الأربعائية في الرحلة الفوزانية.. "ممتع"

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الأربعائية في الرحلة الفوزانية.. "ممتع"

    الأربعائية في الرحلة الفوزانية
    الشيخ د. عبدالعزيز السدحان

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
    فهذه خلاصة رحلة مع معالي الشيخ الدكتور صالح الفوزان أثابه الله تعالى:
    • سرنا من الرياض الساعة (3 و25د) قبيل عصر يوم الأربعاء الرابع والعشرين من شهر صفر سنة خمس وعشرين وأربعمائة وألف للهجرة (24/2/1425هـ) متّجهين إلى الدوادمي في سيارة الشيخ الذي أصرَّ أن تكون السفرة في سيارته وبسائقه، بل وأحضر معه «الشاهي» والقهوة، وكنا أربعة: معالي الشيخ صالح، والشيخ عبدالسلام السليمان، وسائق الشيخ، وكاتب هذه الأسطر.
    • اتصل معالي الشيخ ـ بواسطة الشيخ عبدالسلام ـ بالأمير بندر بن سلمان
    ـ وكان يشتكي وجعًا ـ واطمأنّ عليه ووعده بالزيارة.
    • سأله الشيخ عبدالسلام أسئلةً تتعلق بدراسته العلمية، فقال له مداعبًا: كأنك محقِّق في الاستخبارات! ثم ذكر أنه تخرَّج من الكلِّية سنة 1380ـ1381هـ وذكر من مشايخه: الشيخ البليهي، والسبيل، والسكيتي.
    سألته: من أكثر شيخ لازمته؟ فقال: غير مشايخ الكلِّية هناك الشيخ ابن حميد، والشيخ ابن باز.
    ثم ذكر من زملائه في الدراسة: سعد وحمد الفريان، وابن عبيد في محكمة التمييز في مكة، وابن معيذر، وإبراهيم الضبيعي، وعبدالله بن منيف.
    وذكر أنه درَّس قبل التخرُّج بأربعة أشهر براتب قدرُه تسعمائة (900) ريال، وقال: إنّ أكثر تدريسه في كلِّية الشريعة.
    قال: وتوليت إدارة المعهد العالي للقضاء مدة ست سنوات.
    قال: الإدارة تقطع بكثرة عن التزوُّد من طلب العلم.
    • أول إمامته عام ثمان وتسعين وثلاثمائة وألف (1398هـ).
    • قال: ومن طلابي: عبدالرحمن السديس إمام الحرم المكِّي، وعبدالمحسن القاسم إمام المسجد النبوي، وصالح بن إبراهيم آل الشيخ، ومحمد النملة، وخالد الحصان.
    • ثم سأله الشيخ عبدالسلام عن لقياه للمشايخ فسُئل عن الشيخ ابن سعدي فذكر ـ أثابه الله تعالى ـ أنه زاره عدّة مرَّات، ثم ذكر أنه زاره مرَّةً بعد العصر وأنّ الشيخ ابن سعدي كان يصبُّ القهوة بنفسه، وبعد يومين صلّى بهم ثم سقط بسبب جلطة، فحملوه ثم مات بعد يومين.
    • وأمّا الشيخ عبدالله بن حميد رحمه الله تعالى فذكر أنه كان يحضر دروسه في الفرائض والنحو.
    • وأما الشيخ عبدالرزّاق عفيفي رحمه الله تعالى فذكر أنه درَّسهم دراسةً نظاميةً في المعهد والكلِّية؛ درّسهم في التفسير والأصول والعقيدة والحديث أربعة متون.
    قال الشيخ صالح: والشيخ عبدالرزاق مدرِّس ناجح مؤثّر لا يُكثر الكلام ولا يترك شيئًا دون توضيح، وعنده أسلوب شيِّق يجعلك تفهم الدرس بسهولة، وللشيخ عبدالرزاق شخصية مهابة.
    • وأما الشيخ الشنقيطي رحمه الله تعالى فكان إذا تكلّم انطلق في كلامه وتفجر العلم منه في فنون كثيرة أصول وشواهد شعر وغير ذلك، لكنه لا يحبّ المقاطعة ويتأثّر من ذلك.
    وكان بعض الطلاب لا يحسنون السؤال فيغضب عليهم، وبخاصة أنّ بعضهم يسأل أسئلة عن أشياء واضحة.
