الحاجة إلى السلام في الشرق الأوسط أكثر إلحاحا الآن

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الحاجة إلى السلام في الشرق الأوسط أكثر إلحاحا الآن

    لم يقل أحد إن طريق الشرق الأوسط إلى السلام سيكون ممهداً أو مباشرا. ونرى بالفعل كم يمكن أن يكون هذا الطريق صعباً أو متعرجاً.

    ففي الآونة الأخيرة وصلت إلى البحرين قوات خليجية بناء على طلب ملك هذه المملكة الصغيرة، وسط انقسامات بين المجتمعات الشيعية والسنية في المنطقة، وتوترات مترسخة بين العرب والفرس.


    وعلى الجانب الآخر من الخليج اتخذ الزعماء الإيرانيون الذين سحقوا الثورة الخضراء في بلدهم، موقفاً يدعو للسخرية، عبر المطالبة بالسماح لأبناء عمومتهم الشيعة في البحرين بحرية الاحتجاج.


    وربما يكون تغير موقف الولايات المتحدة من منطقة حظر الطيران قد جاء متأخراً جداً لوقف معمر القذافي. وخلف الأبواب المغلقة في العواصم الغربية، يتراجع الحديث عن تقديم الدعم للانتفاضة إلى التخطيط الاستراتيجي حول كيفية احتواء نظام القذافي بعد عودته إلى وضعه السابق.


    لقد تُرك الغرب في حال من التخبط. فقد انتهت المواقف المعهودة عن إيجابيات، أو عدم إيجابيات التدخل. وفكر باراك أوباما في إرث العراق وأصر على أنه لا يمكن عمل أي شيء من دون تفويض من مجلس الأمن الدولي. وجادل الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، من أجل توجيه ضربة أولاً والبحث عن مسوغ قانوني لذلك فيما بعد. ومالت بريطانيا إلى جانب باريس أكثر من واشنطن.


    وانعكست الانقسامات داخل الاتحاد الأوروبي عبر إطالة أمد البت في الموضوع في واشنطن. وفي كل مكان تقريباً، كانت الصدامات بين الواقعية التي تفضل تحقيق الاستقرار في الأجل القصير من جهة والمصلحة الذاتية المستنيرة التي تدعم الديمقراطية العربية من الجهة الأخرى مؤلمة جداً.


    هل تعامل الغرب بصورة صحيحة؟ ربما لم يفعل. هل كانت هناك أية خيارات سهلة؟ بالتأكيد لا.


    وسط هذا الضباب كان هناك أمر واحد ثابت وغير مريح. ذلك أن سلاماً في منطقة الشرق الأوسط يبدو بعيداً كما كان على الدوام. لقد تغير كل شيء آخر، لكن العداوة بين الإسرائيليين والفلسطينيين تظل مجمدة في طيات الزمن.


    إن حكومة بنيامين نتنياهو تعطي كل الانطباعات التي تدعو للاعتقاد بأن هذا هو ما ينبغي أن يكون في رأيها. فقد أعلنت للتو فقط عن بناء مزيد من المستوطنات غير القانونية في الضفة الغربية. ولم يبد نتنياهو أية نية جادة للتوصل إلى اتفاقية سلام، وهو يقول الآن إن حالة الجيشان التي تشهدها المنطقة تعطي سبباً آخر للتمسك بهذا الموقف. إن تقدم الديمقراطية ـــ هكذا تمضي الحجة ـــ حرم إسرائيل من الشركاء الذين "يعتمد عليهم" في العالم العربي.


    ويتخذ أصدقاء إسرائيل موقفاً مغايراً. ففي الشهر الماضي، اختلفت كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا مع واشنطن عبر دعم قرار لمجلس الأمن يدين المستوطنات في القدس والضفة الغربية. فقد نال القرار تأييد 14 عضواً من الأعضاء الـ 15، مع معارضة أوباما، المحرج بالفعل.


    والآن تريد الحكومات الأوروبية الثلاث من المجتمع الدولي أن يحدد بشكل واضح الشروط الأساسية لاتفاقية سلام. ويدفع وزير الخارجية البريطاني، وليام هيج، هذه المبادرة بقوة. وتريد المبادرة مما يدعى باللجنة الرباعية، المكونة من الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، أن تعلن الخطوط العامة للاتفاقية.


