مع مبادئ الأخلاق في القرآن العظيم - سلسلة متجددة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مع مبادئ الأخلاق في القرآن العظيم - سلسلة متجددة



    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا وحبيبنا سيدنا محمد صلى الله عليه واله وسلم.
    نعيش في هذا البحث إن شاء الله تعالى مع أعظم دستور للمعاملات عرفه الإنسان . حيث الأداب الربانية الرفيعة والأخلاق التي إن طبقناها لأصبحنا خير أمة أخرجت للناس.
    ويعتمد هذا البحث على كتاب الله ( القرآن العظيم ) والأحاديث الصحيحة التي وردت في كتب الصحاح كالبخاري ومسلم . والمراجع العلمية التي أهتمت بهذا الجانب وهي كثيرة .
    . والله الموفق إلى صالح الأعمال.

    الجزء الأول

    بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ -1 الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ -2 الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ -3 مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ -4 إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ -5 اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ -6 صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ-7


    ****

    نلاحظ هنا كيف بدأ القرآن العظيم بصفة الرحمة لله عز وجل ليدلك أن الإسلام كله رحمة .
    قال تعالى : وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ -107 الأنبياء

    الرحمن الرحيم

    الاسمان مشتقان من الرحمة , الرحمة التامة وهي إفاضة الخير على العباد.
    والرحمة العامة تعم جميع الخلائق , فإن رحمة الله تامة عامة
    ومن رحمة تعالى أن أنعم علينا بالإيجاد ثم بالهداية للإيمان
    ثم بأسباب السعادة في الدنيا ثم السعادة في الأخرة
    قال رسول الله :
    إن الله كتب كتابا قبل أن يخلق الخلق : إن رحمتي سبقت غضبي ، فهو مكتوب عنده فوق العرش .
    الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 7554
    خلاصة الدرجة: صحيح


    وقال رسول الله :
    إن لله مائة رحمة . أنزل منها رحمة واحدة بين الجن والإنس والبهائم والهوام . فبها يتعاطفون . وبها يتراحمون . وبها تعطف الوحش على ولدها . وأخر الله تسعا وتسعين رحمة . يرحم بها عباده يوم القيامة
    الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم: 2752
    خلاصة الدرجة: صحيح

    وقال رسول الله :
    الراحمون يرحمهم الله ، ارحموا أهل الأرض يرحمكم من في السماء
    الراوي: عبدالله بن عمرو بن العاص المحدث: ابن دقيق العيد - المصدر: الاقتراح - الصفحة أو الرقم: 127
    خلاصة الدرجة: صحيح
    فيجب أن نتخلق بهذا الخلق ألا وهو الرحمة , فالراحمون يرحمهم الرحمن .

    *****
    خلق الاستقامة

    اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ

    ندرك من الآية مدى قيمة الاستقامة على طريق الحق , فالطريق المستقيم هو أقرب الطرق الى الهدف أما الطرق المعوجة فلا تؤدي إلى شئ إلا الهلاك - والطريق المستقيم هو طريق المؤمنين الذين أنعم الله عليهم في الدنيا والاخرة

    صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ.

    *****

    ومع أنوار سورة البقرة نلاحظ فضيلة التقوى من أولها , وكيف تؤدي التقوى بصاحبها إلى الفلاح في الدنيا والجنات في الاخرة , فالتقوى هي خوف من الله تعالى في القلب ينعكس على كل جوارح الإنسان فيكون عبدا ربانيا , لايعصي الله ولا يعصي رسول الله
    قال تعالى:
    بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
    الم -1 ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ -2 الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ -3 وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ -4 أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ-5

    أي هذا الكتاب العظيم الذي هو الكتاب على الحقيقة, المشتمل على ما لم تشتمل عليه كتب المتقدمين والمتأخرين من العلم العظيم, والحق المبين.
    والهدى: ما تحصل به الهداية إلى سلوك الطرق النافعة.
    والتقوى اتخاذ ما يقي سخط الله وعذابه, بامتثال أوامره, واجتناب النواهي, فاهتدوا به, وانتفعوا غاية الانتفاع.
    والهداية نوعان: هداية البيان, وهداية التوفيق. فالمتقون حصلت لهم الهدايتان,

    فإقامة الصلاة, إقامتها ظاهرا, بإتمام أركانها, وواجباتها, وشروطها. وإقامتها باطنا بإقامة روحها, وهو حضور القلب فيها, وتدبر ما يقوله ويفعله منها، فهذه الصلاة هي التي قال الله فيها: إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ – 45 العنكبوت
    وكثيرا ما يجمع الله تعالى بين الصلاة والزكاة في القرآن, لأن الصلاة متضمنة للإخلاص للمعبود, والزكاة والنفقة متضمنة للإحسان على عبيده، فعنوان سعادة العبد إخلاصه للمعبود, وسعيه في نفع الخلق،
    فالمتقون يؤمنون بجميع ما جاء به الرسول, فلا يفرقون بين أحد منهم.
    أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
    وحصر الفلاح فيهم؛ لأنه لا سبيل إلى الفلاح إلا بسلوك سبيلهم,

    وفي نهاية الربع الأول بشرى للمؤمنين الذين يعملون الصالحات , بكل ما تعنيه كلمة الإصلاح , سواء للدنيا أو للآخرة.
    قال تعالى:
    وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ - 25

    ****
    وإلى الجزء التالي إن شاء الله تعالى



  • #2
    رد: مع مبادئ الأخلاق في القرآن العظيم - سلسلة متجددة

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الجزء الثانى

    وبعض آيات من سورة البقرة

    وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَمَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ - 148


    فالخلق الذي ينبهنا اليه ربنا في الآية السابق هو الهمة وبذل الجهد والمنافسة الشريفة في عمل الخيرات, والخيرات كثيرة لا تعد ولكن حسبنا ان نقول أنها تشمل الخيرات التي تقربنا من الله تعالى سواء كانت للدنيا كاتقان العمل أو للآخرة بالصلاة والصوم والحج والزكاة والجهاد والبر بجميع اشكاله وألوانه.

    *****
    ومن الأخلاق التي وردت في هذا الجزء خلق الصبر .

    قال الله تعالى:
    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ - 153
    فالصبر هو: حبس النفس وكفها عما تكره, فهو ثلاثة أقسام:
    صبرها على طاعة الله حتى تؤديها,
    وعن معصية الله حتى تتركها,
    وعلى أقدار الله المؤلمة فلا تتسخطها،
    فالصبر هو المعونة العظيمة على كل أمر, فلا سبيل لغير الصابر, أن يدرك مطلوبه، خصوصا الطاعات الشاقة المستمرة, فإنها مفتقرة أشد الافتقار, إلى تحمل الصبر, وتجرع المرارة الشاقة، فإذا لازم صاحبها الصبر, فاز بالنجاح,
    فلهذا أمر الله تعالى به, وأخبر أنه ﴿مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ أي: مع من كان الصبر لهم خلقا, وصفة, وملكة بمعونته وتوفيقه, وتسديده، فهانت عليهم بذلك, المشاق والمكاره, وسهل عليهم كل عظيم, وزالت عنهم كل صعوبة، وهذه معية خاصة, تقتضي محبته ومعونته, ونصره وقربه, وهذه منقبة عظيمة للصابرين، فلو لم يكن للصابرين فضيلة إلا أنهم فازوا بهذه المعية من الله, لكفى بها فضلا وشرفا،
    وأما المعية العامة, فهي معية العلم والقدرة, كما في قوله تعالى: ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ﴾ وهذه عامة للخلق.

    وأمر تعالى بالاستعانة بالصلاة لأن الصلاة هي عماد الدين, ونور المؤمنين, وهي الصلة بين العبد وبين ربه، فإذا كانت صلاة العبد صلاة كاملة, مجتمعا فيها ما يلزم فيها, وما يسن, وحصل فيها حضور القلب, الذي هو لبها فصار العبد إذا دخل فيها, استشعر دخوله على ربه, ووقوفه بين يديه, موقف العبد الخادم المتأدب, مستحضرا لكل ما يقوله وما يفعله, مستغرقا بمناجاة ربه ودعائه لا جرم أن هذه الصلاة, من أكبر المعونة على جميع الأمور فإن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، ولأن هذا الحضور الذي يكون في الصلاة, يوجب للعبد في قلبه, وصفا, وداعيا يدعوه إلى امتثال أوامر ربه, واجتناب نواهيه، هذه هي الصلاة التي أمر الله أن نستعين بها على كل شيء.

    وقال تعالى بعدها :
    وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأمْوَالِ وَالأنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ -155 الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ -156 أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُون -157

    ******

    وجاءت في الجزء الثاني آيات الصيام وذلك لان مدرسة الصيام هي التي تخرج المتقين على أكمل وجه.

    قال تعالى:
    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ -183

    فالتقوى خلق عظيم يلزمه تدريبات عظيمة , والصيام مجال كبير لترسيخ هذا الخلق.
    فالتقوى معناها الخوف من الله لكي لا ارتكب الآثام , والخوف في القلب ينعكس على جوارح الإنسان فلا ترى منه غش أو غدر أو خيانة لأنه يخاف يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار.

    فمما اشتمل عليه من التقوى: أن الصائم يترك ما حرم الله عليه من الأكل والشرب ونحوها, التي تميل إليها نفسه, متقربا بذلك إلى الله, راجيا بتركها, ثوابه، فهذا من التقوى.
    ومنها: أن الصائم يدرب نفسه على مراقبة الله تعالى, فيترك ما تهوى نفسه, مع قدرته عليه, لعلمه باطلاع الله عليه، ومنها: أن الصيام يضيق مجاري الشيطان, فإنه يجري من ابن آدم مجرى الدم, فبالصيام, يضعف نفوذه, وتقل منه المعاصي، ومنها: أن الصائم في الغالب, تكثر طاعته, والطاعات من خصال التقوى.

    ******

    وإلى الجزء التالي إن شاء الله تعالى


    تعليق


    • #3
      رد: مع مبادئ الأخلاق في القرآن العظيم - سلسلة متجددة

      بسم الله الرحمن الرحيم

      الجزء الثالث
      وبعض آيات من سورة البقرة

      لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ -256 اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ - 257

      نعيش اليوم مع مبدأ الحرية , وعلى قمتها الحرية الدينية .
      هذا المبدأ قرره الإسلام قبل أن تعرف البشرية ما يسمى بحقوق الإنسان.
      فالحرية هي أساس نهضة الأمم وتقدمها , فبقدر حرية الأفراد بقدر قوة دولتهم . ولا خوف من الحرية إن كان القانون يطبق على الصغير والكبير, الغني والفقير.

      يخبر تعالى أنه لا إكراه في الدين لعدم الحاجة إلى الإكراه عليه، لأن الإكراه لا يكون إلا على أمر خفية أعلامه، غامضة أثاره، أو أمر في غاية الكراهة للنفوس، وأما هذا الدين القويم والصراط المستقيم فقد تبينت أعلامه للعقول، وظهرت طرقه، وتبين أمره، وعرف الرشد من الغي، فالموفق إذا نظر أدنى نظر إليه آثره واختاره،
      والمكره ليس إيمانه صحيحا،

      ﴿الله ولي الذين آمنوا﴾ وهذا يشمل ولايتهم لربهم، بأن تولوه فلا يبغون عنه بدلا ولا يشركون به أحدا، قد اتخذوه حبيبا ووليا، ووالوا أولياءه وعادوا أعداءه، فتولاهم بلطفه ومنَّ عليهم بإحسانه، فأخرجهم من ظلمات الكفر والمعاصي والجهل إلى نور الإيمان والطاعة والعلم، وكان جزاؤهم على هذا أن سلمهم من ظلمات القبر والحشر والقيامة إلى النعيم المقيم والراحة والفسحة والسرور.

      وبهذا السلوك الواضح المعالم كانت معاملات سلفنا الصالح الذين فتحوا البلاد لتحرير البشرية من عبادة العباد إلى عبادة الخالق جل وعلى.
      فانظروا كيف كانت قوتهم المستمدة من الحرية التي أعطاها لهم الله تعالى بإيمانهم . فإذا أردنا أن تكون لنا عزة وكرامة وسيادة في هذا العالم , يجب أن نرسخ مبدأ الحرية , التي كرمنا الله بها .
      ******

      المعاملات المالية
      أدب التعامل سواء بالقول أو الفعل

      الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ -262 قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ -263
      أي: الذين ينفقون أموالهم في طاعة الله وسبيله، ولا يتبعونها بما ينقصها ويفسدها من المن بها على المنفق عليه بالقلب أو باللسان ,ولا أذية له قولية أو فعلية، فهؤلاء لهم أجرهم اللائق بهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون، فحصل لهم الخير واندفع عنهم الشر لأنهم عملوا عملا خالصا لله سالما من المفسدات.

