هل يجوز أن يقال فلان شهيد ؟

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • هل يجوز أن يقال فلان شهيد ؟

    هل يجوز أن يقال فلان شهيد ؟

    الحمد لله وحده والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين فقد رأيت أن كثيرا من إخواننا قد تساهلوا في قضية الحكم بالشهادة لكل من مات ، حتى وصل الأمر ببعض المتحمسين إلى أن كتب في إحدى الصحف عن شابين مسيحيين قتلا في فلسطين أنهما شهيدان !! ، فعزمت على نشر فتوى للشيخ ابن عثيمين ، وكلام الحافظ ابن حجر في شرحه لحديث البخاري في هذا الموضوع ، وإن كان بعض الناس لا يتقبله ويضيق صدره من بيانه .

    ثم ما السبب في حرص بعض الناس على الحكم على الفرد المعيّن إذا مات في قتال العدو يكون شهيد ؟ سواء في فلسطين الغالية الجريحة ،أو في أفغانستان ،المناضلة ، أو في العراق الأبي ، نصر الله المسلمين في كل مكان.. أسأل الله تعالى باسمه الأعظم أن يجعل قتلاهم شهداء في سبيل الله وأن يتقبل الله أعمالهم وأرواحهم ودماءهم وأموالهم في سبيل الله تعالى .

    قال الإمام البخاري في الصحيح ، كتاب الجهاد ، باب لا يقول فلان شهيد، حديث رقم 2898
    قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم‏"‏ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِهِ، اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِهِ ‏"‏‏.‏حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ ـ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْتَقَى هُوَ وَالْمُشْرِكُونَ فَاقْتَتَلُوا، فَلَمَّا مَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى عَسْكَرِهِ، وَمَالَ الآخَرُونَ إِلَى عَسْكَرِهِمْ، وَفِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ لاَ يَدَعُ لَهُمْ شَاذَّةً وَلاَ فَاذَّةً إِلاَّ اتَّبَعَهَا يَضْرِبُهَا بِسَيْفِهِ، فَقَالَ مَا أَجْزَأَ مِنَّا الْيَوْمَ أَحَدٌ كَمَا أَجْزَأَ فُلاَنٌ‏.‏ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏"‏ أَمَا إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ ‏"‏‏.‏ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ أَنَا صَاحِبُهُ‏.‏ قَالَ فَخَرَجَ مَعَهُ كُلَّمَا وَقَفَ وقف معه ، وَإِذَا أَسْرَعَ أَسْرَعَ مَعَهُ ، قَالَ فَجُرِحَ الرَّجُلُ جُرْحًا شَدِيدًا، فَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ، فَوَضَعَ نَصْلَ سَيْفِهِ بِالأَرْضِ وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ، ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَى سَيْفِهِ، فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَخَرَجَ الرَّجُلُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ‏.‏ قَالَ ‏"‏ وَمَا ذَاكَ ‏"‏‏.‏ قَالَ الرَّجُلُ الَّذِي ذَكَرْتَ آنِفًا أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَأَعْظَمَ النَّاسُ ذَلِكَ‏.‏ فَقُلْتُ أَنَا لَكُمْ بِهِ‏.‏ فَخَرَجْتُ فِي طَلَبِهِ، ثُمَّ جُرِحَ جُرْحًا شَدِيدًا، فَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ، فَوَضَعَ نَصْلَ سَيْفِهِ فِي الأَرْضِ وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ، ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَيْهِ، فَقَتَلَ نَفْسَهُ‏.‏فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ ذَلِكَ ‏"‏ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ، وَهْوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ، وَهْوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ‏"‏‏.‏

    وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري 6 / 89 في شرح الباب : قوله : ( ‏باب لا يقال فلان شهيد‏)‏ أي على سبيل القطع بذلك إلا إن كان بالوحي، وكأنه أشار إلى حديث عمر أنه خطب فقال ‏"‏تقولون في مغازيكم فلان شهيد ومات فلان شهيدا، ولعله قد يكون قد أوقر راحلته، ألا لا تقولوا ذلكم ولكن قولوا كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ من مات في سبيل الله أو قتل فهو شهيد ‏"‏ وهو حديث حسن أخرجه أحمد وسيد بن منصور وغيرهما .

    ... وعلى هذا فالمراد النهي عن تعيين وصف واحد بعينه بأنه شهيد، بل يجوز أن يقال ذلك على طريق الإجمال‏.‏ قوله ‏:‏ ‏( ‏قال أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم الله أعلم بمن يجاهد في سبيله والله أعلم بمن يكلم في سبيله‏ )‏ أي يجرح، وهذا طرف من حديث تقدم في أوائل الجهاد من طريق سعيد بن المسيب عن أبي هريرة باللفظ الأول، ومن طريق الأعرج عنه باللفظ الثاني، ووجه أخذ الترجمة منه يظهر من حديث أبي موسى الماضي‏"‏ من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله ‏"‏ ولا يطلع على ذلك إلا بالوحي، فمن ثبت أنه في سبيل الله أعطى حكم الشهادة، فقوله ‏"‏ والله أعلم‏.‏ بمن يكلم في سبيله ‏"‏ أي فلا يعلم ذلك إلا من أعلمه الله، فلا ينبغي إطلاق كون كل مقتول في الجهاد أنه في سبيل الله‏.

    الفتوى في المسألة : سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين : هل يجوز إطلاق ( شهيد) على شخص بعينه فيقال الشهيد فلان ؟ .