    وجهة نظر هيج ـــ التي يشاركه فيها صراحة زملاؤه الأوروبيون، ويشاركه فيها بهدوء كثيرون في الولايات المتحدة ـــ تشكل تحدياً مباشراً لتحليل نتنياهو. فبعيداً عن تقديمها مبرراً لمزيد من عمليات التأخير، أضفت الانتفاضات العربية صفة الاستعجال للبحث عن معاهدة سلام. إن غياب أية إمكانية لإقامة دولة فلسطينية يعطي الدعم لأولئك الذين يرون فرصة في الفوضى الحالية لإثارة التطرف.


    وهيج صديق قوي لإسرائيل ومدافع منذ وقت طويل عن مصالحها في مجلس العموم. وقد أفزعته عمليات الصد الجافة التي تلقاها من إدارة نتنياهو.


    وكما هو متوقع، قوبل الاقتراح الأوروبي بشكل سيئ من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي، كما أنه وضع أوباما بين خيار دعم نتنياهو دون قيد أو شرط، وخيار النهج المتوازن الذي وعد به ذات مرة في عملية سلام الشرق الأوسط.


    لا يوجد أي شيء ثوري في الصيغة الأوروبية. فشروطها مذكورة بوضوح؛ يجب أن تستند الاتفاقية إلى حدود عام 1967 مع إجراء تعديلات متبادلة يقبل بها الطرفان على الأراضي، وينبغي أن تكون القدس عاصمة لكلتا الدولتين، وينبغي ضمان أمن الإسرائيليين والفلسطينيين، والحاجة للتوصل إلى ترتيبات عادلة حول اللاجئين. وهذه المبادئ كانت أساس المفاوضات السابقة.


    لكن المصادقة الدولية الرسمية من قبل اللجنة الرباعية (وبعدئذ ربما من قبل مجلس الأمن) ستضع نتنياهو أمام الأمر الواقع وتختبر نواياه. كما أنها تغير الديناميكية السياسية لمفاوضات السلام؛ كون الولايات المتحدة وإسرائيل ستفقدان السيطرة الحصرية على العملية.


    هذا هو ما ينبغي أن يكون عليه الأمر. لقد تأكد رفض الحكومة الإسرائيلية التعاطي مع الفلسطينيين عبر استمرار استعمار الضفة الغربية. ومن المفارقة أن هذا الموقف سمح للفلسطينيين بتجنب مواجهة التنازلات التي يمكن أن يتطلبها السلام من جانبهم.


    لقد اتخذ أوباما في البداية موقفاً متشدداً مع نتنياهو، لكنه تراجع بعد ذلك. وعمل الإحباط الناجم عن ذلك على إعطاء زخم للمبادرة الأوروبية، وفقدت أنجيلا ميركل، التي تعتبر بوصفها المستشارة الألمانية أقوى حليف أوروبي لإسرائيل، ثقتها بنتنياهو.


    إن توسعة المستوطنات تجعل التوصل إلى اتفاق بشأن الحدود أمراً غير ممكن. ويعتقد بعض الأوروبيين الآن أن هذا هو هدف نتنياهو. ويرون أن اقتراحه الأخير ـــ اتفاق مبني على حدود "مؤقتة" ـــ سيمكن إسرائيل من الاستيلاء على مزيد من الأراضي.


    لقد ألحق الفيتو الأمريكي في الأمم المتحدة ضرراً كبيراً بصدقية أوباما. فقد عكس القرار في نهاية الأمر الموقف المعلن للبيت الأبيض. وتحديد معالم اتفاقية حول الوضع النهائي سيكون متسقاً على نحو مشابه مع السياسة الأمريكية.


    الشيء المهم الآن هو أن تتمسك بريطانيا وفرنسا وألمانيا بموقفها. ويجب على أوباما أن يختار بين المراوغة وفرصة تدعيم نفوذ الولايات المتحدة في أكثر مناطق العالم اضطراباً وأهمها من الناحية الاستراتيجية. وهناك أمر واحد مؤكد؛ الشرق الأوسط في حاجة ماسة إلى السلام.
يعمل...
X