    وذكر أيضًا أنّ الشيخ الشنقيطي كان يقول لأصحاب الشهادات: أنتم أصحاب قوارير؛ لأنّ الشهادة كانت توضع في قارورة.
    فقلت له: يا شيخ صالح، أصحاب قوارير نهارية وقوارير ليلية.
    • ذكر الشيخ صالح أثابه الله تعالى أنّ والدته توفِّيت عام سبع وثمانين وثلاثمائة وألف (1387هـ)، وهي من البابطين. قال: وجدِّي من جهة والدتي هو الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن أبا بطين مفتي البلاد النجدية في وقته.
    • طلب الشيخ أن نصلِّي العصر وقال: ابحثوا لنا عن مكان نصلِّي فيه، ورغب أن يكون المكان فيه رمل بجانبه شجرات، ثم نشرب فيه الشاي والقهوة، فرأينا مزرعةً فيها رمل بجانبه شجر فلما وصلنا بابها وجدناه مغلقًا وعلّق عليه لوحة كُتب عليها: «المزرعة للبيع»، فقال الشيخ مداعبًا: اشتروها لنصلِّي فيها ثم بيعوها إن شئتم! فقلتُ: يا شيخ، مرتّبك الشهري أكثر من مرتّبي فاشترها وأهدنا إياها بلا بيع! فتبسَّم ضاحكًا.
    • صلى بنا الشيخ العصر ووضعتُ أمامه سُترةً ثم جلسنا وأمر الشيخ سائقه بإحضار الشاي والقهوة، وكان بجانب مصلّانا شجيرة صغيرة، فقال الشيخ: هذه شجرة تسمى « شجرة حلم»( ) تأكلها الإبل... جلسنا قرابة ثلث ساعة.
    • ركبنا السيارة ثم سرنا... وكان الشيخ ـ أثابه الله تعالى ـ رحب الصدر في إجابته، ومن رحابته أنه كان يذكر بعض الطرائف ويسمع منّا بعضها.
    • ذكر أيضًا أنّ الملك خالدًا في بعض زياراته لبعض مدن المملكة زار بلدةً الطريق إليها متعرِّج فقام أحدُ أهل تلك البلدة واشترى بطيخًا ثم نثره في الطريق حتى تكسَّر، فلما رأى ذلك الملك سأل عن سببه فأخبره صاحب الحيلة أنّ الطريق متعرِّج وبسببه يخسر المزارعون كثيرًا من زروعهم، ففهم الملك مُرادَه وأمر بتعبيد الطريق.
    • ذكر أنه سافر إلى أمريكا «شيكاغو» عام 1405هـ بصحبة مجموعة، منهم: الشيخ محمد المهوس رئيس هيئة الادِّعاء والتحقيق سابقًا، والشيخ سليمان الفالح نائب المهوس، والأستاذ عبدالله بن داود الفايز وعمله الآن وكيل إمارة مكة، والشيخ محمد الهويش، والشيخ محمد بن ناصر الرشيد.
    وسافر إلى لندن للعلاج عام 1395هـ، وإلى نيجيريا لحضور مؤتمر عام 1397هـ، وإلى الكويت في مهمَّة عمل لدار الإفتاء عام 1407هـ.
    ثم قال: إني لم أعُد أرغب السفر.
    • ولما كنت أحب قراءة كتُب الرحَّالة محمد بن ناصر العبودي وأتعجَّب من كثرة رحلاته وتدوينه لها قلت للشيخ صالح: أظنّ أنه لم يرحل أحدٌ بعد ابن بطوطة كالشيخ العبودي. فقال: كان الشيخ العبودي مديرًا لنا في معهد بُريدة، وكان من طلّاب ابن حميد، وكان العبودي ذكيًّا جدًّا.
    • ذكر أنّ أول حجّة حجَّها سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة وألف (1372هـ).
    • ذكر أنه حفظ من المتون: متن «الزاد»، «الألفية»، «الرحبية». قال: ثم نسيناها الآن.
    • درَّس في الحرم المكِّي في موسم الحجّ سنة أربع وثمانين وثلاثمائة وألف (1384هـ) بأمر الشيخ محمد بن إبراهيم.
