موسوعه المعاملات اسلامية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #16
    رد: موسوعه المعاملات اسلامية

    الوكالة
    هي أن يستنيب شخص من ينوب عنه في أمر من أمور التي يجوز فيها النيابة، كالبيع والشراء وغير ذلك.
    حكي لنا القرآن أمثلة من القرآن أن يوسف - عليه السلام- خاطب ملك مصر وقال له: (اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظٌ عليمٌ).[يوسف: 55]. أي اجعلني وكيلاً لك في إدارة أموال البلاد.
    وقد بعث رسول الله ( أبا رافع ورجلاً من الأنصار، فزوجاه من السيدة ميمونة بنت الحارث -رضي الله عنها-[مالك].
    وقد وكل الرسول ( أنسًا لتحقيق أمر المرأة التي زنت مع أجيرها حتى يقام عليها الحد إن ثبت هذا الأمر، فقال له النبي ( :"اغد يا أنس إلي امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها"[البخاري].
    مشروعية الوكالة:
    أجاز الإسلام الوكالة، فليس كل إنسان قادرًا علي أن يباشر أعماله كلها بنفسه، فيحتاج إلي تفويض أو توكيل أحد يقوم ببعضها نيابة عنه.
    شروط صحة الوكالة:
    1- أن يكون كل من الموكل والوكيل أهلاً للتصرف: بحيث يستطيع كل واحد منها تمييز الأمور، وأن يكون كل منهما عاقلًا غير مجنون.
    2- أن يكون الشيء الموكل فيه ملكًا للموكل ومعلومًا: بمعني أن يحدد ما سيقوم بعمله، كأن يطلب منه شراء قميص، فيقول له: اشتر لي قميصًا مثلًا أو بنطلونًا أو غير ذلك:
    3- أن تكون الوكالة في الأمور التي يجوز فيها الإناب: أي في الأمور المباحة، كإثبات حق الموكل أمام القضاء إن كان الوكيل محاميا، وفي حضور الاجتماعات، وفي إدارة أموال الموكل وفي بعض العقود كالزواج، أو الرهن، أو التأجير، أو بعض العبادات المالية كالحج، والصدقة، والزكاة، كما تصح في إقامة الحدود. وهناك أمور لا تجوز فيها الإنابة أو الوكالة، ويجب علي الموكل أن يقوم بها بنفسه مثل :الحلف باليمين، العبادت البدنية كالصلاة، والصوم وغير ذلك.
    أنواع الوكالة:
    والوكالة نوعان؛ إما مطلقة وإما مقيدة: فإذا قال الموكل لوكيله اشتر لي قميصًا، ولم يبين له لونه، أو لم يحدد له ثمنه، أو متي يشتريه له؛ يكون ذلك وكالة مطلقة. وعلي الوكيل أن يشتري لموكله ما يعتقد أنه يناسبه، وأن يشتريه بسعر السوق، فلا يدفع في الشيء أكثر من حقه، فإن فعل ذلك كان للموكل الحق في عدم نفاذ الشراء وإلزام الوكيل بما اشتراه.
    وأما إذا قال الوكيل لموكله: اشتر لي قميصًا لونه أحمر، أو ثمنه عشرة جنيهات، فهنا يكون الموكل قد أناب الوكيل إنابة مقيدة، لأنه حدد الثمن واللون، ولا يحل للوكيل أن يخالف أمر موكله إلا إذا وجد له قميصًا بنفس الصفات المطلوبة، ولكنه أرخص منه مثلاً، كأن يجده بثمانية جنيهات، فيفضله علي نظيره الذي ثمنه عشرة جنيهات، فقد أعطي النبي ( عروة البارقي دينارًا يشتري به شاة، فساوم البائع، واشتري منه شاتين بدينار، ثم باع إحداهما بدينار، وجاء بالشاة والدينار إلي رسول الله ( فذكر له ما كان من أمره فدعا له الرسول ( "بارك الله لك في صفقة يمينك"[الترمذي].
    وإذا نفّذ الوكيل ما أراده الموكل دون تعد منه؛ ألزم الموكل بالشيء الذي وكله فيه.
    ما يجب علي الوكيل:
    علي الوكيل أن يكون أمينًا علي الشيء الموكل به، فلا يفرط فيه إن كان مالًا مثلا وإلا وجب عليه التعويض لموكله.
    كذلك لا يجوز اعتراف الوكيل عن موكله في الأمور التي فيها حدود أو قصاص، فلا يجوز له أن يقول: اعترف نيابة عن موكلي بأنه قام بالقتل مثلًا أو السرقة.
    فسخ عقد الوكالة:
    للموكل والوكيل الحق في فسخ الوكالة متي شاء أحدهما ذلك.
    متي ينتهي عقد الوكالة:
    1- إذا مات الموكل أو الوكيل أو أصيب أحدهما بالجنون.
    2- إذا عزل الموكل وكيله عن الإنابة عنه، أو عزل الوكيل نفسه.
    3- أن ينتهي العمل الذي أسنده الموكل إلي وكيله. فانتهاء العمل معناه انتهاء الوكالة التي بينهما.
    4- أن يصبح الموكل غير مالك للشيء الذي وكل فيه غيره فإن كان الموكل صاحب شركة مثلًا، ووكل غيره لإداراتها، ثم بيعت الشركة ولم يعد الموكل صاحبًا لها. هنا تنتهي وكالة غيره بإدارة الشركة.
    وتصح الوكالة مقابل أجر، ويشترط فيها تحديد الأجرة، وبيان العمل الذي يقوم به الموكل.

    تعليق


    • #17
      رد: موسوعه المعاملات اسلامية

      العارية
      الإعارة هي تمليك شيء يملكه فرد أو هيئة لآخر، لينتفع به دون مقابل؛ كأن يأخذ رجل كتابًا من مكتبة ليقرأه ويعيده دون أجر علي ذلك.
      ولقد دعا الرسول ( إلي أن يعير المسلم أخاه حاجته، فقال:"ما من صاحب إبل ولا بقر ولا غنم لا يؤدي حقها إلا أقعد لها يوم القيامة بقاع قرقر (مستوٍ علي الأرض) تطؤه ذات الظلف بظلفها، وتطحنه ذات القرن بقرنها، ليس فيها يومئذ جماء ولا مكسورة، قلنا: يارسول الله، ما حقها؟ قال: إطراق حملها، وإعارة دلوها، ومنحها وجلبها علي الماء، وحمل عليها في سبيل الله [البخاري].
      وللاستعارة الصحيحة شروط، منها:
      1- أن تكون بدون مقابل.
      2- أن يكون المعير عاقلًا بالغًا مدركًا.
      3- أن يكون الشيء (المعار)حلالاً، فلا يجوز أن يعير الرجل رجلا آخر حريرًا ليلبسه؛ لأن لبس الحرير محرم علي الرجال، إلا إذا كان لعذر، كأن يكون به حكة أو جرب.
      4- أن تكون الإعارة في الأشياء التي لا تهلك بالاستعمال، فلا يستعير أحد طعامًا؛ لأنه يهلك بالاستعمال.
      5- أن يكون المعير مالكًا للشيء أو معه إذن من صاحبه بالتصرف فيه.
      6- ألا يحدد المعير أجلًا معلومًا، فإذا لزم ذلك فلا مانع من تحديد الوقت، كما تفعل المكتبات العامة في إعارة الكتب.
      إن اشترط المعير الضمان لعاريته؛ ضمنها المستعير إن أتلفها، لقوله (:"المسلمون علي شروطهم" [أبو داود والحاكم].
      فإن لم يشترط، وتلفت بدون قصد ولا تفريط، فلا يجب ضمانه، وإن كان يستحب الضمان، لقوله ( لإحدي نسائه وقد كسرت آنية الطعام:"طعام بطعام، وآنية بآنية" [البخاري]، فإن أتلفها مع ضمانها؛ وجب مثلها أو قيمتها، لقوله (:"علي اليد ما أخذت حتى تؤديه" [أبو داود والترمذي].
      ماذا ينبغي علي المعير والمستعير ؟
      ينبغي علي المسلم أن لا يبخل بإعارة ما عنده لأخيه المسلم، مادام لا يخشي الضرر، لأن إعارة المسلم ما يحتاج إليه من التعاون علي البر والتقوي الذي أمر الله تعالي به. قال تعالي: (وتعاونوا على البر والتقوى)[المائدة: 2]. وقد عاب الله علي الذين يمنعون ما يملكونه عن غيرهم، فقال تعالي: (ويمنعون الماعون)[الماعون: 7].
      كما يجب علي المعير أن يتخير الأوقات التي يطلب فيها الشيء الذي أعاره لأخيه، فلا يطالبه به في الطريق أمام الناس؛ حتى لا يجرح مشاعر أخيه، كما أن عليه ألا يَمُن علي أخيه بما أعاره له، حتى لا يضيع أجره، وأن يطلب حاجته في أدب وتواضع.
      وينبغي علي المستعير أن يحافظ علي الشيء الذي استعاره، فإن أهمل في الحفاظ عليه، لزمه أن يعوض أخاه عن الشيء الذي أتلفه. وعليه أن يرده إلي أخيه في الميعاد الذي حدده معه ولا يمنعه عن صاحبه، لأن هذا نوع من السرقة الفاجرة، وقد قال تعالي: (إن الله يأمرُكم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) [النساء:58].
      ولا يجوز للمستعير أن يؤجر ما استعاره، ولكن يجوز له إعارته بشرط رضا المعير له.

      تعليق


      • #18
        رد: موسوعه المعاملات اسلامية

        الوديعة
        الوديعة هي ما يودع من مال وغيره لدي من يحفظه.
        حث الإسلام علي حفظ الوديعة وردّ الأمانة؛ لأن ذلك يشيع الأمان والثقة بين الناس، فيثق الرجل في الرجل فيأتمنه علي ماله أو غيره دون خوف أو قلق، ويترتب علي هذه الثقة شيوع المحبة.
        مشروعية الوديعة:
        أجاز الإسلام قبول الأمانة ما دام المؤتمن قادرًا علي حفظها، مقتديا في ذلك برسول الله (، فقد كان ( يقبل الأمانة حتى لقب بـ (الأمين)، بل بلغ به الأمر في حفظ الأمانة أنه رغم علمه أن قريشًا تتربص به لتقتله -ليلة هجرته إلي المدينة- لم يكن ليتساهل في الودائع التي كانت عنده، فطلب من علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- وكان ما يزال صغيرًا أن ينام في فراشه حتى يتمكن من رد هذه الودائع إلي أصحابها نيابة عنه.
        مشروعية الوديعة:
        تختلف حكم الوديعة باختلاف الأحوال، فقد يكون قبول الوديعة واجبًا، إذا استأمن الإنسان عليها، وليس عند صاحب الوديعة أحد غيره يأتمنه عليها، فيجب عليه أن يقبلها منه، وقد يكون مستحبًا فيما إذا طلب من الإنسان حفظ شيء من رجل هو يأنس بالمؤتمن، وعند المؤتمن قدرة علي حفظه، لأنه من باب التعاون علي البر والتقوي، وقد يكون قبول الوديعة مكروهًا، وذلك إذا أحس الإنسان بعجز في شخصه عن حفظ الأمانة، ويحرم علي الإنسان قبول الوديعة إذا علم من نفسه أنه سيفسدها، وأنه ليس أهلاً لها.
        وجوب الحفاظ علي الأمانة:
        يجب علي كل مؤتمن الاهتمام بالأمانة والمحافظة عليها، فلا يضعها في مكان يخشي منه ضياع الأمانة، وألا ينتفع بها حتى لا تتلف (إن كانت الوديعة شيئًا يتلف بالاستعمال)، وأن يردها إلي صاحبها متي طلب منه ذلك. قال تعالي: (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها)[النساء].
        وقال تعالي: (فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته وليتق الله ربه)[البقرة: 283]. وقال (:"أدّ الأمانة إلي من ائتمنك، ولا تخن من خانك" [أبو داود].
        إن ضاعت أو تلفت لتقصير منه، رد قيمتها أو مثلها إلي صاحبها وإن ضاعت أو تلفت من غير تقصير منه، كأن يشب حريق في المكان المحفوظة فيه فتحرق معه، فلا ضمان عليه. لقول الرسول (:"مَنْ أودع وديعة فلا ضمان عليه" [ابن ماجه] وقوله :"فلا ضمان عليه" معناه أن لا يلزم رد قيمة الأمانة أو مثلها.
        إذا ادّعي صاحب الأمانة أن المؤتمن فرط في الحفاظ عليها ،كان علي المؤتمن اليمين أو القسم بأنه لم يفرط فيها.
        يشترط في الوديعة أن يكون كل من المودع والمودع عنده مكلفًا رشيدًا، فلا يودع الصبي والمجنون، ولا يودع عندهما ويجوز لكل من المودع والمودع عنده رد الوديعة متي شاء أحدهما، كما لا يجوز للمودع عنده الانتفاع بالوديعة علي أي وجه من وجوه النفع إلا بإذن صاحبها ورضاه.
        وفاة المؤتمن:
        إذا مات المؤتمن وعنده وديعة لإنسان ما صارت دينًا عليه،وعلي ورثته قضاؤه من ميراثه إن ترك ميراثًا.
        فإن لم يترك ميراثًا كان للحاكم ردها من مال الدولة. لقول الرسول (:"أنا أولي بالمؤمنين من أنفسهم، فمن توفي من المؤمنين فترك دينًا فعلي قضاؤه، ومن ترك مالًا فلورثته"[الجماعة].
        وقوله (:"فمن ترك دينًا فعلي قضاؤه" أي: من مات وعليه دين، ولم يترك مالا يسد به ورثته هذا الدين، فأنا أرد هذا الدين عنه.
        شكر المؤتمن:
        علي صاحب الأمانة إذا استردها من المؤتمن أن يشكره علي حفظه لها. وعلي المؤتمن ألا يكون فخورًا بذلك، بل يكون متواضعًا لينًا معه، وأن يشعر صاحب الأمانة أن ما فعله واجب عليه يجب القيام به، فهو طاعة لله واقتداء برسوله.

