صفقة منطقة اليورو لا يمكنها إنهاء الأزمة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • صفقة منطقة اليورو لا يمكنها إنهاء الأزمة

    هل أنقذ زعماء أوروبا اليورو في الأسبوع الماضي؟ هناك خبر سار، وخبر سيئ، وخبر سيئ حقاً.

    الخبر السار هو أنه تم وضع آلية دائمة جديدة لحل الأزمات يبدأ العمل بها في عام 2013. ستكون الآلية الأوروبية للاستقرار هذه مؤسسة تتجاوز الحدود الوطنية، وسيتم تأسيسها بموجب معاهدة دولية. وفي منتصف عام 2017 سيتم تمويلها على نحو مناسب بقاعدة رأسمالية مدفوعة بالكامل قدرها 80 مليار يورو. وينبغي أن يكون هذا كافياً لصندوق سقف إقراضه 500 مليار يورو. ولذلك سيكون بمقدور منطقة اليورو بدءاً من عام 2018 أن تعالج الأزمات المستقبلية.


    والخبر السيئ هو أن مختلف القرارات التي اتخذها المجلس الأوروبي في الأسبوع الماضي لن تكون كافية لإخراجنا من الأزمة الحالية. ويعد النقاش المتعلق بالآلية الأوروبية للاستقرار أيضاً دراسة حالة تامة لما يجري على نحو خاطئ في الوقت الراهن. ولذلك تستحق تفحصاً أكثر دقة.


    في أوائل الأسبوع الماضي اتفق وزراء المالية الأوروبيون على هيكل رأسمال مباشر نسبياً للآلية الأوروبية للاستقرار. سيكون لديها رأسمال إجمالي قدره 700 مليار يورو، منها 80 مليار يورو سيتم دفعها بالفعل. وسيكون المبلغ المتبقي رأسمال ''تحت الطلب''، وهذا يعني أن الصندوق يستطيع أن يطلب من المساهمين إمداده برأسمال جديد، إذا تم استنفاد رأس المال الحالي.


    المشكلة مع رأس المال تحت الطلب هي سيناريو ''لا أستطيع أن أدفع، لن أدفع''؛ لأن الدول الأعضاء جميعاً تضمن بعضها بعضا. مثلا، هل نعتقد حقاً أن إيطاليا ـــ وهي بلد تبلغ الديون المترتبة على قطاعها العام 120 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي ـــ في مركز يمكنها من إيجاد عشرات المليارات من أجل إنقاذ دولة أخرى عضو؟ تبلغ حصة إيطاليا في الآلية الأوروبية للاستقرار قرابة 18 في المائة، أقل بقليل من فرنسا التي تبلغ حصتها 21 في المائة. وإذا حصل أمر سيئ ستتحمل إيطاليا مسؤولية كبيرة. ماذا إذا لم تتمكن إيطاليا، أو أي بلد آخر بالفعل من احترام التزامها؟


    إن الفكرة التي تكمن خلف رأس المال المدفوع هي توفير حاجز وقاية، كي يتسنى للنظام أن يتعامل مع المشاكل بسهولة أكبر. لكن فكرة وجود آلية أوروبية للاستقرار تكون ممولة على نحو مناسب عانت انتكاسة مفاجئة في الأسبوع الماضي. فقد شعر النواب الألمان فجأة بالذعر من احتمال اضطرارهم إلى دفع 11 مليار يورو في عام 2013 ـــ، وهو عام انتخابات قرر الائتلاف الحاكم في ألمانيا أن يجري فيه خفضاً ضريبياً. ولذلك ذهبت أنجيلا ميركل إلى بروكسل يوم الخميس وطالبت بألا تكون هناك دفعة تأسيسية، وأن يتم دفع الأموال على مراحل خلال خمسة أعوام، بدلاً من ثلاثة. وتمشياً مع القاعدة التي تقضي بأن يكون رأس المال المدفوع بنسبة 15 في المائة على الأقل من حجم القروض التي يمكن أن تقدمها الآلية الأوروبية للاستقرار، وافقت المستشارة الألمانية على توفير موارد إضافية إذا أصبح ذلك ضرورياً.


