الصفقات الآسيوية في قطاع الطاقة باعثة على التفاؤل

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الصفقات الآسيوية في قطاع الطاقة باعثة على التفاؤل


    أحد أكثر المواضيع التي تشغل أوقات الفراغ انتشاراً في الشرق الأوسط في الوقت الحالي هو توقع ما ستبدو عليه المنطقة في أعقاب الثورات الشعبية التي حدثت هذا العام.

    ذكرني ذلك برد الزعيم الصيني، شوان لاي، الذي أجاب حينما سئل خلال سبعينيات القرن الماضي عن ماذا كان في اعتقاده تأثير الثورة الفرنسية التي حدثت قبل 200 عام: ''من المبكر للغاية معرفة ذلك''.


    بطبيعة الحال، من المبكر للغاية القول ماذا سيكون تأثير هذه الأحداث، لكن نتائج الأجل القصير على أسواق المال واضحة تماماً. فقد تم تأخير عمليات أسواق المال، مثل إصدار السندات، والاكتتابات العامة الأولية، وكذلك الأمر قرارات الاستثمار الأجنبي الداخل، وتعليق الاندماجات والاستحواذات الإقليمية. وسيكون لأسعار النفط المرتفعة تأثير مفيد على ميزانيات البلدان المنتجة للنفط، وصناديق الثروات السيادية الخاصة بها.


    غير أن وجهة نظر بنك hsbc والشعور الذي ألمسه من التحدث إلى الزبائن والمشاركين في السوق، في المنطقة وفي شتى أرجاء العالم، هو أن هذا مجرد تأخير وليس إيقافاً.


    إن منطقة الخليج، ومنطقة شمالي إفريقيا الأوسع، متشابكتان للغاية الآن مع الاقتصاد العالمي بحيث لا يمكن استثناءهما لأي فترة من الوقت.


    وربما كان أفضل ما يبين موقع المنطقة من الاقتصاد العالمي هو الاتجاه الأكثر أهمية الذي نلاحظه عبر جميع القطاعات في الوقت الراهن، المتمثل في التغيير الجوهري في العلاقات بين الشرق الأوسط وآسيا.


    ففي قطاع الطاقة، وهو الأهم بالنسبة للمنطقة، يتحول الشرق الأوسط من كونه مخزناً للسلع تحصل منه الاقتصادات الغربية والآسيوية على الطاقة ضمن عمليات نقدية بسيطة، إلى كونه شريكاً استثمارياً استراتيجياً في النمو العالمي - علاقة جديدة. وأصبح من غير الممكن عكس مسار هذا الاتجاه.


    وكان هناك إعلانان حديثان على قدر كبير من الأهمية، صدرا عن الإمارات وكوريا الجنوبية. أحدهما يشير إلى أن شركات من كوريا الجنوبية ستشيد أول محطة للطاقة النووية في العالم العربي في أبوظبي. وفي صفقة منفصلة حصلت كوريا الجنوبية على حقوق استكشاف حقول نفط جديدة في أبو ظبي، ووقعت كذلك اتفاقيات توريد نفط طويلة الأجل مع الإمارات.


    نتيجة لذلك، ستكون كوريا الجنوبية المالك الفعلي الآن لنسبة 15 في المائة من نفطها المستورد، بعد أن كانت لا تملك شيئاً قبل بضع سنوات فقط.


    هذا الأسلوب المبدع والمبتكر لتوريد الطاقة لأجل طويل، يمثل إشارة للاتجاه المستقبلي للاقتصاد العالمي: بلدان قويان مستقلان يسيطران على مستقبلهما الخاص بواسطة تعاون يحقق المنفعة المتبادلة. لقد تغيرت مكانة الشرق الأوسط من كونه مخزناً، إلى كونه شريكا. وسوف تكون تداعيات هذا التغيير عميقة للغاية.


    كذلك يعكس الاتجاه الأوسع الذي كنا نلاحظه في بنك hsbc منذ عقد من الزمن على الأقل، زيادة تدفقات الطاقة ورأس المال من البلدان المنتجة إلى بلدان النمو الآسيوية. وكانت هناك زيادة في التدفقات التجارية بين المنطقتين - تفوقت آسيا على أوروبا بكونها أكبر شريك تجاري للشرق الأوسط ومنطقة شمالي إفريقيا.


    مثلا، الاستثمارات التي تحدث في البنية التحية العامة في آسيا تنعكس في منطقة الخليج، ويتشارك الطرفان بتجاربهما وخبراتهما.


    ويمثل هذا الاتجاه من الشرق - إلى - الشرق تجسيداً لنظام عالمي جديد لم تعد فيه الأسواق الناشئة مجرد دافع لتعافي الاقتصاد العالمي، وأصبح الاقتصاد العالمي ذو السرعتين اتجاهاً عالمياً مستداماً.


    ويتوقع أن تساهم الأسواق الناشئة بنحو ثلثي النمو العالمي حتى عام 2050، وأن تشكل 19 من أصل 30 أفضل اقتصاد عالمي بحلول ذلك الوقت.


    وتصل التدفقات بين الأسواق الناشئة إلى مستويات قياسية الآن، وما زالت تزداد - مثلا، أصبحت الإمارات أكبر شريك تجاري للهند منذ عام 2008، متفوقة على الولايات المتحدة.


    والآن يصنف الدين الحكومي للأسواق الناشئة من الدرجة الاستثمارية، على الأقل في الشرق الأوسط.


    بناءً عليه، فإن حظوظ جميع البلدان ستعتمد بشكل متزايد على بناء علاقات ناجحة مع الأسواق الناشئة. ووجهة النظر هذه هي التي تجعلني أتطلع إلى هذه المنطقة بعين التفاؤل، على الرغم من التغييرات التي تواجهها.


    وقطاع الطاقة، الذي يقع موقع القلب من هذه المنطقة، هو القوة الدافعة خلف العلاقة الجديدة بين آسيا والشرق الأوسط.




    الرئيس التنفيذي لبنك hsbc لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
يعمل...
X