        تعليق


        • #19
          رد: موسوعه المعاملات اسلامية

          الغصب
          الغصب هو أخذ مال له قيمة محترم بغير إذن صاحبه المالك له، فيزيل ملكيته إن كان في يده أو يمنعه من الانتفاع به علانية لا في الخفية؛ قهرًا بدون وجه حق.
          حرم الإسلام الغصب، واعتبره من كبائر الذنوب، وذلك لما فيه من أكل أموال الناس بالباطل، قال تعالي: (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل)[البقرة: 188].
          وقال أيضًا: "لا يأخذن أحدكم متاع أخيه جادًا. ومن أخذ عصا أخيه فليردها".[أبو داود].
          وقال كذلك:"من ظلم قيد شبر من الأرض، طوقه من سبع أرضين"[متفق عليه].
          وقال ( :"من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه، فقد أوجب الله له النار، وحرم عليه الجنة" فقال له رجل: وإن كان شيئًا يسيرًا يا رسول الله. قال:"وإن قضيبًا من أراك" [مسلم والنسائي]
          شروط الغصب:
          الاستيلاء علي أشياء الآخرين لا يسمي غصبًا إلا إذا توفر فيه شرطان:
          1- أن يكون في العلانية، فيستولي الإنسان علي حاجة غيره جهرًا وفي العلانية، فإن كان الاستيلاء علي حاجة الآخرين سرًا، سميت سرقة.
          والاستيلاء إما بالأخذ، كأن يأخذ الإنسان أرض غيره مثلا لنفسه، أو بحبس الشيء عن صاحبه ومنعه من الانتفاع به، كأن يمنع الرجل رجلا من زراعة أرضه.
          2- أن يكون الاستيلاء علي سبيل التعدي والظلم، فإن استولي إنسان علي مال من سارق ليرده إلي صاحبه فهذا لا يعد غصبًا، وإن استولي إنسان علي حاجة غيره برضاه علي سبيل الإعارة فهذا لا يعد غصبًا، ومتي حدث الغصب؛ وجب إجبار الغاصب علي رد الشيء الذي أخذه إلي صاحبه. فكل مغصوب يحرم الانتفاع به. ولا يحل للمرء أن يأخذ مال مسلم أو حتى ذمي إلا بطيب نفس منه، قال تعالي: (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) [البقرة: 188]. فإذا أخذ الإنسان حاجة غيره ببيع محرم أو عقد فاسد، وجب عليه ردها إلي صاحبها، فإن كان قد استهلك منها شيئًا ردَّ ما تبقي.
          وإذا وجد المغصوب منه حاجته عند رجل أخذها منه حتى ولو كان هذا الرجل قد قام بشرائها من الغاصب، وعلي هذا الرجل أن يأخذ ماله الذي دفعه للغاصب في شراء هذا الشيء.. فيطلب المشتري الثمن من البائع الغاصب الذي باعه الشيء المغصوب.
          إذا كان المغصوب أرضًا:
          وإذا كان الشيء المغصوب أرضًا، وقام الغاصب بزراعتها، وجب رد الأرض بالزرع الذي فيها إلي صاحب الأرض، ويقوم صاحب الأرض بدفع ما أنفقه هذا الغاصب علي الأرض، قال ( :"من زرع في أرض قوم بغير إذنهم، فليس له من الزرع شيء، وله نفقته" [أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه].
          فإن كان الغاصب قد غرس شجرًا في الأرض أو بني بيتًا عليها، وجب قلع هذا الشجر، أو هدم هذا البناء. فقد روي أن رجلين اختصما إلي رسول الله ( غرس أحدهما نخلا في أرض الآخر، فقضي رسول الله ( لصاحب الأرض بأرضه، وأمر صاحب النخل أن يخرج غرسه منها.[أبو داود].
          ضياع المغصوب أو تلفه:
          إذا ضاع الشيء المغصوب من الغاصب، أو تلف،وجب علي الغاصب تعويض المغصوب منه، وإن نقص الشيء المغصوب عند الغاصب كان للمغصوب منه أن يأخذ حاجته ناقصة ويعوضه الغاصب قيمة النقص، أو أن يأخذ من الغاصب قيمة حاجته وقت أن غصبها، كأن يغصب رجل بقرة سمينة فهزلت عنده، كان للمغصوب منه أن يأخذ البقرة من الغاصب، ويأخذ قيمة الهزال أو النقص، أو أن يترك له البقرة ويأخذ قيمة البقرة وقت أن غصبت منه.
          إذا أفسد الإنسان حاجة غيره عمدًا:
          إذا أفسد الإنسان حاجة غيره كأن كسر له شيئًا، أو مزق له ثوبًا، كان عليه أن يصلح الشيء الذي أفسده، وأعطي الفرق لصاحبه، ولا يجب عليه أخذ الشيء الذي أفسده ورد مثله سليمًا، ولا يعني هذا أن يتساهل الإنسان في حقه إذا حاول أحد أخذه، بل عليه أن يدافع عما يملك حتى الموت، فإن قتل كان شهيدًا وله الجنة، قال ( :"من قتل دون ماله فهو شهيد" [الجماعة].
          إذا كان لرجل كلب عقور، وفرط في ربطه، فإن عض الكلب شخصًا-مثلاً- وجب علي صاحب الكلب الضمان، بسبب التفريط، وإذا كان لإنسان دابة فأرسلها وتركها ليلاً، فأتلفت الزرع، فعلي صاحبها الضمان لقوله ( :"وإن علي أهل الأموال حفظها بالنهار، وما أفسدت بالليل فهو مضمون عليهم"[أبو داود وأحمد وابن ماجه].
          وإذا كان لإنسان دابة غير مركوبة، أو ليس لها راكب يركبها، فأتلفت شيئًا، فلا ضمان علي صاحبها لقول ( :"العجماء جبار" [البخاري]. أي هدر باطل.

          تعليق


          • #20
            رد: موسوعه المعاملات اسلامية

            اللقيط
            اللقيط هو كل طفل غير بالغ ضلَّ الطريق، ولم يعرف له أهل أو نسب، سواء أكان ابن زني أم لا.
            ما يجب علي الملتقط تجاه لقيطه:
            هذا الطفل الضال يعتبر طفلًا مسلمًا مادام قد وجد في بلاد المسلمين. وإن كان يوجد غير المسلمين، ويحق لمن يعثر عليه (ملتقطه) حضانته مادام تقيا أمينًا عاقلًا يحسن القيام علي أمر اللقيط من تربية وحسن تنشئة وتعليم، ومادام يقدر علي الإنفاق عليه، فإن كان فاسقًا أو فاجرًا أخذ منه وأعطي لغيره، وإن كان فقيرًا غير قادر علي الإنفاق عليه ووجد مع اللقيط مالًا، أنفق عليه منه، ولكن ليس له أن يتملك مال اللقيط، فإن لم يوجد مع اللقيط مال أخذه الحاكم وأعطاه لشخص يستطيع الإنفاق عليه، فإن لم يجد الحاكم شخصًا يستطيع ذلك،تكفل الحاكم بتربيته والإنفاق عليه من بيت مال المسلمين. فقد روي أن سنين بن جميلة وجد لقيطًا فجاء به إلي أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وأخبره، فقال له عمر -رضي الله عنه-: اذهب فهو حر ولك ولاؤه، وعلينا نفقته[مالك]. أي وعلينا الإنفاق عليه من بيت المال.
            حكم اللقيط:
            والتقاط الطفل الضال فرض كفاية إذا قام به بعض المسلمين سقط الإثم عن البعض الآخر، ولابد أن يقوم به البعض فلا يترك الطفل الضال حتى لا يموت جوعًا قال ( :"من لا يرحم لا يرحم" [متفق عليه]. ومن وجد طفلاً ضالاً فتركه حتى مات أثم وعد قاتل نفس بريئة.
            ويجب علي الملتقط أن يشهد على اللقيط، وعلي ما معه من مال أو متاع.
            الفرق بين الالتقاط والتبني:
            يختلف القيام بأمر اللقيط من تربية وغير ذلك عما يعرف بالتبني الذي أبطله الإسلام، حيث ينسب الرجل الطفل لنفسه فيكون له ما للابن علي أبيه (رغم أنه ليس ابنه) فله أن يرثه. ويحرم عليه ما يحرم علي الابن، فلا يتزوج بابنة هذا الرجل، لأنها تعد أختا له. فالمتلقط لا ينسب اللقيط إلي نفسه، ولا يحل له ما يحل للابن، ولا يحرم عليه ما يحرم علي الابن.
            تسمية اللقيط ونسبته:
            وللملتقط أن يسمي اللقيط بأي اسم أراد، دون أن ينسبه إلي نفسه أو إلي أي إنسان آخر. وإذا ادعي أحد أن هذا الطفل الضال ابنه نسب إليه، ويكون له ما للأب علي ابنه، إذا كان ممكنًا أن يكون ولده. وإذا كان المدعي مسلمًا، لا يعرف عنه الكذب، فإنه كان معروفًا بالكذب لا يلتفت إلي ادعائه. وإن كان المدعي كافرًا لا ينسب إليه إلا إذا ثبت بدليل قاطع أن اللقيط ابنه من كافرة.
            وإن ادعي أكثر من رجل نَسَبَ اللقيط، نُسِبَ لمن لديه الدليل علي ادعائه، فإن لم يأت أحد منهم بدليل علي صحة ادعائه، أو أتوا جميعًا بأدلة مختلفة بحيث يستحيل معرفة أبيه منهم، عرض الطفل علي بعض الأطباء المتخصصين فيقومون بتحليل دمه وجيناته حتى يتمكنوا من معرفة أبيه من بين المدعين نسبه.
            موت اللقيط، ولمن يكون ماله من بعده:
            إذا مات اللقيط ولم يكن له وريث كأن لم يعثر علي أهله، ولم يدع أحد نسبه، كان ميراثه أو تركته لبيت مال المسلمين، وإذا قتل اللقيط خطأً فديته لبيت مال المسلمين،كذلك، إذا قتل عمدًا، فللحاكم أن يقتصَّ من القاتل، أو يأخذ الدية لبيت مال المسلمين.