      ﴿قول معروف﴾ أي: تعرفه القلوب ولا تنكره، ويدخل في ذلك كل قول كريم فيه إدخال السرور على قلب المسلم، ويدخل فيه رد السائل بالقول الجميل والدعاء له ﴿ومغفرة﴾ لمن أساء إليك بترك مؤاخذته والعفو عنه، ويدخل فيه العفو عما يصدر من السائل مما لا ينبغي، فالقول المعروف والمغفرة خير من الصدقة التي يتبعها أذى، لأن القول المعروف إحسان قولي، والمغفرة إحسان أيضا بترك المؤاخذة، وكلاهما إحسان , فهما أفضل من الإحسان بالصدقة التي يتبعها أذى بمنّ أو غيره،

      أنظر أخي المسلم وينظر العالم معنا إلى مستوى الأخلاق في الإسلام ,

      ******

      إن الإسلام يعتبر المال وسيلة للتعامل وليس سلعة في حد ذاته
      ولو تحول المال إلى سلعة فسوف يحقق ربحا مؤقتا لفئة من الناس . ولكنه سيعود بالأزمات المالية والفقر على قطاعات كبيرة من المجتمع .
      ولعل ما نلاحظه في هذه الأيام من إنهيار الإقتصاد لدول عديدة
      من جراء ذلك المفهوم الخاطئ في التعاملات المالية .

      وفي ظل الإنفاق تظهر لنا صورتين لنوعين من البشر
      النوع الأول أناس ينفقون أموالهم ليلا ونهارا سرا وعلانية مما أنعم الله عليهم من ثروات , وتكون النتيجة زيادة تلك الثروات في الدنيا.. وفي الأخرة النعيم المقيم.
      النوع الثاني أناس يبخلون بما أعطاهم الله من ثروات , بل يرمون تلك الثروة ( مثل القمح ) في البحار لكي لا يقل سعرها.
      وحين ينفقون الأموال يأخذون عليها فوائد مضاعفة " الربا "

      النموذج الأول

      الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ -274

      النموذج الثاني

      الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ -275

      الذين يتعاملون بالربا - وهو الزيادة على رأس المال-
      لا يقومون في الآخرة من قبورهم إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من الجنون;
      ذلك لأنهم قالوا: إنما البيع مثل الربا, في أن كلا منهما حلال, ويؤدي إلى زيادة المال,
      فأكذبهم الله, وبيَّن أنه أحل البيع وحرَّم الربا; لما في البيع والشراء من نفع للأفراد والجماعات,
      ولما في الربا من استغلال وضياع وهلاك. فمن بلغه نهي الله عن الربا فارتدع , فله ما مضى قبل أن يبلغه التحريم لا إثم عليه فيه, وأمره إلى الله فيما يستقبل من زمانه,
      فإن استمرَّ على توبته فالله لا يضيع أجر المحسنين, ومن عاد إلى الربا ففعله بعد بلوغه نهي الله عنه,
      فقد استوجب العقوبة, وقامت عليه الحجة,
      ولهذا قال سبحانه: (فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)

      ******

      خلق الأمانة

      وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ - 283

      وقد اشتملت هذه الأحكام الحسنة التي أرشد الله عباده إليها على حكم عظيمة ومصالح عميمة دلت على أن الناس لو اهتدوا بإرشاد الله تعالى لصلحت دنياهم مع صلاح دينهم، لاشتمالها على العدل والمصلحة، وحفظ الحقوق وقطع المشاجرات والمنازعات، وانتظام أمر المعاش، فلله الحمد كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه لا نحصي ثناء عليه.

      والأمانة لفظ جامع يتضمن موضوعات كثيرة ولو تحدثنا عن الأمانة ما وسعنا هذا المقام ولكن حسبنا أن نتذكر أننا يجب أن نتخلق بهذه الصفة العظيمة آلا وهي الأمانة التي يقوم عليها صلاح الدنيا والاخرة .
      ونتذكر أن رسولنا الأمين صلى الله عليه واله وسلم كان يعرف بهذه الصفة , فهو الصادق الأمين صلى الله عليه وأله وسلم.

      قال رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم:
      إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة . قال : كيف إضاعتها يا رسول الله ؟ قال : إذا أسند الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة
      الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 6496
      خلاصة الدرجة: [صحيح]

      ومن الحديث الطويل لإبي سفيان مع هرقل , روى البخاري :

      أخبرني أبو سفيان : أن هرقل قال له : سألتك ماذا يأمركم ؟ فزعمت : أنه أمركم بالصلاة ، والصدق ، والعفاف ، والوفاء بالعهد ، وأداء الأمانة ، قال : وهذه صفة نبي .
      الراوي: أبو سفيان بن حرب المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 2681
      خلاصة الدرجة: [صحيح]

      وعن عبدالله بن عباس , أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى جماعة من التجار فقال يا معشر التجار فاستجابوا له ومدوا أعناقهم فقال إن الله باعثكم يوم القيامة فجارا إلا من صدق ووصل وأدى الأمانة
      الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: ابن جرير الطبري - المصدر: مسند علي - الصفحة أو الرقم: 48
      خلاصة الدرجة: إسناده صحيح

      *****

      وإلى الجزء التالي إن شاء الله تعالى

      تعليق


      • #4
        رد: مع مبادئ الأخلاق في القرآن العظيم - سلسلة متجددة

        بسم الله الرحمن الرحيم

        الجزء الرابع
        (1)
        بعض آيات من سورة ال عمران

        الوحدة بين شعوب الأمة الإسلامية
        ومبدأ التكامل بين الدول

        وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنْ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ- 103


        وتمسَّكوا جميعًا بكتاب ربكم وهدي نبيكم, ولا تفعلوا ما يؤدي إلى فرقتكم.

        المنطقة العربية من الخليج الي المحيط تربطها الجغرفيا الواحدة واللغة الواحدة والتكامل الطبيعي بين مناطقها من حيث الزراعة والصناعة والعمالة والثروات الطبيعية وفوق كل هذا يوحد بينها الدين الواحد - فهذه أرض الرسالات - إن أمل كل عربي من المحيط إلى الخليج - أمل الكبار أمل الشباب أمل النساء حتى أمل الأطفال - هو تحقيق اتحاد الأمة بما تمثله من قوة وحفاظا على ثرواتنا من طمع الغرب والشرق .

        وليس غريبا على الدولة الإسلامية أن تحتضنن طوائف وملل مختلفة , فالإسلام هو التسامح , وقد دل على ذلك تاريخة, واليوم مانراه من افتعال للصراع الطائفي ماهو إلا كذبة صنعها أعداء الإسلام , وصدقها بعض المحللين , فإن التعايش السلمي بين أبناء المنطقة هو الأصل الذي نلمسه جميعا من المشرق الى المغرب, سواء بين طوائف إسلامية أو دينية أخرى, فالجميع يسود بينهم الحب والتعاون ,أما الصراع الطائفي فهذه كذبة يراد بها إحتلال المنطقة برمتها.

        إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ – 159 الأنعام

        قد نختلف في بعض الآراء ولكن في إطار علمي
        مثل علماء المدارس الفقهية , كل بحسب فهمه للنص
        الذي يحتمل وجوه عديدة , وفي ذلك مرونة لصلاحية الشريعة لكل
        زمان ومكان ..
        أما مانراه اليوم من نزاع وفرقة وضعف فليس من الإسلام في شئ
        فلو تصورنا أن العالم الإسلامي يجمعهم كيان واحد
        مع إعتبار إستقلالية الدول كما هي.
        ولكن يجمعهم سوق مشتركة , يجمعهم دفاع مشترك ,
        تجمعهم شبكة مواصلات موحدة ميسرة لتنقل المسلم بحرية في بلاد الإسلام.
        تجمعهم عملة مشتركة , يجمعهم مشاريع زراعية وصناعية مشتركة
        حيث التكامل التجاري فيما بينهم.

        أود أن يتيقن المسلمون في كل مكان أنه مالم تتوحد الأمة و ما لم يتحقق الإستقلال السياسي الحقيقي وما لم يتم وقف استغلالها طائفياً وقومياً وقبليةً لصالح الدول الكبرى ومالم تُعَد صياغة هذه الأمة وتشكيلها بحسب مكوناتها كأمة تجمع بينها عقيدة ورسالة تمثل منهج حياة ودعوة للإنسانية جمعاء، فإنها ستبقى خائرة القوى صريعة على مذابح الآخرين .

        وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ – 46الأنفال
        وقد كان للصحابة رضي الله عنهم في باب الشجاعة والائتمار بما أمرهم الله ورسوله به وامتثال ما أرشدهم إليه ما لم يكن لأحد من الأمم والقرون قبلهم ولا يكون لأحد ممن بعدهم فإنهم ببركة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وطاعته فيما أمرهم فتحوا القلوب والأقاليم شرقا وغربا في المدة اليسيرة مع قلة عددهم بالنسبة إلى جيوش سائر الأقاليم من الروم والفرس والترك والصقالبة والبربر والحبوش وأصناف السودان والقبط وطوائف بني آدم . قهروا الجميع حتى علت كلمة الله وظهر دينه على سائر الأديان وامتدت الممالك الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها في أقل من ثلاثين سنة فرضي الله عنهم وأرضاهم أجمعين وحشرنا في زمرتهم إنه كريم وهاب.

        ولترسيخ مبدأ الوحدة بين المسلمين
        شرعت صلاة الجماعة في جميع الأوقات في المساجد .
        ثم يجتمع الجميع في المسجد الجامع
        يوم الجمعة حيث الشحنة الإيمانية التي تملئ القلوب
        بحب الله تعالى , وحب رسوله صلى الله عليه وسلم , وحب المؤمنين
        وحب الهداية للناس أجمعين.

        وكذلك فريضة الزكاة , حيث تدعم الصلة بين الأغنياء والفقراء , ونشر روح الحب بين أفراد المجتمع , فلا حقد ولا حسد , فالكل يتعاون لرفعة مجتمعه .

        وانظر إلى فريضة الحج وكيف تجمع قلوب المؤمنين على صعيد عرفة في ميقات واحد محدد لا يتخلف عنه فرد في أنحاء العالم .
        أما فريضة الصوم , فهي تجمع شمل الأمة في بدء صومها ويوم عيدها .
        فيعيشوا شهرا كاملا على قلب واحد من صيام وقيام وزكاة فطر وترقب ليلة القدر.

        واذكروا نعمة الله عليكم
        إذ كنتم -أيها المؤمنون- قبل الإسلام أعداء (قبائل متفرقة), فجمع الله قلوبكم على محبته ومحبة رسوله
        , وألقى في قلوبكم محبة بعضكم لبعض, فأصبحتم -بفضله- إخوانا متحابين,
        وكنتم على حافة نار جهنم بكفركم وشرككم , فهداكم الله بالإسلام ونجَّاكم من النار.
        وكما بيَّن الله لكم معالم الإيمان الصحيح فكذلك يبيِّن لكم كل ما فيه صلاحكم; لتهتدوا إلى سبيل الرشاد, وتسلكوها, فلا تضلوا عنها

        ******

        وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى

        تعليق


        • #5
          رد: مع مبادئ الأخلاق في القرآن العظيم - سلسلة متجددة

          بسم الله الرحمن الرحيم

          الجزء الرابع
          (2)
          بعض آيات من سورة ال عمران

          مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

          وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ -104 وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ-105

          من الأمور المعروفة, أنه إذا بلغ أي شئ حدا كبيرا من خصائصه, أثر على من حوله بتلك الخصائص , ومن الأمثلة المادية على ذلك, إذا بلغت جمرة النار حدا كبيرا فإنها تؤثر على من حولها بإشاعة الدفئ , وكذلك قطعة الثلج إذا بلغت من البروده مداها فهي تؤثر على من حولها بالبرد , فإذا بلغت القيم والأداب حدا كبيرا , فإن الأمر الطبيعي أن تتعدى تلك القيم والأداب على من حولنا, وذلك بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, وأولئك هم الفائزون بجنات النعيم,

          والآيات الكريمة تدل على ذلك الأمر الهام

          قال تعالى في سورة ال عمران :

          يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ -102 وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ -103

          هذه الكمالات - من تقوى وإعتصام بكتاب الله - إذا اجتمعت في أمة لابد لها أن تنير على من حولها بهذه الأنوار .. ولذلك جاءت الآيات بعدها تقرر هذا المبدأ .. قال تعالى :

          وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ -104


          أما إذا حدث العكس وكان الفجور بالغا حدا كبير فستجد من يأمر بالمنكر وينهى عن المعروف . نعوذ بالله من ذلك.

