فنون النصح 000

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • فنون النصح 000

    يقولون : إن الناصح كالجلاد ، وبقدر مهارة الجلاد في الجلد يبقى الألم ؛



    أقول : مهارة الجلد ، لا قوة الجلد !!



    فالجلاد العنيف الذي يضرب بقوة ، يتألم المضروب وقت وقوع السياط ، ثم ما يلبث حتى ينساها ؛ أما الجلاد الأستاذ في صنعته ، فقد لا يضرب بقوة ، لكنه يعلم أن يوقع السوط ؛



    كذلك الناصح ، ليست العبرة بكثرة الكلام ، ولا طول النصيحة ، وإنما بأسلوب الناصح ؛



    فاختصر قدر المستطاع ؛ إذا أردت أن تنصحه فلا تلق عليه محاضرة !! خاصة إذا كان الأمر متفقاً عليه ، كمن تنصحه عن الغضب ، أو شرب الخمر ، أو ترك الصلاة ، أو عقوق الوالدين .. الخ





    تأملت النصائح النبوية الشخصية المباشرة ، فوجدتها لا تزيد الواحدة منها عن سطر واحد ، أو سطرين ؛



    اسمع : " يا علي ، لا تتبع النظرة النظرة ، فإن لك الأولى ، وليست لك الثانية " انتهى ، نصيحة باختصار.



    " يا عبد الله بن عمر ، كن في الدنيا كأنك غريب ، أو عابر سبيل " انتهى.



    " يا معاذ ، والله إني أحبك ، فلا تدعن في دبر كل صلاة أن تقول : اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ".



    " يا عمر ، إنك رجل قوي ، فلا تزاحمن عند الحجر " وكذلك كان العقلاء بعده.



    لقي أبو هريرة الفرزدق الشاعر فقال : " يا ابن أخي ، إني أرى قدميك صغيرتين ، ولن تعدم لهما موضعا في الجنة ، ( يعني فاعمل لها ) ، ودع عنك قذف المحصنات في شعرك ".





    اترك الجدال قدر المستطاع ، خاصة إذا شعرت أن الذي أمامك يكابر ، فالمقصود إيصال النصيحة إليه ، وقد ذم الله الجدال : ( ما ضربوه لك إلا جدلاً ) ؛



    وقال عليه السلام : " ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل".



    وقال عليه الصلاة والسلام أيضا : " أنا زعيم لبيت في ربض الجنة لمن ترك الجدال وإن كان محقاً ".





    أحياناً يقتنع الشخص بالفكرة ، لكن أكثر النفوس فيها أنفة وكبر ، ( وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلواً ) ؛





    فالغاية عندك أنت أصلاً أن يعرف الخطأ ليتجنبه في المرة القادمة ، وليس الغاية أن تنتصر أنت عليه ، فلستما في حلبة مصارعة !



    وأحياناً قد يذكر المنصوح كلاماً يعتذر به ، وهو ليس عذراً مقنعاً ، لكنه يقوله " ليحفظ ماء وجهه " ؛ فكن سمحاً ، ولا تغلق عليه الأبواب ، بل أبقها مفتوحة أمامه وأنت تنصح ، وحتى لو تكلم بكلام خاطئ ، فيمكن أن تعالج خطأه من حيث لا يشعر ، كأن تقول : " صحيح ، وأنا معك أن الإنسان يفقد أعصابه غصباً عنه " ؛ وأثن عليه ، ثم قل : " ولكن .. " ، ثم انسف كلامه إن كان خاطئاً.



    د . محمد العريفي
يعمل...
X