خيار بن بيرنانك

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • خيار بن بيرنانك


    خيار بن بيرنانك

    بدأت مسيرة التعافي الاقتصادي المعتدل بالولايات المتحدة الأمريكية، ولم يعد بإمكان الاحتياطي الفيدرالي الآن تجنب الخيار الذي يلقي بظلاله على معدل الفائدة والمعروض النقدي.

    حمل " برنانك " رئيس الاحتياطي الفيدرالي راية التسهيل النقدي منذ بداية أزمة الرهن العقاري. وتحت قيادته، بدأت لجنة الاحتياطي الفيدرالي في خفض أسعار الفائدة منذ خريف عام 2007، أي منذ أكثر من عامين. وكان ذلك قبل انهيار سوق العقارات بوقت طويل، وهو الانهيار الذي أصاب الاقتصاد كالفطر السام مخلفًا وراءه الأزمة مصرفية وأصاب أسواق المال بحالة من الفزع علاوة على الركود العالمي. جدير بالذكر أن الفيدرالي قام بذلك قبل أن يدرك أي بنك مركزي آخر مدى الحدة والخطورة التي ستكون عليها المشاكل المالية والمصرفية والاقتصادية. وكان استعداد الفيدرالي للريادة واتخاذ إجراءات حاسمة بهذا الصدد له الدور الأهم والأكبر في تفادي ركود أكثر حدة أو كساد اقتصادي.

    وباستمرار اقتراب معدلات الفائدة الفيدرالية الحقيقية من الصفر، بل من المنطقة السالبة لما يزيد على عام كامل، بدأت قائمة ميزانية الفيدرالي في التضخم لتصل إلى 2.2 تريليون دولارًا، من بينها 1.25 تريليون دولارًا للأوراق المالية المدعومة بالرهون العقارية، و300 مليار دورلارًا لسندات الخزانة الأمريكية، وهي البرامج التجريبية التي أطلقها الفيدرالي والتي وضعت حدًا أدنى لأسعار السندات علاوة على لعبها دور المشتري الأوحد في سوق الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري.

    ولولا مشتروات الفيدرالي من الأوراق المالية المدعومة بالرهون العقارية و السندات الحكومية، ما بقيت معدلات الرهن العقاري عند المستويات التاريخية المنخفضة التي هي عليها في الوقت الراهن. فلازالت البنوك تمتلك كميات هائلة من الأوراق المالية المتعثرة المدعومة بالأصول. ولولا استقرار أسعار المنازل، لاستمر تدهور قيمة تلك الأوراق بقوائم ميزانية البنوك، مما يجعل تلك المؤسسات المالية في حاجة مستمرة إلى رؤوس أموال نتيجةً لتراجع قيمة الأصول المملوكة لها، وهو ما يجعل مفتاح الأزمة المالية هو استقرار تلك المؤسسات المالية الضخمة وإدراكها لأهمية هذا الاستقرار. ويُعَد حجم التدخل الهائل الذي قام به الفيدرالي في سوق منتجات الأوراق المالية المدعومة بالرهون العقارية مقياسًا مباشرًا لدرجة أهمية الدور الذي لعبته الأوراق المالية المدعومة بالرهون العقارية في الأزمة المالية.

    وبتطور سير الجانب المؤسسي للأزمة المالية، قام معظم الحاصلين على أموال من برنامج إنقاذ الأصول المتعثرة بسداد تلك الأموال للحكومة. كما صرح الفيدرالي بأنه سينهي برامج الأوراق المالية المدعومة بالرهون العقارية وسندات الخزانة الأمريكية في الوقت المناسب. ولكنه يرى استقرارًا في سوق الإسكان لم يصل بعد إلى حد الانتعاش. ووصلت قراءة مؤشر أسعار المنازل الصادرة عن نيشنويد إلى المستويات المحققة في أواخر عام 2003، أي أقل بـ 30% عن الذروة التي بلغتها الأسعار في عام 2006. ولكنها مع ذلك لا زالت فوق مستوى الاتجاه الصاعد طويل الأجل لأسعار المنازل، قبل التوسع في القروض والائتمانات في أوائل العقد الحالي. وتعتمد القيم الحالية للأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري بشكل كبير على تلك الأسعار المتضخمة. كما ساهمت المعدلات المنخفضة للغاية للرهن العقاري،الناتجة عن الجهود الحكومية على رأسها الخفض الضريبي وجهود الفيدرالي، في مساعدة سوق الإسكان على تحقيق قدر معقول من الاستقرار، إلا أنها لم يكن لديها القوة الدافعة اللازمة للوصول به إلى الانتعاش حيث لا يمكن لأي عامل آخر أن يفعل ذلك باستثناء سوق العمل الذي يمكنه فعل ذلك.