          قال تعالى في نفس السورة ( ال عمران ) :

          قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ -98

          يوبخ تعالى أهل الكتاب من اليهود والنصارى على كفرهم بآيات الله التي أنزلها الله على رسوله صلى الله عليه وسلم.
          ولما بلغوا حدا كبيرا في كفرهم , لم يكتفوا بذلك بل تعدوا على غيرهم.
          قال تعالى في الآية التالية :

          قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ -99

          وهكذا نفهم حقيقة الأمور بجلاء ولا ننخدع بمن يرفعون شعارات الحرية , ونجدهم يحاربون على سبيل المثال ( الحجاب) , أما السفور والعري فهو حرية شخصية , ولماذا لا يكون الحجاب حرية شخصية ؟ لأنه يمثل الفضيلة والآداب التي ينادي بها الإسلام.

          ومن هنا ندرك أهمية الدور المنوط بالمسلمين كأفراد ودول,

          وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ -104

          الدعوة إلى الخير, بكل ما تحمله هذه الكلمة من معانى , الخير للبشر فيما يصلح دنياهم وآخرتهم .
          ثم تفعيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , كل في موقعه .

          قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم :
          كلكم راع ومسؤول عن رعيته ، فالإمام راع ومسؤول عن رعيته ، والرجل في أهله راع وهو مسؤول عن رعيته ، والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسؤولة عن رعيتها ، والخادم في مال سيده راع وهو مسؤول عن رعيته والرجل في مال أبيه راع ومسؤول عن رعيته ، فكلكم راع ، وكلكم مسؤول عن رعيته
          الراوي: عبدالله بن عمر المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 2558
          خلاصة الدرجة: [صحيح]

          وفي واقع الأمر إننا جميعا على سفينة واحدة ألا وهي كوكب الأرض, فإن صلحت عم الخير على الجميع , وإن فسدت لحق الدمار بالجميع.

          ونستمع لمعلم الإنسانية وهو يوضح ذلك الأمر
          قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
          مثل القائم على حدود الله والواقع فيها ، كمثل قوم استهموا على سفينة ، فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها ، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم ، فقالوا : لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ، ولم نؤذ من فوقنا ، فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا ، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا
          الراوي: النعمان بن بشير المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 2493
          خلاصة الدرجة: [صحيح]

          هل أدركنا أهمية ذلك المبدأ الخطير؟

          وتعالوا نستمع إلى كلام ربنا , وكيف كان مصير من ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .

          لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ – 78 كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ – 79 المائدة

          أي: كانوا يفعلون المنكر، ولا ينهى بعضهم بعضا، فيشترك بذلك المباشر، وغيره الذي سكت عن النهي عن المنكر مع قدرته على ذلك.
          وذلك يدل على تهاونهم بأمر الله، وأن معصيته خفيفة عليهم، فلو كان لديهم تعظيم لربهم لغاروا لمحارمه، ولغضبوا لغضبه، وإنما كان السكوت عن المنكر -مع القدرة- موجبا للعقوبة، لما فيه من المفاسد العظيمة.

          ******
          ومن الوظائف التي إستحدثتها الشريعة الإسلامية – وظيفة المحتسب- وهذه الوظيفة قائمة على مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ,ويتم أختيار المحتسب من علية القوم ويساعده معاونوه في مراقبة الأسواق من الفساد والخش والإحتكار.
          فينحصر الفساد إلى أدنى مستوى, ويعم الرخاء والإستقرار في مجتمعاتنا.

          ********

          ونختم بأن مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سببا في خيرية أمة الإسلام
          قال تعالى :
          كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ – 110 ال عمران

          يمدح تعالى هذه الأمة ويخبر أنها خير الأمم التي أخرجها الله للناس، وذلك بتكميلهم لأنفسهم بالإيمان المستلزم للقيام بكل ما أمر الله به، وبتكميلهم لغيرهم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المتضمن دعوة الخلق إلى الله وجهادهم على ذلك وبذل المستطاع في ردهم عن ضلالهم وغيهم وعصيانهم، فبهذا كانوا خير أمة أخرجت للناس،

          ******

          وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى

          تعليق


          • #6
            رد: مع مبادئ الأخلاق في القرآن العظيم - سلسلة متجددة

            بسم الله الرحمن الرحيم

            الجزء الرابع
            ( 3 )
            بعض آيات من سورة ال عمران


            وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ -133
            الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ – 134

            ******
            مبدأ التكافل الإجتماعي ومواجهة الفقر على الأرض

            إن حالات الفقر التي تشهدها دول العالم الثالث أو الدول المتخلفة نتيجة عدم إستغلال ما لديها من ثروات تتطلب وقفة إنسانية من الشعوب المتحضرة والغنية, بأن تساعد وبصفة عاجلة بإرسال مساعدات غذائية وخاصة للأطفال , ثم وفي نفس الوقت إرسال معونات صناعية للنهوض بالتنمية في تلك البلدان الفقيرة .

            هذا ما يطلبه منا الإسلام ,

            الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ....

            وهذا ما تحقق في عصر الخليفة عمر بن عبد العزيز , حيث لم يجد موزعوا أموال الزكاة من يأخذها في عصره وذلك لكثرة الأموال والرخاء, ومع ذلك لم يهدرها ولم يلقي بها في البحر , بل زوج الشباب على نفقة الدولة , إلى غير ذلك من الأمور.

            *******
            وبنظرة سريعة على الواقع المؤلم اليوم , طالعتنا bbc
            الإثنين, 21 سبتمبر/ أيلول, 2009,

            ملايين لترات الحليب تسكب على الأرض لرفع الأسعار

            رغم اعلان الاتحاد الاوروبي عن مزيد من الدعم لمنتجي الالبان في دول الاتحاد الـ27، واصل المزارعون الاوروبيون احتجاجهم على انخفاض اسعار الحليب عالميا.
            واتسع نطاق الاحتجاجات، من بلجيكا الى فرنسا وهولندا والمانيا والنمسا وايطاليا وغيرها، وقام المزارعون بسكب ملايين اللترات من الحليب على الارض وقطع الطرق على شاحنات نقله الى شركات التصنيع الكبرى.
            هذا في الوقت الذي ادى فيه الركود الاقتصادي العالمي الى زيادة كبيرة في اعداد من يعانون من نقص التغذية في دول العالم النامي.
            وحسب تقديرات الامم المتحدة، أدت الأزمة الإقتصادية العالمية إلى تجاوز آعداد الفقراء في العالم المليار نسمة، فيما يعاني 2.5 مليار نسمة من سوء التغذية.

            *****
            لا شك أن هذا التصرف سفه وتبذير ولا يمكن أن يصدر من إنسان لديه وعي بنعمة الله عليه , وأنه لو شاء الله تعالى لأفقرهم , ولكنه الإختبار..
            *****
            فهل أدركت الشعوب الإسلامية قيمة الثروة ؟

            وأن البشرية سوف تسعد في ظل الإسلام الذي يحض على الإنفاق على الفقراء والمساكين وجميع وجوه الخير مثل إنشاء العيادات الطبية والمدارس وبناء المصانع وإنشاء الطرق التي تعد شراين الحياة للشعوب, حيث تسهل حركة التنمية وبدونها لن تخطو دولة فقيرة خطوة واحدة نحو التقدم . بل تتراجع إلى ما تحت خط الفقر.
            وقد أدرك ذلك الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه حيث قال: لو عثرت قدم بغلة في العراق, لخشيت أن يسألني ربي : لما لم تسوي لها الطريق يا عمر.

            وروى البخاري عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن قال:
            بينما رجل يمشي بطريق ، وجد غصن شوك على الطريق فأخره ، فشكر الله له فغفر له ....
            الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 652
            خلاصة الدرجة: [صحيح]

            وروى البخاري أيضا, عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن قال:
            إياكم والجلوس بالطرقات . فقالوا : يا رسول الله ، مالنا من مجالسنا بد نتحدث فيها ، فقال : فإذا أبيتم إلا المجلس ، فأعطوا الطريق حقه . قالوا : وما حق الطريق يا رسول الله ؟ قال : غض البصر ، وكف الأذى ، ورد السلام ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر
            الراوي: أبو سعيد الخدري المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 6229
            خلاصة الدرجة: [صحيح]

            ولقد إهتم الإسلام بالطرق لأنها كما قلنا تعد شراين الحياة في السعي على الأرزاق , فإن عطلت إنهار الأقتصاد وساد الفقر .
            ولذلك نجد الدول المتقدمة إقتصاديا تهتم بتوسعة وإنشاء شبكات طرق بصفة مستمرة وذلك لتنشيط الحركة التجارية وتوفير الجهد والوقت في التنمية.
            *****
            وعلينا أن نتعلم من معلم البشرية صلى الله عليه وآله وسلم , وكيف عالج حالة الفقر لدى شخص قادر على العمل .
            فقد ورد في سنن أبي داود :

            أن رجلا من الأنصار أتى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله فقال أما في بيتك شيء قال بلى حلس نلبس بعضه ونبسط بعضه وقعب نشرب فيه من الماء قال ائتني بهما قال فأتاه بهما فأخذهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده وقال من يشتري هذين قال رجل أنا آخذهما بدرهم قال من يزيد على درهم مرتين أو ثلاثا قال رجل أنا آخذهما بدرهمين فأعطاهما إياه وأخذ الدرهمين وأعطاهما الأنصاري وقال اشتر بأحدهما طعاما فانبذه إلى أهلك واشتر بالآخر قدوما فأتني به فأتاه به فشد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم عودا بيده ثم قال له اذهب فاحتطب وبع ولا أرينك خمسة عشر يوما فذهب الرجل يحتطب ويبيع فجاء وقد أصاب عشرة دراهم فاشترى ببعضها ثوبا وببعضها طعاما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا خير لك من أن تجيء المسألة نكتة في وجهك يوم القيامة إن المسألة لا تصلح إلا لثلاثة لذي فقر مدقع أو لذي غرم مفظع أو لذي دم موجع .
            الراوي: أنس بن مالك المحدث: أبو داود - المصدر: سنن أبي داود - الصفحة أو الرقم: 1641

            وهكذا نتعلم كيف نستغل الطاقة البشرية في التنمية والخروج من الفقر.
            ولأهمية الزراعة في حياة الشعوب يخبرنا معلم الإنسانية صلوات ربي وسلامه عليه :
            إن قامت الساعة و في يد أحدكم فسيلة ، فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليغرسها .
            الراوي: أنس بن مالك المحدث: الألباني - المصدر: السلسلة الصحيحة - الصفحة أو الرقم: 9
            خلاصة الدرجة: إسناده صحيح على شرط مسلم

            وهكذا ننهض بالمجتمعات الفقيرة ,
            *****
            وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ -133
            الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ – 134

            وبادروا بطاعتكم لله ورسوله لاغتنام مغفرة عظيمة من ربكم وجنة واسعة, عرضها السموات والأرض, أعدها الله للمتقين.
            الذين ينفقون أموالهم في اليسر والعسر, والذين يمسكون ما في أنفسهم من الغيظ بالصبر, وإذا قَدَروا عَفَوا عمَّن ظلمهم. وهذا هو الإحسان الذي يحب الله أصحابه.

            ******

            وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى

            تعليق


            • #7
              رد: مع مبادئ الأخلاق في القرآن العظيم - سلسلة متجددة

              بسم الله الرحمن الرحيم

              الجزء الرابع
              ( 4 )
              بعض آيات من سورة ال عمران

              مبادئ البحث والتفكر في كون الله تعالى

              مبدأ التدبر والتأمل


              إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ -190

              الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ -191

              إن في خلق السموات والأرض على غير مثال سابق, وفي تعاقُب الليل والنهار,
              واختلافهما طولا وقِصَرًا لدلائل وبراهين عظيمة على وحدانية الله لأصحاب العقول السليمة.

              هذه أولى مبادئ الإكتشافت العلمية , التأمل والتدبر فيما حولنا من قوانين وضعها الله تعالى في الكون مثل قانون الجاذبية إلى غير ذلك من قوانين قامت عليها كل الصناعات الحديثة.

              رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ

              فلو تأملنا الطاقة الشمسية وقلنا : رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ
              ونحاول أن نستفيد منها كطاقة نظيفة , نولد منها الكهرباء ونسير بها الشاحنات والمركبات والسفن , فإن المنطقة العربية من المحيط إلى الخليج منطقة مشمسة يحسدنا العالم عليها , فيجب أن نستغل هذه النعمة كطاقة بديلة نظيفة متجددة إلى ما شاء الله تعالى.