    • في أثناء المسير بعد العصر استبطأ الشيخ الطريق، فقال: أين الدوادمي؟ فقلت: لعلّ شربنا للشاهي والقهوة هو السبب في تأخّرنا. فقال مداعبًا: هل تريدون فقرًا وغلدمة؟
    ثم لما دخلنا على طريق الحجاز القديم قال: قد كان كثير الحوادث لضيقه وكثرة السيارات، ثم قال: الدوادمي يناسب أن يؤتى بالطائرة.
    • مررنا بسلسلة جبال فقال: هذه سلسلة جبال طويق تمتدّ من وادي الدواسر إلى الزلفي.
    • شاهدنا قومًا من البادية ينصبون بيوتًا من الشعر ومعهم بعض حاويات الماء، وقريبًا منهم غدير ماء كبير، فقلت للشيخ: لعل عند هؤلاء زواج وهذا استعدادٌ له؟ فقال الشيخ: لا، هم يريدون النزول هنا؛ لأنّ هذا المكان سيُعشب.
    • ثم وصلنا الدوادمي قبيل المغرب، وكان في استقبال معالي الشيخ فضيلةُ الشيخ محمد العيد، فذهبنا إلى برج مياه الدوادمي، وقد كلفت شرطة الدوادمي سيارة من سياراتهم الرسمية بمرافقة سيارة الشيخ من قبيل الوصول للدوادمي وحتى المغادرة إلى الرياض، وفي المكان المعدّ للضيوف في أعلاه تناولنا القهوة والشاي.
    • بعد زيارة البرج ذهبنا برفقة معالي الشيخ إلى المسجد الذي سيلقي فيه المحاضرة، وهو «جامع السوق».
    • وكان عنوان المحاضرة: «من وسائل الثبات»، وقدّم للمحاضرة فضيلة الشيخ محمد العيد.
    • بعد الفراغ من المحاضرة والإجابة على الأسئلة وبعد صلاة العشاء اتّجهنا إلى زيارة مكتب الدعوة، قام الشيخ بجولة سريعة في المكتب، وكنتُ في أثناء ذلك أتصفّح مكتبة الشيخ سويلم التوم التي أوقفها على المكتب.
    • بعد الانتهاء من زيارة المكتب ذهبنا لتناول طعام العَشاء في قصر للاحتفالات يسمَّى بـ«القصر الأبيض»، ولما سمع معالي الشيخ باسم القصر تبسَّم وقال: البيت الأبيض في أمريكا ما الذي أتى به في الدوادمي؟!
    • في أثناء وجود معالي الشيخ في القصر جاء ثلّةٌ من أهل بلد «الجمش» فطلبوا منه محاضرةً، فقال لهم: من أيّ بلد أنتم؟ قالوا: من بلد «الجمش»، فقال معالي الشيخ مداعبًا لهم: «الجمش» انتهى دوره، الآن الإسمنت والرُّخام!
    • بعد ذلك عُدنا إلى الرياض، وفي الطريق طلب الاستماع إلى الأخبار من المذياع، وكان حريصًا على سماعها، وفي أثناء كلام المذيع ذكر أنّ مسؤولًا أمريكيًّا سيزور العراق، فقال معالي الشيخ: الله لا يحيِّيه.
    من كلامه في بعض مسائل العلم وما يتعلق به:
    • سألته عن العلة في دفع قيمة الذهب من الدراهم نقدًا؟ فقال: للخروج من ربا النسيئة.
    • سألته عن تغيير لوحات الطرُق هل يُعدّ ذلك من تغيير منار الأرض؟ قال: نعم.
    • سألتُه عن مسألة «ضع وتعجَّل»( ) فقال: الجمهور على منعها، وابن القيِّم على جوازها.
    • سألته عن «مُدّ عجوة»( ) فقال: هي ربا.
    • سألته عن النوم في الجنّة وهل يكون من باب التنعُّم فيها؛ لأنّ بعضهم يقول بأنّ النوم لذّة؟ فقال: النوم نقص في الحياة، والجنّة لا نقص فيها وأمورها من أمور الغيب التي لا يعلم شيء منها إلّا بدليل.
    • سألته عن النافلة في السيارة في الحضر؟ فقال: لا، لم يرد عن الرسول ﷺ تنفل الراكب إلّا في السفر.
    • سُئل عن قول الشِّعر؟ فقال: لستُ بشاعر، ثم ذكر طرفة فقال: إنّ أحدهم قال شعرًا وهو لا يُحسن الشِّعر، فسأل أحد الشعراء عن رأيه في شعره فقال الشاعر: الحمد لله الذي أخرج منك هذا الأذى الذي لو بقي فيك لقتلك!