            تعليق


            • #21
              رد: موسوعه المعاملات اسلامية

              التبني
              إبطال الإسلام للتبني:
              كان زيد بن حارثة يدعي: زيد بن محمد ( .فنزل قوله تعالي: (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين) [الأحزاب] فَدُعي بـ(زيد بن حارثة) كما كان يدعي من قبل. بل إن الله-سبحانه وتعالي- أمر النبي ( أن يتزوج "زينب بنت جحش" بعد أن طلقها "زيد بن حارثة"، وذلك حتى يبين للناس أنه لا حرج من أن يتزوج الرجل بزوجة من نسب إليه بعد طلاقها منه، ولإلغاء عادة التبني.
              فقال تعالى: (فلما قضى زيدٌ منها وطرًا زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرًا وكان أمر الله مفعولاً) [الأحزاب: 37]. وبذلك أبطل الإسلام التبني حتى تصير العلاقات بين الآباء والأبناء قائمة علي أسس واقعية وحقيقية.
              ولا يجوز للإنسان أن يبرر بأن ليس له أولاد، فيذهب إلي بعض الملاجئ، ويأخذ ولدا و بنسبه إلي نفسه، ولكن يجوز له أن يأخذ أولادًا لا يعرف لهم أب ولا أم ويقوم بتربيتهم، ولكن دون أن ينسبهم إلى نفسه. قال تعالى: (إدعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله، فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم) [الأحزاب: 5].

              تعليق


              • #22
                رد: موسوعه المعاملات اسلامية

                اللقطة
                ماذا يجب علي المسلم إذا وجد شيئًا:
                المسلم حريص علي أموال المسلمين، فإذا وجد شيئًا في الطريق مثلا، وخاف عليه من الضياع أخذه، وسأل عن صاحبه في المكان الذي وجده فيه أو في الأماكن التي يجتمع الناس فيها كالسوق أو علي أبواب المساجد، أو يعلن عنه في وسائل الإعلام.
                وإذا لم يخف علي الشيء فيجب عليه تركه مكانه، ولا يجوز له أخذه، ولا يعتبر لقطة، فإذا ترك طالب كتابه في الفصل، ووجده أحد زملائه، فعليه تركه مكانه لأن صاحبه إذا رجع سيجده.
                أحكام اللقطة:
                علي الملتقط الذي يلتقط الضالة أن يحفظها في مكان أمين، وأن يعتبرها أمانة أو وديعة عنده، فإن أهمل في حفظهما وضاعت، أو تلفت؛ وجب عليه تعويض صاحبها إن ظهر لهما صاحب، فإذا لم يظهر للضال صاحب، جاز للملتقط أن يتصدق به أو أن ينتفع به لنفسه، فإذا ظهر صاحبه بعد الانتفاع به لا يجوز له طلب التعويض عنها.
                ولا يجوز للملتقط الانتفاع بالضالة قبل مرور سنة من تعريفه للناس بأمرها ذهبًا أو نقودًا إذا كانت ذات قيمة كبيرة، فقد روي أن رجلا سأل الرسول ? عن اللقطة، فقال ( :"اعرف عفاصها (وعاءها) ووكاءها (الخيط شد به الكيس) ثم عرفها سنة، فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك بها" [البخاري].
                أي عليه أن يعرف أوصافها ثم يخبر الناس بأمرها، فإذا جاء صاحبها أعطاها له، وإن لم يأت في خلال سنة، فله أن يتصرف فيها، فينتفع بها أويجعلها صدقة.
                وورد أن أبي بن كعب -رضي الله عنه- قال: وجدت صرة فيها مائة دينار، فأتيت النبي ( فقال:"عرفها حولا (سنة)". فعرفتها حولا فلم أجد من يعرفها، ثم أتيته فقال:"عرفها حولا". فعرفتها فلم أجد، ثم أتيته ثلاثا، فقال:"احفظ وعاءها وعددها ووكاءها، فإن جاء صاحبها، وإلا فاستمتع بها" [البخاري والترمذي].
                وقوله:"فإن جاء صاحبها وإلا فاستمتع بها" معناه: إن لم يظهر لها صاحب، فلك أن تنتفع بها كما تشاء.
                إذا كانت اللقطة شيئًا قليل القيمة:
                إذا كانت الضالة شيئًا قيمته بسيطة، واعتقد ملتقطه أن صاحبه لن يسأل عنه، أعلم الناس بها، فإن لم يظهر لها صاحب في خلال ثلاثة أيام، جاز له الانتفاع بها، فإن عرف صاحبها، فعليه ردها،فعن علي-رضي الله عنه-أنه وجد دينارًا، فأعطاه فاطمة، فسألت عنه رسول الله ( فقال :"هو رزق الله عز وجل فأكل منه رسول الله" وأكل علي وفاطمة، فلما كان بعد ذلك أتته امرأة تنشد الدينار، فقال الرسول ( :"يا علي، أدِّ الدينار" [أبو داود].
                ومن وجد شيئًا يسيرًا؛ فليعرفه ثلاثة أيام، فعن يعلي بن مرة قال: قال رسول الله ( :"من التقط لقطة يسيرة؛ درهمًا، أو حبلاً أو شبه ذلك، فليعرفه ثلاثة أيام، فإن كان فوق ذلك؛ فليعرفه سنة" [أحمد].
                إذا كانت اللقطة شيئًا لا قيمة له:
                وإذا كان الشيء الملتقط لا قيمة له كالسوط والحبل وأشباهه جاز أخذه والانتفاع به،فقد روي عن جابر -رضي الله عنه- قال: رخص لنا رسول الله ( في العصا والسوط والحبل وأشباهه، يلتقطه الرجل ينتفع به [أحمد وأبو داود]. وسر هذا الترخيص أن هذه الأشياء قيمتها بسيطة وصاحبها عادة لا يسأل عنها إن فقدها.
                إذا كانت اللقطة طعامًا:
                إذا كانت اللقطة طعامًا، جاز لمن يجده ألا يسأل عن صاحبه، وجاز له أن يأكله، فقد روي عن أنس -رضي الله عنه- أن النبي ( مر بتمرة في الطريق فقال:"لولا أني أخاف أن تكون من الصدقة لأكلتها" [متفق عليه].
                وفي ذلك إشارة إلي أنه يجوز للرجل أن يأكل اللقطة التي يجدها في الطريق إن كانت طعامًا دون أن يبحث عن صاحبها، فامتناع النبي عن أكلها، إنما كان لخوفه من أن تكون من الصدقة، لأن الصدقة لا تجوز للنبي وآل بيته.
                إذا كانت الضالة غنمًا:
                إذا كانت الضالة غنمًا، جاز أخذها لأنها ضعيفة، وقد تهلك أو تفترسها الوحوش إن تركت. فقد سئل النبي ( عن ضالة الغنم، فقال:"لك أو لأخيك أو للذئبŒ" [البخاري]. أي: أنك إن لم تأخذها أخذها غيرك، وإن لم يأخذها غيرك أخذها الذئب، وضاعت سدي بلا فائدة.
                وعلي ملتقط ضالة الغنم تعريف الناس بها لمدة سنة، وإذا مر العام دون أن يسأل عنها أحد جاز له أن يبيعها، وإن جاء صاحبها قبل مرور العام أعطاها له. وله أن يطالب صاحبها بما أنفقه عليها من طعام وشراب ورعاية إلا أن تكون رعايته لها، ونفقته عليها نظير الانتفاع بها، كأن يشرب لبنها، أو ينتفع بشعرها.
                ضالة الإبل:
                إذا كانت الضالة إبلا لم يجز للملتقط أخذها، لأنها ليست ضعيفة كالغنم يخشي عليها الهلاك، وإنما هي قادرة علي حماية نفسها، وقادرة علي الحصول علي الطعام والشراب بنفسها. وقد سئل ( عن ضالة الإبل فقال: "دعها، فإن معها حذاءها (الخف) وسقاءها، ترد الماء، وتأكل الشجر حتى يجدها ربها (صاحبها) [متفق عليه].
                وأما إذا كانت الإبل الضالة في صحراء لا يوجد بها ماء أو عشب، أو بها وحوش مفترسة يخاف عليها فيها، جاز أخذها وبيعها وإعطاء ثمنها لصاحبها عندما يسأل عنها. وقد رأي ذلك عثمان بن عفان -رضي الله عنه- وكان ذلك يحدث في عهده، أو أن يضعها ملتقطها في مكان خاص بها، فإن جاء صاحبها أخذها وإن لم يأت صارت مالا للمسلمين، كما رأي ذلك علي -كرم الله وجهه- وكان ذلك يحدث في عهده.

                تعليق


                • #23
                  رد: موسوعه المعاملات اسلامية

                  الجعالة
                  مر جماعة من أصحاب النبي ( علي مكان به بئر،وفي هذا المكان رجل قد لدغته حية، فسأل أهل هذا الرجل أصحاب النبي ( عن رجل يقوم برقي المريض، فقام رجل من الصحابة وقرأ علي المريض سورة الفاتحة، فشفي فأعطوه بعض الشياه، فذهب إلي أصحابه فقالوا: تأخذ علي كتاب الله أجرًا؟! فلما رجعوا إلي رسول الله ( قال:"إن أحق ما أخذتم عليه أجرًا كتاب الله" [البخاري].
                  وهذه العملية التي تمت تسمي جعالة، فأهل الرجل الملدوغ يسمون "جاعلًه"، والرجل الذي قام بالرقية يسمي "مجعولا له"، والشاة تسمي "مجعولاً".
                  فالجعالة: عقد علي منفعة يُتَوقع حصولها فيعطي الإنسان جعلاً علي شيء يفعله، كأن يقول رجل: من علم ابني القرآن فله ألف جنيه. وقد شرع الإسلام الجعالة لما فيها من مصلحة للجاعل، والمجعول له. قال تعالي: (ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم) [يوسف: 72].
                  هل يجوز فسخ عقد الجعالة ؟
                  يجوز ذلك للجاعل والمجعول له، إذا لم يكن العمل قد بدأ، فإذا بدأ العمل، فلا يجوز ذلك للجاعل، ويجوز للمجعول له.
                  الوفاء للمجعول له:
                  علي الجاعل أن يفي بالجعالة للمجعول له، إذا انتهي من العمل، لأن الجعالة عقد لزم الوفاء به، قال تعالي: (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود) [المائدة: 1].
                  ولا يشترط في الجعالة مدة محددة، فإذا قام الإنسان بالعمل استحق الجعالة، فإذا قال رجل: من صنع كذا؛ فله كذا، فمتي انتهي الإنسان من العمل؛ أعطي جعالته، وإن كان القائم بالعمل جماعة، اقتسموا الجعالة.
                  ولا تجوز الجعالة في محرم.
                  ويجوز لكل من العامل والمالك فسخ عقد الجعالة، فإذا كان الفسخ قبل أن يبدأ العامل في عمله، فليس له شيء، وإذا كان الفسخ أثناء العمل، يأخذ العامل حقه بقدر عمله.
                  وإذا عمل الإنسان عملاً لا يعلم أنه جعالة، بل عمله تطوعًا، فليس له شيء إلا في رد العبد الآبق، أو في إنقاذ غريق، وذلك تشجيعًا له علي عمله.