              والمتأمل في البحار من حولنا يجد أنها تحيط بنا من كل جانب بدءا من الخليج شرقا و نهاية بالمحيط غربا والبحر الأحمر في الوسط والبحر المتوسط في الشمال والغرب .

              رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ

              فهل أنشئنا الأساطيل لصيد الأسماك كما تفعل الدول المتقدمة التي ترسل أساطيلها للصيد من شواطئنا مقابل مبالغ للسماح لهم بذلك.
              هل فكرنا في عمل أساطيل وبوارج وغواصات للدفاع عن الحدود البحرية .

              إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ

              هل نظرنا إلى السماء وكيف استغلت الدول المتقدمة الفضاء لصناعة الطائرات والصواريخ والأقمار الصناعية.
              فهل كنا من أولي الألباب الذين حركتهم هذه الأيات الكونية وصنعنا الطائرات للدفاع عن سمائنا من المعتدين . وصنعنا الأقمار الصناعية لسهولة الإتصالات والبث الإعلامي الإسلامي للدعوة إلى دين الله تعالى. لإنقاذ البشرية من الهلاك في الدنيا والأخرة.

              إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنْ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ -164البقرة

              وتلفتنا الأيات إلى النظر والتدبر في ملكوت السماوات والأرض
              والمتأمل في عظمة خلق السماوات والأرض يخر ساجد لله
              وتدور الأرض حول محورها دون شعور منا بهذه الحركة الدقيقة
              الناعمة , فكيف للأرض وهي جماد أن تدور بانتظام عبر ملايين السنيين
              بهذه الدقة حيث ينشأ الليل والنهار.
              وتدور في نفس الوقت في مدار حول الشمس وبنفس الدقة حيث تنشأ الفصول الأربعة ويختلف طول الليل والنهار مع هذا المدار.
              أين المحرك لهذه الأرض ؟؟ ومن يديره ؟؟

              رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ

              ونهبط إلى الأرض ونرى العجب
              أولا البحار
              وتشمل أكثر من سبعين في المائة من مساحة الأرض وبها قوانين وضعها الله تعالى حتي تصلح لجريان السفن عليها والغواصات فيها .

              ثانيا مياه الأمطار وتكوين الأنهار وعلاقة كل من الشمس والبحار
              والسحاب في منظومة علمية دقيقة لإستمرار الحياة على الأرض
              حيث تتبخر المياه من البحار ومن سطح الأرض بفعل حرارة الشمس
              مكونة السحاب الذي سخره الله بحيث لا ينفلت من الأرض,
              وينقى الماء ثم يعود مرة أخرى إلى ينابيع الأنهار,
              وتجري الأنهار وتتحرك يشرب منها جميع المخلوقات,
              فقد نقاها خالقها لكي تصلح للشرب والري ,
              ولأنها أي مياه الأنهارمتحركة فهي لا تعطب وتتجه دائما لتصب في البحار, وللحفاظ على مياه البحار من العطب وضع الله فيها
              الأملاح التي لا تتبخر مع الماء الصاعد إلى السحاب
              سبحان الخالق العظيم .

              رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ

              *****
              وقد ذم اللّه تعالى من لا يعتبر بمخلوقاته الدالة على ذاته وصفاته وشرعه وقدره وآياته
              فقال: وكأين من آية في السموات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون -105 وما يؤمن أكثرهم باللّه إلا وهم مشركون- 106(يوسف)
              ومدح عباده المؤمنين:
              الذين يذكرون اللّه قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض
              ربنا ما خلقت هذا باطلا
              أي ما خلقت هذا الخلق عبثاً، بل بالحق لتجزي الذين أساءوا بما عملوا، وتجزي الذين أحسنوا بالحسنى

              واليكم بعض الحقائق العلمية : من ( موسوعة الإعجاز العلمي )
              التي تدل علي قدرة الله تعالى في الكون وتفرده سبحانه بالملك
              وتقدير كل شئ بحكمة بالغة . بحيث لو زادت أو نقصت لحدث إختلال
              1. الجاذبية :
              إذا كانت أقوى: فالجو سيحتجز كثيراً من غاز الأمونيا والميتان.
              إذا كانت أضعف: جو الكوكب سوف يخسر كثيراً من الماء.
              2. البعد عن النجم الأم: ( الشمس )
              إذا كانت الأرض أبعد: الكوكب سيكون بارداً جداً.
              إذا كانت الأرض أقرب: الكوكب سيكون ساخناً جداً.
              3. سمك القشرة:
              إذا كانت أكثر سمكاً: كثير من الأوكسجين سوف ينتقل من الجو إلى القشرة.
              إذا كانت أرق : النشاط البركاني سيكون كبيراً جداً.
              4. فترة الدوران:
              إذا كانت أطول: فروق درجات الحرارة اليومية سيكون كبيراً جداً.
              إذا كانت أقصر: سرعات الرياح الجوية ستكون كبيرة جداً.
              5. التفاعل التجاذبي مع القمر:
              إذا كان أكبر: فإن تأثيرات المد على المحيطات والجو ودور الدوران سيكون قاسياً جداً.
              إذا كان أقل: فإن تغيرات في الميل المداري سوف يسبب عدم استقرار مناخي.
              6. الحقل المغناطيسي:
              إذا كان أقوى: العواصف الكهرطيسية ستكون عنيفة.
              إذا كان أضعف: الحماية غير ملائمة من الإشعاعات النجمية القاسية.
              7. نسبة الضوء المنعكسة إلى مجمل كمية الضوء الساقط على السطح :
              إذا كان كبيراً: ستحل عصور جليدية.
              إذا كان صغيراً: ستذوب الثلوج وتغرق الأرض في الماء، ثم تصبح جافة قاحلة بفعل ملح البحار.
              8. نسبة الأوكسجين إلى النتروجين في الجو:
              إذا كانت كبيرة: توابع تطور الحياة سوف تتقدم بسرعة كبيرة.
              إذا كانت أصغر: توابع تطور الحياة سوف تتقدم بسرعة بطيئة.
              9. مستوى غاز الكربون وبخار الماء في الجو:
              إذا كانت كبيرة: ترتفع درجة حرارة الجو بشكل أكبر.
              إذا كانت أصغر: تنخفض درجة حرارة الجو.
              10. مستوى الأوزون في الجو:
              إذا كان أكبر: درجة حرارة السطح ستكون منخفضة جداً.
              إذا كان أقل: درجة حرارة السطح ستكون عالية جداً. وسيكون هناك كثير من الإشعاع فوق البنفسجية عند السطح.
              11. النشاط الزلزالي:
              إذا كان أكبر: سيتحطم كثير من أشكال الحياة.
              إذا كان أقل: فإن المادة الغذائية على قيعان المحيطات (الآتية من مقذوفات الأنهار) لن تخضع للدورة المتكررة.

              رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.

              *****

              فعلينا الإهتمام بالبحث العلمي ونشجع عليه فإن الله تعالى أمرنا بهذا.

              هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ
              لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ
              مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ -5
              إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ -6 يونس


              اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مجيبٌ -61هود

              *******

              وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى

              تعليق


              • #8
                رد: مع مبادئ الأخلاق في القرآن العظيم - سلسلة متجددة

                بسم الله الرحمن الرحيم

                الجزء الرابع
                ( 5 )
                بعض آيات من أول سورة النساء

                نظام المواريث في أعظم تقسيم يدرس في كليات الحقوق والمعاهد الدينية.

                لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا - 7

                كان العرب في الجاهلية - من جبروتهم وقسوتهم لا يورثون الضعفاء كالنساء والصبيان، ويجعلون الميراث للرجال الأقوياء لأنهم -بزعمهم- أهل الحرب والقتال والنهب والسلب، فأراد الرب الرحيم الحكيم أن يشرع لعباده شرعًا، يستوي فيه رجالهم ونساؤهم، وأقوياؤهم وضعفاؤهم.

                ****
                وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا – 8

                وهذا من أحكام الله الحسنة الجليلة الجابرة للقلوب فقال: ﴿وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ﴾ أي: قسمة المواريث ﴿أُولُو الْقُرْبَى﴾ أي: الأقارب غير الوارثين بقرينة قوله: ﴿الْقِسْمَةَ﴾ لأن الوارثين من المقسوم عليهم. ﴿وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين﴾ أي: المستحقون من الفقراء. ﴿فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ﴾ أي: أعطوهم ما تيسر من هذا المال الذي جاءكم بغير كد ولا تعب، ولا عناء ولا نَصَب، فإن نفوسهم متشوفة إليه، وقلوبهم متطلعة، فاجبروا خواطرهم بما لا يضركم وهو نافعهم.

                *****
                ومع أعظم نظام تأمين عرفته البشرية

                وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا - 9
                إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا - 10

                قيل: إن هذا خطاب لمن يحضر مَنْ حضره الموت وظلم في وصيته، أن يأمره بالعدل في وصيته والمساواة فيها، بدليل قوله: ﴿وَلْيَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا﴾ أي: سدادا، موافقا للقسط والمعروف. وأنهم يأمرون من يريد الوصية على أولاده بما يحبون معاملة أولادهم بعدهم.
                وقيل: إن المراد بذلك أولياء السفهاء من المجانين والصغار والضعاف أن يعاملوهم في مصالحهم الدينية والدنيوية بما يحبون أن يعامل به مَنْ بعدهم من ذريتهم الضعاف ﴿فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ﴾ في ولايتهم لغيرهم، أي: يعاملونهم بما فيه تقوى الله، من عدم إهانتهم والقيام عليهم، وإلزامهم لتقوى الله.
                ولما أمرهم بذلك، زجرهم عن أكل أموال اليتامى، وتوعد على ذلك أشد العذاب فقال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا﴾ أي: بغير حق. وهذا القيد يخرج به من جواز الأكل للفقير بالمعروف، ومن جواز خلط طعامهم بطعام اليتامى.
                فمَنْ أكلها ظلمًا فـ ﴿إنما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا﴾ أي: فإن الذي أكلوه نار تتأجج في أجوافهم وهم الذين أدخلوها في بطونهم. ﴿وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا﴾ أي: نارًا محرقة متوقدة. وهذا أعظم وعيد ورد في الذنوب، يدل على شناعة أكل أموال اليتامى وقبحها، وأنها موجبة لدخول النار، فدل ذلك أنها من أكبر الكبائر. نسأل الله العافية.

                *******
                مصادر قانون المواريث المواريث
                في الشريعة الإسلامية

                يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأنْثَيَيْنِ ,
                فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ ,
                وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ ,
                وَلأبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ ,
                فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأمِّهِ الثُّلُثُ ,
                فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ ,
                آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا - 11
                وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ,
                فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ ,
                وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ ,
                فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ ,
                وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ ,
                فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ -12

                وقد إشتملت الآيات السابقة أحكام المواريث لكل من الأبناء , والأباء والأزواج و الأخوة لأم والوصية.

                *******
                أما الأخوة الأشقاء أو لأب فقد شملتهم الآية الأخيرة من السورة .

                يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ - 176

                ******


                هذه الآيات هن آيات المواريث المتضمنة لها. فإنها مع حديث عبد الله بن عباس الثابت في صحيح البخاري "ألْحِقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فلأولى رجل ذكر" - مشتملات على جل أحكام الفرائض،
                بل على جميعها على التفصيل في كتب الفقه والقانون ، إلا ميراث الجدات فإنه غير مذكور في ذلك. لكنه قد ثبت في السنن عن المغيرة بن شعبة ومحمد بن مسلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى الجدة السدس، مع إجماع العلماء على ذلك.


                *******

                وإلى الجزء التالي إن شاء الله تعالى

                تعليق


                • #9
                  رد: مع مبادئ الأخلاق في القرآن العظيم - سلسلة متجددة

                  بسم الله الرحمن الرحيم
                  الجزء الخامس
                  ( 1 )
                  بعض آيات من سورة النساء

                  تتوالى مبادئ المعاملات في هذا الجزء من سورة النساء , وخاصة في المعملات المالية كما ورد في أول السورة, نظام المواريث في أعظم تقسيم يدرس في كليات الحقوق والمعاهد الدينية ,
                  كما ركزت السورة على قواعد المعاملات الآسرية والعلاقة الطيبة بين أفرادها ,ثم وضعت ضوابط لحمايتها من التفكك نتيجة الشقاق و الطلاق .

                  واليوم نتكلم عن التأكيد على حرمة الأموال وحرمة الدماء .

