بريطانيا محقة في بيع مخزونها من الذهب

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • بريطانيا محقة في بيع مخزونها من الذهب

    الارتفاع المتواصل لسعر الذهب يعد أمرا مثيرا على صعيد الاستثمار العالمي. ففي الآونة الأخيرة تجاوز حاجز 1500 دولار للأونصة للمرة الأولى، ليصبح أعلى بنسبة 30 في المائة عما كان عليه قبل عام. ولا شك أن هذا يكشف الحماقة الكبيرة لإعلان جوردون براون في مثل هذا الأسبوع قبل 12 عاماً، أن وزارة المالية في المملكة المتحدة ستبيع بعض حيازات بريطانيا من الذهب ـــ أليس كذلك.

    في الحقيقة، لا. ففي هذه المرة، كان قرار براون صائبا. وليراهن المضاربون على المعدن اللامع، إذا أرادوا ذلك. فبالنسبة لمعظم الحكومات في الدول الغنية، لا يزال اقتناء الذهب نشاطاً غير مجد إلى حد كبير.


    وبعد التفكير طبعا، كان يمكن أن يكسب براون سعرا أفضل لو انتظر. فبالأسعار الحالية، كان من الممكن أن يكون مبلغ الـ3.5 مليار دولار الذي تلقته المملكة المتحدة من بيع السبائك بين عامي 1999 و2002 قريبا من 19 مليار دولار. وبالمناسبة، الفرق في أسعار الصرف الحالية كان سيكون كافيا لتغطية أكثر قليلا من ثلاثة أسابيع من العجز الحكومي المتوقع للمملكة المتحدة للعام المالي 2010/2011، وهو ليس ضئيلا لكنه ليس كبيرا جدا.


    ويقول منتقدو براون إنه لا شك يلوم نفسه الآن. وبالمثل، يشعر الفرنسيون بالتأكيد بالانزعاج الكبير؛ لأنهم أقدموا على جني أرباح قبل الأوان لبيعهم لويزيانا للرئيس توماس جيفرسون عام 1803. ولو وضعت مدخرات حياتي في المراهنة على حصان بالابريغز قبل سباق الحواجز للخيول الشهر الماضي، لكنت أكتب هذا المقال على كمبيوتر محمول مصنوع من البلاتين الخالص وأنا في فيلتي الجديدة على الشاطئ في باربادوس.


    هكذا تسير أصول المضاربة. والحقيقة هي أنه ليس لدى أحد تفسير لسبب وصول أسعار الذهب إلى مستواها الحالي. والرواية المألوفة ـــ التحوط ضد التضخم أو إعسار الحكومات ـــ تتناقض بوضوح مع الإيرادات المنخفضة وتوقعات التضخم في سندات الخزانة الأمريكية. ويؤكد تقلب الذهب (وغيره من المعادن الثمينة ـــ مثل الانخفاض الحاد في أسعار الفضة الأسبوع الماضي) خطورة اقتنائه. وسعر 1500 دولار هو سعر اسمي. فلو استمعت الحكومة للمتعصبين للسبائك وجمعت الذهب في آخر سوق صعودية في أوائل الثمانينيات، لكانت الآن لا تزال تنتظر استعادة أموالها من حيث القيمة الحقيقية.


    والأكثر موضوعية هو أن انتقاد صفقة البيع التي قام بها براون يكشف أيضا عن سوء فهم لأسباب اقتناء دولة مثل المملكة المتحدة الذهب من الأصل.


    مثل معظم الدول الغنية، فإن وظيفة احتياطيات النقد الأجنبي البريطانية ليست أن تدير الحكومة الثروة نيابة عن الدولة. فالمواطنون البريطانيون يفعلون ذلك بأنفسهم. وليس لدى المملكة المتحدة صندوق للثروة السيادية يهدف إلى تعظيم العوائد، ولا ينبغي أن يكون لديها واحد. فهي ليست دولة مصدرة صافية للنفط والغاز مثل النرويج ـــ تبلغ صافي احتياطيات النقد الأجنبي للمملكة المتحدة نحو 40 مليار دولار، أي ما يعادل 2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الاسمي، في حين أن الصندوق السيادي للنرويج يملك 525 مليار دولار، ما يعادل نحو 140 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي.


    والمملكة المتحدة لا تكدس أيضا الأصول الأجنبية عن طريق بيع عملتها باستمرار للتلاعب بسعر الصرف، كما تفعل الصين. والمشتريات الرسمية للذهب التي يتم التفاخر بها كثيرا على مدى العام الماضي تقوم بها أساسا دول مثل الصين وروسيا ـــ وبدرجة أقل المكسيك ـــ التي لها احتياطيات فائضة كبيرة.


    واحتياطيات المملكة المتحدة موجودة أساسا لأسباب احترازية ـــ للتدخل في أسواق العملات لمنع بيع كميات كبيرة من الجنيه الاسترليني، أو لتحقيق أهداف السياسة النقدية. إلا أن الذهب ليست له وظيفة جيدة في هذه المهمة؛ لأنه، على الرغم من الاهتمام الجديد الذي برز أخيرا من جانب مستثمري القطاع الخاص، لا تزال نسبة كبيرة من مخزون الذهب العالمي فوق الأرض ـــ 18 في المائة عام 2010 ـــ بيد الحكومات.


    وأي محاولة لبيع كميات كبيرة بسرعة قد تؤدي إلى خفض الأسعار العالمية، وهو ما حدث بعد إعلان براون عام 1999، الذي أدى إلى اتفاقية دولية بين البنوك المركزية لتقييد أي مبيعات أخرى.


    والأصول الاحتياطية الاحترازية التي يتم اقتناؤها لأغراض التدخل، التي من المرجح أن ينخفض سعرها حال استخدامها، لا معنى لها أيضا. وبطبيعة الحال، قد لا يكون للبنوك المركزية التي تبيع في سوق صاعدة مثل السوق الحالية، التأثير نفسه كما في عام 1999، لكن من الذي يعرف كيف سيكون شكل الطلب على الذهب إذا كانت هناك حاجة إلى التدخل؟


    ولا يزال هناك سبب رئيس واحد آخر كي تحتفظ الحكومات بالذهب: وضع السياسة النقدية عن طريق ربط العملة الوطنية بسعر الذهب. ولا تزال تلك فكرة سيئة كما كانت دائما. وكان من شأن هذا أن يعني تشديد السياسة النقدية بشكل حاد منذ انهيار عام 2008. وكان هذا سيكون جنونا.


    ويمكن لمستثمري القطاع الخاص وصناديق الثروة السيادية التي تريد تحقيق عائدات، المراهنة بأموالهم على ما يريدون. وإذا قرروا المراهنة على أسواق السلع، فهذا قرارهم. لكن ليس هناك سبب وجيه يدفع الحكومات التي تحتفظ بالاحتياطات لأغراض احترازية فقط، أن تحذو حذوهم.
يعمل...
X