بريطانيا كانت على حق في التعامل مع ليبيا

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • بريطانيا كانت على حق في التعامل مع ليبيا

    الانتقادات الموجهة إلى كل قائد شركة، وأكاديمي، وسياسي، وموظف مدني كانت له أية علاقة مع ليبيا في الأعوام الأخيرة، اتخذت أبعاداً تدعو إلى السخرية في بعض الأوساط. وبسبب الاستياء العالمي من الاعتداءات الأخيرة الذي قام بها نظام القذافي الدكتاتوري، غابت العقلانية وسلامة الحكم في الوقت الذي تنافس فيه المعلقون (المشهود لهم في العادة بالذكاء) في شجبهم لأي شخص عمل من أجل المصلحة العامة على تعميق العلاقات مع الشعب الليبي، أو مؤسساته، أو مع اقتصاد ذلك البلد.

    وإذا أحجمت الشركات البريطانية نتيجة لهذا الضغط، عن الاستثمار الدولي خوفاً من خطر تعرضها لإزدراء مشابه، فلن يكون من شأن ذلك إلا أن يؤدي إلى تراجع بريطانيا النسبي في الاقتصاد العالمي على نحو أسوأ من ذي قبل. إننا نواجه ما يكفي من الصعوبة في منافسة القوى الاقتصادية الصاعدة في العالم . وإذا أضفنا للعوائق التي نعاني منها حالياً – وهي تكاليف الإنتاج العالية نسبياً، والقيود التنظيمية الكبيرة، وضعف الدافع لتأسيس المشاريع، والعقبات التي تحول دون الدخول إلى كثير من الأسواق سريعة النمو – عقبة أخرى تتمثل في رفض أي بلد أقل استساغة وديمقراطية من بلدنا، فسيسير وضع مستويات التشغيل لدينا ومستويات حياتنا على نحو سيئ جداً في هذا القرن.


    قبل أن تدفع كلماتي كل شخص يفكر بطريقة سليمة وكل جماعة مناصرة لحقوق الإنسان إلى انتقادي عبر موقع تويتر، دعوني أوضح أمراً واحداً. إنني اتفق مع عمليات المقاطعة المتفق عليها دولياً كتلك المفروضة على إيران، وكوريا الجنوبية، وبورما، والآن ليبيا. هناك بالتأكيد مكان لا ينازع للشجب الأخلاقي والسياسي للأفراد والأنظمة التي تتصرف تجاه شعوبها بشكل غير ديمقراطي وغير مقبول. وهناك أيضا قواعد ينصح باتباعها بالنسبة لسلوك العلاقات بين الدول حيث الشروط أقل وضوحاً، كما كان السير جيريمي جرينستوك يجادل في ''فاينانشيال تايمز'' في الأسبوع الماضي.


    وأعتقد أيضاً أنه عبر ترحيبنا بتخلي معمر القذافي عن ماضيه المتعلق بدعم الإرهاب، أعطت حكومة العمال أحياناً الانطباع بأنها تمضي خطوات أبعد من غيرها وتحتضنه، أو على الأقل تتسامح مع تجاوزاته وعيوبه. وبصورة عرضية، وقبل الانتفاضة التي وقعت هذا الشهر في ليبيا، لم أشهد أبداً ما يشير إلى أن الحكومة الائتلافية تتبع سياسة مختلفة، بالرغم من كل نصائحها الأخلاقية الرفيعة التي صدرت عنها بعد وقوع الأحداث.


    ومن الأمور الخلافية أيضاً أن كبار أعضاء النظام الليبي الذين لمّعوا مؤهلاتهم المؤيدة للديمقراطية كان ينبغي أن يعاملوا بحذر أكثر مما عوملوا به. إن هناك دروساً ينبغي تعلمها وينبغي أن نتأمل، ليس في مبدأ عودة أشخاص مثل معمر القذافي إلى حظيرة المجتمع الدولي المقبول، ولكن في درجة الدفء التي نبديها حيالهم بعد ذلك قبل أن يبدأوا بإصلاح أساليبهم وطرقهم الداخلية.


