حان الوقت لأن يلقي أوباما بثقله في سلام الشرق الأوسط

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • حان الوقت لأن يلقي أوباما بثقله في سلام الشرق الأوسط

    أحدث ''الربيع العربي'' الذي بدأ يزهر تدريجياً في معظم بلدان الشرق الأوسط، تغيراً كبيراً في الوضع الجيوسياسي في المنطقة، ومن المحتمل أن يكون له أثر عميق في المصالح الأمريكية.

    لا أحد يعرف كيف، أو متى تستقر المنطقة، وهناك القليل مما تستطيع الولايات المتحدة أن تفعله للمساعدة على تشكيل الأحداث بصورة مباشرة. وحتى في ليبيا تقوم الولايات المتحدة والبلدان الأخرى برد الفعل بشكل مباشر، بدلاً من تشكيل نتيجة الصراع الدائر بين معمر القذافي ومعارضيه. وهناك أسباب وجيهة لكل ذلك.


    مع بدء تشكل شرق أوسط جديد على أيدي المواطنين في بعض البلدان، يبدو واضحاً أن هناك موضوعاً لم يتأثر، على الأقل ظاهريا: النزاع العربي ـــ الإسرائيلي على فلسطين. وما زال الإسرائيليون والزعماء الفلسطينيون غير قادرين، أو غير مستعدين للتحدث بشكل جدي. والاعتقاد بإمكانية استمرار هذا الوضع طويلاً يعد ضرباً من التمني.


    لدى الولايات المتحدة مصالح مباشرة رهينة تحقيق سلام دائم بين إسرائيل وفلسطين، تفوق مصالحها في معظم البلدان الأخرى في المنطقة. إن التزامها الصمت إزاء مفاوضات وصلت إلى طريق مسدود حول حل الدولتين، بينما تشجع التحول إلى مزيد من الديمقراطية في البلدان الأخرى، يدل على أنها تتعامل بمعايير مزدوجة تضر بصورة أمريكا في منطقة الشرق الأوسط وفي العالم الإسلامي الأوسع.


    وهذا صحيح بشكل خاص لأن القضية الفلسطينية تبرز باعتبارها المسألة الوحيدة في الشرق الأوسط التي لا يمكن تحقيق شيء فيها من دون القيادة الأمريكية النشطة، بما في ذلك قيادة الرئيس باراك أوباما.


    لا يستطيع أي بلد آخر أن يقنع الزعماء الإسرائيليين والفلسطينيين بالتوصل إلى تسوية ملزمة تؤدي إلى دولتين تعيشان جنباً إلى جنب في سلام وأمان، ما ينهي الصراع الإسرائيلي ـــ الفلسطيني وجميع المطالبات المتعلقة به. ومن شأن هذه النتيجة أن تعزز أمن إسرائيل، وفي الوقت نفسه تحل قضية تؤثر عكسياً في مصالح الأمن القومي لأمريكا في المنطقة.


    يقول بعضهم إنه نظراً لعدم وضوح الوضع في منطقة الشرق الأوسط الأوسع، فإن الوقت غير ملائم لإعادة الانشغال بموضوع فلسطين، وينبغي علينا أن ننتظر لمعرفة الزعماء الجدد الذين سيبرزون، وما عسى أن تكون سياساتهم تجاه إسرائيل.


    ويقول آخرون إنه ينبغي لأوباما الذي يواجه انتخابات رئاسية في العام المقبل أن يتجنب التورط الشخصي، إلا إذا كان متأكداً من النجاح، كي لا يبدو في موقف ضعيف، أو كي لا يسيء إلى الدوائر الانتخابية المحلية. إن هذين الرأيين يعكسان إجحافا خطيرا بمصالح جميع الأطراف الرئيسية، بما فيها مصالح الولايات المتحدة.


    يضاف إلى هذه المصالح حقيقة أن هناك تأييداً دولياً متزايداً لإعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول (سبتمبر) قيام دولة فلسطين على أساس حدود عام 1967. إن الولايات المتحدة لا تستطيع أن تحبط هذا الإعلان. وفي واقع الأمر من المرجح أن تكون معزولة في معارضته (إلى جانب إسرائيل). لكن من المرجح أن يؤدي هذا الإعلان الذي قد يرضي أولئك المحبطين بحق من عقود من المفاوضات الفاشلة، إلى مأزق عميق بدلاً من أن يؤدي إلى سلام دائم ترغب فيه بإخلاص الأغلبية في إسرائيل وفي الأراضي الفلسطينية.


    إن استئناف عملية السلام الإسرائيلية ـــ الفلسطينية لا يعني إجبار إسرائيل على تقديم تنازلات، أو إجبار الفلسطينيين على الاستسلام. إن معظم عناصر التسوية متفق عليها بالفعل نتيجة لـ ''المبادئ التي حددها كلينتون'' عام 2000، واتفاقيات أوسلو وخريطة الطريق لعام 2003.


    إن المطلوب هو استجماع إرادة الزعماء الإسرائيليين والفلسطينيين، بقيادة رئيس أمريكي مصمم، لصياغة مختلف العناصر في خلاصة سبق لجميع الأطراف أن وافقت عليها من حيث المبدأ علانية. وفي واقع الأمر أن جماعة إسرائيلية ذات قاعدة عريضة أعلنت منذ عهد قريب ''مبادرتها الإسرائيلية للسلام'' متضمنة هذه العناصر، وهي تحظى بدعم قوي من زعماء أوروبا، خصوصا ألمانيا، وفرنسا، والمملكة المتحدة.


