سلسلة حلقات اقتصادية - الحلقة 3 : النقود الورقية ( العملات )

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • سلسلة حلقات اقتصادية - الحلقة 3 : النقود الورقية ( العملات )

    سلسلة حلقات اقتصادية - الحلقة 3 : النقود الورقية ( العملات )




    إن التطور النقدي لم يكن إلا محاولات مستمرة نحو تخفيض تكاليف المعاملات ، فكما كان ظهور النقود نفسه عبارة عن خطوة نحو تفادي الكثير من مشاق وتكاليف المقايضة ، فإن تطور النقود نفسه جرى أيضاً وراء نفس الهدف . كذلك فإن فكرة النقود تطورت على مر العصور من كونها سلعة لها كيان مادي ملموس وقيمة ذاتية حقيقية ، إلى أن أصبحت في الوقت الحاضر مجرد مفهوم قد لا يكون له كيان مادي أو أي قيمة ذاتية على الإطلاق ، طالما اتفق أفراد المجتمع على قبوله .

    نشأة وتطور الأوراق النقدية :

    من المؤكد أن ظهور الأوراق النقدية تزامن تقريباً مع اختراع الورق ذاته ، وقد كان الصينيون أول من عرف بأنهم استعملوا الأوراق النقدية . واستعمال الأوراق النقدية ليس تطوراً حديثاً نسبياً ، ولذلك فإن أقدم ورقة نقد يعود تاريخها إلى سنة 680 ميلادية . ففي تلك الفترة ظهرت صعوبات في الدفع النقدي بسبب نقص معدن النحاس ، مما أدى إلى وجود قليل من النقد للتداول والذي كان أغلبه مصنوعاً من النحاس ، حيث كان من نتائجه تعطيل التجارة وصفقاتها . وقد أخذ الناس يتركون حقائبهم المليئة بالنقود لدى التجار بدلاً من حمل تلك الأشياء الثقيلة ، وذلك مقابل وصولات تذكر فيها قمية النقود المودعة ، وهي تمثل نقوداً حقيقية مودعة لدى التجار . وهكذا انتشرت هذه الطريقة وعملت بها حكومة "تانغ" الصينية وأصبحت تعرف "بكمبيالات تانغ" أو "النقود السريعة" وكانت في الأصل تطبع على لحاء شجر التوت وتحمل تحذيراً ضد التزوير تحت طائلة عقوبة الموت .

    ولكن هذا الاختراع الصيني لم يستخدم بعقلانية بسبب إصدار كميات كبيرة من هذه الأوراق ، فنتج عن ذلك تضخم مالي ( زيادة مفرطة في الأوراق النقدية ) وارتفعت الأسعار بحدة ، ثم تبعها بطبيعة الحال انخفاض في القوة الشرائية ، فعانى الشعب الصيني خسائر مالية كبيرة من ذلك رغم المحاولات العديدة لاسترداد تلك الأوراق وتعويض مالكيها . وقد أجبرت هذه المأساة الصينيين في منتصف القرن الخامس عشر على التبرؤ من الأوراق النقدية .

    وفي القرن السابع عشر تأصلت عادة معينة في المجتمعات الأوروبية ، تمثلت في أن يحمل الأفراد ما لديهم من عملات معدنية أو سبائك نفيسة أو أية أشياء ذات قيمة ويعهدون بها إلى بعض الأفراد كالتجار والصاغة والصيارفة ، وأحياناً رجال الدين ممن يملكون بالضرورة لطبيعة عملهم خزائن حديدية قوية ، وذلك ليحتفظوا لهم بتلك الأشياء النفيسة في مكان آمن من مخاطر السرقة والضياع ، وذلك مقابل مبلغ معين ( فائدة ) يدفعونه لهم مقابل هذه الخدمة . ومن ناحية أخرى ، كان أولئك التجار والصاغة والصيارفة ( المودع لديهم ) يقومون بتحرير "شهادة ورقية" يتعهدون فيها للمودعين بردّ ما أودعوه لديهم بمجرد طلبهم . ولقد كانت هذه الشهادات تصدر في البداية "اسمية" أي باسم المودع . وعندما كان المودع يحتاج إلى إيداعاته من الذهب لإتمام عملية شراء ما ، كان عليه أن يذهب إلى المودع لديه ويسترد وديعته الذهبية مقابل "الشهادة الورقية" التي كانت لديه ، ويدفع هذا الذهب إلى البائع الذي يشتري منه .

