مقتل بن لادن فرصة لأوباما العالق في أفغانستان

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مقتل بن لادن فرصة لأوباما العالق في أفغانستان

    قتل أسامة بن لادن يعطي الأمريكيين النصر الذي يحتاجون إليه في القتال ضد القاعدة ويعتبر نقطة فاصلة فيما يسميه المختصون في العلاج النفسي نقطة الإغلاق. بالنسبة للرئيس باراك أوباما يعتبر هذا نصراً يأتي بلحظة تعد فرصة استراتيجية. ولن تكون للرئيس الأمريكي أبداً فرصة أفضل للسعي إلى حل سياسي للحرب في أفغانستان.

    لعل أوباما بالغ في دوره الشخصي في الإيقاع بابن لادن. فالقوات الأمريكية كانت تسعى لاقتناص زعيم القاعدة قبل الهجمات الإرهابية على نيويورك وواشنطن في أيلول (سبتمبر) 2001. وفي أكثر من مناسبة كادت أن تتمكن منه. وقد آن الأوان ليكون للقوات حظ حسن إلى حد ما.


    لهذه الأسباب جميعاً، سيحصل أوباما على الأرباح السياسية. والفوضى التي أعقبت غزو العراق والمأزق الصعب في أفغانستان يبدو أنهما شهادة على القوة المتناقصة للولايات المتحدة. والآن أظهرت الولايات المتحدة أنها تحتفظ بالقدرة والتصميم على ضرب أعدائها وتحقيق تأثير مميت.


    نجد في هذا قدراً كبيراً من الرمزية، مثلما نجد وقائع فعلية. فلو تحطمت الطائرات، أو أُسقِطت، لكان العالم الآن يعقد مقارنات مع المحاولة الفاشلة في عهد الرئيس جيمي كارتر لإنقاذ الرهائن الأمريكيين من ملالي إيران. لكن لا بأس. كان جورج بوش كريماً بما فيه الكفاية ليهنئ سلفه على هذا ''الإنجاز العظيم''.


    خصوم أوباما في الحزب الجمهوري غالباً ما يتهمونه بأنه لين في التعامل مع أعداء أمريكا، ويقولون إنه راغبٌ فوق الحد في الكلام وعازفٌ فوق الحد عن إطلاق النار. والآن مع مطلع حملته لإعادة انتخابه في عام 2012، فإن الجماهير التي تحيي الرئيس في نيويورك وخارج البيت الأبيض ستضعف موقف المنتقدين وتحرمهم من سلاحهم. ينبغي على الرئيس أن يستخدم فضاءه السياسي لتعميق الجهود الرامية إلى تعزيز التصالح السياسي في أفغانستان. فما من مسؤول غربي يعلم طبيعة المنطقة يعتقد أن من الممكن هزيمة طالبان في ساحة المعركة. ومع ذهاب بن لادن، باتت الولايات المتحدة تتمتع بفرصة ثمينة لفصل حركة التمرد عن القتال ضد القاعدة. وبإمكانها التحدث مع طالبان دون الإساءة لذكرى ضحايا 11 أيلول (سبتمبر).


    حين طالب القواد العسكريون الأمريكيون في عام 2009 بإرسال عشرات الآلاف من الجنود الإضافيين إلى أفغانستان، أعرب أوباما عن معارضته. وحين كان مرشحاً رئاسياً ميز بين الحرب ''السيئة'' في العراق و''القتال الطيب'' ضد القاعدة وأصدقائها من طالبان. لكن الدخول في توسع كبير في الوجود العسكري الأمريكي في أفغانستان لم يكن جزءاً من حساباته.