                  تعليق


                  • #24
                    رد: موسوعه المعاملات اسلامية

                    الشركة
                    يقول( :"إن الله يقول: (أنا ثالث الشريكين، ما لم يخن أحدهما صاحبه، فإن خانه، خرجت من بينهما" [أبو داود].
                    أي أن الله -سبحانه وتعالي- يبارك للشريكين مادام لا يخون أحدهما شريكه، فإذا خان أحدهما شريكه رفع الله البركة عن شركتهما.
                    وقد كان الصحابة يتشاركون فيما بينهم في التجارة وغيرها.
                    فقد كان البراء بن عازب وزيد بن أرقم شريكين، وكان كل واحد منهما يقول: هذا خير مني.
                    أقسام الشركة:
                    1- شركة أملاك: وهي أن يشترك شخصان أو أكثر في أرض أو بيت أو محل أو ما شابه ذلك، سواء كان هذا الشيء قد اشتركوا فيه بالشراء أو بالميراث أو بالهبة أو غير ذلك. كأن يشتري اثنان أو أكثر محلًا ليتاجرا فيه مثلًا، أو كأن يموت رجل ويكون له أكثر من وريث، فهم شركاء في الميراث، أو كأن يهب شخص بيتًا لأكثر من إنسان مثلًا، فهم شركاء فيه، ولا يحق لأحد الشركاء أن يتصرف في نصيب شريكه بغير إذنه، ويجوز للشريك في شركة الأملاك أن يتصرف في نصيبه فقط بالبيع، ولا يشترط موافقة غيره.
                    2- شركة عقود: وفيها يشترك اثنان في الاتجار بمال، ولهما الربح، وعليهما الخسارة بحسب ما يتفقان، أو بحسب نسبة كل منهما في رأس المال علي النحو التالي:
                    - كأن يشتري اثنان سيارة بعشرة آلاف جنيه ثم يبيعانها بخمسة عشر ألفًا، فتقسم الخمسة آلاف التي هي الربح بينهما علي حسب نسبة كل منهما في رأس مال السيارة.
                    - أن يكون الربح شائعًا بين الشريكين، فلا يحدد لأحد الشريكين مبلغًا معينًا يأخذه. كأن يكون لأحدهما مائة جنيه والباقي للآخر، فقد لا تربح الشركة إلا مائة جنيه فيأخذها الأول، ولا يحصل الثاني علي شيء، وإنما يجوز أن تحدد نسبة كل منهما في الربح كأن يكون لأحدهما عشرون في المائة، أو ثلاثون في المائة وللآخر الباقي أو علي حسب ما يتفقان.
                    - أن يكون كل منهما وكيلا عن الآخر، فيشتري أحدهما ويبيع نيابة عن الآخر والعكس، أو أن يكون كل منهما كفيلًا للآخر، فإن احتاج أحدهما ضامنًا له، ضمنه شريكه.
                    - ولا يحق لأحد الشريكين في أي نوع من أنواع الشركة أن ينفق من مال الشركة إلا أن يخصم ما ينفقه من نصيبه في الربح، فإن كان ما أنفقه أكثر من نصيبه في الربح خصم من رأس ماله في رأس المال، إلا أن يتفق الشركاء علي شيء ما بخصوص ذلك الإنفاق.
                    - الرجل يعطي إلي آخر دابته أو سيارته مثلا ليعمل عليها، فقال بعضهم هذه شركة، والربح بين صاحب السيارة والسائق، حسب ما يتفقان، وقال البعض الآخر: بل الربح كله لصاحب السيارة وللسائق الأجرة فقط.

                    تعليق


                    • #25
                      رد: موسوعه المعاملات اسلامية

                      الصلح
                      سبب مشروعية الصلح:
                      لقد شرع الإسلام، الصلح وحثَّ عليه مادام لا يحل حرامًا، ولا يحرم حلالا، لأنه يقضي علي المنازعات التي من شأنها أن تشيع الحقد والكراهية في قلوب الناس. وذلك أنها قد تؤدي إلي عواقب غير محمودة.
                      أدلة الصلح:
                      قال تعالي:{وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما علي الأخري فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلي أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين}[الحجرات: 9].
                      وقال سبحانه:{وإن امرأة خافت من بعلها نشوزًا أو إعراضًا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحًا والصلح خير}[النساء: 128].
                      وقال (: "الصلح جائز بين المسلمين، إلا صلحًا أحلَّ حرامًا أو حرم حلالا" [أبو داود].
                      أنواع المصالح عنه:
                      المصالح عنه نوعان:
                      1- حقوق مالية: كأن يكون الحق المتنازع عليه مالا علي مدين، وقد يكون دارًا أو محلا أعطاه صاحبه لرجلٍ لينتفع به لمدة معينة، وعند انتهاء المدة لم يعده إلي صاحبه مدعيًا أنه قد أعطاه له علي سبيل التمليك الأبدي، وأنه ليس له الرجوع في ذلك.
                      2- حقوق شخصية غير مادية: كأن يتنازل إنسان عن حق له حتى يظل بجواره مثلا، كأن تتنازل الزوجة لزوجها عن شيء من حقها مقابل ألا يطلقها كما فعلت السيدة سودة بنت زمعة زوج رسول الله ( فقد خافت أن يطلقها الرسول ( لكبر سنها، فقالت: يا رسول الله، أمسكني وليلتي لعائشة (أي لا تطلقني علي أن أتنازل عن ليلتي التي تبيتها معي فتبيتها مع عائشة).
                      أنواع الصلح:
                      والصلح إما أن يكون صلحًا عن إقرار؛ كأن يدعي أحمد مثلا أن له علي محمود دينًا، فيقر محمود ذلك، ويعترف بأن لأحمد دينًا عنده، ثم يتصالحان علي شيء يتفقان عليه.
                      وقد يكون الصلح عن إنكار، كأن ينكر محمود أن لأحمد دينًا عنده، ثم يتصالحان.
                      وقد يكون عن سكوت، كأن يسكت محمد عندما يدعي أحمد أن له حقًا عليه، فلا يقر ولا ينكر.
                      وقد اتفق الفقهاء علي جواز صلح الإقرار، واختلفوا حول صلح السكوت، وصلح الإنكار، فبعضهم أجازهما وبعضهم قال إنهما لا يجوزان. وقد يتم الصلح بإبراء من بعض الدين أو بأخذ بديل عن الدين.
                      أما الأول: ففيه يأخذ صاحب الحق نصف حقه مثلا.
                      ويتنازل عن النصف الآخر، وقد روي أن كعب بن مالك كان له عند رجل دين، فطلبه منه في المسجد، وعلت أصواتهما حتى سمعها رسول الله ( وهو في بيته، فخرج إليهما رسول الله ( حتى كشف سجف (ستر) حجرته، ونادي:"يا كعب بن مالك". قال كعب: لبيك يا رسول الله فأشار بيده "ضع الشطر من دينك (أي تنازل عن بعضه) ". فقال كعب: قد فعلت يا رسول الله. قال (: "قم فاقضه"[متفق عليه]. فكعب هنا تنازل عن نصف ماله عند المدين، وتصالح معه علي ذلك .
                      ولا يجوز في الصلح الذي فيه إبراء من البعض أن يشترط الذي عليه الحق الإبراء أو التأجيل،لكن إن أنظره صاحب الحق من غير شرط، فجاز، وهو خير يفعله.
                      وأما الصلح الثاني: فهو كأن يتفق أو يتصالح المدين مع الدائن علي أن يعطي له كتابًا مثلا بدلا من الدين الذي عليه إن كان الدين مالا.
                      شروط المتصالحين:
                      - أن يكون كل من المتصالحين عاقلا غير مجنون، راشدًا وليس صبيًّا صغيرًا غير مميز، ولا سفيهًا، وأن يكون ممن يصح تبرعه، فلا صلح لولي اليتيم ولا ناظر الوقف إلا إذا كانت فيه مصلحة راجحة في جانب اليتيم أو الوقف.
                      - وأن يكون الصلح في حق من حقوق الناس، كأن يكون دينًا أو قصاصًا حيث يتصالح أهل المقتول في حق من حقوق الله، فلا يجوز أن يقبل شخص أمسك بسارق المصالحة معه دون تسلميه للقضاء علي أن يعطيه السارق بعض المال مثلا. لأن ذلك رشوة، وتعدٍّ علي حق من حقوق الله وليس صلحًا.
                      - أن يكون صاحب الحق قادرًا علي أخذ حقه من الذي عليه الحق، فلو كان غير قادر لم يجز الصلح إذ لا يجوز أخذ مال غيره من غير طيب نفس منه أو رضاه.
                      - أن يكون الشيء الذي يتصالح عليه المتخاصمان معلومًا من حيث القدر والنوع والصفة، سواء أكان مالا أم منفعة، كأن يتصالح مدين مع دائنه علي أن يعطيه آلة كاتبة مثلا بدلا من المال الذي عليه.
                      وقال بعض الفقهاء لا يشترط أن يكون المصالح به معلومًا؛ فقد روي أن رجلين جاءا يختصمان إلي رسول الله ( في مواريث بينهما مضت، وليس لأحدهما بينة، فقال رسول الله (: "إنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم ألحن(أبلغ) بحجته من بعض. فمن قضيت له بحق أخيه شيئا بقوله، فإنما أقطع له قطعة من النار فلا يأخذها" [الجماعة]. فبكي الرجلان، وقال كل واحد منهما: حقي لأخي.
                      فهنا تصالح المتخاصمان، وتنازل كل منهما عن مخاصمة أخيه دون أن يحدد النبي ( مصالحًا به أو شيئًا محددًا يتصالحان عليه.
                      وإذا كان الشيء الذي يتصالح عليه أو به المتخاصمان مجهولا فيشترط التحليل (أي يحلل كلا المتخاصمين صاحبه؛ بمعني أن يرضي صاحب الحق ويبرئ ذمة الذي عليه الحق). فعن جابر -رضي الله عنه-، أن أباه قتل يوم أحد شهيدًا وعليه دين، فاشتد الغرماء في حقوقهم، قال جابر: فأتيت النبي (، فسألهم أن يقبلوا ثمرة حائطي (بستاني)ويحلوا أبي (يعفوا عن أبي). فأبوا (أي رفضوا)، فلم يعطهم النبي ( حائطي، وقال: سأغدو عليك. فغدا علينا حين أصبح، فطاف في النخل، ودعا في ثمرها بالبركة، فجذذتها (قطعتها) فقضيتهم وبقي لنا من ثمرها [البخاري].
                      فالمصالح عليه وهو الدين مجهول، والمصالح به وهو البستان مجهول أيضًا، فالرسول لم يسأل عن الدين ومقداره، ولم يسأل عن البستان قبل أن يأمر أصحاب الدين بأخذ البستان في مقابل دينهم الذي عند والد جابر، وهذا جائز بشرط أن يرضي أصحاب الحق بذلك ويبرئوا ذمة الذي عليه الحق.
                      فإذا تم الصلح فلا يجوز لأحد الطرفين فسخه إلا برضا الآخر، وليس لصاحب الحق حق في المطالبة بأي شيء.

