الاقتصاد اليوم ليس ساخناً جداً ولا بارداً جداً

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الاقتصاد اليوم ليس ساخناً جداً ولا بارداً جداً


    الاقتصاد اليوم ليس ساخناً جداً ولا بارداً جداً

    لماذا كانت كل هذه الضجة؟ فمع اقتراب العام من نهايته، تدل الأرقام الأولية على أن العالم عاد إلى وضع اقتصادي ليس ساخناً جداً ولا بارداً جداً. وتعتبر التوقعات التي تجمع عليها الآراء بخصوص نمو هذا العام في الناتج العالمي مريحة جداً عند معدل 3.9 في المائة. وستحقق الولايات المتحدة نمواً بمعدل 2.8 في المائة. وتعتبر أوروبا والمملكة المتحدة عند معدل 1.7 في المائة بطيئتين قليلاً، لكن هذا المعدل لا بأس به في ظل الظروف السائدة.


    وربما يفاجأ المستثمرون الذين دأبوا على متابعة تحركات الأسواق اليومية التي تثير الأعصاب، ليجدوا أنهم حققوا ربحاً.


    لقد كان أداء الأسهم جميلاً، إذ ارتفع مؤشر فاينانشيال تايمز لكل العالم بنسبة 8 في المائة تقريباً، بزيادة طفيفة على معدله السنوي طويل المدى. وارتفعت الأسهم الأمريكية 10 في المائة، وهي أفضل من النسبة المعتادة، في حين صعدت الأسهم البريطانية والأوروبية بما ينسجم مع معدل ارتفاعاتها في المدى الطويل. وعادت جميعها إلى ما كانت عليه قبل انفجار بنك ليمان براذرز.


    واستفادت السلع، مثلها مثل الأسهم، من نمو الاقتصاد، فارتفع النحاس 21 في المائة وارتفعت السلع عامة بنسبة 11 في المائة.


    وبينما تستفيد السلع والأسهم عادة من التضخم، عملت الأدوات التي تشعر بالقلق من خطر الانكماش بشكل جيد أيضاً. فقد أعطت السندات التي ينبغي أن يكون أداؤها سيئاً في أوقات التضخم عوائد لا تقل كثيراً عن الأسهم. وارتفعت الاستثمارات في سندات الخزينة الأمريكية لعشرة أعوام بنسبة 6.4 في المائة، في حين بلغ عائد الذهب 8 في المائة.


    وأعطى الذهب الذي يعتبر الاستثمار النهائي لمن يشعرون بالقلق من التضخم عوائد مذهلة، محققاً كثيرا من المستويات القياسية العالية مع ارتفاع سعره بنسبة الربع.


    وانخفض اليورو بنسبة تقارب 8 في المائة مقابل الدولار، لكن هذا الانخفاض بعيد عن أكبر تحرك سنوي له منذ تم إنشاؤه قبل عقد من الزمن. وسجل مؤشر الدولار الذي يقيس قيمة العملة الأمريكية مقابل سلة من الشركاء التجاريين، أقل نسبة تحرك سنوية منذ عام 1991، بارتفاع نسبته 2.9 في المائة.


    وبحسب ألين بوكوبزا، مديرة إدارة توزيع الأصول العالمية في بنك سوسيتي جنرال: ''كان يتعين عليك أن تنهض من الفراش مبكراً جداً كي تخسر الأموال هذا العام''.


    وخسارة الأموال لم تكن بتلك الصعوبة. فإلى جانب البلدان الأوروبية الصغيرة التي تعثرت، تمثلت أسهل طريقة لخسارة الأموال في اتباع النصيحة التي انتشرت على نطاق واسع، وهي المراهنة على الصين والبرازيل. فقد مرت الأسهم الصينية المدرجة في شنغهاي بأسوأ سنة لها منذ عام 2004، بانخفاضها بنسبة 13 في المائة، بينما انخفض مؤشر بوفيسبا في البرازيل 2.7 في المائة. وما زال المال الأجنبي يتدفق على البلدين.