    ومن ناحية أخرى ، كان البائع الذي يتلقى هذا الذهب يحمله بدوره مرة أخرى ليودعه لدى إحدى مؤسسات الإيداع ( التجار والصاغة والصيارفة ) ليحتفظ به لديه في مقابل "شهادة ورقية" جديدة باسم هذا الشخص ( البائع ) . ومع انتشار استخدام هذه الشهدات وذيوعها بين الأفراد ، سرعان ما تخلوا عن حمل الذهب في كل مرة يحتاجون فيها إلى إنجاز إحدى صفقات البيع أو الشراء أو في تسوية الديون ، واكتفوا "بتظهيرها" لبعضهم البعض كوسيلة لنقل ملكية هذه الشهادات دون الحاجة إلى الرجوع إلى الجهات المودع لديها لاستيفاء ما يعادل قيمتها ذهباً ، وذلك استناداً إلى ثقتهم في هذه الجهات .

    ومع استقرار الثقة في قدرة مؤسسات تلقّي الودائع ( التجار ، الصاغة والصيارفة ) على الوفاء بقيمة ما لديها من ودائع في صورة معدن نفيس في أي وقت ، ازداد انتشار استخدام "الشهادات الورقية" في تسوية المبادلات بدلاً من استخدام النقود المعدنية ذاتها وتعريضها للسرقة والضياع . ورأت مؤسسات إصدار هذه الشهادات الورقية تسهيلاً من جانبها لعملية تداول هذه الشهادات دون القيام بالتظهير عند كل عملية تبادل ، أن تقوم بإصدار "شهادات لحاملها" بحيث تنتقل ملكيتها بمجرد انتقال حيازتها دون حاجة للتظهير ، وذلك لكي تحل محل الشهادات الاسمية القديمة . وهكذا بدأت هذه الشهادات تنوب عن النقود المعدنية النفيسة في تأدية وظائف النقود دون أن تصبح في حد ذاتها نقوداً ، بل أصبحت من قبيل "النقود القريبة" التي تصلح لتسوية المبادلات كبديل للمعدن النفيس الذي تمثله ، دون أن تكتسب نتيجة لذلك جميع خصائص هذا المعدن الذي ظل وحده النقود الأساسية في المجتمع والتي لها "قوة إبراء غير محدودة".

    ولذلك عرفت هذه الشهادات الورقية باسم "النقود النائبةRepresentative Money " ، ويلاحظ أنه خلال تلك الفترة فإن تملك الشهادات الورقية المصدرة ( النقود النائبة ) كانت قيمتها تعادل دائماً قيمة الإيداعات الذهبية الموجودة لدى الجهات التي تصدر هذه الشهادات ، بمعنى أن الغطاء السلعي للنقود الورقية النائبة كان دائماً يعادل 100% ذهباً أو أي معدن نفيس آخر كالفضة ، تستند إليه وحدة النقد الورقية المصدرة .

    وعندما ظهرت المصارف ( البنوك ) كتطور طبيعي لاتساع أعمال الصاغة والصيارفة القدامى ، فإنها استأثرت بعملية إصدار "الشهادات الورقية" وذلك في صورة "سندات لحاملها" بفئات مختلفة 5 ، 10 ، 50 .. إلخ لتسهيل إبراء مختلف أنواع المعاملات حيث لم تعد هناك حاجة إلى "تظهير" الشهادات ، بل كانت ملكيتها تنتقل بمجرد التسليم والحيازة .

    وباتساع أعمال المصارف تأكد لديها أن الشهادات الورقية المصدرة تقوم دائماً بكل وظائف النقود دون أن يحاول حائزوها المطالبة بتحويلها إلى ذهب ، إلا في القليل النادر ، أو على الأقل فإن طلبات السحب اليومية كان يقابلها في العادة إيداعات معدنية جديدة بحيث يظل في النهاية في خزائنها مقادير هائلة من المعدن النفيس عاطلة دون عمل . ولقد ساعد على ذلك أن المصارف كانت في مرحلة سابقة قد بدأت تدفع فوائد على الإيداعات المعدنية التي يودعها الأفراد لديها ، بعد أن كان الأفراد قبل ذلك ( في فترة الصاغة والصيارفة الأوائل قبل ظهور المصارف ) يدفعون لمتلقي هذه الايداعات عمولة ( فوائد ) نظير حراستها لهم .