                  حرمة أكل آموال الناس بالباطل
                  وتحريم قتل النفس مطقا

                  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ,
                  وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا - 29
                  وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا - 30

                  وهنا نلاحظ أن أمر التحريم جاء صريحا ومباشرا من الله تعالى
                  فلو أنك بين مجتمع مؤمن وتركت مالك سهوا في مكان ما , ثم تذكرت وعدت إلى نفس المكان ستجدها حتما أو تجدها في الأمانات محفوظة لصاحبها ليأخذها , وهذا الكلام بعيدا عن أحكام اللقطة, فلها ضوابط نتكلم عنها إن شاء الله في حينها .
                  وكذلك لو تركت متجرك وذهبت للصلاة لا ينقص منه شئ في ظل مجتمع مؤمن .
                  وكذلك لو سرت وحدك دون حرس بين مجتمع مؤمن لن تتعرض للقتل لأن ذلك محرما أشد التحريم في شريعة الله تعالى.

                  وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا – 93 النساء

                  فهل أدركنا قيمة الإيمان في تربية الشعوب ؟
                  أما ما نره اليوم من تشويه متعمد لصورة الإسلام , يرجع إلى إلإنتشار السريع للإسلام بين الناس وخاصة بين العلماء منهم , لأنه نور من الله أرسله لإخراج البشرية من ظلمات الكفر والشرك والإلحاد إلى نور الإيمان وسعادة الدنيا والأخرة .

                  وأنظروا إلى حياة الصحابة وهم في مكة بين الكفار يعذبون وكيف أصبحت حياتهم بعد تمكينهم في الأرض ,
                  قال خباب بن الأرت :
                  شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة ، فقلنا : ألا تستنصر لنا ، ألا تدعو لنا ؟ فقال : ( قد كان من قبلكم ، يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض ، فيجعل فيها ، فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل نصفين ، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه ، فما يصده ذلك عن دينه ، والله ليتمن هذا الأمر ، حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت ، لا يخاف إلا الله ، والذئب على غنمه ، ولكنكم تستعجلون ) .
                  الراوي: خباب بن الأرت المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 6943
                  خلاصة الدرجة: [صحيح]

                  *****
                  ونعود إلى بعض معانى الآيات الكريمة التي نحن بنورها

                  ينهى تعالى عباده المؤمنين أن يأكلوا أموالهم بينهم بالباطل، وهذا يشمل أكلها بالغصب والسرقة، وأخذها بالقمار والمكاسب الرديئة.
                  بل لعله يدخل في ذلك أكل مال نفسك على وجه البطر والإسراف، لأن هذا من الباطل وليس من الحق.

                  يقول صلى الله عليه وآله وسلم : مَن ظَلَم قيد شبر من الأرض طُوِّقه من سبع أراضين ... [رواه البخاري].

                  ويقول صلى الله عليه وآله وسلم : من حمل علينا السلاح فليس منا . ومن غشنا فليس منا
                  الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم: 101
                  خلاصة الدرجة: صحيح

                  ثم إنه - لما حرم أكلها بالباطل - أباح لهم أكلها بالتجارات والمكاسب الخالية من الموانع، المشتملة على الشروط من التراضي وغيره.

                  ﴿وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ أي: لا يقتل بعضكم بعضًا، ولا يقتل الإنسان نفسه. ويدخل في ذلك الإلقاءُ بالنفس إلى التهلكة، وفعلُ الأخطار المفضية إلى التلف والهلاك ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ ومن رحمته أن صان نفوسكم وأموالكم، ونهاكم عن إضاعتها وإتلافها، ورتب على ذلك ما رتبه من الحدود.
                  وتأمل هذا الإيجاز والجمع في قوله: ﴿لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ﴾ ﴿وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ كيف شمل أموال غيرك ومال نفسك وقتل نفسك وقتل غيرك.
                  مع أن إضافة الأموال والأنفس إلى عموم المؤمنين فيه دلالة على أن المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم ومصالحهم كالجسد الواحد، حيث كان الإيمان يجمعهم على مصالحهم الدينية والدنيوية.
                  ولما نهى عن أكل الأموال بالباطل ، أباح لهم ما فيه مصلحتهم من أنواع المكاسب والتجارات، وأنواع الحرف والإجارات، فقال: ﴿إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ أي: فإنها مباحة لكم.
                  وشرط التراضي - مع كونها تجارة - لدلالة أنه يشترط أن يكون العقد لا يشوبه تحريم كعقد الربا لأن الربا ليس من التجارة، بل مخالف لمقصودها، وأنه لا بد أن يرضى كل من المتعاقدين ويأتي به اختيارًا.
                  ومن تمام الرضا أن يكون المعقود عليه معلوما، لأنه إذا لم يكن كذلك لا يتصور الرضا.
                  وأن يكون مقدورًا على تسليمه، لأن غير المقدور عليه شبيه ببيع القمار، فبيع الغرر بجميع أنواعه خال من الرضا فلا ينفذ عقده.

                  فبأي طريق حصل الرضا انعقد به العقد. ثم ختم الآية بقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ ومن رحمته أن عصم دماءكم وأموالكم وصانها ونهاكم عن انتهاكها.

                  ثم قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ﴾ أي: أكل الأموال بالباطل وقتل النفوس ﴿عُدْوَانًا وَظُلْمًا﴾ أي: لا جهلا ونسيانا ﴿فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا﴾ أي: عظيمة كما يفيده التنكير ﴿وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا﴾

                  *******
                  تنشئ اليوم بعض الدول معاهد لدراسة مكافحة الفساد والرشى والغش ,
                  ولقد عالج الإسلام هذه الآمور منذ 15 قرنا من الزمان ,
                  وإن ما نجده من تخلف وفقر ينشأ من الفساد والرشى والغش , ولذلك يجب أن يربى الناس على كون هذه الأشياء مخالفة لعقيدة الإيمان , وإن لم يعاقب عليها في الدنيا فسوف يسئل عنها يوم الحساب الذي هو أت لا ريب , فمن يفلت من الموت ؟ ومن يهرب من البعث يوم القيامة ؟
                  وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (3) أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (4) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (5) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (6) المطففين


                  ********

                  وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى

                  تعليق


                  • #10
                    رد: مع مبادئ الأخلاق في القرآن العظيم - سلسلة متجددة

                    بسم الله الرحمن الرحيم
                    الجزء الخامس
                    ( 2 )
                    بعض آيات من سورة النساء

                    تتوالى مبادئ الآداب والمعاملات في هذا الجزء من سورة النساء .

                    ومن المبادئ الإيمانية الهامة في الإسلام تحريم الكبائر.

                    إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً -31

                    إن تبتعدوا -أيها المؤمنون- عن كبائر الذنوب كالإشراك بالله وعقوق الوالدين وقَتْلِ النفس بغير الحق وغير ذلك, نكفِّر عنكم ما دونها من الصغائر, وندخلكم مدخلا كريمًا, وهو الجنَّة.
                    وقيل أيضا هي ما ورد عليها وعيد - كالقتل والزنا والسرقة .
                    قال تعالى: الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم –32 النجم

                    وهكذا يتضح لنا كيف بنيت الحضارة الإسلامية , بنيت على التوحيد , على الأمن على النفس وعلى الأمن على الأموال وحفظ النسل وحفظ العقل.
                    ولا يتصور عاقل أن هذه الأمور تصبح مهدرة ثم ينعم الإنسان بالأمان .
                    ولذلك رتبت الشريعة الإسلامية عقوبات مقدرة على تلك الجرائم .
                    فتطور المجتمعات لا يغير من قواعد الأمن شيئا .
                    فلا يتصور في يوم من الأيام أن تكون النفس مهدرة ,
                    قال تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى ...-178 البقرة
                    ولا يتصور في يوم من الأيام أن تكون الأعراض مهدرة .
                    قال تعالى : الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ... – 2 النور
                    ولا يتصور أن يأتي يوم تكون السرقة مباحة ولا عقاب عليها .
                    قال تعالى : وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ – 38 المائدة
                    ولا يتصور في يوم من الأيام أن يكون الترويع والفساد في الأرض شيئا حسنا .
                    قال تعالى :

                    إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ – 33 المائدة

                    ولا يتصور أن يأتي يوم تكون المخدرات والخمور التي تغيب العقل مستحسنة .
                    قال تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَاللأزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ – 90 المائدة

                    وهكذا ندرك أن شريعة الإسلام جاءت لحسم أمور ثابتة لا يتصور أن تحدث دون عقاب وإلا فسدت المجتمعات وأصبحت غابة.
                    أما الأمور المتجددة متروكة للقواعد العامة في العدالة التي أمرنا الله تعالى بها : إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا – 58 النساء
                    فتوضع القوانين طبقا لإحتياجات البشر في جميع الأمور المتجددة مثل قانون البحار وقانون الطيران وقانون المرور والقوانين الإدارية والقانون الدولي وإلى غير , على أساس مبادئ العدالة التي جاء بها الإسلام .

                    ******
                    وإليكم بعض ما ورد من أحاديث شريفة في بيان الكبائر .

                    روى البخاري في صحيحه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم , قال:
                    ألا أنبئكم بأكبر الكبائر . قلنا : بلى يا رسول الله ، قال : الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين - وكان متكئا فجلس فقال - ألا وقول الزور ، وشهادة الزور ، ألا وقول الزور ، وشهادة الزور . فما زال يقولها ، حتى قلت : لا يسكت .
                    الراوي: أبو بكرة نفيع بن الحارث المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 5976
                    خلاصة الدرجة: [صحيح]

                    جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، ما الكبائر ؟ قال : ( الإشراك بالله ) . قال : ثم ماذا ؟ قال : ( ثم عقوق الوالدين ) . قال : ثم ماذا ؟ قال : ( ثم عقوق الوالدين ) . قال : ثم ماذا ؟ قال : ( اليمين الغموس ) . قلت : وما اليمين الغموس ؟ قال : ( الذي يقتطع مال امرئ مسلم ، هو فيها كاذب ) .
                    الراوي: عبدالله بن عمرو بن العاص المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 6920
                    خلاصة الدرجة: [صحيح]

                    وكأين من آية في السموات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون - 105 وما يؤمن أكثرهم باللّه إلا وهم مشركون – 106 - يوسف

                    ومن خصائص الآلهية , الكمال المطلق من جميع الوجوه الذي لا نقص فيه بوجه من الوجوه وذلك يوجب أن تكون العبادة كلها له وحده والتعظيم والإجلال والخشية والدعاء والرجاء والإنابة.

                    وكثيرا ما يقرن الله سبحانه بين عبادته والإحسان إلى الوالدين
                    كقوله " أن اشكر لي ولوالديك " 14 لقمان وكقوله " وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا " 23 الإسراء

                    من الكبائر شتم الرجل والديه . قالوا : يا رسول الله ! وهل يشتم الرجل والديه ؟ قال . نعم . يسب أبا الرجل ، فيسب أباه . ويسب أمه .
                    الراوي: عبدالله بن عمرو بن العاص المحدث: مسلم - المصدر: مقدمة الصحيح - الصفحة أو الرقم: 90
                    خلاصة الدرجة: صحيح

                    الإضرار في الوصية من الكبائر
                    الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: ابن أبي حاتم - المصدر: تفسير القرآن - الصفحة أو الرقم: 2/244
                    خلاصة الدرجة: صحيح

                    كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ – 180 فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ - 181 البقرة

                    أكل الربا وأكل مال اليتيم وقذف المحصنات من الكبائر
                    الراوي: أبو هريرة المحدث: ابن العربي - المصدر: عارضة الأحوذي - الصفحة أو الرقم: 6/127
                    خلاصة الدرجة: ثابت

                    منع ابن السبيل من الكبائر
                    الراوي: أبو أيوب الأنصاري المحدث: ابن العربي - المصدر: عارضة الأحوذي - الصفحة أو الرقم: 6/127
                    خلاصة الدرجة: ثابت

                    السرقة وشرب الخمر من الكبائر
                    الراوي: عمران بن حصين المحدث: ابن العربي - المصدر: عارضة الأحوذي - الصفحة أو الرقم: 6/127
                    خلاصة الدرجة: ثابت

                    الإشراك بالله وقتل الولد والزنا بحليلة الجار من الكبائر
                    الراوي: عبد الله بن مسعود المحدث: ابن العربي - المصدر: عارضة الأحوذي - الصفحة أو الرقم: 6/127
                    خلاصة الدرجة: ثابت

                    السحر والفرار من الزحف أي من الكبائر
                    الراوي: عبد الله بن عمر المحدث: ابن العربي - المصدر: عارضة الأحوذي - الصفحة أو الرقم: 6/127
                    خلاصة الدرجة: ثابت

                    إن أكبر الكبائر الكفر والكبر
                    الراوي: - المحدث: ابن تيمية - المصدر: مجموع الفتاوى - الصفحة أو الرقم: 18/330
                    خلاصة الدرجة: صحيح

                    قال ابن عمر : إن الكبائر تسع , الإشراك بالله وقتل نسمة يعني بغير حق ، وقذف المحصنة ، والفرار من الزحف ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم ، والذي يستسحر ، والإلحاد في المسجد يعني الحرام ، وبكاء الوالدين من العقوق ،
                    المحدث: ابن حجر العسقلاني - المصدر: موافقة الخبر الخبر - الصفحة أو الرقم: 1/343

                    *******
                    روى مسلم في صحيحه , قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
                    الصلوات الخمس . والجمعة إلى الجمعة . ورمضان إلى رمضان . مكفرات ما بينهن . إذا اجتنب الكبائر
                    الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: مقدمة الصحيح - الصفحة أو الرقم: 233
                    خلاصة الدرجة: صحيح


                    *******

                    وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى



                    تعليق


                    • #11
                      رد: مع مبادئ الأخلاق في القرآن العظيم - سلسلة متجددة

                      بسم الله الرحمن الرحيم
                      الجزء الخامس
                      ( 3 )
                      بعض آيات من سورة النساء

                      واستكمالا لمبادئ الآداب والمعاملات نعيش في أنوار بعض آيات من سورة النساء .