                      تعليق


                      • #26
                        رد: موسوعه المعاملات اسلامية

                        الهبة
                        الهبة: عقد يقتضي أن يمتلك شخص مالا معلومًا أو مجهولا تعذر علمه، مقدورًا علي تسليمه، غير واجب في حياة الواهب، بلا عوض عن الموهوب إليه، بلفظ من ألفاظ التمليك أو ما يقوم مقامه.
                        والهبة أمر مستحب لما تعبر عنه من الأخوة، ونبت السرور في النفوس، وهي مشروعة كما جاز في القرآن : (فإن طبن لكم عن شيء منه نفسًا فكلوه هنيئًا مريئًا) [النساء: ]، ولقوله ( :"تهادوا تحابوا" [رواه البخاري في الأدب المفرد].
                        أركان الهبة:
                        وأركان الهبة عند الجمهور أربعة، هي:
                        الواهب، والموهوب له والموهوب وصيغة الهبة، وركن الهبة عند الأحناف هو الإيجاب والقبول، ولا تتم الهبة إلا بالقبض.
                        أنواع الهبة:
                        وللهبة أنواع، منها: الرقبي ولعمري والمنحة.
                        الرقبي: هي أن يقول إن مت أنا قبلك فهو لك، وإن مت أنت قبلي فهو لك.
                        تتخلص أحكام الرقبة في ثلاثة أحكام:
                        الأول: أن يقول الرجل لغيره: أعمرتها، ويطلق الصيغة دون تتقيد، فهذا تصريح بأنها للموهوب له، وحكمها حكم المؤبدة لا ترجع إلي الواهب،وهذا ما عليه الجمهور.
                        الثاني: أن الرقبي عارية ترجع بعد الموت إلي المالك، وهو أحد قولي الشافعي ؛ لأن الهبة المطلقة للمعمر،ولورثته من بعده.
                        الثالث: أن يقول الرجل لغيره: هي لك ما عشت، فإذا مت رجعت إلي فهذه عارية مؤقتة ترجع إلي المعير عند موت المعمر، وبه قال كثير من العلماء، ورجحه جماعة من الشافعية، والأصح عندهم أنها لا ترجع، واستدلوا بحديث جابر أن رجلًا من الأنصار أعطي أمه حديقة من نخيل في حياتها، فماتت، فجاء إخوته، فقالوا: نحن في شرع سواء ، فأبي، فاختصموا إلي النبي (، فقسمها بينهم ميراثًا. [رواه أحمد].
                        العمري: هي ما يجعل للإنسان طول عمره، وإذا مات ترد عليه، بأن يقول الرجل: أعمرتك داري هذه مدة حياتي، أو عمري ونحو ذلك، فالعمري نوع من الهبة، مأخوذه من العمر، كذا كانوا يفعلونه في الجاهلية، فأبطل الشرع ذلك، فالعمري للمعمر له في حياته، ولورثته من بعده، لصحة التمليك،وتحديدها بوقت باطل، فقد قال الرسول الله ( :"أمسكوا عليكم أموالكم، لا تعمروها، فإن من أعمر شيئًا، فإنه لمن أعمره" [متفق عليه]. وتتوقف العمري علي الإيجاب المقترنة بالوقت، كما تتوقف الرقبي علي الإيجاب المقترن بشرط الوفاة.
                        والخلاصة في العمري والرقبي أن كلا منهما نوع من الهبة، يتوقف علي الإيجاب والقبول، ولا يتم إلا بالقبض، وقد أجاز الحنفية والمالكية العمري، ومنعوا الرقبي.
                        المنحة: هي أن يقول الرجل لأخيه: هذه الدار لك سكني، أو هذه الشاة، أو هذه الأرض لك منحة.
                        وللعلماء الأقدمون هم الذين يفرقون بين الهبة والمنحة، أما الآن فالمنحة هي الهبة تمامًا.
                        شروط الهبة:
                        يشترط في الواهب أن يكون أهلا للتبرع،وذلك إذا كان عاقلًا، قد بلغ سن الرشد، فلا تجوز هبة الصبي والمجنون لفقده الأهلية.
                        ويشترط في الشيء الموهوب أن يكون موجودًا وقت الهبة، حتى لا يكون شيئًا معدومًا وأن يكون مالا متقومًا، وأن يكون مملوكًا في نفسه،وأن يكون الشيء الموهوب مملوكًا للواهب، وأن يكون محرزًا، لا مشاعًا عند الأحناف إلا إذًا كان مشاعًا لا يحتمل القسمة كالسيارة والبيت الصغير، وأجاز المالكية والشافعية والحنابلة هبة المشاع، وأن يكون الشيء الموهوب متميزًا عن غيره، لا متصلا به، ولا مشغولا بغير الواهب، فلا تجوز هبة التمر دون النخل إلا بعد جز التمر وتسليمه، كما أنه لا يجوز هبة المتصل بغير الهبة اتصال خلقه مع إمكان الفضل، وتشترط قبض الموهوب، وأن يكون القبض بإن الواهب، والقبض نوعان:
                        قبض بطريق الأصالة عن نفس القابض، وقبض نيابة؛ بأن يستلم غير الموهوب له هبة، بإذنه أو أن يكون وكيلا عنه أو وليه.
                        حكم الهبة: يثبت ملك الهبة للموهوب له من غير عوض، ولا يصح الرجوع في الهبة إلا هبة الولد لولده، لقوله ( :"ليس لأحد أن يعطي عطية، فيرجع فيها إلا الوالد، فيما يعطي لوالده" [رواه أصحاب السنن].
                        ويري الأحناف أنه يجوز الرجوع في الهبة (عطية الأولاد). إذا أعطي الوالد أولاده شيئًا، فتستحب التسوية بينهم، والتسوية بينهم تكون بإعطاء الأولاد والإناث علي حد سواء، وهذا رأي الجمهور.
                        واستدلوا بقول النبي ( :"سووا بين أولادكم في العطية، ولو كنت مؤثرًا، لآثرت النساء علي الرجال" [الطبري]. وهو حديث ضعيف، ويري الحنابلة ومحمد بن الحسن من الحنفية أن العطاء يكون كما في الميراث، للذكر مثل حظ الأثنيين.
                        حكم التسوية في العطية:
                        التسوية في العطية مستحبة، فلو فضل بعض أولاده علي بعض، جاز مع الكراهة، وحملت الأحاديث التي تدل علي الأمر بالتسوية علي الاستحباب، وإلي هذا ذهب الجمهور.
                        ويري جماعة من العلماء كالإمام أحمد والثوري وطاووس وإسحاق وغيرهم أن التسوية واجبة، وحملوا الأحاديث التي تأمر بالتسوية علي ظاهرها، واختلف العلماء القائلون بوجوب التسوية، فمنهم من رأي التسوية بين الأولاد والبنات، ومنهم من رأي أن تقسم كالميراث، فتأخذ الأنثي نصف ما يأخذه الرجل، ويري الإمام أحمد، أنه يجوز التفضيل إذا كان لسبب كأن يكون للذي أخذ أكثر ولد مريض أو أعمي ، أو مديون أو كثير العيال، أو يشتغل بالعلم ونحو ذلك.

                        تعليق


                        • #27
                          رد: موسوعه المعاملات اسلامية

                          المسابقة
                          المسابقة هي الشيء الذي يجعل جائزة لمن يسبق فمن يتسابقون في الجري أو الرمي بالسهام ونحو ذلك.
                          والمسابقة مشروعة جائزة، فعن عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله ( وهو علي المنبر يقرأ : (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة) ألا إن القوة الرمي، ألا أن القوة الرمي، ألا أن القوة الرمي [مسلم].
                          والمسابقة قد تكون بلا رهان أو برهان.
                          المسابقة بلا رهان:
                          المسابقة بلا رهان بين الأشخاص فعلها رسول الله (، فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: سابقت رسول الله ( فسبقته، فلما حملت اللحم، سابقته فسبقني. قال ( :"هذه بتلك" [البخاري].
                          وقد صارع رسول الله ( ركانة فصرعه ( [بو داود].
                          وسابق الصحابي سلمة بن الأكوع رجلاً من الأنصار بين يدي رسول الله ( فسبقه سلمة [أحمد ومسلم]
                          المسابقة بـين الحيوانات:
                          المسابقة بين الحيوانات جائزة إذا كانت بلا رهان، فعن أبي هريرة-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله ( :"لا سبق إلا في خف أو نصل أو حافر" [أحمد].
                          وعن ابن عمر قال: سابق النبي ( بالخيل التي قد ضمرت من الحفياء (مكان خارج المدينة) وكان أمدها (نهايتها) ثنية الوداع وسابق بين الخيل التي لم تضمر من الثنية إلي مسجد بني رزيق، وكان ابن عمر فيمن سابق. [متفق عليه].
                          والمسابقة من الحفياء إلي ثنية الوداع خمسة أميال أو ستة، ومن الثنية إلي مسجد بني زريق ميل واحد.
                          الرهن في المسابقة:
                          والمسابقة برهان جائزة بشروط:
                          أ- أن تكون المسابقة في الأنواع النافعة في الجهاد ؛ لقول النبي ( :"لا سبق إلا في خف (الإبل) أو في نصل (السهم) أو حافر (الخيل) [أحمد].
                          ب- أن يكون العوض من أحد المتسابقين، أو من شخص ثالث، أو يكون العوض من الجانبين بمحلل، وعلي ذلك تكون هناك ثلاثا صور من السباق جائزة، وهي:
                          1- أن يكون المال من السلطان أو أحد الرؤساء أو من أي شخص خارج المتسابقين.
                          2- أن يكون المال من جانب أحد المتسابقين إذا سبقه الآخر، بشرط ألا يغرم إن لم يسبقه.
                          3- أن يكون المال من المتسابقين كلهما أو من الجماعة المتسابقين، ومعهم محلل يأخذ هذا المال إن سبق، ولا يغرم شيئًا إن سُبق. فقد قيل لأنس بن مالك-رضي الله عنه-: أكنتم تراهنون علي عهد رسول الله ( ؟ أكان رسول الله ( يراهن؟ قال: نعم والله لقد راهن علي فرس له سبحة، فسبق الناس فهش (فرح) لذلك وأعجبه. [أحمد].
                          السباق الحرام:
                          يكون السباق حرامًا إذا كان فيه قمار، وذلك بأن يكون كل واحد قد رهن مالا من المتسابقين، فإن فاز أحدهما أخذ المال كله، وغرم الخاسر
                          جـ- أن تكون المسابقة فيما يحتمل أن يسبق أحدهما، أما إذا عرف أن واحدًا منهما سيسبق، فتكون حرامًا، لأن معني التحريض في هذه الصورة لا يتحقق، فصار الرهان هو التزام مال للغير معلوم الأخذ.
                          د- العلم بالمال الموضوع للسباق، ومعرفة نقطة البدء والنهاية تحديثًا، وتعيين الفرسين مثلًا ، وغير ذلك من الشروط التي لا بد أن تكون واضحة قبل الرهان.
                          التحريش بـين البهائم:
                          ومن الصور الشائعة في السباق التحريش بين البهائم، وهذا مما نهي عنه الرسول الله (، فعن ابن عباس رضي الله عنه قال: نهي رسول الله ( عن التحرش (التصارع) بين البهائم. [أبو داود والترمذي].
                          وإن كان قد نهي عن جعل الحيوانات تتصارع فيما بينهما، فقد حرم الإسلام أن تتخذ الحيوانات غرضًا للمسابقة بما يؤذيها، فقد دخل أنس بن مالك رضي الله عنه دار الحكم بن أيوب، فإذا قوم قد نصبوا دجاجة يرمونها، فقال لهم: نهي رسول الله ( أن تصبر البهائم. [مسلم].
                          يعني أن تحبس وهي حية، ثم ترمي حتى تقتل، وقد ورد النهي من رسول الله ? عن اتخاذ كل ما فيه روحا غرضًا يتسلي به.
                          اللعب بالنرد:
                          ويحرم اللعب بالنرد والمسابقة به،فعن بريدة عن رسول الله ( قال :" من لعب بالنردشير، فكأنما صبغ يده في لحم خنزير ودمه" [مسلم].
                          وعن أبي موسي-رضي الله عنه-أن النبي ( قال:"من لعب بالنرد، فقد عصي الله ورسوله" [أحمد وأبو داود وابن ماجه].
                          وتتأكد حرمة اللعب بالنرد إذا كان بالقمار.
                          اللعب بالشطرنج:
                          اختلف العلماء في اللعب بالشطرنج، فمنهم من حرمه، واستدلوا بأحاديث كلها لا أساس لها من الصحة، وبعضهم أباحه، قال الشافعي: قد لعبه جماعة من الصحابة ومن لا يحصي من التابعين. واحتجوا بأن الأصل في الأشياء الإباحة، ما لم يرد نص بالتحريم، واشترطوا لإباحته شروطًا هي:
                          أ- ألا يشغل عن واجب من واجبات الدين
                          ب- ألا يخالطه شيء من القمار.
                          جـ- ألا يصدر أثناء اللعب ما يخالف شرع الله.