    وإذا نظرنا إلى الوجه الآخرللعملة فيما يتعلق بتدابير إنقاذ قطاع الإسكان، نجد التضخم وردود أفعال أسواق السندات حيث لايستطيع متداولو السندات النظر إلى تلك السيولة التي تم ضخها في الاقتصاد الأمريكي متجاهلين الآثار التي من الممكن تقع على كاهل التضخم. ومع بدء ظهور إشارات الانتعاش الاقتصادي، بدأت اضطرابات أسواق السندات في الظهور على السطح. ومع استمرار معدلات الفائدة دون مستوياتها التاريخية، نجد أنه لا مفر من التضخم كنتيجة مؤكدة لضخ تريلليونات الدولارات في النظام المالي من تريليونات من الدولارات، إذا لم يتم التخلص من تلك السيولة الزائدة.

    أضف إلى ذلك، السيل المتدفق من الإصدارات الحكومية للسندات والتي تدفع أسعار السندات إلى أسفل وأسعار الفائدة إلى أعلى.

    وآخر ما يتبقى للفيدرالي هو الدولار الأمريكي. استعاد الدولار الأمريكي 5.6% من أدنى المستويات المحققة في نوفمبر مقابل اليورو مقارنة بإغلاق يوم الجمعة. ومن ثم عادت المخاطر المباشرة إلى الساحة من جديد، ولكن سيظل التهديد الأكبر موازنة الفيدرالي بين معدل الفائدة ومعدل التضخم هو انهيار الدولار. فإذا هبط الدولار بحدة، فمن المحتمل أن يحدث فزع شديد بسوق السندات، مما يدفع المتداولين إلى بيع سندات الخزانة بشكل مكثف، وهو من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع معدلات الفائدة عليها/، وهو ما بدوره ما يعمل على مما إخماد شعلة الانتعاش مع ارتفاع أسعار السلع ومعدلات الرهن العقاري وتضخم الواردات ويصعب مهمة الفيدرالي المتمثلة في سد ذلك العجز.

    وبذلك يظل اللغز المحير الذي يقع فيه الفيدرالي هو تجنب وقوع الاقتصاد في هوة الركود مرة أخرى ، في الوقت الذي يسعى فيه البنك المركزي إلى تخليص النظام المالي من الفائض النقدي الهائل. فكيف يمكن للفيدرال رفع معدلات الفائدة بالشكل الكافي لإخماد توقعات التضخم في الوقت الذي لا ينبغي فيه الوصول بالمعدل إلى مستويات مرتفعة قد تؤثر سلبًا على قيمة العقارات في سوق الإسكان؟ كيف سيوازن بين ارتفاع الفائدة لتحقيق قوة معقولة للدولار دون أن يصل إلى الارتفاع الهائل الذي من شأنه تحجيم اقتراض الأعمال وخلق الوظائف في سوق العمل؟

    مما سبق، يمكننا التوصل إلى أن معدل الفائدة الفيدرالية لن يكون المفتاح لحل لغز السيولة المفرطة والخروج بالسياسة النقدية من دوامة التسهيل النقدي. وذلك لأن المعدل الحالي عند 0.25% مهم جدا للحفاظ على الحد الأدنى من ربحية المؤسسات المالية، بينما يقع المفتاح الرئيس لحل اللغز في قطاع التوظيف حيث يمكن لانخفاض معدل البطالة عن 10% حل اللغز وتحريك الاقتصاد.

    ولم تكن معدلات الفائدة الفيدرالية هى السبب وراء " التضخم المقيد "، بل كانت برامج السيولة التجريبية التي اتخذها الفيدرالي لحل الأزمة المالية هي السبب. وسوف يضطر الفيدرالي إلى توظيف برامج مماثلة لسحب السيولة من الأسواق. وكخطوة أولى في سبيل امتصاص السيولة، أعلن الفيدرالي برنامج الودائع لأجل محدد يوم الثلاثاء. ولاشك في أن هناك المزيد من البرامج بعد ذلك. وسيُبقي الفيدرالي على تلك التدابير التجريبية حتى يقتنع محافظو الفيدرالي بضروة التخلص منها.

    جوزيف تريفيساني
    شركة اف اكس سوليوشنز
    محلّلُ السوق الرئيسي
يعمل...
X