    ليس من السهل تطبيق هذا الدرس. مثلا، عندما تصل إلى التائبين، فإنك لا تنكفئ على عقبيك وتشرع في معاملتهم كمنبوذين. هذا التصرف لن يرسخ سلوكهم الذي تغير، أو يشجع الآخرين على أن يحذوا حذوهم. وهناك أيضاً حقائق التجارة الدولية والاستثمار التي ينبغي فهمها. فعندما تكون جميع البلدان الأخرى منشغلة بالتجارة والاستثمار، بما فيها الولايات المتحدة وأوروبا، من الغريب أن تمارس مقاطعة من طرف واحد. هل كان من المعقول أن يعتبر دخول الخطوط الجوية البريطانية، وبنك إتش إس بي سي، ومحلات ماركس آند سبنسر، وشركة برتيش بتروليوم وغيرها من العلامات التجارية البريطانية إلى ليبيا خروجاً على القانون؟ أو قيام الجامعات البريطانية بإجراء اتصالات مشابهة؟ لا أرى في ذلك أمراً معقولاً. إنني لا أقترح أن نعمل بمعايير شركائنا الذين يوجد بيننا وبينهم قاسم مشترك أصغر. إن لدينا قيماً ومصالح تلزمنا. لكننا لا نستطيع أيضاً أن نعمل بقواعد استثنائية وغير قابلة للتحقيق ونطبقها على أنفسنا فقط.


    أن نكون الغريبين عن ذلك البلد لا يلحق بنا ضرراً اقتصادياً فحسب، لكنه أيضا لا يفعل شيئاً لمساعدة عملية التغيير في بلدان مثل ليبيا. إن هدف سياستنا ينبغي أن يتمثل في أن نبذل كل ما بوسعنا، مع الآخرين، لوضع هذا البلد على طريق التحول. إن فتح اقتصاد ومساعدته على طرق باب موارده الطبيعية، وتعميق اندماجه مع بقية العالم، وتحفيز مشاريعه وأنشطته الداخلية سيحفز نمو الطموح للحرية والمطالبة بها ونشر القيم الجماعية في ذلك المجتمع.


    إن الاتصال مع العالم الخارجي يجعل أهل البلد يريدون مزيدا مما يمكن لذلك العالم أن يقدمه – من بضائع وقيم ليبرالية. وتتمثل الخطوة التالية بالنسبة لهم في تنظيم أنفسهم لمقاومة وإضعاف سلطة الطاغية، وفي نهاية المطاف، الإطاحة به وبنظامه، كما يؤمل أن يحدث في ليبيا، وفي الوقت المناسب، في إيران.


    وبطبيعة الحال، عندما تبدأ هذه العاصفة العامة في الانتشار، ينبغي أن تكون بلدان مثل بريطانيا من بين أول البلدان التي تقدم التشجيع والدعم العملي. وينبغي أن نقوم دائماً باستخدام قنواتنا الدبلوماسية لممارسة الضغط من أجل الإصلاح والديمقراطية.


    كان آخر زعيم غربي يجادل في هذا النهج، بطبيعة الحال، جورج دبليو بوش - الذي لا يعتبر أنموذجاً يحتذي به الجميع في صحة المواقف السياسية. ويبدو أنه كانت لديه في وقت متأخر نقطة فشلت فشلاً ذريعاً في فهم تلك الدوائر الليبرالية التي تخرج الآن تأييداً للمتظاهرين الشجعان في ميدان التحرير، أو في شوارع بنغازي.


    في عطلة نهاية هذا الأسبوع، تعرضت للانتقاد من قبل صحيفة بريطانية، لأنني عندما كنت وزيراً في الحكومة ''عقدت اتفاقية مع دكتاتورية القذافي'' لتشجيع الاتصال مع الجامعات الليبية كي يأتي طلبتها إلى بريطانيا. إن حقيقة أن الاتفاقية عادت بالفائدة على الطلبة المعنيين فقط لم تكن بالأمر المهم. وتحت ضغط وسائل الإعلام، كان رد فعل خلفي تعليق جميع أشكال التعاون. وربما كان يمكن غفران ذلك باعتباره دليلا آخر على عدم موافقة بريطانيا على قيام القذافي بقتل شعبه.


    ولكن كسياسة عامة، كنا على حق في إقامة تلك الاتصالات. وكنا على حق أيضاً في العمل في ذلك البلد. لقد كان توقيتنا صحيحاً، والمحاولات الجارية لتكوين رد فعل بغيض تجاه أولئك الذين قادوا هذا النشاط التجاري في وقت كانت ليبيا تضع فيه ماضيها الإرهابي وراءها، خاطئة وفي غير محلها.




    الكاتب وزير العمل الأسبق في المملكة المتحدة وكان المفوض التجاري للاتحاد الأوروبي في الفترة 2004 – 2008.




يعمل...
X