    فأجاب بقوله : الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وبعد : لا يجوز لنا أن نشهد لشخص بعينه أنه شهيد ، حتى لو قتل مظلوماً ، أو قتل وهو يدافع عن الحق، فإنه لا يجوز أن نقول فلان شهيد ، وهذا خلاف لما عليه الناس اليوم ، حيث رخصوا هذه الشهادة ، وجعلوا كل من قتل حتى ولو كان مقتولا في عصبية جاهلية يسمونها شهيدا، وهذا حرام لأن قولك عن شخص قتل وهو شهيد يعتبر شهادة سوف تسأل عنها يوم القيامة ،سوف يقال لك هل عندك علم أنه قتل شهيدا ؟ ولهذا لما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " ما من مكلوم يكلم في سبيل الله والله أعلم بمن يكلم في سبيله إلا جاء يوم القيامة وكلمه يثعب دما ، اللون لون الدم ، والريح ريح المسك " فتأمل قول النبي صلى الله عليه وسلم : " والله أعلم بمن يكلم في سبيله " – يكلم : يعني يجرح – فإن بعض الناس قد يكون ظاهره أنه يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا ، ولكن الله يعلم ما في قلبه ،وأنه خلاف ما يظهر من فعله ، ولهذا بوب البخاري – رحمه الله – على هذه المسألة في صحيحه فقال : ( باب لا يقال فلان شهيد ) لأن مدار الشهادة على القلب ، ولا يعلم ما في القلب إلا الله عز وجل ، فأمر النية أمر عظيم ، وكم من رجلين يقومان بأمر واحد يكون بينهما كما بين السماء والأرض ، وذلك من أجل النية ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه " والله أعلم.

    وسئل فضيلته أيضا عن حكم قول القائل : فلان شهيد
    فأجاب بقوله : الجواب على ذلك أن الشهادة لأحد بأنه شهيد تكون على وجهين :

    الأول : أن تقيد بوصف مثل أن يقال كل من قتل في سبيل الله فهو شهيد ، ومن قتل دون ماله فهو شهيد ، ومن مات بالطاعون فهو شهيد ونحو ذلك ،فهذا جائز كما جاءت به النصوص ، لأنك تشهد بما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ونعنى بقولنا – جائز – أنه غير ممنوع وإن كانت الشهادة بذلك واجبة تصديق الخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم .

    والثاني : أن تقيد الشهادة بشخص معين مثل أن تقول لشخص بعينه إنه شهيد ، فهذا لا يجوز إلا لمن شهد له النبي صلى الله عليه وسلم .

    ولأن الشهادة بالشيء لا تكون إلا عن علم ، وشرط كون الإنسان شهيدا أن يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا ، وهي نية باطنة لا سبيل إلى العلم بها ، ولكن من كان ظاهره الصلاح فإننا نرجو له الشهادة ،ولا نشهد له بها ، ولا نسيء به الظن . والرجاء مرتبة بين المرتبتين ، ( أي لا نقول أنه شهيد ، ولا نقول ليس شهيدا ) ولكننا نعامله في الدنيا بأحكام الشهداء ، فإذا كان مقتولا في الجهاد في سبيل الله دفن بدمه في ثيابه من غير صلاة عليه كالشهداء، وإن كان من الشهداء الآخرين ( كمن مات دون ماله ، أو عرضه ، أو مات بداء البطن ، أو بالطاعون ) أو نحوه مما جاءت به الأحاديث بأنه شهيد فإنه يغسل ويكفن ويصلى عليه كسائر موتى المسلمين .

    ولأننا لو شهدنا لأحد بعينه أنه شهيد ، لزم من تلك الشهادة أن نشهد له بالجنة ، وهذا خلاف ما كان عليه أهل السنة ، فإنهم لا يشهدون بالجنة إلا لمن شهد له النبي صلى الله عليه وسلم ، أو اتفقت الأمة على أنه شهيد بالوصف أو بالشخص ، وذهب آخرون منهم شيخ الإسلام ابن تيمية إلى جواز الشهادة بذلك لمن اتفقت الأمة على الثناء عليه .

    وبهذا تبين أنه لا يجوز أن نشهد لشخص معين أو أشخاص معينين أنه شهيد إلا بنص أو اتفاق ، لكن من كان ظاهره الصلاح فإننا نرجو له أن يكون شهيدا ، وهذا كاف في علو مكانته ، وعلم ذلك عند الله سبحانه وتعالى . انتهى

    وأريد أن أسأل سؤالا : أيهما أنفع لمن مات وهو يقاتل في سبيل الله أن يقال : فلان شهيد
    أو أن يقال : أسأل الله أن يكون فلان شهيدا .. فتأمل

    قال العلماء لا يجوزُ أن نشهدَ لشخصٍ بعينهِ أنه شهيدٌ ، حتى لو قُتل مظلوماً ، أو قُتل وهو يدافعُ عن الحقِ ، إلا من شهد له النبي صلى اللهُ عليه وسلم ، أو اتفقت الأمةُ على الشهادةِ له بذلك .

    ومن القائلين بهذا : الإمامُ البخاري ، ورجحهُ الشيخُ محمدُ بنُ عثيمين وانظر المناهي اللفظية ص 78 – 80 ، و فتاوى إسلامية جمع المسند 1/91 و القول السديد في أنه لا يقال : " فلانٌ شهيدٌ .

    وهو رأي العلامةِ الألباني كما في أحكامِ الجنائز ص 59 فقال : تنبيه : بوب البخاري في صحيحه 6/89 : ( باب لا يقولُ : فلانٌ شهيدٌ ) فهذا مما يتساهلُ فيه كثيرٌ من الناسِ فيقولون : الشهيدُ فلان ... والشهيدُ فلان .ا.هـ.
يعمل...
X