    وأمضت البنوك الاستثمارية ومديرو الصناديق الأسبوعين الماضيين في إطلاق التوقعات للعام المقبل، ولا ينبغي أن يكون مفاجئاً أن الجميع تقريباً يتوقعون استمرار الأوقات الجيدة. فسوف تواصل الأسهم ارتفاعها، وسيشهد الذهب مزيداً من الارتفاع، وسوف يعمل النمو الصيني على دعم السلع، وحتى السندات يمكن أن تتدعم.


    وبعد عامين من العوائد الكبيرة من المغري أن يستنتج المرء الشيء نفسه. وسيعيد كثير من غير المتفائلين النظر في محافظهم خلال عطلة عيد الميلاد، وسيسألون أنفسهم ما إذا كانوا يستطيعون البقاء بعيداً عن سوق الأسهم.


    وربما يساعد وجود أدلة قوية على أن الأسهم تتجه إلى التفوق في الأداء في العام الثالث من الولاية الرئاسية في الولايات المتحدة على إقناعهم بالعودة إلى سوق الأسهم.


    يبد أن المشاكل الأساسية التي يعاني منها الاقتصاد العالمي سيئة كما كانت على الدوام، وفي كثير من الحالات أسوأ.


    فقد تم ضخ سيولة إضافية قدرها 600 مليار دولار في الاقتصاد الأمريكي من خلال جولة التخفيف الكمي الثانية التي نفذها بنك الاحتياطي الفيدرالي، وسيحصل على قرابة 900 مليار دولار عبر الإعفاءات الضريبية في العامين المقبلين. وسيظل العجز في الموازنة الاتحادية الأمريكية قريباً من 10 في المائة نتيجة لذلك، وهي بذلك أشبه باليونان في أسوأ حالاتها من كونها بلداً يسير باتجاه التعافي الاقتصادي.


    ومستقبل أوروبا يبدو على درجة عالية من عدم اليقين. فقد ساعد شراء البنك المركزي الأوروبي لدين البلدان الطرفية في استقرار فروقات العوائد على السندات، لكن الزعماء أقرب قليلاً إلى تحديد من سيدفع تكاليف حفل ديون البلدان الصغيرة مما كانوا في بداية العام.


    ومن المفترض أن تبني الأسواق المالية توقعاتها بشأن المستقبل بناء على أسعار اليوم. فقد كانت مصابة بالانفصام بشكل يدعو إلى الاستغراب في هذا العام . لقد جنى أي شخص راهن على التضخم – عبر شراء الذهب أو السندات ذات العلاقة بالتضخم – أموالاً جيدة. وعلى نحو مشابه، أثمرت الرهانات على الانكماش والسندات الاسمية للحكومات.


    وهذا يعكس قدراً عميقاً من عدم اليقين، ولأسباب وجيهة. فأسواق الأسهم تتوقع استمرار تعافي الاقتصاد العالمي، وتتجاهل حقيقة أن نمو الولايات المتحدة يعتمد على التحفيز الحكومي.


    وحتى بعد التراجع الذي شهدته أخيرا، فإن أسواق السندات تتجاهل استمرار تحول تضخم دين القطاع الخاص إلى الميزانيات العمومية للقطاع العام. وأصبح هذا الأمر مسألة بالغة الأهمية في إيرلندا فقط، وكان لا يزال يجري إنقاذ بنوكها من قبل بقية البلدان الأوروبية.


    إن واشنطن تلعب لعبة التراجع مع سوق السندات، وتفوز فيها. والاحتياطي الفيدرالي يفوز في مواجهته مع أسواق العملات. وفي يوم ما ربما تفقد سوق السندات ثقتها في دين الولايات المتحدة، وربما تفقد سوق العملات ثقتها في الدولار الذي انخفضت قيمته. وقد زادت الإجراءات الحكومية احتمال حدوث هذين الأمرين. لكن إذا لم تقع أي من الكارثتين عام 2011، فقد يكون شبيهاً إلى حد كبير بعام 2010: مروعاً بالنسبة للمنتبهين، لكن مربحاً بالنسبة لكل من تتحمل أعصابه أن يواصل الاستثمار.

    (حسبي الله لا اله الا هو عليه توكلت و هو رب العرش العظيم)

يعمل...
X