                      وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً -32

                      مبدأ التكامل بين البشر

                      إن المتأمل في جميع المخلوقات يجد أمرا عظيما مبهرا الا وهو التكامل بين جميع الكائنات فالكل يحتاج إلى الكل وما خلق الله شيئا عبثا أبدا.
                      أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ – 115 فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ - 116 المؤمنون
                      فلو أنك طبيب تحتاج إلى مهندس لتصميم عيادتك ولو أنك صانع تحتاج إلى مزارع ليحصد لك ما تأكله . وكذلك الرجل يحتاج إلى زوجة والمرأة تحتاج إلى زوج , لتكتمل المنظومة التي أبدعها الله تعالى في الكون , فكل ميسر لما خلق له ,
                      وبعيدا عن هذا الإدراك يصاب الإنسان بعدم الرضا والحسد والبغض لمن حوله وينشأ الصراع الذي لا جدوى منه , حيث لا يغير من قدر الله شيئا.
                      فالحسد كالنار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله , والحسد إعتراض على قدر الله في مخلوقاته , لا يليق بالمؤمن أن يقع في مثل هذا المرض الخطير ,
                      قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : لا تباغضوا ، ولا تحاسدوا ، ولا تدابروا ، وكونوا عباد الله إخوانا ، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث أيام
                      الراوي: أنس بن مالك المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 6065
                      خلاصة الدرجة: [صحيح]

                      فالإنسان إذا أراد شئ فعليه بالوهاب يطلب منه ما يريد فإن خزائن الله لا تنفد والدنيا لا تساوي عند الله جناح بعوضة ,
                      قال تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ – 186 البقرة

                      فالأمر الذي يهم المؤمن هو المستقبل الحقيقي للإنسان ألا وهو الجنة وما يقرب إليها من قول وعمل , قال تعالى : وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ - 48 المائدة

                      وفي ذلك فليتنافس المتنافسون , قال تعالى: إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ – 22 عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ – 23 تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ – 24 يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ – 25 خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ – 26 المطففين .
                      حيث أن التنافس حينئذ يكون في فعل الخيرات والنفع للإنسانية مهما كان موقعك ,

                      وإن ما نجده اليوم من مشاكل إجتماعية وجرائم سواء جنائية أو مدنية ما هي إلا نتيجة الحسد الأعمى والحقد والفساد .
                      ونسيان المنعم الذي بيده خزائن كل شئ ويعطي من يشاء بغير حساب.
                      وهذا ليس كلام إنشائي , ولكنها الحقيقة التي يغفل عنها كثير من الناس.

                      *******

                      الأخلاق الكريمة التي تتمسك بها المؤمنة الصالحة , وعلاج لبعض الحالات الشاذة إن وجدت

                      الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ,
                      وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً -34
                      والمعنى :
                      الرجال قوَّامون على توجيه النساء ورعايتهن, بما خصهم الله به من خصائص القِوامَة والتفضيل, وبما أعطوهن من المهور والنفقات.
                      فالصالحات المستقيمات على شرع الله منهن, مطيعات لله تعالى ولأزواجهن,
                      حافظات لكل ما غاب عن علم أزواجهن بما اؤتمنَّ عليه بحفظ الله وتوفيقه,
                      واللاتي تخشون منهن ترفُّعهن عن طاعتكم, فانصحوهن بالكلمة الطيبة,
                      فإن لم تثمر معهن الكلمة الطيبة, فاهجروهن في الفراش, ولا تقربوهن,
                      فإن لم يؤثر فعل الهِجْران فيهن, فاضربوهن ضربًا لا ضرر فيه - بل الناصح لمن يحب الرفيق به الرقيق , فإن أطعنكم فاحذروا ظلمهن , فإن الله العليَّ الكبير وليُّهن, وهو منتقم ممَّن ظلمهنَّ وبغى عليهن .

                      *****

                      مبدأ الإصلاح بين الزوجين

                      وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقْ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً -35

                      وباستعمال الحكمين الأسلوب الطيب والنية الخالصة لله في الإصلاح , يوفق الله بين الزوجين. إن الله تعالى عليم, لا يخفى عليه شيء من أمر عباده, خبير بما تنطوي عليه نفوسهم.

                      *****
                      وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى

                      تعليق


                      • #12
                        رد: مع مبادئ الأخلاق في القرآن العظيم - سلسلة متجددة

                        بسم الله الرحمن الرحيم
                        الجزء الخامس
                        ( 4 )
                        بعض آيات من سورة النساء

                        تتوالى مبادئ المعاملات والأداب في هذا الجزء

                        أهمية بر الوالدين والأقربين والعناية باليتامى والمساكين والجار القريب والبعيد

                        وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً -36

                        يأمر تبارك وتعالى بعبادته وحده لا شريك له , فإنه هو الخالق الرازق المنعم المتفضل على خلقه في جميع الآنات والحالات فهو المستحق منهم أن يوحدوه ولا يشركوا به شيئا من مخلوقاته .
                        كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لمعاذ بن جبل " أتدري ما حق الله على العباد ؟ "
                        قال الله ورسوله أعلم قال " أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا
                        ثم أتدري ما حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك ؟ أن لا يعذبهم "

                        ثم أوصى الله تعالى بالإحسان إلى الوالدين, فإن الله سبحانه جعلهما سببا لخروجك من العدم إلى الوجود ,
                        وكثيرا ما يقرن الله سبحانه بين عبادته والإحسان إلى الوالدين
                        كقوله تعالى : " أن اشكر لي ولوالديك " 14 لقمان , وكقوله جل وعلا : " وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا " 23 الإسراء
                        ثم عطف على الإحسان إليهما الإحسان إلى القرابات من الرجال والنساء.
                        كما جاء في الحديث " الصدقة على المسكين صدقة وعلى ذي الرحم صدقة وصلة "
                        ثم قال تعالى " واليتامى " وذلك لأنهم فقدوا من يقوم بمصالحهم ومن ينفق عليهم, فأمر الله بالإحسان إليهم .. ثم قال " والمساكين " وهم المحاويج من ذوي الحاجات , الذين لا يجدون من يقوم بكفايتهم فأمر الله سبحانه بمساعدتهم بما تتم به كفايتهم وتزول به ضرورتهم .
                        والجار ذي القربى يعني الذي بينك وبينه قرابة والجار الجنب الذي ليس بينك وبينه قرابة .
                        "والصاحب بالجنب" الرفيق في السفر أو العمل .. وقيل الزوجة "وابن السبيل" المنقطع في سفره "
                        وما ملكت أيمانكم" من الأرقاء بتحريرهم - وقد قضى الإسلام على نظام الرق .
                        إذ أن مصدر الرق كان الأسر في الحروب ,
                        قال تعالى في سورة محمد : حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً....
                        وبذلك أغلق باب الإسترقاق ,وجعل من التقرب إلى الله عتق وتحرير العبيد المستبقين من النظم السابقة .

                        ******
                        وإن أكثر ما يحول بين الإنسان وفعل الخير صفة البخل وعدم الإخلاص في النفقة, ولذلك جاء النهي عن البخل والرياء مشددا .

                        الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً - 37

                        وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا - 38

                        ﴿الَّذِينَ يَبْخَلُونَ﴾ أي: يمنعون ما عليهم من الحقوق الواجبة. ﴿وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ﴾ بأقوالهم وأفعالهم ﴿وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ أي: من العلم الذي يهتدي به الضالون ويسترشد به الجاهلون فيكتمونه عنهم، ويظهرون لهم من الباطل ما يحول بينهم وبين الحق. فجمعوا بين البخل بالمال والبخل بالعلم، وبين السعي في خسارة أنفسهم وخسارة غيرهم، وهذه هي صفات الكافرين، فلهذا قال تعالى: ﴿وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا﴾ أي: كما تكبروا على عباد الله ومنعوا حقوقه وتسببوا في منع غيرهم من البخل وعدم الاهتداء، أهانهم بالعذاب الأليم والخزي الدائم . فعياذًا بك اللهم من كل سوء.
                        ثم أخبر عن النفقة الصادرة عن رياء وسمعة وعدم إيمان به فقال: ﴿وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ﴾ أي: ليروهم ويمدحوهم ويعظموهم ﴿وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ أي: ليس إنفاقهم صادرا عن إخلاص وإيمان بالله ورجاء ثوابه. أي: فهذا من خطوات الشيطان وأعماله التي يدعو حزبه إليها ليكونوا من أصحاب السعير. فلهذا قال: ﴿وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا﴾ أي: بئس المقارن والصاحب الذي يريد إهلاك من قارنه .
                        فكما أن من بخل بما آتاه الله، وكتم ما مَنَّ به الله عليه عاص آثم مخالف لربه، فكذلك من أنفق وتعبد لغير الله فإنه آثم عاص لربه مستوجب للعقوبة، لأن الله إنما أمر بطاعته وامتثال أمره على وجه الإخلاص، كما قال تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾


                        مبدأ الأمانة و العدل

                        إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً - 58

                        والأمانات كل ما ائتمن عليه الإنسان وأمر بالقيام به. فأمر الله عباده بأدائها أي: كاملة موفرة، لا منقوصة ولا مبخوسة، ولا ممطولا بها، ويدخل في ذلك أمانات الولايات والأموال والأسرار؛ والمأمورات التي لا يطلع عليها إلا الله. وقد ذكر الفقهاء على أن من اؤتمن أمانة وجب عليه حفظها في حرز مثلها. قالوا: لأنه لا يمكن أداؤها إلا بحفظها؛ فوجب ذلك.
                        وفي قوله: ﴿إِلَى أَهْلِهَا﴾ دلالة على أنها لا تدفع وتؤدى لغير المؤتمِن، ووكيلُه بمنزلته؛ فلو دفعها لغير صاحبها لم يكن مؤديا لها.
                        ﴿وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ﴾ وهذا يشمل الحكم بينهم في الدماء والأموال والأعراض، القليل من ذلك والكثير، على القريب والبعيد، والبر والفاجر، والولي والعدو.
                        والمراد بالعدل الذي أمر الله بالحكم به وهو ما شرعه الله على لسان رسوله من الحدود والأحكام، لأن شارعها السميع البصير الذي لا تخفى عليه خافية، ويعلم بمصالح العباد ما لا يعلمون.

                        *****

                        مبدأ الإستقرار

                        ومبدأ الإستقرار من أخلاق المجتمعات الراقية والمتحضرة, ويتأتى الإستقرار بالطاعة على الحق وعدم المنازعة , فالكل متساوي أمام الشريعة , فإن حدث إختلاف وتنازع في مسئلة ما , فيرد الأمر الى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم.

                        يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً -59

                        أمر من الله تعالى بطاعته وطاعة رسوله وذلك بامتثال أمرهما، الواجب والمستحب، واجتناب نهيهما.
                        وأمر بطاعة أولي الأمر وهم: الولاة على الناس، من الأمراء والحكام والمفتين، فإنه لا يستقيم للناس أمر دينهم ودنياهم إلا بطاعتهم والانقياد لهم، طاعة لله ورغبة فيما عنده، ولكن بشرط ألا يأمروا بمعصية الله، فإن أمروا بذلك فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
                        ولعل هذا هو السر في حذف الفعل عند الأمر بطاعتهم وذكره مع طاعة الرسول، فإن الرسول لا يأمر إلا بطاعة الله، ومن يطعه فقد أطاع الله،
                        ثم أمر برد كل ما تنازع الناس فيه من أصول الدين وفروعه إلى الله وإلى الرسول أي: إلى كتاب الله وسنة رسوله؛ فإن فيهما الفصل في جميع المسائل الخلافية، إما بصريحهما أو عمومهما؛ أو إيماء، أو تنبيه، أو مفهوم، أو عموم معنى يقاس عليه ما أشبهه، لأن كتاب الله وسنة رسوله عليهما بناء الدين، ولا يستقيم الإيمان إلا بهما.
                        فالرد إليهما شرط في الإيمان فلهذا قال: ﴿إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ فإن حكم الله ورسوله أحسن الأحكام وأعدلها وأصلحها للناس في أمر دينهم ودنياهم وعاقبتهم.