    كان إحساسه الغريزي صحيحاً. فقد اندفعت السياسة الداخلية في الاتجاه المعاكس. كان الخروج من العراق قضية عادية. لكن رفض إرسال التعزيزات التي طلبها القواد العسكريون لقتال طالبان يعتبر أمراً يؤدي إلى الوقوع في مخاطر كبيرة. وفي النهاية قرر الرئيس أن أقصى ما يمكن أن يفعله هو أن يكون تعزيز القوات متبوعاً بتقليص عدد الجنود قبل انتخابات عام 2012. وهكذا كانت النتيجة أن الولايات المتحدة خرجت باستراتيجية لم تكن تبدو أنها علامة على الثقة أو التناسق في المواقف.


    وقد وصف وزير الخارجية البريطاني السابق، ديفيد ميليباند، هذا الأمر بصورة جميلة في كلمة ألقاها في الفترة الأخيرة أمام عدد من العلماء في معهد ماساتشيوستس للتكنولوجيا. قال ميليباند إن الغرب من الناحية العملية أعلن عن تاريخ انتهاء الحرب، لأن قوات الناتو ستغادر في عام 2014. مع ذلك لا يزال يتعين على الولايات المتحدة وحلفائها صياغة استراتيجية للمفاوضات السياسية اللازمة لإنهاء النزاع. وكانت النتيجة دعوة للمتمردين للانتظار إلى حين خروج القوات.قدم ميليباند الحجة نفسها تقريباً إلى هيلاري كلينتون قبل سنة، حين كان لا يزال في منصب وزير الخارجية. في ذلك الحين أدى تدخله إلى استجابة فاترة من وزيرة الخارجية الأمريكية. لكن الأحداث تطورت. وتبين أن الانتصارات التكتيكية على طالبان لم تزد عن كونها كذلك، أي مجرد انتصارات تكتيكية.


    وفي كلمة أمام الجمعية الآسيوية في نيويورك قبل شهرين، كان يبدو أن كلينتون مدركة لهذه الحقيقة. وقد وجهت تركيز السياسة إلى الإعمار المدني والدبلوماسية. وقالت إن التعزيزات العسكرية سيصاحبها الآن اندفاع في المجهود السياسي.


    كانت المناسبة ملائمة تماماً، إذ كانت كلمتها تكريماً لرتشارد هولبروك، المبعوث الخاص السابق لأفغانستان وباكستان، وإحياءً لذكراه. وكان هولبروك يعارض التصعيد العسكري. وكان يعتبر أن التصالح السياسي والدبلوماسية الإقليمية هو السبيل الوحيد لإنهاء التمرد. وفي بعض الأحيان كان هولبروك يقول في محافله الخاصة إن العدو الحقيقي هو قيادة القاعدة في باكستان. فلماذا إذن كانت الولايات المتحدة تحارب طالبان في أفغانستان؟


    ويبدو أنه حقق بعض التقدم. ففي رد فعلها على قتل زعيم القاعدة، استخدمت كلينتون التمييز نفسه. بمعنى أن بإمكان زعماء طالبان الانفصال عن القاعدة والانضمام إلى المفاوضات الخاصة بمستقبل أفغانستان.


    إن التوصل إلى التحليل السليم ليس كافياً. فالعملية بحاجة إلى طاقة أمريكا الدبلوماسية لتأمين انخراط جيران أفغانستان. ولا بد أن تبين واشنطن أنها راغبة في التعامل مع زعماء طالبان الذين يعلنون تخليهم عن القاعدة.


    ولا يوجد أي شيء سهل بخصوص أي من هذه الأمور. فإدارة الرئيس حامد كرازاي ينخرها الفساد. وقدرة الحكومة الأفغانية على المحافظة على الأمن واستدامته موضع شك، وسيكون بعض من عناصر طالبان غير راغبين في التسوية، طالما كان مدى رغبة قوات الناتو في الخروج من أفغانستان أمرا واضحا. ولن تكون تركة التدخل الغربي هي ديمقراطية لامعة تُحترَم فيها الحقوق المدنية الاجتماعية بصورة تامة. لكن الغرب داخل في حرب لا يمكن كسبها. ومع ذهاب بن لادن، توجد لدى أوباما فرصة لوضع حد لهذه الحرب.
يعمل...
X