وقامَت بها المفسدة التي من أجلها نهى الله تعالى عن التبرُّج، وزادَت إلى المعصية معصية أخرى؛ وهي الاحتيال على الأمر.
    ولما أمر الله أمَّةً قبلنا بأمرٍ، فاحتالوا عليه وأوهموا أنَّهم امتثلوه، ولكنَّهم في الحقيقة خالَفوه، ممَّن حرم تعالى عليهم صيد يوم السبت، فنصبوا الشِّباك يوم الجمعة فدخل فيها الصيد يوم السبت - محل النَّهي - وتركوه حتى مرَّ السبت، وأخذوا هذا الصَّيد يوم الأحد، فعندئذٍ مسَخهم الله تعالى قِرَدة خاسئين؛ إذ القرد أَشبه الحيوانات بالإنسان وحقيقته هي الحيوانيَّة.. وكان هذا مناسبًا لعملهم؛ لأنَّهم قدَّموا صورة العمل وحقيقته المخالفة لِما أمر الله، فمُسخوا على هيئةٍ قبيحة حيوانيَّة في حقيقتها تشبه الإنسان كشبه عملهم بالمأمور، وقبيحة كقُبح الاحتيال، وحقيقتها الحيوانيَّة كحقيقة مخالفتهم للأمر..
    فإذا اكتسب إنسان ذنبًا بسبب المتبرِّجة (المسلمة)؛ بأنْ نَظر إليها بشَهوة واكتسب قلبُه معصيةً بسببها، كُتب لها نُسخة من وِزره؛ لأنَّها تسبَّبت فيه؛ إذ إن القاعدة الشرعيَّة أنَّ كل مَن عمل عملاً، كُتب له عمله، وكُتب له ما تسبَّب فيه ولو لم يَقصده، صالحًا كان العمل أو سيئًا، صالحًا كان التأثير أو سيئًا..
    أما إذا قصدتَ تأثر الغير بها، فهو أَجرأ على الله تعالى وأَعظم للذَّنب.
    والتسبُّب في معصية الغير فُحش مضموم للذَّنب والمعصية، يتغلَّظان به.
    فإذا قلَّدَتها امرأةٌ أو فتاة أخرى وفعلَت مثلها، عندئذٍ يُكتب لهذه المتسبِّبة في تقليد الغير لها نسخةٌ من تبرُّجِ مَن تأثرَت بها.. وهذا مثل ابن آدم الأول الذي يُكتب له نصيبٌ من سيئات كلِّ جريمة قتلٍ ظالم.
    فإن تسبَّبَت الثانية في معصية الغير، كُتب مثل حِمل سيئاتها وما تسبَّبَت فيه، للمتسبِّبة الأولى.. وهكذا، وكلُّ هذا داخلٌ في قوله تعالى: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ ﴾ [يس: 12]؛ يعني: أَعمالهم وما تسبَّبوا فيه.. فالملائكة تَكتب على العبد والأَمَةِ العمَل وأثرَه.
    فالمعصية في ذاتها مخالَفة وسيِّئة، وقد تتغلَّظ بالمجاهرة، أو الإصرار، أو الاحتيال، أو التسبُّب في معصية الغير، أو تقليد الغير لها..
    قد تتغلَّظ بأحد هذه الأمور أو بعضها أو كلها؛
    والله تعالى العاصِم والتائب على خلقه.




    فتح حساب فوركس اسلامي معنا المميزات و الخطوات

  • #2
    رد: خطر المعصية وأوجه تغليظها

    اللهم ابعدنا عن الذنوب والمعاصي
    استغفر الله العظيم وأتوب إليـــــه

    تعليق


    • #3
      رد: خطر المعصية وأوجه تغليظها

      بارك الله فيك

      وجزاك الله خير

      تعليق

      يعمل...
      X