                        *****

                        وإلى الجزء التالي إن شاء الله تعالى

                        تعليق


                        • #13
                          رد: مع مبادئ الأخلاق في القرآن العظيم - سلسلة متجددة

                          بسم الله الرحمن الرحيم
                          الجزء السادس
                          ( 1 )
                          بعض آيات من سورة المائدة

                          يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ - 1

                          الوفاء بالعقود من أهم المبادئ التي تصنع الاستقرار في المجتمعات الفاضلة والمتحضرة.
                          وما كثرت المنازعات أمام المحاكم إلا بسبب عدم الوفاء بالعقود.

                          هذا أمر من الله تعالى لعباده المؤمنين بما يقتضيه الإيمان بالوفاء بالعقود، أي: بإكمالها، وإتمامها، وعدم نقضها ونقصها. وهذا شامل للعقود التي بين العبد وبين ربه، من التزام عبوديته، والقيام بها أتم قيام، وعدم الإنتقاص من حقوقها شيئا، والتي بينه وبين الرسول بطاعته واتباعه، والتي بينه وبين الوالدين والأقارب، ببرهم وصلتهم، وعدم قطيعتهم.
                          والتي بينه وبين أصحابه من القيام بحقوق الصحبة في الغنى والفقر، واليسر والعسر، والتي بينه وبين الخلق من عقود المعاملات، كالبيع والإجارة، ونحوهما، وعقود التبرعات كالهبة ونحوها، بل والقيام بحقوق المسلمين التي عقدها الله بينهم في قوله: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾ بالتناصر على الحق، والتعاون عليه والتآلف بين المسلمين وعدم التقاطع.
                          فهذا الأمر شامل لأصول الدين وفروعه، فكلها داخلة في العقود التي أمر الله بالقيام بها .

                          ******

                          [color="rgb(85, 107, 47)"]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ - 8[/color]

                          العدل هو أساس نهضة الأمم وإستمرارها وبدون العدل تنهار , و يدعونا ربنا أن نعدل حتى مع من نبغضهم , وإن ذلك العدل يقربنا من تقوى الله العلي الحكيم ,
                          بهذه المبادئ - الوفاء - العدل - الإيمان - العمل الصالح بكل مجالاته تنهض الأمم وتحيا قوية غير متخلفة.

                          وأن يكون ذلك القيام لله وحده، لا لغرض من الأغراض الدنيوية، وأن تكونوا قاصدين للقسط، الذي هو العدل، لا الإفراط ولا التفريط، في أقوالكم ولا أفعالكم، وقوموا بذلك على القريب والبعيد، والصديق والعدو.
                          ﴿ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ ﴾ أي: لا يحملنكم بغض ﴿ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا ﴾ ولو كان كافرا أو مبتدعا، فإنه يجب العدل معه ، وقبول ما يأتي به من الحق، لأنه حق لا لأنه قاله، ولا يرد الحق لأجل قوله، فإن هذا ظلم للحق.
                          ﴿ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ﴾ أي: كلما حرصتم على العدل واجتهدتم في العمل به، كان ذلك أقرب لتقوى قلوبكم، فإن تم العدل كملت التقوى.

                          *****

                          وإذا تحققت المبادئ السابقة من رحمة وأمانة وصدق واستقامة وعدل
                          كان من الضروري حماية المجتمع من شرار الخلق الذين يفسدون في
                          الأرض,

                          [color="rgb(85, 107, 47)"]إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ - 33 إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ – 34[/color]

                          المحاربون لله ولرسوله، هم الذين بارزوه بالعداوة، وأفسدوا في الأرض بالكفر والقتل، وأخذ الأموال، وإخافة السبل وقطع الطريق.
                          والمشهور أن هذه الآية الكريمة في أحكام قطاع الطريق، الذين يعرضون للناس في القرى والبوادي، فيغصبونهم أموالهم، ويقتلونهم، ويخيفونهم، فيمتنع الناس من سلوك الطريق التي هم بها، فتنقطع بذلك.
                          فأخبر الله أن جزاءهم ونكالهم -عند إقامة الحد عليهم- أن يفعل بهم واحد من هذه الأمور.
                          واختلف المفسرون: هل ذلك على التخيير، وأن كل قاطع طريق يفعل به الإمام أو نائبه ما رآه المصلحة من هذه الأمور المذكورة؟ وهذا ظاهر اللفظ، أو أن عقوبتهم تكون بحسب جرائمهم، فكل جريمة لها قسط يقابلها، كما تدل عليه الآية بحكمتها وموافقتها لحكمة الله تعالى.
                          ﴿ذَلِكَ﴾ النكال ﴿ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ﴾ أي: فضيحة وعار ﴿ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ فدل هذا أن قطع الطريق من أعظم الذنوب، موجب لفضيحة الدنيا وعذاب الآخرة، وأن فاعله محارب لله ولرسوله.
                          وإذا كان هذا شأن عظم هذه الجريمة، علم أن تطهير الأرض من المفسدين، وتأمين السبل والطرق، عن القتل، وأخذ الأموال، وإخافة الناس، من أعظم الحسنات وأجل الطاعات، وأنه إصلاح في الأرض، كما أن ضده إفساد في الأرض.

                          ******

                          إذا تحققت الأخلاق على النحو الذي أرادها الله تعالى – تحقق الرخاء وتوزعت الثروات بالعدل, فلا وجود لفقير معدم وذلك لان لهم حق في زكاة أموال الأغنياء – وبناء على ما تقدم تكون جريمة السرقة لامبرر لها, بل تكون سبب في إشاعة الفزع وعدم الثقة بين الناس .

                          [color="rgb(85, 107, 47)"]وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ - 38 فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ - 39[/color]

                          السارق: هو من أخذ مال غيره المحترم خفية، بغير رضاه. وهو من كبائر الذنوب الموجبة لترتب العقوبة ، وهو قطع اليد اليمنى، كما هو في قراءة بعض الصحابة.
                          ولكن السنة قيدت عموم هذه الآية من عدة أوجه ووضعت شروطا شديدة لذلك الحد وضمانات حتى لا يطبق إلا على مجرم شديد الإجرام لم تفد فيه سبل الإصلاح,
                          وضعت شروطا في الشئ المسروق , ووضعت شروطا في السارق , وذلك ضمانا لتحقيق العدالة ,
                          أولا الشروط في الشئ المسروق ,
                          منها: الحرز، فإنه لابد أن تكون السرقة من حرز، وحرز كل مال: ما يحفظ به عادة. فلو سرق من غير حرز فلا قطع عليه.
                          ومنها: أنه لابد أن يكون المسروق نصابا، وهو ربع دينار، أو ثلاثة دراهم، أو ما يساوي أحدهما، فلو سرق دون ذلك فلا قطع عليه.
                          ولو كان غير محرز لم يكن ذلك سرقة شرعية. ولا قطع فيه.
                          ومن الحكمة أيضا أن لا تقطع اليد في الشيء النزر التافه، فلما كان لابد من التقدير، كان التقدير الشرعي مخصصا للكتاب.
                          والحكمة في قطع اليد في السرقة، أن ذلك حفظ للأموال، واحتياط لها،

                          ثانيا الشروط في السارق ,
                          أن يكون بالغا عاقل , أن يكون مكتفيا , أي لابد أن يكون ضمن حماية مالية تسد حاجاته الأساسية من مأكل وملبس وعلاج هو وأسرته , مثال ذلك التأمين ضد البطالة ونحوها فيحصل على ما يغنيه في معيشته,
                          ولذلك كان في عام المجاعة زمن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه , لم يطبق حد السرقة وذلك لإنتفاء شرط من شروط الحد ألا وهو الغنى .
                          وهكذا نرى أن السارق - في ظل المجتمع الإسلامي الذي يوفر له الحياة الكريمة – قد إرتكب جريمة قد تؤدي إلى هلاك أسرة تعتمد على ما لديها من مال لشراء الغذاء والدواء فوجب محاسبته وخاصة بعد كل الشروط السابقة التي تجعل من السرقة جريمة بشعة يجب ردعها لمنع من تسول له نفسه إقتراف ذلك الجرم في حق الآمنين المسالمين .

                          وإذا وجدت أدنى شبهة سواء في الشروط في المال أو في الشخص المتهم , لا يطبق الحد ..لقول الرسول صلى الله عليه وسلم , ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم ، فإن كان له مخرج فخلوا سبيله ، فإن الإمام أن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة ...
                          الراوي: عائشة المحدث: البخاري - المصدر: العلل الكبير - الصفحة أو الرقم: 228

                          فقد جاء الإسلام لحماية المجتمع من الفساد وحماية الأفراد من الكسب الحرام....
                          ولذلك ساد الإستقرار والأمان في البلدان التي طبقت فيها شريعة الله.
                          ولم يطبق الحد إلا نادرا . عبر عشرات السنين , فإن الحدود تحدث أثارا قوية في ردع من تسول له نفسه ترويع المجتمع بتلك الجرائم البشعة.
                          ولعل من زار بعض البلدان غير الإسلامية يجد إعلانات كبيرة مكتوب عليها : إذا إستوقفك لص أعطه ما يريد فإن حياتك أغلى من المال .
                          وقد حدث في حالات إنقطاع التيار الكهربي جرائم سرقة وسطو ونهب في تلك البلدان الكبيرة والمتحضرة , حيث غاب الجانب الإيماني أولا ثم غاب الرادع النفسي للعقوبة ثانيا ,

                          بينما في دولة مثل السعودية حيث تطبيق الحدود إذا ذهبت إليها فأنت أمن,
                          تمشي وحدك عبر الصحراء الشاسعة والتي تغري بقطع الطريق والسرقة ولكن لا يجرؤ إنسان أن يتعرض لك بإذى , لماذا ؟ لأن هذا البلد يطبق الحدود.

                          ولذلك قال تعالى : وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الألْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ -179 البقرة

                          ********

                          وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى

                          تعليق


                          • #14
                            رد: مع مبادئ الأخلاق في القرآن العظيم - سلسلة متجددة

                            بسم الله الرحمن الرحيم
                            الجزء السادس
                            ( 2 )
                            بعض آيات من سورة المائدة

                            مبدأ القيادة والإستقلالية للأمة الإسلامية

                            وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ - 48
                            وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ - 49
                            أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ - 50

                            ********
                            يقول تعالى: ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ﴾ الذي هو القرآن العظيم، أفضل الكتب وأجلها.
                            ﴿بِالْحَقِّ﴾ أي: إنزالا بالحق، ومشتملا على الحق في أخباره وأوامره ونواهيه.﴿مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ﴾ لأنه شهد لها ووافقها، وطابقت أخباره أخبارها، وشرائعه الكبار شرائعها، وأخبرت به، فصار وجوده مصداقا لخبرها.
                            ﴿وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ﴾ أي: مشتملا على ما اشتملت عليه الكتب السابقة، وزيادة في المطالب الإلهية والأخلاق النفسية. فهو الكتاب الذي تتبع كل حق جاءت به الكتب فأمر به، وحث عليه.
                            وهو الكتاب الذي فيه نبأ السابقين واللاحقين، وهو الكتاب الذي فيه الحكم والحكمة، والأحكام الذي عرضت عليه الكتب السابقة، فما شهد له بالصدق فهو المقبول، وما شهد له بالرد والتحريف فهو مردود ومحرف.