    لكن هنا تكمن المشكلة: ألمانيا وفرنسا اللتان تحمل سنداتهما السيادية تصنيف aaa لن تكونا في حاجة إلى دفع أموال فعلية لتغطية أي نقص في رأس المال المدفوع. ويكفي تقديم ضمان بذلك. لكن البلدان ذات التصنيفات الأقل، مثل إيطاليا وإسبانيا، والبرتغال، وإيرلندا، واليونان سيترتب عليها أن تدفع نقداً. ولذلك الوضع معكوس. فالبلدان التي يسهل عليها الوصول إلى رأس المال تستطيع أن تقدم ضمانات رخيصة، بينما يجب على البلدان الضعيفة أن تدفع نقداً. وفي الحقيقة، الخطر الأكبر على ملاءة إيطاليا مستقبلاً لا علاقه له بدينها، بل يتمثل في تعرض البلد إلى آلية الأزمات في منطقة اليورو.


    وزيادة على ذلك، بما أن هذا الضمان سيعمل باعتباره معادلاً لدفعة نقدية مدفوعة مقدماً، فإن ضماناً مقدماً من بلد غير حاصل على تصنيف aaa لن يغطي النقص. وفي مفهومي أن القمة تجنبت هذه المسألة فقط: انسحب الإيطاليون من الطاولة بفهم مختلف لما تم الاتفاق عليه.


    بطبيعة الحال، ربما لا يكون كل هذا مهماً. فمن المتصور أنه سيتم الاتفاق على معظم عمليات الإقراض قبل عام 2013 بموجب الآلية الحالية ـــ الصندوق الأوروبي للاستقرار المالي. فسينتهي أجله في ذلك العام، لكن جميع فئات القروض المدفوعة حتى ذلك الوقت ستستمر تحت المظلة القديمة. ولأنه لن يتم تحويل هذه القروض إلى الآلية الأوروبية للاستقرار، فقد يكون هناك متنفس ضئيل للآلية الجديدة. وسيكون لدى البلدان أيضاً الوقت لدفع رأس المال.


    لكن فقط تخيلوا إذا عجز أحد البلدان المدينة للصندوق الأوروبي للاستقرار المالي عن السداد. فالصندوق ليس لديه رأسمال، بل ضمانات فقط. ولذلك سيكون نجاح هذه الممارسة معتمداً على قدرة الدائنين على الوفاء بوعودهم، من دون إدخال أنفسهم في متاعب. ولذلك ستخضع هذه الممارسة لشروط مشددة. إن الائتمان المقدم بموجب الصندوق الأوروبي للاستقرار المالي له وضع مساوٍ للسندات التي تحملها جهات خاصة. وهذا يعني أنه إذا عجز أحد البلدان عن السداد، فإن الجميع يتضررون بالتساوي. وسوف يترتب على الحكومات أن تدفع على الفور. وعندها يتحول ما كان يقصد به أن يكون آلية إنقاذ إلى مولد للأزمات عن غير قصد. ولهذا السبب، من المهم جداً إنشاء آلية برأسمال مدفوع كاف من البداية، بدلاً من الاعتماد على الضمانات. وكانت ستكون فكرة جيدة أيضاً أن يتم دمج الصندوق الأوروبي للاستقرار المالي في الآلية الجديدة منذ البداية، بدلاً من أن يوجد الاثنان معاً في الوقت نفسه.


    والآن الخبر السيئ حقاً: أن الأنظمة السياسية المحلية في البلدان الأعضاء في منطقة اليورو ليست جاهزة لما يوشك أن يعصف بها. فإذا اهتز الائتلاف الألماني جراء احتمال ضخ مبلغ 11 مليار دولار في رأس مال الآلية الجديدة، ما الذي يمكن أن يقولوه إذًا ووجهوا بطلب أكبر بكثير للوفاء بتعهدهم بتقديم ضمان خاص بأحد القروض؟ وخلافاً لتقديم رأسمال بسيط للآلية الأوروبية للاستقرار، فإن دفع الضمان يتطلب القيام بعملية تصحيح مالي لتعويض ذلك في الداخل. فقط تخيلوا سياسة إنقاذ عابر للحدود تقتضي تخفيض دفعات الرعاية الاجتماعية المحلية.


    إن القوة التي لا تقاوم لحل الأزمات على مستوى الاتحاد الأوروبي ستتعارض في نهاية المطاف مع هدف السياسة الوطنية الثابت. ويعد الجدل الذي شهده الأسبوع الماضي حول الآلية الأوروبية للاستقرار تحذيراً مبكراً لما ينتظرنا.
يعمل...
X