    ومع انتظام أعمال المصارف واستقرار ثقة المودعين فيها ، بدأت المصارف تقوم بعملية منح قروض ذات فائدة لمن يشاء ( وبالطبع كانت هذه الفائدة أعلى كثيراً من الفائدة التي تدفعها المصارف للمودعين ) ، وكذلك في الحصول على ما ترغب هي في حيازته من أصول جديدة جالبة للعائد ، وهكذا كانت المصارف تحقق من وراء هذه العملية أرباحاً هائلة . والذي كان يحدث عملياً هو أن المقترضين من المصارف كانوا يحصلون على النقود التي يقترضونها ليس في صورة نقود معدنية بل في صورة تلك السندات لحاملها ( الشهادات الورقية ) ، الأمر الذي أغرى المصارف على خلق المزيد من هذه الشهادات الورقية دون أن تلتزم بوجود ودائع معدنية نفيسة حقيقية تقابلها ، جرياً وراء تحقيق المزيد من الأرباح عن طريق التوسع في الإقراض .

    ثم حدث تطور آخر في تاريخ النقود الورقية حين ظهرت أول محاولة حقيقية لإصدار نقود ورقية في عام 1656 عندما أصدر مصرف "استوكهولم" ( الذي أسسه في السويد رجل المصارف الشهير بالمستراخ ) لأول مرة "سندات ورقية" تمثل ديناً عليه ( على المصرف ) قابلة للتداول وتعهد بأداء قيمتها بالنقود المعدنية عند الطلب . وبانتشار استخدام هذه السندات صار من الواضح أنها تقوم بوظائف النقود وانفصل إصدارها عن مجرد إيداع نقود معدنية لدى المصرف ، وأصبح الإصدار مرتبطاً في الواقع بعمليات الائتمان التي يمنحها المصرف .
    ولم يأت القرن التاسع عشر إلا وكانت النقود الورقية التي تصدرها مختلف البنوك ، والتي سميت لهذا السبب باسم "بنكنوت Bank Note" ، مصاحبة للنقود المعدنية في التداول كأداة نقدية تقوم بالوظائف جميعها .

    وهكذا تسابقت المصارف التجارية في إصدار المزيد من أوراق البنكنوت ( والتي لم يكن لها بالطبع علاقة ثابتة بالرصيد المعدني النفيس ) جرياً وراء تحقيق المزيد من الأرباح ، الأمر الذي كثيراً ما كان يعرض المجتمعات لاحتمالات الوقوع في مشاكل التضخم ويولد المزيد من عوامل عدم الاستقرار الاقتصادي . وباحتمال زيادة حدة المنافسة بين هذه المصارف في ميدان التوسع في الإصدار بدرجة قد يعجز بعضها عن مقابلة التزاماته أمام أصحاب الودائع المعدنية ، ونظراً لخطورة الإفراط في إصدار أوراق البنكنوت ، كان على الحكومات أن تتدخل لتنظيم إصدار هذه النقود الورقية ، حيث حصرت حق إصدارها في أول الأمر على عدد محدود من المصارف ، ثم في النهاية منحت حق امتياز إصدار أوراق البنكنوت لمصرف واحد فقط عادة ما كان أحد المصارف الكبيرة ذات السمعة الحسنة في الدوائر المالية ، وكان هذا مؤاة لما يسمى الآن بـ "المصارف المركزية Central Banks" .

    وفي البداية كان المصرف المركزي يقوم بعملية الإصدار وببعض الخدمات المالية والمصرفية الأخرى التي تطلبها منه الحكومة ، إلى جانب استمراره في مزاولة أعماله المصرفية المعتادة كمصرف تجاري يسعى إلى تحقيق الربح . ولكن سرعان ما وجدت المصارف المركزية أنه من الصعب أن تستمر في منافسة المصارف التجارية العادية ، خصوصاً أنه كان من بين المهام التي أوكلتها إليها الحكومة مهمة الإشراف على المصارف التجارية الأخرى ، والتنسيق بين عملها ، وتوجيهها بما يتفق والسياسة العامة للدولة . ومن ثم كان على المصارف المركزية للحفاظ على مركزها الأدبي بين المصارف الأخرى أن تكف عن منافستها وتكتفي بدور "الأب الروحي" لتلك المصارف .