    وهكذا، فقد حان الوقت كي يقدم أوباما تصوره لمعالم اتفاقية سلام عادل وقابل للحياة. وينبغي أن يتم التأكيد على أربع مسائل:


    أولاً، يجب أن تتم معالجة موضوع الأراضي والحدود. دولتان على أساس خطوط الرابع من حزيران (يونيو) 1967، مع تعديلات طفيفة متبادلة ومتفق عليها ـــ كما هو مبين في الحاجة إلى مبادلة الأراضي بالتساوي، كي تؤخذ في الاعتبار المناطق التي يسكنها عدد كبير من الإسرائيليين في الضفة الغربية.


    ثانياً، ينبغي إيجاد حل لمشكلة اللاجئين ينسجم مع حل الدولتين ولا ينطوي على حق عام في العودة إلى إسرائيل، ويعالج الشعور بالإجحاف الذي لحق باللاجئين الفلسطينيين، ويمنحهم في الوقت نفسه تعويضاً مادياً ذا معنى يساعد على إعادة توطينهم.


    ثالثاً، يجب أن تكون القدس العاصمة غير المقسمة لكل من إسرائيل وفلسطين، على أن تكون الأحياء اليهودية تحت السيادة الإسرائيلية والأحياء العربية تحت السيادة الفلسطينية. ويتعين أن يكون هناك نظام خاص للمدينة القديمة، يمنح كل طرف السيطرة على أماكنه المقدسة، مع وصول كل مجتمع إليها دون إعاقة.


    أخيراً، فيما يتعلق بموضوع الأمن، يجب على أوباما أن يدفع لإقامة دولة فلسطينية غير مسلحة، مع آليات أمنية تعالج المخاوف الإسرائيلية، والقبول في الوقت نفسه بالسيادة الفلسطينية، ووضع قوة متعددة الجنسيات بقيادة الولايات المتحدة لضمان فترة انتقالية تتسم بالسلام والأمن.


    يمكن أن تشكل هذه المعالم أساساً لمناقشات حقيقية ومثمرة من قبل الطرفين للانتقال بمفاوضات السلام إلى حل إيجابي. ومن شأن هذه المعالم أن تحقق أهداف الأمن القومي ذات الأولوية للولايات المتحدة وسياستها الخارجية فيما يتعلق بحل الصراع الإسرائيلي ـــ الفلسطيني.


    ومن شأنها أيضاً أن تلبي الأمور التي حث عليها مراراً وتكراراً المجتمع الدولي، ومن ضمنه الجامعة العربية، واللجنة الرباعية (الأمم المتحدة، الولايات المتحدة، الاتحاد الأوروبي، وروسيا) في أن تمارس الولايات المتحدة قيادة مصممة وفاعلة باعتبارها المسهل الرئيسي لعملية سلام الشرق الأوسط. وينبغي أن تكون هذه المعالم جزءاً من استراتيجية شاملة وطموحة، مصممة لدفع الطرفين قدماً للتوصل إلى اتفاقية دائمة.


    بطبيعة الحال، النجاح غير مضمون. وبسبب طبيعتها، لا توجد مسألة تتطلب تدخلاً مباشراً من قبل رئيس يكون نجاحها مضموناً. لكن كثيراً من المسائل ذات الأهمية لمصالح الأمن القومي للولايات المتحدة تعتمد على تحقيق سلام دائم بين إسرائيل وفلسطين.


    لا يمكن معرفة طبيعة الشرق الأوسط الجديد إلا إذا تمت إزالة قرح الأراضي المحتلة المتقيح. ولا يمكن الوقوف في وجه طموحات إيران للسيطرة على المنطقة، بما في ذلك دعمها لحزب الله وحماس، طالما اعتبرت في المنطقة بطلة الطموحات المشروعة للفلسطينيين.


    ستظل سورية ولبنان منطقتي قلق مباشر لإسرائيل طالما ليست هناك اتفاقية سلام إقليمية. ومن المرجح أن تتعزز علاقات الولايات المتحدة مع المملكة العربية السعودية، إذا رأى الملك عبد الله أن الولايات المتحدة تتحرك على نحو جاد لحل القضية الفلسطينية.


    لا توجد أية مسألة في الشرق الأوسط أكثر جدارة منها بتدخل الرئيس، من أجل مصالح الولايات المتحدة على الصعيد العالمي ومن أجل استقرار منطقة بالغة الأهمية تشهد تغييرات تاريخية. في حزيران (يونيو) 2010 تحدث أوباما ببلاغة في القاهرة عن العدالة، والتقدم، والتسامح، وكرامة بني البشر جميعاً. لقد حان الوقت الآن كي يستخدم نفوذه ومكانته لجلب السلام إلى الأراضي المقدسة وتوحيد الإسرائيليين والفلسطينيين والعرب في سلام دائم.




    الكاتب مستشار الأمن القومي الأسبق للرئيسين الأمريكيين جورج إتش. دبليو. بوش وجيرالد فورد، ورئيس مجموعة سكوكروفت، وهي شركة استشارية دولية.
يعمل...
X