    ثم قال أثابه الله تعالى: الشعر الحرّ يُضحك، وشعراء الحداثة أساؤوا إلى الشعر.
    • ذكرتُ له طرفة مفادها: أنّ رجلًا عنده ابنان فسُئل عنهما مرّة من أحد أصحابه فقال: أما الصغير فذهب يأخذ عمرة، وأما الكبير فعسى الله يأخذ عُمره!
    فضحك الشيخ ثم قال: هذا جناس، اتِّفاق في اللفظ واختلاف في المعنى.
    ثم قال: كان الشيخ الشنقيطي يدرِّسنا في الأصول في مبحث «المجمل»، وذكر لنا مثالًا فقال: «اعتدى البارحة اللصوص على عين زيد فغوَّروها وعلى عين زيد ففقؤوها، وعلى عين زيد فسرقوها». ثم بيَّن أنّ العين الأولى هي الجارية، والثانية هي الباصرة، والثالثة هي الذهب.
    من كلامه الذي قيَّدته عن الكتب والمؤلفين وأهل العلم:
    • «دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب وهو شخص واحد نفع الله تعالى بها نفعًا عظيمًا».
    • «كتب أئمة الدعوة أسلوبها سهل وفيها علمٌ غزير».
    • «أول كتاب خرج لي: الردّ على القرضاوي، وقرأتُه قبل طباعته على الشيخ ابن حميد».
    • سألته عن القرضاوي فذكر أنه زميله في المجمّع الفقهي في مكة.
    • سألته عن الأستاذ المصري الذي سرق كتابه «التحقيقات المرضية في المباحث الفرضية» فأخبرني أنّ الجامعة شكّلت لجنةً وقدّمت شكوى للأزهر، ثم أخبرني أنّ السارق المصري لما واجهوه بخبر السرقة قال: إنّ الفوزان هو الذي سرق كتابي! فلما انكشف أمرُه خجل وطلب من أحد المسئولين الكبار التوسُّط في حلّ المشكلة التي وقع فيها.
    • رأيتُ كتابًا عن الحدود الشرعية لأحد المعاصرين فاشتريته، فلمَّا تصفّحته رأيتُ أنّ أسلوبه ليس أسلوب معاصر، فلمَّا وصلتُ مكتبتي قارنتُه بكتاب «بداية المجتهد» فرأيتُ أنّ المؤلِّف سطا على كتاب ابن رشد «بداية المجتهد» واقتطع منه هذا المبحث ونسبه إلى نفسه.
    • وقال عن الشيخ عبدالعزيز بن صالح رئيس محاكم المدينة رحمه الله «إنه شيخٌ حبيب ومتواضع تواضعًا عظيمًا».
    • وعن الشيخ أبي بكر الجزائري «إنه رجُلٌ طيِّب وصاحب عقيدة، وقد نفع الله بدرسه في الحرم النبوي».
    • وعن الشيخ حماد الأنصاري «إنه قال لي ـ للشيخ صالح ـ: سألتُ أمِّي متى وُلدتُ؟ فقالت: يوم دخول الخوارج المدينة، تعني استيلاء ابن سعود، وكان ذلك عام 1344هـ، قالت ذلك بناءً على ما يُشيعه أعداؤهم عنهم، وهي لا تدري عن الحقيقة».
    • سألته: هل قابلت الشيخ محمد البواردي؟ فقال: «قابلته مقابلات خفيفة».
    • وقال عن الشيخ ابن محمود: «قد نفع الله تعالى به في قَطَر، وكان مُهابًا ويهابه الناس لقوّته».
    • وقال عن الشيخ أحمد بن حجر آل بوطامي: «لم أقابله، وكان من مدرسي معهد إمام الدعوة في الرياض، ثم عاد إلى قطَر».
    • وقال عن الشيخ علي الطنطاوي: «إنه ذكيّ، أديب أديب، وكان يدرس معنا في كلية الشريعة فترةً من الزمن».