                            ﴿فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ﴾ وهنا نلاحظ المركز القيادي لأمة الإسلام, حيث التكليف الإلهي بالحكم بشريعة الله التي هي العدل المطلق لصالح البشرية المعذبة التي تتخبط في الفساد والظلم والعدوان.
                            فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ من الحكم الشرعي الذي أنزله الله عليك. ﴿وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ﴾ أي: لا تجعل اتباع أهوائهم الفاسدة المعارضة للحق بدلا عما جاءك من الحق .
                            ﴿لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ﴾ أيها الأمم جعلنا ﴿شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا﴾ أي: سبيلا وسنة، وهذه الشرائع التي تختلف باختلاف الأمم، هي التي تتغير بحسب تغير الأزمنة والأحوال، وكلها ترجع إلى العدل في وقت شرعتها، وأما الأصول الكبار التي هي مصلحة وحكمة في كل زمان، فإنها لا تختلف، فتشرع في جميع الشرائع.
                            ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾ تبعا لشريعة واحدة، لا يختلف متأخرها ولا متقدمها.
                            ﴿وَلَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ﴾ فيختبركم وينظر كيف تعملون، ويبتلي كل أمة بحسب ما تقتضيه حكمته، ويؤتي كل أحد ما يليق به، وليحصل التنافس بين الأمم فكل أمة تحرص على سبق غيرها، ولهذا قال: ﴿فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ﴾ أي: بادروا إليها وأكملوها، فإن الخيرات الشاملة لكل فرض ومستحب، من حقوق الله وحقوق عباده.
                            بالمبادرة إليها، وانتهاز الفرصة حين يجيء وقتها ويعرض عارضها، ثم الاجتهاد في أدائها كاملة على الوجه المأمور به.

                            ويستدل بهذه الآية، على المبادرة لأداء الصلاة وغيرها في أول وقتها، وعلى أنه ينبغي أن لا يقتصر العبد على مجرد ما يجزئ في الصلاة وغيرها من العبادات من الأمور الواجبة، بل ينبغي أن يأتي بالمستحبات، التي يقدر عليها لتتم وتكمل، ويحصل بها السبق.

                            ﴿إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا﴾ الأمم السابقة واللاحقة، كلهم سيجمعهم الله ليوم لا ريب فيه. ﴿فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ﴾ من الشرائع والأعمال، فيثيب أهل الحق والعمل الصالح، ويعاقب
                            أهل الباطل والعمل السيئ.


                            ﴿ وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ ﴾

                            وهذه الآية تدل على أنه إذا حكم، فإنه يحكم بينهم بما أنزل الله من الكتاب والسنة، وهو القسط الذي تقدم, .. قال تعالى: ﴿ وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ ﴾ ودل هذا على بيان القسط، وأن مادته هو ما شرعه الله من الأحكام، فإنها المشتملة على غاية العدل والقسط، وما خالف ذلك فهو جور وظلم.
                            ﴿وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ﴾ كرر النهي عن اتباع أهوائهم لشدة التحذير منها. ولأن ذلك في مقام الحكم والفتوى، وهو أوسع، وهذا في مقام الحكم وحده، وكلاهما يلزم فيه أن لا يتبع أهواءهم المخالفة للحق، ولهذا قال: ﴿وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ﴾ أي: إياك والاغترار بهم، وأن يفتنوك فيصدوك عن بعض ما أنزل الله إليك.

                            ﴿فَإِن تَوَلَّوْا﴾ عن اتباعك واتباع الحق ﴿فَاعْلَمْ﴾ أن ذلك عقوبة عليهم وأن الله يريد ﴿أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ﴾ فإن للذنوب عقوبات عاجلة وآجلة، ومن أعظم العقوبات أن يبتلى العبد ويزين له ترك اتباع الرسول، وذلك لفسقه.
                            ﴿وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ﴾ أي: طبيعتهم الفسق والخروج عن طاعة الله واتباع رسوله.

                            ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ﴾ أي: أفيطلبون بتوليهم وإعراضهم عنك حكم الجاهلية ؟ وهو كل حكم خالف ما أنزل الله على رسوله.
                            فمن أعرض عن الأول ابتلي بالثاني المبني على الجهل والظلم والغي، ولهذا أضافه الله للجاهلية، وأما حكم الله تعالى فمبني على العلم، والعدل والقسط، والنور والهدى.
                            ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ فالموقن هو الذي يعرف الفرق بين الحكمين ويميز – بإيقانه - ما في حكم الله من الحسن والبهاء، وأنه يتعين - عقلا وشرعا - اتباعه.
                            واليقين، هو العلم التام الموجب للعمل.

                            ******

                            وفي الحديث القدسي لرب العزة

                            عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فيما روى عن الله تبارك وتعالى أنه قال
                            " يا عبادي ! إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما .
                            فلا تظالموا ......
                            الراوي: أبو ذر الغفاري المحدث: مسلم - المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم: 2577
                            خلاصة الدرجة: صحيح

                            *******

                            وقد كان للصحابة رضي الله عنهم في باب الشجاعة والائتمار بما أمرهم الله ورسوله به وامتثال ما أرشدهم إليه ما لم يكن لأحد من الأمم والقرون قبلهم ولا يكون لأحد ممن بعدهم فإنهم ببركة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وطاعته فيما أمرهم فتحوا القلوب والأقاليم شرقا وغربا في المدة اليسيرة مع قلة عددهم بالنسبة إلى جيوش سائر الأقاليم من الروم والفرس والترك والصقالبة والبربر والحبوش وأصناف السودان والقبط وطوائف بني آدم .
                            قهروا الجميع حتى علت كلمة الله وظهر دينه على سائر الأديان وامتدت الممالك الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها في أقل من ثلاثين سنة .
                            وساد العدل والرخاء في ظل شريعة الله ونعمت الدنيا بحكم الإسلام.
                            فرضي الله عنهم وأرضاهم أجمعين وحشرنا في زمرتهم إنه كريم وهاب

                            ******
                            فمن آسماء الله تعالى الحسنى أنه الحكم العدل
                            الحكم بمعنى الفصل بين المنازعات ,
                            قال تعالى : أفغير الله أبتغي حكما -114الأنعام
                            وقال تعالى : واصبر حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين – 109 يونس
                            وأحكم الأمر : أتقنه , قال تعالى : ثم يحكم الله آياته – 52 الحج
                            والحاكم هو الذي لا راد لقضائه , ولا معقب لحكمه هو الله.
                            قال تعالى : إن الحكم إلا لله - 57 الأنعام
                            فهو وحده المجازي كل نفس بما عملت سبحانه وتعالى.
                            والعدل المنزه عن الظلم , قال تعالى : وما ربك بظلام للعبيد – 46 فصلت
                            وقال تعالى :
                            إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ – 90 النحل

                            فهو العدل المطلق.
                            هو الله .

                            ******

                            وإلى الجزء التالي إن شاء الله تعالى

                            تعليق


                            • #15
                              رد: مع مبادئ الأخلاق في القرآن العظيم - سلسلة متجددة

                              بسم الله الرحمن الرحيم

                              الجزء السابع
                              ( 1 )
                              وبعض آيات من سورة المائدة

                              مبدأ المرجعية في الحلال والحرام

                              يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ – 87 وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ – 88

                              من الأمور الخطيرة التي يقع فيها الإنسان تحريم وتحليل الأشياء بغير مرجعية تحدد له الحلال والحرام , وبذلك يقع فريسة لشياطين الإنس والجن ليحطموا كيانه البدني , بواسطة تزين المحرمات مثل الخمر ولحم الخنزير والدم , وتحريم الطيبات من اللحم المذبوح بطريقة شرعية , وغيرها من الطيبات من الرزق .
                              وتعاني الإنسانية هذه الأيام - من جراء هذه المخلافات - العديدة من الأمراض التي لم تكن من قبل .
                              قال تعالى :
                              ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ – 41 الروم
                              أي: استعلن الفساد في البر والبحر أي: فساد معايشهم ونقصها وحلول الآفات بها، وفي أنفسهم من الأمراض والوباء وغير ذلك، وذلك بسبب ما قدمت أيديهم من الأعمال الفاسدة المفسدة بطبعها , وتركهم الحلال الطيب .
                              ويقول تعالى :
                              قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ – 32 قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ – 33 الأعراف
                              ينكر تعالى على من تعنت، وحرم ما أحل اللّه من الطيبات من أنواع اللباس على اختلاف أصنافه، والطيبات من الرزق، من مأكل ومشرب بجميع أنواعه،
                              فمَن هذا الذي يقدم على تحريم ما أنعم اللّه بها على العباد، ومن ذا الذي يضيق عليهم ما وسَّعه اللّه ؟
                              وهذا التوسيع من اللّه لعباده بالطيبات، جعله لهم ليستعينوا به على عبادته،

                              وقال تعالى في سورة النحل :

                              فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالا طَيِّبًا وَاشْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ - 114 إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ - 115 وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ - 116
                              يأمر تعالى عباده بأكل ما رزقهم الله من الحيوانات والحبوب والثمار وغيرها. ﴿حَلالا طَيِّبًا﴾ أي: حالة كونها متصفة بهذين الوصفين بحيث لا تكون مما حرم الله أو أثرا عن غصب ونحوه. فتمتعوا بما خلق الله لكم من غير إسراف ولا تَعَدٍّ.
                              ولا تحرموا وتحللوا من تلقاء أنفسكم، كذبا وافتراء على الله وتقولا عليه.
                              فالله تعالى ما حرم علينا إلا الخبيثات تفضلا منه، وصيانة لنا عن كل مستقذر.

                              يقول تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ﴾ من المطاعم والمشارب، فإنها نعم أنعم الله بها عليكم، فاحمدوه إذ أحلها لكم، واشكروه ولا تردوا نعمته بكفرها أو عدم قبولها، أو اعتقاد تحريمها، فتجمعون بذلك بين القول على الله الكذب، وكفر النعمة، واعتقاد الحلال الطيب حراما خبيثا، فإن هذا من الاعتداء.

                              والله قد نهى عن الاعتداء فقال: ﴿وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ بل يبغضهم ويمقتهم ويعاقبهم على ذلك.
                              ثم أمر بضد ما عليه المشركون، الذين يحرمون ما أحل الله فقال: ﴿وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالا طَيِّبًا﴾ أي: كلوا من رزقه الذي ساقه إليكم، بما يسره من الأسباب، إذا كان حلالا, لا سرقة ولا غصبا ولا غير ذلك من أنواع الأموال التي تؤخذ بغير حق، وكان أيضا طيبا، وهو الذي لا خبث فيه، فخرج بذلك الخبيث من السباع والخبائث.

                              ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ﴾ في امتثال أوامره، واجتناب نواهيه. ﴿الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ﴾ فإن إيمانكم بالله يوجب عليكم تقواه ومراعاة حقه، فإنه لا يتم إلا بذلك.
                              ويدخل في هذه الآية أنه لا ينبغي للإنسان أن يتجنب الطيبات ويحرمها على نفسه، بل يتناولها مستعينا بها على طاعة ربه.

                              *******

                              فقد جاءت شريعة الله رحمة وهداية لجميع البشر.


                              قال تعالى لجميع البشر رحمة لهم :

                              يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأرْضِ حَلالا طَيِّبًا وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ - 168 البقرة

                              ******

                              وقال تعالى لأحبابه المؤمنين :

                              يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ - 172 إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ – 173 البقرة

                              هذا أمر للمؤمنين خاصة, بعد الأمر العام, وذلك أنهم هم المنتفعون على الحقيقة بالأوامر والنواهي, بسبب إيمانهم, فأمرهم بأكل الطيبات من الرزق, والشكر لله على إنعامه , باستعمالها بطاعته , والتقوي بها على ما يوصل إليه ، فأمرهم بما أمر به المرسلين في قوله : ﴿ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا – 51 المؤمنون


                              *****

                              وقال تعالى لأهل الكتاب رحمة بهم :

                              الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ – 157 الأعراف

                              وهذا من دلائل النبوة لرسولنا الكريم صلوات ربي وسلامه عليه, الذي علم الإنسانية.
                              فهذا وصفه في التوراة والإنجيل.
                              يأمرهم بالصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، وصلة الأرحام، وبر الوالدين، والإحسان إلى الجار , وبذل النفع لسائر الخلق، والصدق، والعفاف، والبر، والنصيحة، وما أشبه ذلك، وينهى عن الشرك باللّه، وقتل النفوس بغير حق، والزنا، وشرب ما يسكر العقل، والظلم لسائر الخلق، والكذب، والفجور، ونحو ذلك‏.‏

                              فأعظم دليل يدل على أنه رسول اللّه، ما دعا إليه وأمر به، ونهى عنه، وأحله وحرمه،
                              فإنه ‏﴿ ‏يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ ‏﴾‏ من المطاعم والمشارب، و الزواج‏.‏
                              ‏﴿ ‏وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ‏ ﴾ ‏من المطاعم والمشارب والفواحش، والأقوال والأفعال‏.‏
                              ‏﴿ ‏وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِم ‏﴾‏ فالإسلام مع عظم تعاليمه إلا أنه دين سهل واضح المعالم , سمح ميسر، لا إصر فيه، ولا أغلال، ولا مشقات ولا تكاليف ثقال‏.‏

                              قال تعالى : وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ – 107 الأنبياء

                              *******
                              وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى

                              تعليق

                              يعمل...
                              X