                          تعليق


                          • #28
                            رد: موسوعه المعاملات اسلامية

                            الأطعمة
                            أباح الشرع كثيرًا من الأطعمة لحاجة الإنسان إليها ليسد جوعه، ومن الأطعمة ما هو حلال ومنها ما هو حرام.
                            ما يباح من الأطعمة:
                            1- كل أنواع الفواكه والخضروات: إلا ما يذهب العقل مثل الخشخاش وكل النباتات المخدرة.
                            2 حيوانات البحر: قال سبحانه: (أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعًا وللسيارة) [المائدة: 96]. وقال ( عن البحر:"هو الطهور ماؤه. الحل ميتته" [أصحاب السنن].
                            3- الأنعام: قال تعالى: (أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم) [المائدة: 1].
                            ومن الأنعام: الإبل والبقر والجاموس والغنم (الضأن والمعز) وبقر الوحش وإبل الوحش والغزال، وكذلك يباح الدجاج وحمار الوحش والأرنب والجراد.
                            4- الضبُّ: وهو حيوان يكثر فى صحارى الدول العربية، وهو حيوان من جنس الزواحف، جسمه غليظ وخشن، وله ذنب عريض وحَرِشٌ. فعن خالد بن الوليد-رضى الله عنه- أنه دخل مع رسول الله ( بيت ميمونة فأتى بضب محنوذ (مشوي) فأهوى إليه رسول الله ( بيده، فقال بعض النسوة اللاتى فى بيت ميمونة: أخبروا النبى ( بما يريد أن يأكل منه، فقالوا: هو ضب. فرفع رسول الله ( يده. قال خالد بن الوليد: أحرام هو يا رسول الله؟ قال ( :"لا، ولكنه لم يكن بأرض قومى فأجدنى أعافه" قال خالد: فاجتررته فأكلته، ورسول الله ( ينظر. [البخارى] أى أن النبى ( رأى خالدًا وهو يأكل الضب، ووافقه، وأقره على ذلك ( فهو حلال.
                            5- العصافير: فقد روى عن رسول الله ( :"ما من إنسان قتل عصفورًا فما فوقها بغير حقها إلا سأله الله-عز وجل-عنها. قيل يا رسول الله : وما حقها؟ قال ( :"يذبحها فيأكلها ولا يقطع رأسها يرمى بها" [النسائى]. أى للإنسان أن يذبح العصفور للأكل وليس له أن يقتله ويرميه.
                            6- الضبع: حرمها بعض الفقهاء على أنها من السباع المحرمة، وأحل بعض الفقهاء أكلها فقد استطيبتها العرب، ولأنهم كانوا يبيعونها ويشترونها فى مكة دون أن ينكر عليهم أحد ذلك. وقد روى عن عبد الرحمن بن أبى عمَّار، أنه قال: قلت لجابر: الضبع أصيد هى؟ قال: نعم. قلت: آكلها؟ قال: نعم. قلت: أشىء سمعت من رسول الله ( ؟ قال: نعم. [ابن ماجة].
                            7- الحيوانات البرمائية: وهو الحيوان الذي يعيش في البر والبحر معًا كالسلحفاة والتمساح وكلب البحر وغيرها. وقد حرم بعض الفقهاء لحوم الحيوان البرمائى.
                            وأباح الحيوان البرمائى فقهاء آخرون بشرط أن يذكى إن كان مما فيه دم، فإن لم يكن مما فيه دم كالسرطان فيحل آكله دون تذكية.
                            ما يحرم من الأطعمة:
                            1- النجس: كالسمن الذي وقعت فيه فأرة، فقد سئل رسول الله ( عن سمن وقعت فيه فأرة فقال:"ألقوها وما حولها" [البخارى]. وكذلك كل جامد إذا وقع فيه شىء من الميتة ، يطرح ما حوله منه، ويصبح طاهرًا يجوز الانتفاع به.
                            2- الطعام الضار: كالسم الذي يؤدى إلى الموتز قال ( :"من تحسى سمَّا فقتل نفسه فسمُّه فى يده يتحساه فى نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا" [الجماعة].
                            ويسرى ذلك على كل ما هو ضار بالصحة، كجميع أنواع المخدرات والخمور والأدخنة وغيرها، لما فيها من ضرر بالصحة وتبذير وضياع للمال.
                            قال ( :"لا ضرر ولا ضرار" [أحمد وابن ماجة]، ويحرم كذلك كل ما فيه من غير السموم، كالطين والحجارة والفحم والتراب.
                            3- ما تعلق بحق الآخرين: كالطعام المسروق والمغصوب، فأكله حرام.
                            4- الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به، والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع وما ذُبح على النصب.
                            قال تعالى: (حُرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب) [المائدة: 3].
                            والميتة: هى كل حيوان يؤكل لحمه مات من غير ذبح أو ذكاة شرعية وهى لا تحل أكلها. ويجوز الانتفاع بجلدها بعد ذبحه عند بعض الفقهاء فعن ابن عباس-رضى الله عنهما-أن رسول الله ( مر بشاة ميتة، فقال:"هلا استمتعتم بإهابها (جلدها)؟ قالوا: إنها ميتة. قال:"إنما حرم أكلها" [الجماعة].
                            ويستثنى من الميتة نوعان السمك والجراد، فيحل أكلهما بعد موتهما لقول الرسول ( :"أحلت لكم ميتتان ودمان، فأما الميتتان فالحوت والجراد، وأما الدمان فالكبد والطحال" [ابن ماجة].
                            الدم: المقصود به الدم الذي يسيل من الحيوان بعد ذبحه أو نحره. قال تعالى: (قل لا أجد في ما أوحي ألي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دمًا مسفوحًا)[الأنعام: 145].
                            ولا يجوز أكل هذا الدم أو استخدامه لجعله غذاء للحيوانات كما يحدث فى بعض المزارع. وقد أثبتت الدراسات أن كثيرًا من الأمراض الفتاكة كجنون البقر، وغيرها كان سببها هو تغذية الحيوانات على لحوم الحيوانات ودمائها عن طريق تجفيفها وخلطها مع الأعلاف.
                            وأما أثر الدم الذي يكون فى اللحم والعروق والعظم بعد الذبح فمعفو عنه لتعذر التحفظ منه ولصعوبة فصله وعزله.
                            لحم الخنزير: حرام أكله وحرام استخدام شحمه. وأما جلده إذا دبغ فقد طهر ويجوز استخدامه على رأى الجمهور، وقد أثبت الأطباء البيطريون فى الآونة الأخيرة أن الخنزير يحمل كثيرًا من الأمراض والأضرار مثل (التريخينا) وهو مرض شديد الضرر بالإنسان، ومثل (الدودة الشريطية) وهى من أخطر الديدان، وتأثيرها شديد لمن يصاب بها حيث تسبب له آلامًا شديدة وأضرارًا بالغة.
                            ما أهل لغير الله به: هو ما ذكر عليه اسم غير اسم الله عند ذبحه. كأن يذكر عليه اسم صنم، كما كان يفعل الجاهليون فهذا لا يحل أكله. ومن هنا لا يحل للمسلم أن يأكل من ذبائح المشرك والشيوعى الذي ينكر وجود الإله ومن على شاكلتهم.
                            ولا يحل للمسلم أن يأكل مما لم يذكر اسم الله عليه. قال تعالى: (ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه وإنه لفسق) وقال ( :"ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوه" [متفق عليه].
                            ويستثنى من ذلك ذبائح اليهود والنصارى فإنها حلال لقوله تعالى: (اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حلٌ لكم) [المائدة: 4]. وقد أكل النبى ( وأصحابه من ذبائح أهل الكتاب.
                            ويندرج تحت ما أهل لغير الله به ما ذبح على سبيل التباهى والمراءاة والافتخار، فقد روى أن رجلا من بنى رباح يقال له (ابن وائل) تنافس مع غالب أبى الفروق على أن يعقر هذا مائة من إبله وهذا مائة من إبله، فخرج الناس يريدون اللحم، وكان علىٌّ بن أبى طالب بالكوفة آنذاك، فخرج ينادى: يأيها الناس لا تأكلوا من لحومها؛ فإنها أهل بها لغير الله.
                            وما يذبح للتقرب إلى الأولياء حرام، وهو مما أهل لغير الله به.
                            المنخنقة: وهى كل حيوان مات مخنوقًا بحبل أو غيره. ومنها الحيوان الغريق؛ فلا يحل أكله.
                            الموقوذة: وهى الحيوان يُضرب بحجر أو خشبة أو يسقط عليه حائط أو سقف أو غير ذلك فيموت، فلا يحل أكله.
                            المتردية: وهى الحيوان يسقط من فوق مكان عالٍ (جبل مثلا أو سطح) فيموت فلا يحل أكله.
                            النطيحة: وهى الحيوان ينطح حيوان آخر أو يضربه بقرنه فيموت، فلا يحل أكله.
                            فريسة السبع: وهو الحيوان يهجم عليه سبع بأنيابه فيقتله؛ فلا يحل أكله. أما إن كان الحيوان الصائد من الحيوانات المدربة التي تخرج للصيد بإذن صاحبها فيحل أكل ما اصطاد.
                            ويجوز أكل الموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إذا ذبحت قبل أن تموت. قال تعالى: (إلا ما ذكيتم). [المائدة: 3].
                            ما ذُبح على النصب: وهو ما كان يصنعه العرب فى الجاهلية، والنصب أصنام من حجارة كانت حول الكعبة وقيل: إن عددها كان ثلاثمائة وستين حجرًا، وكان الجاهليون يذبحون عند هذه الحجارة، ويصبون عليها دماء ذبائحهم، فجاء الإسلام وحرَّم أكل ما ذبح على هذه النصب.
                            لحم البغال والحمير: نهى رسول الله ( يوم خيبر عن أكل البغال والحمير. أما الخيل فقد أجاز بعض الفقهاء لحومها، فقد روى أن النبى ( نهى يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية، وأذن فى لحوم الخيل. [متفق عليه].
                            وروى أيضًا عن أسماء بنت أبى بكر أنها قالت: نحرنا فرسًا على عهد رسول الله ( فأكلناه. [متفق عليه].
                            كل ذى مخلب من الطير وكل ذى ناب من السباع: فذو المخلب من الطير كالنسر والصقر والباز والعقاب وغيرها، وذو الناب من السباع هو كل حيوان له ناب يتقوى به ويصطاد، وهو يفترس الحيوان ويأكله، كالأسد والنمر والفهد والقط البرى والذئب، وقيل هو كل ما يعتدى على الإنسان خاصة ولا يعتدى على غيره. فعن ابن عباس-رضى الله عنهما قال: نهى رسول الله ( عن كل ذى ناب من السباع، وعن كل ذى مخلب من الطير. [مسلم وأبو داود].