    ثم نقل معالي الشيخ طرفة عن الشيخ الأديب علي الطنطاوي، ومفاد الطرفة: أنّ رجُلًا كان ينقل خضارًا في الشام على سيارة، ومرَّةً حمل على السيارة معه نعشًا قد غطي لأنّ الوقت كان وقت مطر، وفي أثناء الطريق إلى قريته التي سيوصل النعش إليها رأى رجلًا على الطريق يشير بيده طلبًا للركوب معه، فركب الرجل في صندوق السيارة لأنّ هناك راكبًا مع السائق في مقدّمة السيارة، فلما رأى الرجُل النعش المغطى وكانت السماء تُمطر نام على النعش وتغطى بالغطاء، وبينما السيارة تسير إذا رجُل آخَر على الطريق يشير بيده فتوقّف صاحب السيارة له ليركب الرجل في مؤخِّرة السيارة مع الأول، فركب الرجل الثاني فرأى النعش وعليه الرجل الأول مغطى فلم يشكّ أنها جنازة سيذهب بها للدفن، وفي أثناء الطريق أراد الرجل الذي كان على النعش أن يتأكد من كون المطر ما زال مستمرًّا أو قد توقف، فأخرج يده من تحت الغطاء ومدّها ليتأكّد من ذلك، فلمَّا رأى الرجل الآخَر تلك اليد استوحش وقفز من السيارة!
    وذكر طرفةً أخرى عن الشيخ الطنطاوي حينما سئل رمز السَّائل قبل سؤاله لاسمه بالحروف «ح ج خ د»، فقال الشيخ الطنطاوي: يا أخي، لو وضعت كلّ حروف المعجم!
    • سألته: هل قابلتَ الشيخ الألباني، فقال: سافرتُ إلى الإمارات عام خمسة وأربعمائة وألف (1405هـ) وخطبتُ جمعةً هناك، وبعد الفراغ من الخطبة والصلاة أُخبِرتُ أنّ الشيخ الألباني موجودٌ في جناح سكنيّ داخل المسجد، فذهبتُ للسلام عليه، فاستقبلنا استقبالًا طيِّبًا وبشّ في وجوهنا، وقبل ذلك رأيتُه مرَّةً أو مرَّات في توعية الحجّ ضيفًا على سماحة الشيخ ابن باز، وكان يُلقي بعض الكلمات في المخيم في منى.
    • وسألته عن الشيخ أحمد شاكر، هل قابلته؟ فقال: لا.
    من لطائف كلماته التربوية والتوجيهية:
    • أخبرته أنّ من عاجل بشراه كثرة حضور طلبة العلم المتميِّزين لدروسه ومحاضراته، فقال: أنا لا أرغب في كثرة الحضور؛ لأنه يورث العُجب. ثم قال: الشباب بحاجة إلى تهذيب.
    • أثنيتُ عليه وذكرتُ محبَّة الناس وثناؤهم عليه، فذكر أنه ليس أهلًا لذلك، ثم قال: من أنا حتى يُثنى عليَّ؟
    • ثم قال: «الإخلاص مع الله تعالى هو الثمرة لا كثرة الحضور عند المدرس أو الواعظ».
    ومن الطرائف التي ذكرها معالي الشيخ أيضًا من باب الترويح:
    • مدرِّس يأتي لكلّ شيء بشاهد من الشعر، فشكّ الطلّاب في ذلك فاختاروا مجموعةً من الحروف وصنعوا منها كلمة «خنفشار» ثم سألوه عن معنى الكلمة «خنفشار»، فأجاب ذلك المدرِّس من فوره بقوله: الخنفشار نبتٌ معروف، يوضع على حليب الإبل ثم ينعقد، كما قال الشاعر:
    لقد عقدت محبّتها بقلبي كما عقد الحليبَ الخنفشارُ
    فاكتشف الطلّاب أنه كذاب.
    • كان هناك رجُل قدم من دولة عربية إلى دولة خليجية، وكان يخطب الجمعة وكلّ خطبة يبدؤها بحديث قدسي ثم يشرحه في الخطبة، وجلس على هذا الأمر سنوات، ثم تبيَّن بعد ذلك أنه يخون في أخذ الأموال بغير حقّ.
    • في زمن مضى كان أهل القرية في أيام حصاد زروعهم يحرصون على استغلال أجزاء الوقت للفراغ من حصادهم، فاتّفقوا على أن يكلِّموا إمام المسجد وكان يسمى بـ«المطوع»، فكلموه أن يترُك الحديث بعد العصر أيام الحصاد، فقال ـ وكان عصبيَّ المزاج ـ: والله لأحدث عليكم!