    ولقد ظلت أوراق البنكنوت مثلها مثل "النقود النائبة" القديمة تتمتع في جميع الحالات بالقبول الاختياري من جانب الأفراد ، بمعنى أنه كان يحق للدائنين دائماً قبول أو عدم قبول استيفاء حقوقهم من قبل المدينين في صورة أوراق بنكنوت ، حتى مع تأكدهم التام بقابليتها للتحويل فوراً إلى معدن نفيس بمجرد مطالبة الجهة التي أصدرتها ( المصرف المركزي ) . ولذلك يقال في مثل هذه الحالات أن النقود الورقية ( البنكنوت ) كانت ذات "سعر اختياري" حيث بالرغم من كونها نقوداً من الناحية الفعلية تتداول وتؤدي جميع وظائف النقود ، إلا أنه لا يوجد أي "إجبار قانوني" يفرض على الأفراد ضرورة قبولها في التعامل كوسيلة لإبراء الديون وتسوية الذمم .

    غير أنه منذ منتصف القرن التاسع عشر بدأت الحكومات تتدخل في تنظيم عملية قبول وتداول أوراق البنكنوت ، عن طريق إضفاء الطابع القانوني عليها . فبعد أن كان قبول الأفراد لأوراق البنكنوت يستند فقط إلى العادات ، أصبح الأفراد مجبرين قانوناً بقبول البنكنوت في تسوية معاملاتهم وإبراء ذممهم . وتسمى هذه العملية بفرض "السعر القانوني أو الإجباري" على أوراق البنكنوت حيث يصبح لها قوة إبراء غير محدودة بنص القانون ، وبالتالي أصبح لا يحق لأي فرد الامتناع عن قبولها في تسوية المعاملات أياً كان حجم وقيمة هذه المعاملات . وهكذا لم تعد أوراق البنكنوت "نقوداً اختيارية" بل أصبحت "نقوداً قانونية إجبارية Legal Tender" .

    غير أن فرض السعر القانوني لم يوقف إمكانية تحويل أوراق البنكنوت إلى ذهب متى طلب المتعاملون ذلك من جهة الإصدار ( المصرف المركزي ) ، أي أن أوراق البنكنوت وإن أصبحت نقوداً قانونية إلا أنها استمرت نقوداً "غير انتهائية" أي أنها "قابلة للتحويل" . إلا أنه بعد أن تزايدت الصعوبات الخاصة بإمكانية تحويل أوراق النقد القانونية إلى ذهب ، وذلك مع إرهاصات نشوب الحرب العالمية الأولى واستنزاف معظم الأرصدة الذهبية الموجودة في خزائن المصارف المركزية في معظم دول العالم في تمويل متطلبات الاستعداد العسكري ، سرعان ما بدأت كل دول العالم تباعاً تفرض السعر الإلزامي للنقود الورقية والذي بمقتضاه أصبحت هذه النقود "غير قابلة للتحويل" إلى معدن نفيس أي أصبحت "نقوداً انتهائية" ، حتى لنجد أنه لم تنته الثلاثينات إلا وكانت معظم دول العالم قد تخلت تماماً عن قاعدة الذهب وفرضت السعر الإلزامي على عملاتها .

    وهكذا أصبحت كل العملات الورقية المتداولة حالياً في كل دول العالم من قبيل "النقود الاستبداديةFiat Money " أي نقوداً قانونية إلزامية . فهي استبدادية لأنه لا يحق لأي فرد في المجتمع الامتناع عن قبولها ( لأنها قانونية ) من ناحية ، ومن ناحية أخرى لا يحق لحائزها أن يطالب جهة إصدارها بتحويلها إلى ذهب ( لأنها أصبحت إلزامية انتهائية ) .