                            الجَلالة: وهى كل حيوان يأكل العذرة (القاذورات) من الإبل والبقر والغنم والدجاج والأوز وغيره حتى يتغير ريحها. وقد نهى رسول الله ( عن أكل لحمها وشرب لبنها وركوبها. فعن ابن عباس-رضى الله عنهما قال: نهى رسول الله ( عن شرب لبن الجلالة. [رواه الخمسة إلا ابن ماجة].
                            وإذا حبست الجلالة عن تناول العذرة زمنًا، وعلفت بطعام طاهر، طاب لحمها وجاز أكله.
                            الحدأة والغراب والعقرب والفأر والكلب العقور والنملة والنحلة والهدهد والصرد: فعن عائشة-رضى الله عنها أن الرسول ( قال:"خمسٌ من الدواب كلهن فاسق يقتلن فى الحرم. الغراب، والحِدَأة، والعقرب، والفأرة، والكلب العقور" [متفق عليه]. وقد أجاز المالكية أكل لحوم جميع أنواع الغربان.
                            وعن ابن عباس أن النبى ( نهى عن قتل أربع من الدواب: النملة والنحلة والهدهد والصرد. [أبو داود].
                            الحيات والثعابين والحشرات جميعها والوزغ (البرص) والخنافس والذباب والبعوض والدود وغيرها: كل ما يتولد عما حرم أكله. مثل لبن أنثى الحمار والخنزير، وبيض ذوات المخالب من الطير إلى غير ذلك. فلا يحل شرب ولا أكل شىء منها.
                            صيد المحرم: من صيد البر، وصيد الحرم سواء كان الصائد مُحْرِمًا أم لا.
                            كل ما أضيف إلى محرم، كما يحرم استخدام آنية الذهب والفضة. يحرم الأكل أو الشرب فى آنية الذهب والفضة، قال ( "الذي يأكل أو يشرب فى آنية الفضة والذهب إنما يجرجر فى بطنه نار جهنم" [مسلم]. كما لا يحل الأكل فى آنية اليهود والنصارى إلا إذا لم يوجد غيرها فتغسل ويطعم فيها. قال ( لرجل سأله عن الأكل فى آنية أهل الكتاب:"أما ما ذكرت من أنك بأرض قوم أهل الكتاب تأكل فى آنيتهم، فإن وجدتم غير آنيتهم فلا تأكلوا فيها، وإن لم تجدوا فاغسلوها ثم كلوا فيها" [البخارى].
                            حكم ما لم يرد حله أو حرمته
                            في القرآن أو السنة
                            هذه هى المحرمات والمحللات من الأطعمة التي ورد فيها تحليل أو تحريم، أما ما لم يرد فيه تحليل أو تحريم فهو مباح وحلال كما قال الفقهاء. فعن أبى الدرداء أن رسول الله ( قال:"الحلال ما أحل الله فى كتابه، والحرام ما حرم الله فى كتابه، وما سكت عنه فهو مما عفا عنه [الترمذى وابن ماجة].
                            حكم اللحوم الجاهزة والمجمدة:
                            وأما ما نراه اليوم من لحوم جاهزة ومستوردة فيحل أكلها إذا علم الإنسان أنها من اللحوم التي أحلها الشرع، وأنها ذبحت بطريقة شرعية. فإذا لم يستطع الإنسان معرفة ذلك فلا يأكل، فإن غلب على ظنه أن اللحم مما يحل أكله، ولكنه غير واثق من ذلك ثقة تامة كان من الأفضل له ألا يأكل منها لقول النبى ( :"دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" [البخارى]، وقال أيضًا:"فَمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه" [متفق عليه].
                            وهذه اللحوم تدخل فيما اختلف الفقهاء فى حكمه، والأفضل للمسلم أن يأخذ من آراء العلماء ما هو أحوط لدين المرء وآخرته، فالإنسان إذا ترك مباحًا فهو خير له من أن يقع فى الحرام، فالأفضل ألا تأكل من اللحوم الجاهزة إلا بعد أن تتأكد من أن ما تتناوله حلال تمامًا.
                            حكم أكل لحم الحيوان الذي لم يذبح:
                            حرم الإسلام أكل لحم الحيوان الذي مات ولم يتم تذكيته (أى لم يذبح أو ينحر أو يعقر) إلا ميتة السمك والجراد، قال الله سبحانه: (حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم).[المائدة: 3].
                            كيفية الذكاة الشرعية:
                            تكون التذكية بالذبح، وهو قطع المرىء والحلقوم كما تكون بالنحر، وهو قطع العرق الذي يكون أسفل العنق ولا يكون ذلك إلا في الناقة ويستعمل فى التزكية السيف أو السكين. ويستعمل السهم فى ضرب الحيوان المتوحش الذي يخاف الإنسان من الاقتراب منه، أو الحيوان الشارد الذي لا يستطيع الإنسان الإمساك به، أو الحيوان الذي يقع فى بئر مثلا يصعب الوصول إلى موضع ذبحه قبل موته.
                            وقد خرج النبى ( فى سفر، فشرد بعير من إبل القوم، ولم يكن معهم خيل، يمكنهم من مطاردة الجمل الشارد، فرماه رجل بسهم فحبسه، فقال رسول الله ( :"إن هذه البهائم لها أوابد كأوابد الوحش فما ند (شرد) عليكم فاصنعوا به هكذا" [متفق عليه].
                            شروط التذكية الشرعية:
                            هناك شروط يجب توافرها لتكون التذكية شرعية، هذه الشروط ينبغى توافرها فى المذكى (الذابح) والمذبوح، وأداة الذبح.
                            شروط المذكِّى:
                            أن يكون عاقلا، فلا تحل ذبيحة المجنون أو السكران أثناء سكره، ولا ذبيحة الصبى الذي لم يبلغ الرشد.
                            وأن يكون مسلمًا أو كتابىًا (يهوديًا أو نصرانيًا) فلا تحل ذبيحة المشرك أو الكافر من غير أهل الكتاب أو المرتد.
                            شروط المذبوح:
                            - أن يكون مما يحل أكل لحمه كالإبل والبقر والغنم ونحوها.
                            - أن تكون فيه حياة قبل ذبحه، فإن لم تكن فيه حياة فهو ميتة، والميتة محرم أكلها إلا ميتة السمك والجراد.
                            وما قطع من البهيمة وهى حية قبل ذبحها فهو ميتة ولا يحل أكله، قال تعالى: (فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها) [الحج: 36]. ووجوب الجنب هو تمام الموت.
                            شروط آلة الذبح:
                            ويشترط فى آلة الذبح أن تكون حادة حتى تقطع الحلقوم والمرىء، فالتذكية سواء أكانت ذبحًا أم نحرًا أم عقرًا جائزة بكل شىء يقطع مثل السكين أو ينفذ فى جسد الحيوان مثل الرمح والسهم إذا كان الحيوان عقورًا شاردًا، ويستثنى السن والظفر.
                            طريقة الذبح:
                            يحد الذابح سكينه بعيدًا عن الحيوان المراد ذبحه، رحمة به حتى لا يتألم من النظر إليها، وإن كان هناك أكثر من حيوان يراد ذبحه، فلا يذبح أحدهم أمام الحيوانات الأخرى رحمة بهم.
                            ثم يقوم الذابح بتقييد الحيوان المراد ذبحه، إن كان من البقر أو الغنم ثم إراحتها بإضجاعها أو إراحتها بأى شكل عند الذبح. وأما الإبل فإنها تقيد وتذبح واقفة، وإن أمكن توجيه الحيوان إلى القبلة عند ذبحه فيستحسن، فقد ورد عنه ( قوله :"إن الله كتب الإحسان على كل شىء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحِدَّ أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته" [مسلم].
                            ويقوم الذابح بالتسمية، فيذكر اسم الله تعالى عند الذبح، ويقول ( :"بسم الله، الله أكبر"، قال تعالى: (ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه) [الأنعام: 121].
                            وإن لم ير المسلم ذبح الحيوانات كما فى اللحوم المثلجة وغيرها، ولم يعلم المسلم أذكر عليه اسم الله أم لا، فإنه يقوم بالتسمية قبل الأكل احتياطًا ثم يأكل، فقد روت السيدة عائشة أن قومًا قالوا للنبى ( :إن قومًا يأتوننا بلحم لا ندرى أذكر عليه اسم الله أم لا؟ قال ( :"سموا عليه أنتم وكلوه"، قالت عائشة: وكانوا حديثى عهد بالكفر. [البخارى].
                            مكروهات الذبح: للذبح مكروهات، يستحب تركها، أهمها:
                            1- ذبح الحيوان خلف الرقبة (من القفا): وذلك حتى لا تتدلى الرقبة ويتألم الحيوان ويعذب.
                            2- أن تكون أداة الذبح غير حادة: لقوله ( :"وليحد أحدكم شفرته" [مسلم].
                            3- أن يقوم الذابح بكسر عنق الحيوان المراد ذبحه أو أن يسلخه قبل خروج الروح منه: قال ( :"لا تعجلوا الأنفس قبل أن تزهق (أى: قبل خروج الروح)" [الدار قطنى].
                            هل تؤكل الذبيحة كلها بعد الذبح:
                            لا تؤكل الذبيحة كلها بعد الذبح، بل هناك أجزاء يحرم أكلها، وهي الدم المسفوح والذكر والأنثيان، والقبل والغدة (قطعة لحم صلبة تكون نتيجة داء بين الجلد واللحم) والمثانة والمرارة، لأن كل هذه الأشياء خبيثة ينكرها الطبع السليم، واستدل لتحريمها بقوله تعالي: (ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث) [الأعراف: 157].
                            حكم أكل الجنين الذي يوجد فى بطن الذبـيحة:
                            وإذا وجد الذابح في بطن الحيوان المذبوح جنينًا مكتملا وبه حياة ذبحه وجاز أكل لحمه، وإن وجده ميتًا فلا يذبحه ولحمه حلال، لأن تذكية الأم تذكية له، فعن أبى سعيد الخدرى-رضى الله عنه- قال: سألت رسول الله ( عن الجنين؟ فقال: "كلوه إن شئتم" وسئل النبى ( يا رسول الله، ننحر الناقة ونذبح البقرة والشاة، فنجد في بطنها الجنين أنلقيه أم نأكله؟ فقال:"كلوه إن شئتم، فإن ذكاته ذكاة أمه" [الترمذى وأبو داود].
                            فإن وجد الجنين وبه بقية حياة بعد ذبح أمه، ثم مات قبل أن يتمكن الذابح من ذبحة جاز أكل لحمه عند أكثر الفقهاء.