    • قلت: لما دخلنا الرياض الساعة (12 و12د) ليلًا ووصلنا منعطف الجسر المعلّق الساعة (12 و23د) وكان الأصل أن أنزل أنا أوّلًا لأنّ بيتي هو الأقرب للقادم إلى الرياض من جهة الغرب، وأيضًا لأنّ طريق السفر من جهة بيتي، اتفقتُ مع الشيخ عبدالسلام قبل السفر أنه إذا أتى بالشيخ صالح سأكون في انتظارهم عند بيتي، فأخبر معالي الشيخ فوافق مشكورًا... الشاهد: أنّ السائق تجاوز منعطف الجسر المعلّق المؤدِّي إلى منزلي، وكان تجاوزه للمنعطف شيئًا لم آمر به ولم يسُؤني، بل أفرحني لطول المكث مع معالي الشيخ، المهمّ بعد تجاوزنا أقبلنا على جسر حيّ السفارات ورأيتُ لوحةً كتب فيها «شارع عبدالله بن حذافة»، وهو الشارع الذي يخترق حيّ السفارات، قلت له: يا شيخ: عبدالله بن حذافة في حياته خرق بساط كسرى أو هرقل لما دخل عليه، وبعد موته اخترق الشارع الذي يحمل اسمه سفارات الغرب والشرق! فضحك الشيخ.
    • بعد ذلك وصلنا إلى منزل معالي الشيخ الساعة (12 و55د)، فقال: تفضّلوا نسقيكم الشاهي، فتشكّرنا منه جميعًا، ثم قلت: يا شيخنا لن أنسَى هذه الرِّحلة فهي من أمتع الرحلات التي مرَّت بي. فقال معاليه مداعبًا: الرحلة أو الرخلة ـ أي الصغيرة من الغنم ـ، فنزلنا من سيارة الشيخ وركبنا سيارة الشيخ عبدالسلام الواقفة بجانب بيت الشيخ، بعدها تكرّم الشيخ عبدالسلام بإيصالي إلى منزلي، وكان زمن الرحلة من أولها إلى آخرها قرابة عشر ساعات وثلث ساعة. والحمد لله الذي بنعمته تتمّ الصالحات.



    @@@@@@@@@@@@@@
    بسم الله الرحمن الرحيم

    • معالي شيخنا الكريم/ صالح الفوزان جعله الله تعالى مباركًا أينما كان... آمين

    • السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
    • معالي شيخنا... من نِعَم الله تعالى عليَّ أن أكرمني بمرافقة بعض مشايخي في بعض أسفارهم لإلقاء محاضرات، وقد استفدتُ ــ ولله الحمد ــ من مشايخي في الحضر والسفر.
    • ومن باب توثيق تلك الرحلات العلمية كنتُ أقيِّد خلاصة تلك السفرة لجميل أثرها على كاتبها وسامعها ومن بلغ.
    • ومن أمتع الرحلات تلك الرحلة التي أكرمتني فيها بمرافقتك إلى محافظة الدوادمي، وهي الآن بين يديك، وقد نقص عليَّ بعض المعلومات التي يكتمل بها بعض الكلام، وقد وضعت لها فراغًا تحته خطّ أحمر، إن رأى معاليكم إكمال النقص مع إبداء الرَّأي في تلخيص الرحلة بهذا الأسلوب فذلك من فضل الله تعالى ثم فضلكم.
    شاكرًا لكم معالي شيخنا طيب تعاملكم مع طلابكم.
    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
    تلميذكم
    د. عبدالعزيز بن محمّد السدحان
    1/2/1428هـ



    • أرجو معالي الشيخ كلمات من شخصكم الكريم بقلمكم توثّق
    مصداقية الكلام المذكور؛ لأنّ لديَّ كتابًا كبيرًا بعنوان «مما سمعت ورأيت»، وسأذكر تلك الرحلة فيه مع رحلات أخرى. وجزاكم الله خيرًا.
    ***

    • جواب معالي الشيخ

    • الحمد لله. لا مانع لديَّ من نشر هذه الرحلة على ضحالة ما فيها، ولكن نزولاً على رغبتك أذنت لك في ذلك، ويكون ما فيها من الضحالة على مسئوليتك.
    وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
    كتبه
    صالح بن فوزان الفوزان
    1/2/1428هـ
يعمل...
X