    ومن الجدير بالذكر أن فرض السعر القانوني بصفة عامة يسبق تاريخياً فرض السعر الإلزامي ، أو على أقل تقدير يفرض السعران القانوني والإلزامي معاً في نفس الوقت كما حدث في مصر 2 أغسطس 1914 . وقبل فرض السعر الإلزامي للنقود الورقية ، فإنها رغم كل التطورات التي حدثت عليها بما في ذلك فرض "السعر القانوني" لها ، ظلت في مقام "النقود القريبة" بحيث كان من حق حائزيها تقديمها لجهة الإصدار ( المصرف المركزي ) والحصول على قيمتها ذهباً أو فضة حسب الأحوال ، وظل النقد الأساسي هو النقد المعدني سواء ذهباً أو فضة . ولكن بمجرد فرض السعر الإلزامي على النقود الورقية وانفصام العلاقة بينها وبين أي معدن نفيس ، بدأ بالفعل عصر الورق كنقود ، وأصبح لكل بلد من بلدان العالم الحديث نقده الورقي ( الاستبدادي ) الذي يستمد وضعه كوسيط للمبادلات من القانون المحلي الذي يلزم المواطنين بقبوله لأداء هذا الغرض .

    الوحدات النقدية :

    ليست النقود ثراء بحد ذاتها ، إنها معيار يمثل الثراء . لذا فإن نقود الدولة الغنية ( الدولة التي لا تملك موارد طبيعية وحسب ، بل إدارة جيدة وتوزيعاً عادلاً للموارد وصناعات وتجارة مزدهرة .. ) هي نقود جيدة . وفي المقابل فإن نقود الدولة الفقيرة ( التي لا موارد طبيعية لها ، مع فروق اجتماعية كبيرة ، واقتصاد غير مستقر .. ) هي نقود ضعيفة . لذا ففي التجارة الدولية تفضل النقود التي تصدرها الدول الغنية ، وأقواها حالياً الدولار الأمريكي ، اليورو ، الين الياباني ، الجنيه الاسترليني ، الفرنك السويسري ، الدولار الأسترالي ، الدولار النيوزيلندي ، والدولار الكندي .

    حين كانت العملات مسكوكة على الذهب ، كانت العلاقة بين شتى العملات الوطنية مبنية بشكل رئيسي على كمية الذهب الخالص المتضمنة في كل منها ، أو في كمية الذهب التي يمكن أن تحول إليه العملة . فمثلاً إذا كان الدولار الأمريكي يمكن تحويله إلى 15 غرام من الذهب والفرنك السويسري إلى 5 غرامات ، فمن البديهي أن الدولار يساوي ثلاثة فرنكات سويسرية وأن الصرافة ليست إلا كمية العملة الوطنية اللازمة للحصول على وحدة نقدية أجنبية .

    واليوم لم تعد قيمة العملات مرتبطة بالذهب ، إذ يجب على الأخص أن نأخذ بعين الاعتبار غنى الدولة التي تصدرها . كما يتأثر سعر الصرف بحجم التبادلات التجارية بين البلدان ، أي ما يسمى بالميزان التجاري . فإذا لم تتوازن التبادلات ، أي إذا كانت قيمة الواردات ( التي هي نفقات ) تفوق قيمة الصادرات ( التي هي مداخيل ) ، فإن البلد المدين ( أي الذي عليه دين ) يجب أن يدفع الحساب ( عجز الميزان التجاري ) من قيمة الذهب أو العملات الأجنبية الاحتياطية عنده . وإذا بقي البلد طويلاً على هذا الحال ، فإنه ينتهي به الأمر إلى الافتقار ، وإلى فقدان القدرة الشرائية للعملة الوطنية . إلا إذا استطاع البلد أن يحصل على عملات قوية ، إما بفضل السياحة ، أو بتصدير منتجاته إلى بلدان أخرى .

    وخلاصة القول أن سوق العملات الأجنبية وصرافة العملات كغيرها من السلع تتأثران بشكل أساسي بمبدأ العرض والطلب التي تمر عبر المصارف .
    ولكي تتجنب الحكومة مساؤى التقلبات أو التغيرات الزائدة لقيمة العملات ، تعمد إلى التدخل في السوق بواسطة صندوق لموازنة العملات ، ومراقبة لقيمة الصرف ، وتتركز هذه الرقابة في المصرف المركزي .

    إلى الأمام بإذن الله وللحديث تتمة ..

  • #2
    رد: سلسلة حلقات اقتصادية - الحلقة 3 : النقود الورقية ( العملات )

    شكرا لك خي

    تعليق

    يعمل...
    X