                            تعليق


                            • #29
                              رد: موسوعه المعاملات اسلامية

                              الـصيد
                              مشروعية الصيد:
                              أباح الإسلام الصيد، لحاجة الناس إليه، ولأكل اللحوم وخاصة إذا كانوا غير قادرين على شرائها.
                              أنواع الصيد:
                              الصيد الحلال: وهو ما كان القصد منه تذكية (ذبح) الحيوان الذي يصعب ذبحه كأن يكون الحيوان شاردًا أو هاربًا من صاحبه فيصعب الإمساك به وذبحه، أو يكون متوحشًا ويخاف الإنسان الاقتراب منه أو أن يكون الحيوان بريَّا أو طائرًا فى السماء، ففى كل هذه الحالات يجوز صيد هذه الحيوانات.
                              الصيد الحرام: وهو ما كان لغرض آخر غير تذكية الحيوان، وذلك كأن يتخذ الصائد الحيوان هدفًا لتعلم الرماية بالسهم أو البندقية أو غيرها، وقد وصف الرسول ( هذا العمل بأنه عبث، قال ( :"من قتل عصفورًا عبثًا عج (صاح بالشكوى) إلى الله يوم القيامة، يقول: يارب إن فلانًا قتلنى عبثًا ولم يقتلنى منفعة. وقال ( أيضًا:"لا تتخذوا شيئًا فيه الروح غرضًا" [مسلم] (أى: لا تجعل من الطائر هدفًا للرمى).
                              ومن الصيد الحرام: صيد المُحْرم للحيوانات البرية أو الإشارة إليها أو الدلالة عليها لصيدها إن كانت مختفية، ودليل ذلك قوله تعالى: (أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعًا لكم وللسيارة وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرمًا).
                              ويكره الصيد إن كان الغرض منه العبث، وهو مندوب إن كان للتوسعة علي العيال، ويصبح الصيد واجبًا إذا كان لإحياء النفس عند الضرورة، كأن يشرف الإنسان علي الموت، وهو يستطيع الصيد، ليبقى علي حياته بتناول ما يمكن صيده.
                              حكم صيد الحيوان المتوحش إذا أصبح مستأنسًا أو العكس:
                              إذا أصبح الحيوان المستأنس متوحشًا فيجوز صيده، كأن تشرد ناقة من صاحبها ولا يستطيع أحد الاقتراب منها، فى هذه الحالة يجوز صيدها، فقد روى أن بعيرًا شرد من قوم كانوا فى سفر مع رسول الله ( فرماه رجل منهم بسهم فوقع على الأرض، فقال رسول الله ( :"إن لهذه البهائم أوابد كأوابد الوحش، فما فعل منها هكذا فافعلوا به هكذا" [النسائى ومسلم].
                              (أى: ما شرد منها مثل هذا البعير فاصطادوه كما فعل ذلك الرجل).
                              والعكس صحيح فإذا تحول الحيوان المتوحش إلى حيوان مستأنس فإنه لا يجوز صيده بل يذبح.
                              أدوات الصيد وشروط استعمالها:
                              عادة ما يستعمل الإنسان فى الصيد الرمح أو السهم أو السيف أو البنادق.. أو يستخدم الحيوانات والطيور المدربة على الصيد مثل الكلب والصقر وغيرها، وقد يستخدم الإنسان المصيدة أو يلجأ إلى الخدعة للإيقاع بفريسته.
                              وإذا كان الصيد بالبندقية أو السهم أو الرمح أو السيف، فيشترط أن يخترق السلاح جسم الحيوان فقد قال عدى بن حاتم: يا رسول الله، إنا قوم نرمى فما يحل لنا.
                              قال ( :"ما ذكرتم اسم الله عليه فخزقتم (خرقتم) فكلوا فإذا لم ينفذ السلاح فى الحيوان المراد صيده، ولم يخرقه ومات هذا الحيوان لم يجز أكله.
                              وإذا كان الصيد بالحيوانات المدربة كالكلاب فيشترط أن يرسله صاحبه للصيد، لا أن يخرج من تلقاء نفسه للصيد، وإذا أرسله صاحبه فاصطاد وأكل من الحيوان الذي اصطاده لم يجز لصاحبه الأكل من ذلك الحيوان، لقول رسول الله ( لعدى بن حاتم:"إذا أرسلت كلابك المعلمة وذكرت اسم الله عليها، فكُلْ مما أمسكن عليك إن قتلن، إلا أن يأكل الكلب، فإن أكل الكلب فلا تأكل، فإنى أخاف أن يكون مما أمسك على نفسه". [ابن ماجة]. فإذا لم يأكل الحيوان المدرب من الصيد، ولكنه شرب من دمه فلاشيء، وهو حلال عند أكثر الفقهاء.
                              وإذا استخدم الصائد خدعة أو مصيدة فوقع فيها صيد فهو له ولا يحل لأحد غيره أن يأخذه، فإذا وجده الصائد حيَّا فذبحه فهو حلال وإن مات فلا يحل أكله. وللصائد أن يصطاد بعصا أو حجر، ولكن بشرط أن يدرك الحيوان الذي ضربه فيذبحه قبل موته.
                              وإن أطلق الصائد السهم أو الرمح أو غيرهما، فجرح الحيوان نظر الصائد، فإن كان الجرح الذي تسبب فيه السهم أو الرمح مميتًا جاز أكله بعد موته. وإذا لم يكن الجرح مميتًا لم يحل أكله للصائد إلا بعد ذبحه.
                              وإذا وجد الصائد الحيوان الذي اصطاده مقتولا، فإن تأكد من أن موته كان بسبب صيده حل أكله، وإن كان نتيجة سبب آخر كالوقوع من على شىء مرتفع أو نتيجة غرق أو نتيجة هجو مسبع عليه، لم يَحِل أكله، لقول رسول الله ( لعدى بن حاتم:"إذا رميت بسهمك فاذكر الله، فإن وجدته قد قتل فكل، إلا أن تجده قد وقع فى ماء، فإنك لا تدرى الماء قتله أم سهمك" [متفق عليه]، وقد روى عن عدى أنه قال: قلت يا رسول الله أرمى الصيد أجد فيه سهمى من الغد. قال:"إذا علمت أن سهمك قتله ولم تر فيه أثر سبع، فكل" [الترمذي وقال:حديث صحيح".
                              إذا اصطاد الإنسان صيدًًا ولم يجده:
                              إذا اصطاد الإنسان حيوانًا ولم يجده، ثم وجده بعد يومين أو ثلاثة، ثم تأكد أن قتله كان نتيجة صيده، فإن لم يكن قد فسد وأصبح نتنًا يجوز أكله، وإلا فلا يجوز أكله،فعن أبى ثعلبة الخشنى أن النبى ( قال:"إذا رميت بسهمك فغاب ثلاثة أيام وأدركته فكله مالم ينتن" [مسلم].شروط حل أكل الصيد:
                              1- أن يقصد بصيد الحيوان تذكيته: وأن يكون الصائد مسلمًا أو كتابيًا (يهوديًا أو نصرانيًا).
                              2- أن يكون الصائد قد ذكر اسم الله عليه: قال ( :"ما صدتَ بقوسك فذكرتَ اسم الله عليه فكُلْ.." [متفق عليه].
                              ويكون ذكر الله بأن يقول:"بسم الله، الله أكبر" ويجوز للمسلم غير العربي أن يقولها بغير العربية، ويجوز له أن يشير إشارة يفهم منها أنه أراد التسمية، كأن ينظر إلى السماء ثم يصطاد، وتكون التسمية حال رمى السهم أو الرمح أو حال إطلاق الحيوان المعلم.
                              3- ويكون الصيد عقب إطلاق الحيوان المعلم: وأن يكون المسمى هو الصائد نفسه. وأن يقصد بالتسمية تذكية الحيوان (أي: طهارته وذبحه).
                              ترك التسمية:
                              إذا ترك الصائد التسمية عمدًا لا يصح أكل الصيد وهو رأي الأحناف وأحمد والثوري وغيرهم ، لأنها شرط عندهم، وإن تركها سهوًا جاز أكله ، وقد ورد عن مالك عن أحمد أنها سنة ، فمن تركها عمدًا أو سهوًا؛ جاز أكله، وإن كانت التسمية تستحب في كل حال.
                              وقت الصيد ومكانه:
                              يقوم الصائد بالصيد فى أى وقت، إلا أن يكون مُحْرِمًا للحج أو العمرة، كما ذكرنا من قبل، فإذا انتهى الحاج من حجه والمعتمر منعمرته، جاز له الصيد. ويكون الصيد فى أى مكان يريد الإنسان إلا فى حرم مكة والمدينة، سواء أكان الإنسان محرمًا أم لا.

                              تعليق


                              • #30
                                رد: موسوعه المعاملات اسلامية

                                الوقف
                                مشروعية الوقف:
                                شرع الله الوقف لما فيه من قربة إليه، ولما فيه من عطف على ذوى الأرحام والفقراء، فقد يكون الوقف لهم، كأن يتصدق الرجل بما يخرج من ثمر أو زرع من أرض يملكها على أقاربه. وكذلك لما فيه من رعاية لمصالح المسلمين، فقد يوقف الرجل الماء الذي يخرج من عين يملكها للمسلمين ليشربوا منها وينتفعوا بها.
                                أهمية الوقف للفرد المسلم:
                                والوقف من الصدقة الجارية التي تكون ذخرًا للمسلم بعد مماته. قال ( :"إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له" [مسلم وأبو داود والترمذى والنسائى].
                                وقال أيضًا:"من احتبس (وقف) فرسًا فى سبيل الله إيمانًا بالله وتصديقًا بوعده، فإن شبعه وريه وروثه فى ميزانه يوم القيامة" [البخارى].
                                وقف الصحابة أموالهم فى سبيل الله:
                                وقد كان أصحاب النبى ( يقفون أفضل أموالهم على الفقراء والمحتاجين، فعن ابن عمر-رضى الله عنهما قال: أصاب عمر أرضًا من أرض خيبر، فقال: يا رسول الله، أصبت أرضًا لم أصب مالا قط أنفس (أغلى وأفضل) منه، فكيف تأمرنى فيها؟ قال:"إن شئت حبست (وقفت) أصلها، وتصدقت بها غير أنه لا يباع أصلها ولا يبتاع ولا يوهب ولا يورث" [أحمد والبخاري].
                                فتصدق بها عمر، فى الفقراء والقربى والرقاب وفى سبيل الله والضيف وابن السبيل، لا جناح على من وليها (أى عمل فيها)، أن يأكل منها أو يطعم صديقًا بالمعروف، غير متأثل فيه أو غير متمول فيه. [متفق عليه].
                                وقوله:"لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف غير متمول" معناه أن للعامل على الوقف الحق فى أن يأكل مما ينتج عن هذا الوقف دون إسراف، فإن كان الوقف أرضًا، أكل من ثمارها دون إسراف، ودون أن يأخذ الثمار أو المحصول على أنه ملك له.
                                ولم يكن عمر وحده الذي يتصدق بأغلى ما عنده، فها هو ذا عثمان بن عفان قد اشترى (بئر رومة) من ماله الخاص وتصدق بها، وأيضًا خالد بن الوليد كان يتصدق بدروعه وسيوفه على جيوش المسلمين. وغيرهم كثيرون من الصحابة.
                                وقد روى أن الرسول ( قال:"أما خالد فقد احتبس أدراعه فى سبيل الله" [متفق عليه].
                                أنواع الوقف:
                                أ- وقف أهلى: وهو وقف على الأولاد والأحفاد والأقارب، ومنه ما روى من أن أبا طلحة-رضى الله عنه أراد وقف بستان من نخيل كان أحب إليه من أى شيء عنده، فذهب إلى رسول الله (، وقال له: ضعها يا رسول الله حيث أراك الله فقال له ( :"بخ بخ ذلك مال رابح، ذلك مال رابح وقد سمعت، وأنا أرى أن تجعلها فى الأقربين" فقال أبو طلحة: افعل يا رسول الله، فقسمها أبو طلحة فى أقاربه، وبنى عمه". [متفق عليه].
                                ب وقف خيرى: وهو وقف على أبواب الخير، كالتبرع بأرض لبناء مسجد أو مدرسة أو مستشفى أو ما شابه ذلك، والوقف يجوز أن يكون للذمى (اليهودى والنصرانى) إذا كان الذمى فقيرًا، ويؤمل دخوله فى الإسلام.
                                ما يتم به الوقف:
                                والوقف يتم بالقول والفعل الدالين عليه معًا، فأما القول فهو كقول الرجل: وقفت هذه الأرض لبناء مسجد. وأما الفعل الدال فهو كبناء مسجد، ورفع الأذان فيه للصلاة.
                                شروط الوقف:
                                للوقف شروط كى يكون صحيحًا:
                                1- أن يكون الموقوف شيئًا مباحًا، فلا يكون-مثلا-خمرًا أو دار ميسر أو ما شابه ذلك من المحرمات، وبالجملة يصح وقف كل ما يجوز بيعه، ويجوز الانتفاع به مع بقاء عينه.
                                2 ألا يكون الموقوف مما يهلك بالاستعمال كالشموع، أو من الأمور التي تنتهي سريعًا بعد التبرع بها أو وقفها كالعطور.
                                3 أن يكون الواقف حرًا مالكًا عاقلا بالغًا غير محجور عليه بسفه أو غيره، وعليه فلا يصح وقف العبد لأنه لا ملك له، ولا يصح وقف مال الآخرين، ولا يصح عند الجمهور وقف المجنون؛ لأنه فاقد الوعي، ولا يصح وقف الصبى، ولا يصح الوقف من السفيه والمفلس الغافل.
                                4 أن يكون الوقف على معين كولده وأقاربه أو رجل معين، أو على جهة بر، كبناء مساجد أو مدارس، فإذا كان الوقف على غير معين، كرجل أو امرأة، أو على معصية مثل الوقف على الكنائس فإنه لا يصح.
                                حكم ما يقفه الرجل وهو مريض:
                                إذا أوقف المريض شيئًا لأجنبى فإنه يعتبر وصية، ولا يتوقف على رضا الورثة بشرط ألا يزيد عن الثلث، فإن زاد على الثلث، فإنه لا يصح وقف هذا الزائد إلا بإجازة الورثة.
                                حكم تبديل الموقوف:
                                يجوز تبديل الوقف إن كان فى التبديل مصلحة، كأن يكون الشيء الموقوف دارًا، فيجوز بيعها وشراء أفضل، أو أن يكون الموقوف مسجدًا فيتم هدمه وإعادة بنائه بغرض التوسعة مثلا أو التجديد، بل ويجوز نقله من مكانه إلى مكان آخر إن كان فى ذلك مصلحة، فقد قام عمر بن الخطاب-رضى الله عنه بنقل مسجد الكوفة القديم إلى مكان آخر، وجعل مكانه سوقًا للتمارين (بائعى التمر).
                                وقد قال ( يومًا لعائشة:"يا عائشة، لولا أن قومك حديثو عهد بجاهلية،لأمرت البيت فهدم، فأدخلت فيه ما أخرج منه، وألزمته بالأرض، وجعلت له بابين: بابًا شرقيًا، وبابًا غربيًا [متفق عليه]. وفى ذلك دليل على جواز التبديل والتغيير.
                                مالا يجوز فى الوقف:
                                لا يجوز للواقف أن يوقف شيئًا يضار به الورثة، كأن يوقف للذكور شيئًا دون الإناث. فقد قال ( :"لا ضرر ولا ضرر" [أحمد وابن ماجة]. وعلى ذلك فالأوقاف التي يراد بها قطع ما أحل الله به أن يوصل ومخالفة فرائض الله باطلة من أصلها لا تنعقد بحال، ومن هذه الأوقاف من يوقف لذكور أولاده دون إناثهم.

                                تعليق

                                يعمل...
                                X